الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 أغسطس 2014

(الطعن 34413 لسنة 71 ق جلسة 3 / 4 / 2002 س 53 ق 95 ص 581)

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي، هاني مصطفى كمال نواب رئيس المحكمة وعلي سليمان.
--------------------
1 - ولما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا، لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونا معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر.
 
2 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملا بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة ...... انتهت إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوما المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك، وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبني الرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
 
3 - لما كان الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله "بما أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل في أن المتهم .......  وشهرته (....) كان قد تقدم لخطبة الفتاة ....... بيد أنه لسوء سلوك المتهم واعتياده ضرب أمه المسنة حتى طردها من مسكنها الذي يقيم معها فيه رفضت الفتاة وأسرتها خطبة هذا المتهم ولكنه ألح في طلبه وأصر على مأربه حتى أنه طلب من أمه ....... أن تعاود الكره مع أسرة الفتاة ولعلمها أن الأسرة ترفض خطبته فقد رفضت مطلبه حتى أنه ضربها وطردها من المسكن فذهبت لتقيم لدى ابنتها ..... قبل عشرين يوما من تاريخ ..... تقريبا ولما كان أمر خطبة الفتاة قد اختمر في ذهنه وأصبح هدفا له يريد تحقيقه بأي وسيلة فقد التقى قبل التاريخ المذكور بوالد الفتاة ...... وسأله عن سبب رفض الأسرة لخطبته فأفهمه والدها أن الفتاة لا تريد خطبته ولما كان المتهم قد تأبط شرا وأضحى أمر خطبته للفتاة هدفا لابد من تحقيقه فقد هدد والدها أنه إن لم يتم هذا الأمر فإنه سيقتل أحد أولاده ناسيا أن والد الفتاة في ذات الوقت والد زوجة شقيقه، وكان في تهديده لوالده الفتاة مؤكدا لما اشتهر عنه سوء سلوك ينأى عن أن يقبل لابنته زوجا لها ولم يكن في تهديده مع سوء خلقه هازلا إذ أنه بتاريخ ..... وقد خلا المسكن من أمه بعد أن طردها منه فقد جد في تنفيذ تهديده بقتل أحد أبناء والد الفتاة ووجد ضالته في شاب حسن الخلق هو شقيق هو شقيق الفتاة المجني عليه .... وأعد لذلك جسما صلبا راضا ثقيلا ذو حافة حادة وانتوى تنفيذ ما أصر عليه سلفا وهو قتل أحد أشقاء الفتاة في ليلة ..... ونحو الساعة العاشرة والنصف منها بدأ في تنفيذ ما أضمر عليه فكره وما أصر عليه في نفسه ووجد على ما سلف في المجني عليه ...... ضالته فأخذ في البحث عنه فتوجه إلى مقهى بالقرية التي يقيم بها وسأل بعض روادها عن المجني عليه ولما أخبره بعضهم أنه على شاطئ البحر توجه إليه مؤكدا عزمه على تنفيذ ما أضمر في نفسه واصطحبه إلى مسكنه ولما انفرد به وأدخله إلى إحدى حجرات المسكن فقد تهيأت له الظروف لتنفيذ ما أصر عليه فقد أخرج السلاح الذي أعده سلفا لارتكاب جريمته وأخذ يضرب به المجني عليه فأحدث به عشرة جروح كان أولهم جرحا قطعيا رضيا متكدما مستعرض الوضع بطول حوالي 14 سم ويقع شاملا خلفية فروة الرأس محدثا كشطا بالصفحتين الخارجيتين بالعظم المؤخري في مساحة أبعادها حوالي 9 × 7 سم أما ثانيهم فقد كان جرحا قطعيا رضيا متكدما مستعرض الوضع بطول حوالي 10 سم ويقع بخلفية يمين فروة الرأس بحيث يقع طرفه الأمامي أعلي مستوى صيوان الأذن اليمنى مباشرة وكان الجرح الثالث قطعيا رضيا متكدما مستو الحواف مستعرض بطول حوالي 6 سم ويقع بيمين الوجه بحيث يقع طرفه الخلفي صيوان الأذن بحوالي 1 سم أما الإصابة الرابعة فقد كانت جرحا قطعيا رضيا متكدما ومستو الحواف ومستعرض الوضع وبطول حوالي 4 سم ويقع أسفل يمين الوجه بحيث يقع طرفه الأمامي خلف زاوية الفم اليمنى بحوالي 3 سم والجرح الخامس كان قطعيا رضيا متكدما مستو الحواف مستعرض الوضع وبطول حوالي 8 سم ويقع أسفل يمين الوجه ومقابل يمين الفك السفلي وكان الجرح السادس ذبحيا إذ كان موقعه مقدم العنق مستو الحواف ومتكدم وبطول 15 سم يقع طرفه الأيمن أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالي 4 سم ويمر بمنتصف مقدم العنق في مستوى الغضروف الدرقي وكان الجرح السابع أسفل الجرح السابق مباشرة جرحا قطعيا مستو الحواف متكدما ومستعرض الوضع وبطول حوالي 6 سم وأخذ الجرح الثامن موضعه في أسفل وحشية العضد الأيمن وكان جرحا قطعيا مستو الحواف متكدما بطول حوالي 4 سم بحيث يقع طرفه الأسفل مقابل وحشية مفصل المرفق الأيمن مباشرة وفي منتصف أصبع الإبهام الأيمن وكان الجرح التاسع وهو جرح قطعي متكدم مستو الحواف وكأن الجروح السابقة لم تكف المتهم ولم ترض غليله فقد أحدث بالمجني عليه الجرح العاشر وهو كسابقيه جرحا قطعيا متكدما مستو الحواف طولي الوضع يقع بمنتصف إنسية الساعد الأيسر محدثا كسرا شطفيا بعظمة الزند اليسرى ويبلغ طول الجرح 8 سم تقريبا وما كان قصد المتهم من إحداث تلك الإصابات الجسيمة إلا قتل المجني عليه تنفيذا لإصراره السابق على قتل أي من أشقاء الفتاة التي أراد خطبتها ورفضته أسرتها لسوء مسلكه ولما تم ما أراد المتهم وتحقق غرضه الذي استهدفه فقد أغلق باب الحجرة على جثة المجني عليه وخرج من مسكنه بعد أن أغلق بابه من خلفه وليتم  مشروعا آخر إجراميا كان قد اختمر في ذهنه فقد توجه بعد قتله المجني عليه ...... إلى مسكن المجني عليه ....... الذي يقع على مبعده 250 متر تقريبا من مسكن المتهم، توجه المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني المتزوج من سيدة تدعى ..... وكان المتهم قبل أربع سنوات تقريبا قد تقدم إلى خطبتها أيضا ولكن أسرتها رفضت  خطبته ثم تقدم إلى المجني عليه الثاني إلى خطبتها وارتضت به الأسرة زوجا لابنتهم مما أوغر صدر المتهم حتى أنه هدد المجني عليه سالف الذكر بقتله إن لم يعدل عن خطبته ولما توجه المتهم إلى مسكن المجني عليه الأخير وكانت الساعة قد بلغت الحادية عشر والنصف مساء تقريبا من ذات ليلة .... فقد طرق باب المسكن وما أن فتح له المجني عليه حتى بادره المتهم بأن هوى على رأسه بما يحمل من سلاح صلب راض ثقيل ذو حافة حادة قاصدا من ذلك قتله تنفيذا لوعيده السابق والإصرار المسبق على قتله ولكن المجني عليه تفادى الضربة من موضعها المقصود فطاشت إلى جانب وجه المجني عليه فأحدثت به جرحا قطعيا بالوجه طوله 15 سم وآخر متهتك أسفل صيوان الأذن اليسرى حوالي 5 سم وآخر عميق بالعنق وأسفل المنطقة الفكية حوالي 10 سم ولكن صوت المجني عليه وزوجته قد علا بالصراخ فخاف المتهم الذي كان قد ارتكب لتوه جريمة قتل المجني عليه .... خاف المتهم المذكور من ضبطه فلاذ بالفرار فخاب أثر جريمته وظل هاربا بعد ارتكابه الحادثين لمدة تقارب الشهرين وعشرة أيام حتى تم ضبطه بمدينة .... واستند الحكم في الإدانة على شهادة كل من النقيب ..... رئيس مباحث مركز .... و..... و....... و....... و...... و.... و.... و.... و...... و..... وما شهد به ...... قبل وفاته - .... و..... و..... و.... و.... و.... وما قرره المتهم بتحقيق النيابة وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه ..... وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف  البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها المتهم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
 
4 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وبما أنه وعن توافر نية القتل فالثابت أن إصابات المجني عليه ...... تبلغ العشر إصابات الغالب منها إصابات قاتلة بطبيعتها وبحسب مكانها في الرقبة والوجه والرأس وبحسب ما قرره المتهم من أنه لا يذكر عدد الضربات التي كالها إلى المجني عليه اثنين أو ثلاثة أو خمسة فإن المحكمة تستخلص مما تقدم ومن استخدام سلاح قاتل بطبيعته وهو سلاح أبيض ثقيل صلب ذو حافة حادة توافر نية القتل وإزهاق الروح لدى المتهم ويؤيد من اطمئنان المحكمة أن المتهم وإلى ضرب المجني عليه في مقتل من جسده هو رقبته إذ ثبت بتقرير الصفة التشريحية وجود جرحين قطعين أحدهما طوله 15 سم وصفة التقرير بأن جرح ذبحي والثاني أسفل الجرح الأول وبطول حوالي 6 سم فإذا كان المتهم لا ينتوي القتل بعد إحداثه أول الجرحين مما يقطع بأنه لم يكن ينوي إلا القتل عند إحداثه الجرح الثاني وإذا أضيف إليها الجرح الذي أحدثه المتهم برأس المجني عليه والذي يبلغ 14 سم شاملا لخلفية فروة الرأس محدثا كشطا بالصحفتين الخارجتين في مساحة بلغت 9 × 7  سم فإن جسامة تلك الإصابات وكونها قاتلة في ذاتها فإن تكرارها وبهذه الصورة من الجسامة والقوة يؤكد انصرف نية المتهم إلى قتل المجني عليه، لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرا  خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدي المحكوم عليه سائغا وصحيحا في القانون.
 
5 - لما كان الحكم قد استظهر ظرف سبق الإصرار وتوافره في حق المحكوم عليه في قوله "وبما أنه عن توافر سبق الإصرار السابق على قتل المجني عليه ...... فالثابت بالأوراق أن المتهم قد هدد والد المجني عليه بقتل أحد أبنائه وأخذت فكرة الزواج من ابنته بالغ أهميتها لديه حتى أنه يضرب أمه المسنة ويطردها من مسكنه لرفضها الانصياع لفكرته ولعلمها برفض الأسرة خطبته، فضلا عن أنه قد توجه للبحث عن المجني عليه في إحدى المقاهي ولما لم يجده وعلم بمكان وجوده على شاطئ البحر ذهب إليه والتقى به واصطحبه إلى مسكنه فإن كل ما تقدم يؤكد أنه لم يكن هازلا في تهديده فقد أعد السلاح القاتل وأخذ يتحين الفرصة في استدراج المجني عليه إلى مسكنه ولما رافقه فقد أجاد تنفيذ ما أصرت عليه نفسه بل إن إعداد مثل هذا السلاح يؤكد إصرار المتهم السابق على قتل المجني عليه وأمر تهديده لوالد المجني عليه وإن كان المتهم قد نفاه إلا أن نفيه كان بمثابة تشويه الحقيقة وذلك أنه يقرر أنه التقى والد المجني عليه في موقف السيارات وسأله عن سبب رفضه خطبته لابنته وهدده بتطليق ابنته من أخيه فهدده والد المجني عليه بقتله وهو أمر يغاير مجرى الأمور ومنطق الأحداث فلا يتصور أن يهدد أب طالب خطبة ابنته بالقتل سيما وهو شقيق لزوج ابنته، ومن ثم فإن المحكمة تتيقن من توافر إصرار المتهم السابق على قتل المجني عليه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى مع هذا الاستنتاج وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون.
 
6 - لما كان المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتما موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا حالا لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه وهو ما أثبته الحكم المعروض في قوله وبما أن المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ما تقدم وقد ثبت لديها الإصرار السابق من المتهم على قتل المجني عليهما فإن حالة الدفاع الشرعي تكون قد انتفت من الوقائع وانتفى موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا على عدوان ولم يشرع للانتقام من الغرباء بل يكفي الاعتداء، وغني عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعي إلا بثبوت الحق فيه و لما كان ما ساقه الحكم المعروض من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن الحكم يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص.
 
7 - لما كان القول بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة استناد إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها أطرحتها ولم تعول عليها فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
 
8 -  لما كان الحكم قد عرض لظرف الاقتران في قوله وبما أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات الذي غلظ عقوبة جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن هذا النص ينصرف أيضا إلى جميع الأحوال التي يرتكب فيها الجاني علاوة على فعل القتل أي فعل مستقل متميز عنه يكون في ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمنية حتى لو كانت الأفعال بناء على تصميم جنائي واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة بالأفعال وتميزها عن بعضها بالقدر الذي يعتبر به كلا منها مكونا لجريمة مستقلة فإذا كان ذلك وكان الثابت أن جناية قتل المجني عليه ...... قد تلتها جناية الشروع في قتل المجني عليه ..... بعد فترة وجيزة لا تزيد على النصف ساعة وانتقال المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني الذي لا يبعد عن المسكن الذي ارتكب فيه جريمته الأولى بأكثر من مائتي وخمسين مترا تنفيذا لغرض إجرامي واحد هو تحقيق تهديده بقتل كل من المجني عليهما فإن عناصر الارتباط على نحو ما تقدم تكون متحققة وكان يكفي لتغليظ العقاب عملا بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملا بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن، فضلا عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجرد من ظرف الاقتران.
 
9 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محاميا للدفاع عنه إلا أنه رغب في المحامي الذي تولى الدفاع عنه وندبته المحكمة محاميا ترافع في الدعوى وأبدي ما عن له من دفاع فيها فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامي المنتدب الوقت الكافي للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامي شرح وقائع الدعوى وأبدى دفاعه فيها على نحو ما سلف يفيد تمحيصه في مطالعة أوراقها بما أهله إبداء دفوعه التي أبداها وانتهي إلى طلب البراءة.
 
10 - لما كان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه الجريمتين اللتين دانه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل صدور الحكم وفقا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقا للقانون وجاء الحكم متفقا وصحيح القانون وبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قانون أصلح له - ومن ثم يتعين عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
----------------------
  اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه أولا: قتل عمدا مع سبق الإصرار ... بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك سلاحا أبيض (سنجة) واستدرجه لمكان الواقعة وما أن ظفر به حتى إنهال عليه طعنا في مواضع متفرقة من جسده قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان شرع في قتل .... عمدا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك السلاح الأبيض سالف البيان وتوجه لمكان الواقعة وما أن ظفر به حتى عاجله بضربة بيسار الوجه قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو استغاثة المجني عليه وفراره خشية ضبطه. وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت والدة المجني عليه وأشقاء المجني عليه الثاني مدنيا قبل المتهم بطلب إلزامه أن يؤدي لهم مبلغ مائتي وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه فيها. وحددت جلسة ....... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضوريا عملا بالمواد 45/ 1، 46، 230، 231، 234/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرر من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات. وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقا عما أسند إليه وأمرت بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وعرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها - بإقرار الحكم الصادر بإعدام المتهم ..... - على محكمة النقض.
---------------------
   من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا، لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونا معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر.
ومن حيث أن النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملا بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة ..... انتهت إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوما المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك، وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث أن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله "بما أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل في أن المتهم ...... وشهرته (.....) كان قد تقدم لخطبة الفتاة ..... بيد أنه لسوء سلوك المتهم واعتياده ضرب أمه المسنة حتى طردها من مسكنها الذي يقيم معها فيه رفضت الفتاة وأسرتها خطبة هذا المتهم وكنه ألح في طلبه وأصر على مأربه حتى أنه طلب من أمه ...... أن تعاود الكرة مع أسرة الفتاة ولعلمها أن الأسرة ترفض خطبته فقد رفضت مطلبه حتى أنه ضربها وطردها من المسكن فذهبت لتقيم لدى ابنتها ...... قبل عشرين يوما من تاريخ ...... تقريبا ولما كان أمر خطبة الفتاة قد اختمر في ذهنه وأصبح هدفا له يريد تحقيقه بأي وسيلة فقد التقى قبل التاريخ المذكور بوالد الفتاة ...... وسأله عن سبب رفض الأسرة لخطبته فأفهمه والدها أن الفتاة لا تريد خطبته ولم كان المتهم قد تأبط شراً وأضحى أمر خطبته للفتاة هدفا لابد من تحقيقه فقد هدد والدها أنه إن لم يتم هذا الأمر فإنه سيقتل أحد أولاده ناسياً أن والد الفتاة هو ذات الوقت والد زوجة شقيقه، وكان في تهديده لوالد الفتاة مؤكدا لما أشتهر عنه من سوء سلوك ينأى عن يقبل لابنته زوجا لها ولم يكن في تهديده مع سوء خلقه هازلا إذ أنه بتاريخ ........ وقد خلا المسكن من أمه بعد أن طردها منه فقد جد في تنفيذ تهديده بقتل أحد أبناء والد الفتاة ووجد ضالته في شاب حسن الخلق هو شقيق الفتاة المجني عليه ....... وأعد لذلك جسما صلبا راضا ثقيلا ذو حافة حادة وانتوى تنفيذ ما أصر عليه سلفا وهو قتل أحد أشقاء الفتاة في ليلة ......، ونحو الساعة العاشرة والنصف منها بدأ في تنفيذ ما أضمر عليه فكره وما أصر عليه في نفسه ووجد على ما سلف في المجني عليه ...... ضالته فأخذ في البحث عنه فتوجه إلى مقهى بالقرية التي يقيم بها وسأل بعض روادها عن المجني عليه ولما أخبره بعضهم أنه على شاطئ البحر توجه إليه مؤكدا عزمه عن تنفيذ ما أضمر في نفسه واصطحبه إلى مسكنه ولما أنفرد به وأدخله إلى إحدى حجرات المسكن فقد تهيأت له الظروف لتنفيذ ما أصر عليه فقد أخرج السلاح الذي أعده سلفا لارتكاب جريمته وأخذ يضرب به المجني عليه فأحدث به عشرة جروح كان أولهم جرحا قطعيا راضيا متكدما مستعرض الوضع بطول حوالي 14سم ويقع شاملا خلفية فروة الرأس محدثا كشطا بالصفحتين الخارجيتين بالعظم المؤخري في مساحة أبعادها حوالي 9×7سم أما ثانيهم فقد كان جرحا قطعيا راضيا متكدما مستعرض الوضع بطول حوالي 10سم ويقع بخلفية يمين فروة الرأس بحيث يقع طرفه الأمامي أعلى مستوى صيوان الأذن اليمنى مباشرة وكان الجرح الثالث قطعيا راضيا متكدما مستو الحواف مستعرض بطول حوالي 6سم ويقع بيمين الوجه بحيث يقع طرفه الخلفي صيوان الأذن بحوالي 1سم أما الإصابة الرابعة فقد كانت جرحا قطعيا راضيا متكدما ومستو الحواف ومستعرض الوضع وبطول حوالي 4سم ويقع أسفل يمين الوجه بحيث يقع طرفه الأمامي خلف زاوية الفم اليمنى بحوالي 3سم والجرح الخامس كان قطعيا راضيا متكدما مستو الحواف مستعرض الوضع وبطول حوالي 8سم ويقع أسفل يمين الوجه ومقابل يمين الفك السفلي وكان الجرح السادس ذبحيا إذ كان موقعه مقدم العنق مستو الحواف ومتكدم وبطول 15سم يقع طرفه الأيمن أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالي 4سم ويمر بمنتصف مقدم العنق في مستوى الغضروف الدرقي وكان الجرح السابع أسفل الجرح السابق مباشرة جرحا قطعيا مستو الحواف متكدما ومستعرض الوضع وبطول حوالي 6سم وأخذ الجرح الثامن موضعه في أسفل وحشية العضد الأيمن وكان جرحا قطعيا مستو الحواف متكدما بطول حوالي 4سم بحيث يقع طرفه الأسفل مقابل وحشية مفصل المرفق الأيمن مباشرة وفي منتصف إصبع الإبهام الأيمن وكان الجرح التاسع وهو جرح قطعي متكدم مستو الحواف وكان الجروح السابقة لم تكف المتهم ولم ترض غليله فقد أحدث بالمجني عليه الجرح العاشر وهو كسابقيه جرحا قطعيا متكدما مستو الحواف طولي الوضع يقع بمنتصف أنسية الساعد الأيسر محدثا كسرا شطفيا بعظمة الزند اليسرى ويبلغ طول الجرح 8سم تقريبا وما كان قصد المتهم من إحداث تلك الإصابات الجسيمة إلا قتل المجني عليه تنفيذا لإصراره السابق على قتل أي من أشقاء الفتاة التي أراد خطبتها ورفضته أسرتها لسوء مسلكه ولما تم ما أراد المتهم وتحقق غرضه الذي استهدفه فقد أغلق باب الحجرة على جثة المجني عليه وخرج من مسكنه بعد أن أغلق بابه من خلفه وليتم مشروعا آخر إجراميا كان قد اختمر في ذهنه فقد توجه بعد قتله المجني عليه ..... إلى مسكن المجني عليه ...... والذي يقع على مبعدة 250 متر تقريبا من مسكن المتهم، توجه المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني المتزوج من سيدة تدعى ..... وكان المتهم قبل أربع سنوات تقريبا قد تقدم إلى خطبتها أيضا ولكن أسرتها رفضت خطبته ثم تقدم إلى خطبتها المجني عليه الثاني وارتضت به الأسرة زوجا لابنتهم مما أوغر صدر المتهم حتى أنه هدد المجني عليه سالف الذكر بقتله إن لم يعدل عن خطبته ولما توجه المتهم إلى مسكن المجني عليه الأخير وكانت الساعة قد بلغت الحادية عشر والنصف مساء تقريبا من ذات ليلة ....... فقد طرق باب المسكن وما أن فتح له المجني عليه حتى بادره المتهم بأن هوى على رأسه بما يحمل من سلاح صلب راض ثقيل ذو حافة حادة قاصدا من ذلك قتله تنفيذا لوعيده السابق والإصرار المسبق على قتله ولكن المجني عليه تفادى الضربة من موضعها المقصود فطاشت إلى جانب وجه المجني عليه فأحدثت به جرحا قطعيا بالوجه طوله 15سم وآخر متهتك أسفل صيوان الأذن اليسرى حوالي 5سم وآخر عميق بالعنق وأسفل المنطقة الفكية حوالي 10سم ولكن صوت المجني عليه وزوجته قد علا بالصراخ فخاف المتهم الذي كان قد ارتكب لتوه جريمة قتل المجني عليه .... خاف المتهم المذكور من ضبطه فلاذ بالفرار فخاب أثر جريمته وظل هاربا بعد ارتكابه الحادثين لمدة تقارب الشهرين وعشرة أيام حتى تم ضبطه بمدينة .... واستند الحكم في الإدانة على شهادة كل من النقيب ...... رئيس مباحث مركز.... و.... و... و.... و... و..... و...... و...... و..... و..... و.... وما شهد به ..... قبل وفاته ..... و..... و..... و..... و..... و...... وما قرره المتهم بتحقيق النيابة وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه ........... وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق حسبما يبين من الإطلاع على المفردات المضمومة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها المتهم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وبما أنه وعن توافر نية القتل فالثابت أن إصابات المجني عليه ........ تبلغ العشر إصابات الغالب منها إصابات قاتلة بطبيعتها وبحسب مكانها في الرقبة والوجه والرأس وبحسب ما قرره المتهم من أنه لا يذكر عدد الضربات التي كالها إلى المجني عليه اثنين أو ثلاثة أو خمسة فإن المحكمة تستخلص مما تقدم ومن استخدام سلاح قاتل بطبيعته وهو سلاح أبيض ثقيل صلب ذو حافة حادة توافر نية القتل وإزهاق الروح لدى المتهم ويؤيد من اطمئنان المحكمة أن المتهم والى ضرب المجني عليه في مقتل من جسده هو رقبته إذ ثبت بتقرير الصفة التشريحية وجود جرحين قطعيين أحدهما طوله 15سم وصفة التقرير بأنه جرح ذبحي والثاني أسفل الجرح الأول وبطول حوالي 6سم فإذا كان المتهم لا ينتوي القتل بعد إحداثه أول الجرحين مما يقطع بأنه لم يكن ينوي إلا القتل عند إحداثه الجرح الثاني وإذا أضيف إليها الجرح الذي أحدثه المتهم برأس المجني عليه والذي يبلغ 14سم شاملا لخلفية فروة الرأس محدثا كشطا بالصفحتين الخارجتين في مساحة بلغت 9×7سم فإن جسامة تلك الإصابات وكونها قاتلة في ذاتها فإن تكرارها وبهذه الصورة من الجسامة والقوة يؤكد انصراف نية المتهم إلى قتل المجني عليه". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه سائغا وصحيحا في القانون. لما كان ذلك، وكان المدافع مع المحكوم عليه قد أورد بأن المتهم انتزع الساطور من المجني عليه وقتله لفوره مردود بأن من المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتما موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا حالا لعدوان حال دون الاسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه وهو ما أثبته الحكم المعروض في قوله وبما أن المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ما تقدم وقد ثبت لديها الإصرار السابق من المتهم على قتل المجني عليهما فإن حالة الدفاع الشرعي تكون قد انتفت من الوقائع وانتفى موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا على عدوان ولم يشرع للانتقام من الغرباء بل يكفي الاعتداء. وغني عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعي إلا بثبوت الحق فيه ولما كان ما ساقه الحكم المعروض من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن الحكم يكون قد بريء من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان القول بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة استناد إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها أطرحتها ولم تعول عليها فقد سلم الحكم المعروض من القصور. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف الاقتران في قوله "وبما أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات الذي غلظ عقوبة جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن هذا النص ينصرف أيضا إلى جميع الأحوال التي يرتكب فيها الجاني علاوة على فعل القتل أي فعل مستقل متميز عنه يكون في ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمنية حتى لو كانت الأفعال بناء على تصميم جنائي واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة بالأفعال وتميزها عن بعضها بالقدر الذي يعتبر به كلا منها مكونا لجريمة مستقلة" فإذا كان ذلك وكان الثابت أن جناية قتل المجني عليه ..... قد تلتها جناية الشروع في قتل المجني عليه ..... بعد فترة وجيزة لا تزيد على النصف ساعة وانتقال المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني الذي لا يبعد عن المسكن الذي ارتكب فيه جريمته الأولى بأكثر من مائتي وخمسين مترا تنفيذا لغرض إجرامي واحد هو تحقيق تهديده بقتل كل من المجني عليهما فإن عناصر الارتباط على نحو ما تقدم تكون متحققة وكان يكفي لتغليظ العقاب عملا بالمادة 234/2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملا بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن، فضلا عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجرد من ظرف الاقتران. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محاميا للدفاع عنه إلا أنه رغب في المحامي الذي تولى الدفاع عنه وندبته المحكمة محاميا ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من دفاع فيها فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقليد مهنته فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامي المنتدب الوقت الكافي للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامي شرح وقائع الدعوى وأبدى دفاعه فيها على نحو ما سلف يفيد تمحيصه من مطالعة أوراقها بما أهله إبداء دفوعه التي أبداها وانتهى إلى طلب البراءة.
لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه الجريمتين اللتين دانه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل صدور الحكم وفقا للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقا للقانون وجاء الحكم متفقا وصحيح القانون وبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قانون أصلح له - ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق