جلسة 16 من يونيه سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود السيد، سعيد غرياني، حسين السيد متولي وعبد الحميد الحلفاوي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(173)
الطعن رقم 261 لسنة 63 القضائية "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بغير المسلمين". قانون "القانون الواجب التطبيق". نظام عام.
مسائل الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955. وجوب تطبيق شريعتهم في نطاق النظام العام. لفظ شريعتهم. مقصوده.
(2) أحوال شخصية "المسائل المتعلقة بغير المسلمين: زواج: موانع الزواج: تطليق: دعوى الأحوال الشخصية: الحكم فيها".
القضاء بالتفريق في شريعة الأقباط الأرثوذكس. عدم اعتباره بذاته مانعاً من موانع الزواج إلا إذا قضى الحكم بحرمان أحد الزوجين أو كليهما من الزواج. م 69 لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس لسنة 1938. خلو الحكم من المنع من الزواج. مؤداه. لكل من الزوجين أن يتزوج بمن طُلق منه أو غيره. شرطه. ألا يكون هناك مانع آخر يحول دون إتمام الزواج اللاحق. عدم لزوم الحصول على إذن من الرئاسة الدينية ما دام العقد قد تم وفقاً للإجراءات الكنسية المقررة. وجود اتجاهات فقهية مخالفة. لا أثر له. علة ذلك.
(3) حكم "تسبيبه: التسبيب الكافي: ما لا يعيب التسبيب: الأسباب الزائدة". بطلان "بطلان الحكم".
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى قضاء صحيح. التزيد بتقريرات لا تؤثر في قضائه. لا بطلان.
2 - النص في المادة 69 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 والتي كان يطبقها القضاء الملي للأقباط الأرثوذكس قبل إلغاء المحاكم الملية على أنه "يجوز لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج وفي هذه الحالة لا يجوز لمن قضي بحرمانه أن يتزوج إلا بإذن من المجلس" يدل على أن الأصل في شريعة الأقباط الأرثوذكس أن القضاء بالتفريق لا يعد بذاته مانعاً من موانع الزواج إلا إذا قضى الحكم بحرمان أحد الزوجين أو كليهما من الزواج؛ ويتحقق ذلك على ما ورد بالخلاصة القانونية للإيغومانوس فيلوثاوس بالنسبة للزوج الذي كان التطليق بسبب من جانبه, فإذا كان سبب التفريق لا يمكن زواله, فإنه لا يجوز الزواج مطلقاً عملاً بالمادة 27 من اللائحة المذكورة, أما إذا كان هذا السبب مؤقتاً فيجوز له الزواج بعد زواله طبقاً لنص المادة 28 من تلك اللائحة. ولا يتم الزواج عندئذ إلا بإذن من المجلس الملي بعد التحقق من أن المانع لم يعد قائماً. أما إذا لم يتضمن الحكم القاضي بالتفريق منع أي من الزوجين من الزواج, فيجوز لكل منهما أن يتزوج بمن طلق منه أو غيره ما لم يكن هناك مانع آخر يحول دون إتمام الزواج اللاحق, دون حاجة للحصول على إذن من الرئاسة الدينية ما دام العقد قد تم وفقاً للإجراءات الكنسية المقررة, ولئن كانت هناك اتجاهات فقهية لدي الأقباط الأرثوذكس خلافاً لما سبق, استناداً إلى بعض المصادر الفقهية القديمة, إلا أن النص المذكور قد رفع هذا الخلاف منذ صدور لائحة سنة 1938 التي أقرها المجلس الملي العام إذ لم يرد بها نص يمنع من الزواج اللاحق للتطليق.
3 - تأييد الحكم المطعون فيه الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى الطاعن ببطلان عقد زواجه بالمطعون ضدها الأولى لكونهما مطلقين فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح, ولا يبطله ما تزيد فيه من تقريرات تضمنت أنه لا يجوز زواج من طلق لعلة الزنا إلا بعد تصريح من الرئاسة الدينية, إذ أنه خلص في أسبابه إلى أن التطليق لم يكن لهذه العلة, فإن ما أورده في هذا الخصوص لا يؤثر في قضائه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1029 لسنة 1992 كلي أحوال شخصية شمال القاهرة على المطعون ضدهما بطلب الحكم ببطلان عقد زواجه من المطعون ضدها الأولى المؤرخ 8/ 6/ 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار, وقال بياناً لذلك إنه تزوج بالمطعون ضدها الأولى بالعقد المذكور على يد كاهن تابع للمطعون ضدها الثانية - بطريركية الأقباط الأرثوذكس - رغم أنهما مطلقان, وإذ لا يجوز زواج المطلق ولا المطلقة فإن زواجهما يكون باطلاً, ومن ثم أقام الدعوى, بتاريخ 26/ 12/ 1992 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 11 لسنة 110 ق القاهرة, وبتاريخ 13/ 6/ 1993 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيه الرأي برفض الطعن, عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه, وفي بيان ذلك يقول إن الحكم إذ أيد الحكم المستأنف القاضي برفض دعواه ببطلان عقد زواجه بالمطعون ضدها الأولى لكونهم
مطلقين مخالفاً نصوص لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 والأناجيل المقدسة التي أجمعت على بطلان الزواج الثاني للمطلق أو المطلقة رغم خلو الأوراق من تصريح الكنيسة لهما بالزواج فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه لما كان نص الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه "أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام في نطاق النظام العام طبقاً لشريعتهم"، ولفظ شريعتهم التي تصدر الأحكام طبقاً لها لا يقتصر على ما جاء من الكتب السماوية وحدها بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملي قبل إلغائها باعتباره شريعة نافذة, إذ لم يكن في ميسور المشرع حين ألغي هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كان عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التي يتعين على المحاكم تطبيقها, وأحال إلى الشريعة التي كانت تطبق في تلك المسائل أمام جهات القضاء الملي، ولم تكن هذه الشريعة التي جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية, بل كانت تستند إلى جانب الكتب المقدسة إلى شروح وتأويلات لبعض الفقهاء والمجتهدين من رجال الكهنوت على ما أفصحت عنه المذكور الإيضاحية للقانون سالف الذكر, لما كان ذلك، وكان النص في المادة 69 من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 والتي كان يطبقها القضاء الملي للأقباط الأرثوذكس قبل إلغاء المحاكم الملية على أنه "يجوز لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج؛ وفي هذه الحالة لا يجوز لمن قضي بحرمانه أن يتزوج إلا بإذن من المجلس" يدل على أن الأصل في شريعة الأقباط الأرثوذكس أن القضاء بالتفريق لا يعد بذاته مانعاً من موانع الزواج إلا إذا قضى الحكم بحرمان أحد الزوجين أو كليهما من الزواج؛ ويتحقق ذلك على ما ورد بالخلاصة القانونية للإيغومانوس فيلوثاوس بالنسبة للزوج الذي كان التطليق بسبب من جانبه, فإذا كان سبب التفريق لا يمكن زواله, فإنه لا يجوز الزواج مطلقاً عملاً بالمادة 27 من اللائحة المذكورة, أما إذا كان هذا السبب مؤقتاً فيجوز له الزواج بعد زواله طبقاً لنص المادة 28 من تلك اللائحة، ولا يتم الزواج عندئذ إلا بإذن من المجلس الملي بعد التحقق من أن المانع لم يعد قائماً، أما إذا لم يتضمن الحكم القاضي بالتفريق منع أي من الزوجين من الزواج, فيجوز لكل منهما أن يتزوج بمن طُلق منه أو غيره ما لم يكن هناك مانع آخر يحول دون إتمام الزواج اللاحق, دون حاجة للحصول على إذن من الرئاسة الدينية ما دام العقد قد تم وفقاً للإجراءات الكنسية المقررة, ولئن كانت هناك اتجاهات فقهية لدى الأقباط الأرثوذكس خلافاً لما سبق, استناداً إلى بعض المصادر الفقهية القديمة, إلا أن النص المذكور قد رفع هذا الخلاف منذ صدور لائحة سنة 1938 التي أقرها المجلس الملي العام إذ لم يرد بها نص يمنع من الزواج اللاحق للتطليق، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى الطاعن ببطلان عقد زواجه بالمطعون ضدها الأولى لكونهما مطلقين فإنه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح, ولا يبطله ما تزيد فيه من تقريرات تضمنت أنه لا يجوز زواج من طُلق لعلة الزنا إلا بعد تصريح من الرئاسة الدينية, إذ أنه خلص في أسبابه إلى أن التطليق لم يكن لهذه العلة فإن ما أورده في هذا الخصوص لا يؤثر في قضائه, ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق