جلسة 15 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد محمود، عبد الرحمن العشماوي - نائبي رئيس المحكمة، محمود سعيد محمود ومحيي الدين السيد.
------------------
(98)
الطعن رقم 1383 لسنة 67 القضائية
(1، 2) بيع "أركان عقد البيع: التراضي". عقد. حكم "عيوب التدليل: ما يُعد قصوراً، ما يُعد خطأ في تطبيق القانون".
(1) شروط البيع يحكمها عقد البيع النهائي. استقرار العلاقة بين طرفيه به. اقتصار ذلك على الشروط المعدلة بالعقد النهائي. مؤداه. ورود التعديل بالعقد النهائي على شروط دفع الثمن. أثره. قيام العقد الابتدائي عدا هذا التعديل. عدم اعتبار العقد النهائي عقداً جديداً ناسخاً للعقد الابتدائي.
(2) تمسك الطاعنين بأن عقد البيع الابتدائي الذي أبرمه الحارس العام بوصفه ممثلاً لمورثتهم تم في ظروف قهر ناتجة عن فرض الحراسة على أموالها وممتلكاتها وأن توقيعها على العقد النهائي بعد رفع الحراسة كان خوفاً من تكرار فرض الحراسة على ممتلكاتها ولم يكن وليد إرادة حرة. دفاع يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى. عدم فطنة الحكم المطعون فيه له. خطأ وقصور مبطل.
2 - إذ كان دفاع الطاعنين أن العقد الذي أبرمه الحارس العام إبان خضوع أموال وممتلكات مورثة الطاعنين للحراسة قد تم في ظل ظروف القهر الناتجة عن الحراسة والتي كانت تصرفاتها بمنأى عن أي طعن، كما وأن توقيع مورثتهم على العقد النهائي بعد ذلك لم يكن وليد إرادة حرة بل كان خوفاً من تكرار فرض الحراسة على ممتلكاتها مرة أخرى إذا امتنعت عن هذا التوقيع، وهو دفاع من شأنه - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى، إذ أن مؤداه بطلان التصرف وما لحقه من تعديل لعدم حصولهما عن إرادة حرة للمالكة - البائعة - مورثة الطاعنين بل نتيجة رهبة حملتها على قبول ما لم تكن لتقبله اختياراً، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد ران عليه القصور المبطل.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين الستة الأول ومورثتهم ومورث باقي الطاعنين كانوا قد أقاموا ابتداءً أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الدعوى رقم 1345 لسنة 33 ق على المطعون ضدهم بطلب الحكم أصلياً بإلغاء قرار فرض الحراسة على ممتلكاتهم الصادر بتاريخ 23/ 3/ 1964 بموجب الأمر رقم 320 لسنة 1964 وما يترتب على ذلك من آثار أهمها اعتبار عقد البيع الصادر من الحارس العام بتاريخ 5/ 5/ 1964 - قبل رفع الحراسة بيومين - إلى جريدة الأهرام - المطعون ضدها الرابعة - عن الأرض المملوكة للمورثة المبينة في الأوراق باطلاً مع شطب التسجيلات الواردة بشأنه بتاريخ 7/ 8/ 1968 برقم ( ) لسنة 1968 توثيق القاهرة مع إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا إليهم مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عما لحقهم من أضرار، واحتياطياً أن يدفعوا متضامنين إليهم تعويضاً يقدر بقيمة الأرض حسب سعرها وقت رفع الدعوى، وذلك كله لمخالفة أمر الحراسة للقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ إذ لم يهدف هذا الأمر إلا تحقيق مصلحة خاصة بالاستيلاء على الأرض لبيعها جبراً عن مالكتها إلى جريدة الأهرام، وإذ حكمت المحكمة بإلغاء الأمر سالف البيان وضمنت أسبابها عدم اختصاصها بنظر باقي الطلبات، فقد طعن المطعون ضدهم الثلاثة الأول - ممثلو الحكومة - على هذا الحكم لدى المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 2346 س 27 ق، كما طعن الطاعنون عليه كذلك أمام ذات المحكمة بالطعن رقم 2440 س 27 ق. أحالت تلك المحكمة الدعوى - إعمالاً لأحكام القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة - إلى محكمة القيم حيث قيد طعن المطعون ضدهم المشار إليهم برقم 390 لسنة 2 ق "قيم"، وقيد طعن الطاعنين برقم 527 لسنة 2 ق "قيم"، وبعد أن ضمت المحكمة الثاني إلى الأول رفضت الدعوى بحكم طعن فيه الطاعنون أمام المحكمة العليا للقيم بالطعن رقم 40 لسنة 8 ق "عليا" وفيه حكمت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة وإن انتهت في رأيها فيها إلى نقض الحكم إلا أن ردها على الأسباب برفضها ينطوي على طلب رفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره طلبت فيها النيابة رفض الطعن اتساقاً مع ما جاء بردها على أسباب الطعن وطلبت تصحيح الخطأ المادي الوارد في الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق، وذلك حين أقام قضاءه على أن العقد التالي المؤرخ 6/ 8/ 1968 الذي أبرمته مورثتهم شخصياً - بعد رفع الحراسة - مع المؤسسة المطعون ضدها الرابعة وتم تسجيله في اليوم التالي في 7/ 8/ 1968 هو عقد البيع النهائي المعول عليه، وبالتالي يعتبر ناسخاً للعقد الذي كان الحارس العام قد أبرمه ممثلاً عنها مع المؤسسة المشار إليها بتاريخ 5/ 5/ 1964 مع أن هذا العقد المسجل لم يحرر - حسبما هو ثابت من البند الأول منه - إلا تنفيذاً للعقد المشار إليه الذي أبرمه الحارس العام فلم يتناول منه إلا تعديلاً في شروط صرف الثمن، وبالتالي لم يكن العقد الأخير عقداً جديداً مقطوع الصلة بالعقد الأول بل هو مترتب على ذلك العقد - والذي كان قد أبرم جبراً عنها بتصرف من الحارس العام محصن - آنذاك - من الطعن عليه أو الإلغاء بما يستتبع فساد إرادتها عند التوقيع بعد ذلك على العقد النهائي والذي ما وقعت عليه إلا خوفاً من تكرار فرض الحراسة على ممتلكاتها إن امتنعت عن التوقيع، بما يعيب الحكم المطعون فيه إذ عول على العقد المسجل واعتبره ناسخاً لما سبقه من إجراءات ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تحرير عقد البيع النهائي وإن كان يترتب عليه أن يكون وحده - دون العقد الابتدائي - هو الذي يحكم شروط البيع وتستقر به العلاقة بين طرفيه، إلا أن ذلك قاصر على الشروط التي تناولها التصرف الذي انطوى عليه العقد النهائي الذي يصبح المرجع في شأنها بعد أن أهدرت هذه الشروط من العقد الابتدائي بتعديلها بالعقد النهائي. لما كان ذلك، وكان الثابت في البند الأول من بنود العقد النهائي المودع بالأوراق والمبرم بتاريخ 6/ 8/ 1968 بين مورثة الطاعنين والمؤسسة المطعون ضدها الرابعة والذي تم تسجيله في اليوم التالي في 7/ 8/ 1968 برقم ( ) القاهرة أنه تم تنفيذاً لعقد البيع الابتدائي المؤرخ 5/ 5/ 1964 والصادر من الحارس العام بوصفه ممثلاً للبائعة مورثة الطاعنين إلى المؤسسة المطعون ضدها الرابعة وأن هذا العقد النهائي لم يتناول من العقد الابتدائي إلا تعديل شروط دفع الثمن، فإن مؤدى ذلك أن هذا العقد النهائي الأخير لا يؤثر على قيام العقد الابتدائي فيما عدا ما تناوله من التعديل المشار إليه، وبالتالي فلا يعتبر عقداً جديداً ناسخاً للعقد الابتدائي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر عندما وقف عند العقد النهائي معتبراً إياه ناسخاً لما سبقه من إجراءات، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه عن تناول دفاع الطاعنين من أن العقد الذي أبرمه الحارس العام إبان خضوع أموال وممتلكات مورثة الطاعنين للحراسة قد تم في ظل ظروف القهر الناتجة عن الحراسة والتي كانت تصرفاتها بمنأى عن أي طعن، كما وأن توقيع مورثتهم على العقد النهائي بعد ذلك لم يكن وليد إرادة حرة بل كان خوفاً من تكرار فرض الحراسة على ممتلكاتها مرة أخرى إذا امتنعت عن هذا التوقيع وهو دفاع من شأنه - لو فطنت إليه المحكمة - تغيير وجه الرأي في الدعوى، إذ أن مؤداه بطلان التصرف وما لحقه من تعديل لعدم حصولهما عن إرادة حرة للمالكة - البائعة مورثة الطاعنين - بل نتيجة رهبة حملتها على قبول ما لم تكن لتقبله اختياراً. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه مع خطئه في تطبيق القانون يكون قد ران عليه القصور المبطل بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.