جلسة 18 من إبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ عادل عبد الحميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شعبان باشا، أحمد عبد القوي أيوب، أبو بكر البسيوني أبو زيد نواب رئيس المحكمة وأحمد مصطفى.
----------------
(111)
الطعن رقم 26675 لسنة 69 القضائية
(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد محل إقامة الطاعن ومهنته. غير قادح في جدية التحريات.
(2) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(3) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر. موضوعي. ما دام سائغاً. المجادلة في ذلك. غير جائزة أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ للرد على دفاع الطاعن بعدم علمه بكنه المادة المضبوطة.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المحاكمات الجنائية. قيامها على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحاكمة بجلسة المحاكمة وتسمع فيه الشهود. جواز تلاوة أقوال الشهود. حد ذلك.
مثال.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم جدية التحريات.
2 - لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
3 - من المقرر أن تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. إذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم - علم الطاعن بوجود النبات المخدر بعلبتي الحلوى داخل الكيس المضبوط فضلاً عن أن تفتيشه أسفر عن ضبط كمية أخرى من ذات المخدر، وردت بذلك على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعليا. فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - لما كان الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً. إلا أنه يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحاً أو ضمناً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة في..... وهي الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن تنازل صراحة عن سماع أقوال شاهد الضبط الثالث وأمرت المحكمة بتلاوتها ثم اختتم مرافعته طالباً البراءة ولم يعاود التمسك بسماع أقوال الشاهد المذكور، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى من دون أن تسمع شهادته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 29، 38/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما نسب إليه ومصادرة المخدر المضبوط - باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع . ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لم يحدد مجريها عنوان الطاعن الصحيح ومهنته بيد أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع بما لا يصلح رداً وبما يخالف المستندات التي تساند إليها الطاعن للتدليل بها على صحته، كما جاء رده على دفاع الطاعن بانتفاء علمه بتحقيقه النبات المخدر المضبوط قاصراً وغير سائغ. وعول الحكم على أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول رغم عدم معقوليتها وانفراده دون مرافقيه بالشهادة. هذا إلى أن المدافع عن الطاعن أصر على طلب سماع أقوال شاهد الضبط الثالث إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال رئيس مباحث قسم.... ومعاونه ومفتش مباحث القسم وما أوراه تقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات وانعدامها لخلوها من عمل المتهم وأنه يقيم بدائرة..... وليست بدائرة...... - فمن المقرر أن تقدير جدية التحريات متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا يجدى المتهم نفيه أن إذن التفتيش صدر بناء على تحريات غير جدية مما لا يجوز معه مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها - فيما انتهت إليه ولما كان الثابت من مطالعة محضر التحريات المؤرخ..... والذي تطمئن إليه المحكمة أنه قد تضمن بيانات ومعلومات كافية عن شخص المتهم باسمه رباعياً واسم الشهرة وسنه ومحل إقامته وقد تأكدت هذه التحريات بمراقبة النقيب... والملازم أول.... والمقدم.... في تاريخ سابق على صدور الإذن من أنه يحرز مواد مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. ومن ثم تكون هذه التحريات قد اتسمت بالجدية والكفاية التي تسوغ للنيابة العامة إصدار الإذن بالضبط والتفتيش ومن ثم يضحى الدفع المبدى قائماً على غير سند من صحيح الواقعة والقانون وهو ما يتعين رفضه وأن ما قدمه المتهم من مستندات لا تنهض دليلاً على أنه لا يقيم بالعنوان الوارد بمحضر التحريات ولاسيما أن الشاهد الأول قرر بجلسة المحاكمة أن المتهم يتردد على صهره بدائرة قسم.... كما أن جهة صدور بطاقته العائلية مركز.....". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصرار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة - على ما سلف بيانه - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته. وأطرحت المستندات المقدمة من الطاعن بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق. وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن أو عدم إيراد مهنته بمحضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع عن الطاعن بانتفاء علمه بكنه المادة المضبوطة ورد عليه بقوله: إن المتهم قد حاول التخلص من الكيس الذي بداخله المخدر المضبوط بداخل علبتي الحلوى ومحاولته الفرار عند رؤيته لضابطي الواقعة فضلاً عن أن تفتيشه قد أسفر عن ضبط كمية أخرى من ذات المخدر وأن ما ضبط معه كمية كبيرة من نبات الحشيش المخدر (البانجو) وقد أكدت التحريات السابقة على عملية الضبط من إحرازه لمواد مخدرة فإن ذلك كافياً للدلالة على اتصاله بالمخدر المضبوط عن علم وإرادة بكنه المادة المخدرة ويضحى الدفع قائماً على غير سند متعيناً رفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفي في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم - علم الطاعن بوجود النبات المخدر بعلبتي الحلوى داخل الكيس المضبوط فضلاً عن أن تفتيشه أسفر عن ضبط كمية أخرى من ذات المخدر، وردت بذلك على دفاعه في هذا الخصوص رداً سائغاً في العقل والمنطق يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه توافراً فعلياً. فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، ولئن كان الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً. إلا أنه يصح لها أن تقرر تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوى أن يكون القبول صريحاً أو ضمناً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة في .... وهي الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن تنازل صراحة عن سماع أقوال شاهد الضبط الثالث وأمرت المحكمة بتلاوتها ثم اختتم مرافعته طالباً البراءة ولم يعاود التمسك بسماع أقوال الشاهد المذكور، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى من دون أن تسمع شهادته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق