جلسة 14 من يوليه سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم صالح، لطف الله جزر، ومنير الصاوي وزهير بسيوني نواب رئيس المحكمة.
---------------
(210)
الطعن رقم 830 لسنة 66 القضائية
(1) دعوى "الصفة" "المصلحة". محكمة الموضوع.
استخلاص توافر الصفة والمصلحة في الدعوى. مما يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(2) السمسرة.
عمولة السمسار. عدم استحقاقه لها إلا عند نجاح وساطته بإبرام الصفقة.
(3) حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
عدم الإشارة أو الرد على دفاع جوهري قد يتغير بتحقيقه وجه الرأي في الدعوى. قصور.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن السمسار لا يستحق عمولته إلا إذا تمت الصفقة على يديه نتيجة لمساعيه.
3 - عدم الإشارة أو الرد على الدفاع الجوهري الذي قد يتغير بتحققه وجه الرأي في الدعوى يُعد قصوراً في تسبيب الحكم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى 586 لسنة 1991 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير حسابي لبيان صادرات الطاعنة إلى الجماهيرية الليبية وإجمالي ثمنها واحتساب قيمة العمولة المستحقة له وفقاً للنسب المبينة بالاتفاق المبرم بين الطرفين وإلزامها بما يورده الخبير في تقريره، وقال بياناً لدعواه أنه بتاريخ 30/ 8/ 1989 اتفق مع الطاعنة على أن يكون الوكيل التجاري لها بالجماهيرية الليبية لعرض وتسويق منتجاتها من السيارات خلال المدة من 1/ 9/ 1989 حتى 30/ 9/ 1990 نظير العمولة المبينة بهذا الاتفاق وقد قام بإجراء الاتصالات بالمؤسسات وشركات النقل الليبية ونتيجة لمساعيه تم التعاقد مباشرة بين هذه المؤسسات والطاعنة نظراً لأن نظام الاستيراد في الجماهيرية الليبية يقضي بالتعامل المباشر مع المورد الأجنبي، ولقيام الطاعنة بتلبية طلبات التصدير بما يجاوز خمسة عشر مليون دولار أمريكي نتيجة لما بذله من جهد إلا أنه عند مطالبته لها بأن تؤدي له قيمة ما يستحق من عمولات أنكرت عليه مجهوداته مما اضطره لإقامة دعواه بطلباته آنفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 15/ 12/ 1994 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 245476 دولاراً أمريكياً أو ما يعادلها بالجنيه المصري. استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين 194 و2541 لسنة 112 ق القاهرة وبتاريخ 20/ 12/ 1995 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُُقيم على ثلاث أسباب تنعي الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول إنه قضى برفض الدفع المبدي منها بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير وعلى غير ذي صفة استناداً إلى الخطاب الصادر للمطعون ضده من مدير عام المنطقة الحرة بتفويض من رئيس مجلس إدارة الطاعنة في حين أنه وفقاً للمادة 33 من قانون هيئات القطاع العام وشركاته رقم 97 لسنة 1983 فإن رئيس مجلس إدارة الشركة هو الذي يمثلها في تعاملها مع الغير. ولما كان رئيس مجلس إدارتها لم يصدر منه الخطاب سالف الذكر ولم يثبت تفويضه لمدير عام المنطقة الحرة في إصداره ومن ثم فإنه لا يصلح سنداً لإلزام الطاعنة بما يدعيه المطعون ضده. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع، وحبسه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص توافر صفة الطاعنة من حيث كونها التي تعاقدت مع الطاعن وذلك من الكتاب الصادر من مدير عام المنطقة الحرة للنقل والمشرف على التصدير بالشركة الطاعنة ومن المراسلات المتبادلة - التلكسات - بينهما وبين الطاعنة وكان الحكم قد بُني على أسباب سائغة تكفي لحمله فيما قضي من رفض الدفع بانتفاء الصفة في رفع الدعوى فإن النعي ينحل في هذا الصدد إلى جدل في مسألة موضوعية مردها إلى تقدير محكمة الموضوع مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي بأحقية المطعون ضده في عمولة السمسرة تأسيساً على أن التعاقد بين الطاعنة وشركة نقل ركاب بنغازي بليبيا بتاريخ 12/ 12/ 1989 تم بمجهودات المطعون ضده في إتمام هذه الصفقة رغم أن هذا التعاقد تم عن طريق الشركة العربية الأفريقية الوكيل الرسمي لها بالجماهيرية الليبية إذ تم التعاقد مع أمين اللجنة الشعبية لبلدية بنغازي وأن مثل هذا التعاقد لا يتم إلا من خلال القطاع العام بالجماهيرية إذ من المحظور على الأفراد القيام به. وإذ تمسكت الطاعنة أمام محكمة الموضوع بهذا الدفاع وقدمت المستندات المؤيدة له والتي تثبت انعدام صلة المطعون ضده بهذه الصفقة وباستحالة قيامه بأعمال السمسرة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتناول هذا الدفاع بالرد والتفت عن دلالة المستندات المقدمة منها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقر - في قضاء هذه المحكمة - أن السمسار لا يستحق عمولته إلا إذا تمت الصفقة على يديه نتيجة لمساعيه وأن عدم الإشارة أو الرد على الدفاع الجوهري الذي قد يتغير بتحققه وجه الرأي في الدعوى يعد قصوراً في تسبيب الحكم. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة تمسكت في دفاعها بأن التعاقد مع شركة نقل ركاب بلدية بنغازي تم عن طريق المفاوضات المباشرة بين الطرفين ولم يكن للمطعون ضده أي دور أو جهد في إتمام الصفقة لأنه يستحيل عليه القيام بأية وساطة تجارية لمخالفة ذلك للنظام المعمول به في الجماهيرية الليبية وأن هذا التعاقد تم بينهما عن طريق الشركة العربية الأفريقية بالجماهيرية الليبية باعتبارها الوكيلة عن الطاعنة وقدمت للتدليل على ذلك مستندات منها العقد المبرم بين الطاعنة وشركة نقل الركاب ببلدية بنغازي محل التداعي وشهادة صادرة من الشركة المذكورة تفيد أن التعاقد تم مباشرة بين الأخيرة والطاعنة، وكان هذا الدفاع من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ولم يعرض له الحكم المطعون فيه فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق