جلسة 18 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين شلقاني - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد، حسام الدين الحناوي، شكري جمعة حسين ومحمد شهاوي عبد ربه - نواب رئيس المحكمة.
----------------
(102)
الطعن رقم 695 لسنة 68 القضائية
(1، 2) وكالة "الحضور بالوكالة". استئناف "آثار الاستئناف" "التصدي للموضوع".
(1) الإنابة في الحضور عن الخصم أمام المحكمة. شرطه. صدور توكيل رسمي بذلك أو مصدق على التوقيع عليه. عدم ثبوت الوكالة أو إلغائها أو انقضائها. أثره. عدم الاعتداد بحضور الوكيل أو من ينوب عنه. اتصاله بإجراءات الحضور والمرافعة. عدم استنفاد المحكمة ولايتها بالفصل فيه. المواد 72، 73 مرافعات، 702/ 1 مدني، 57 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983.
(2) الحكم استئنافياً بإلغاء الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى لعدم صحة إجراءات الحضور. وجوب إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. تصدي محكمة الاستئناف للموضوع. أثره. بطلان الحكم الاستئنافي. على ذلك.
2 - قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى استجابة للدفع بعدم صحة الحضور أمامها، وألغت محكمة الاستئناف هذا القضاء، كان عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع التزاماً بمبدأ التقاضي على درجتين باعتباره - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القضائي في مصر والتي لا يجوز للمحكمة مخالفته ولا للخصوم النزول عنه، ويكون حكم محكمة الاستئناف باطلاً إن هي تصدت للموضوع، ولا يزيل هذا البطلان عدم تمسك الخصم أمامها بطلب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى رقم 10232 لسنة 1991 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الأعيان المبينة بصحيفة الدعوى والطرد والتسليم، وقال بياناً لذلك، إن شقيق الطاعن كان يضع يده على الشقة رقم 1 بالعقار رقم 28 شارع المبتديان المملوك للمطعون ضدها الثانية وباقي ورثة المرحومة ( )، وكذلك سطح هذا العقار بما عليه من وحدات سكنية، وثلاثة محلات بذات العقار، وذلك بطريق الغصب مستغلاً الخلاف بين الورثة وإهمال الحراس القضائيين المتعاقبين عليه، وإذ تُوفّي المذكور عام 1990 وحل محله الطاعن في وضع يده عليها ودون سند من القانون، واختصت المطعون ضدها الثانية بهذه الأعيان بموجب عقد قسمة فأقاما الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق واستمعت إلى شهود الطرفين وبتاريخ 30 من يونيو سنة 1994 حكمت بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الأول وندبت خبيراً فيها، وبعد أن أودع تقريره حكمت بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية. استأنف المطعون ضدهما الحكم بالاستئناف رقم 3699 لسنة 114 قضائية القاهرة، وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1998 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الأعيان محل النزاع وتسليمها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان، ذلك أنه حكم بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى وفصل في موضوع النزاع على سند من أن محكمة أول درجة بهذا القضاء قد استنفدت ولايتها في الموضوع، في حين أن ذلك الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على عدم توافر الصفة الإجرائية للمحامي الذي حضر عن المطعون ضدها الثانية في الدعوى لسبق إلغاء الوكالة الصادرة منها إليه، وهو فصل في دفع شكلي لا تستنفد به المحكمة ولايتها في نظر الموضوع، مما كان يوجب على محكمة الاستئناف، إذا ما ألغت هذا الحكم، أن تعيد الدعوى إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في الموضوع التزاماً بمبدأ التقاضي على درجتين، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 72 من قانون المرافعات قد نظمت حضور الخصوم والمرافعة أمام القضاء فجعلت للخصم حق الحضور بنفسه أو بوكيل عنه من المحامين أو غير المحامين ممن عددتهم هذه المادة، وكان يشترط لصحة الإنابة في الحضور عن الخصم والمرافعة أمام المحكمة وفقاً لنص المادة 73 من ذات القانون والفقرة الأولى من المادة 702 من القانون المدني والمادة 57 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983، إذا كان الوكيل محامياً أن يكون قد صدر له توكيل خاص بمباشرة الحضور والمرافعة في الدعوى المنظورة أو توكيل عام يجيز له ذلك في كافة القضايا، وأن يُثبت هذا بموجب توكيل رسمي أو مصدق على التوقيع عليه، فإذا لم تثبت هذه الوكالة، أو كانت قد ألغيت أو انقضت بسبب انتهاء العمل المحدد فيها أو بوفاة الوكيل، فإنه لا يعتد بحضور الوكيل أو من ينوب عنه، ويكون الجزاء على ذلك إجرائياً فحسب يتمثل في اعتبار الخصم غائباً، ومن ثم فإن عدم اعتداد المحكمة بحضور نائب من أحد الخصوم هو قضاء يتصل بإجراءات الحضور والمرافعة أمام القضاء، ولا علاقة له بموضوع النزاع، كما لا يواجه دفعاً موضوعياً يتعلق بالصفة أو المصلحة أو الحق في رفع الدعوى باعتباره حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره، والتي انتظمت أحكامها المادة 115 من قانون المرافعات، وبالتالي فلا تستنفد المحكمة ولايتها في نظر الموضوع بالفصل فيه، فإذا ما قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى استجابة للدفع بعدم صحة الحضور أمامها، وألغت محكمة الاستئناف هذا القضاء، كان عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع التزاماً بمبدأ التقاضي على درجتين باعتباره - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام القضائي في مصر والتي لا يجوز للمحكمة مخالفته ولا للخصوم النزول عنه، ويكون حكم محكمة الاستئناف باطلاً إن هي تصدت للموضوع، ولا يزيل هذا البطلان عدم تمسك الخصم أمامها بطلب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 20 من فبراير سنة 1997 إذ قضى بعدم قبول الدعوى تأسيساً على عدم ثبوت الصفة الإجرائية لمن حضر عن المطعون ضدها الأولى أمام المحكمة، وذلك لثبوت إلغاء التوكيل الصادر منها إلى المطعون ضده الأول وكذلك التوكل الخاص بالمحامي الذي حضر عنها أمامها، فإن هذا القضاء يتصل بصحة إجراءات الحضور أمام المحكمة ولا تستنفد به ولايتها في نظر موضوع النزاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتصدَّى للفصل في موضوع النزاع بعد إلغائه حكم محكمة أول درجة، دون أن يعيد الدعوى إليها لتقول كلمتها في الموضوع، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق