جلسة 23 من يونيه سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحيم صالح, لطف الله جزر, منير الصاوي نواب رئيس المحكمة, وناجي عبد اللطيف.
----------------
(185)
الطعن رقم 8487 لسنة 66 القضائية
(1) قوة الأمر المقضي "حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية" تعويض.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطه. الحكم بالبراءة. إقامته على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر. أثر ذلك. عدم ثبوت حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية. للمحكمة المدنية بحث ما قد نشأ عن هذا الفعل من ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض. علة ذلك.
(2) نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم الى النتيجة الصحيحة. لا يبطله اشتماله على أخطاء قانونية لمحكمة النقض تصحيحها.
(3، 4) أوراق تجارية "تداولها: التظهير التوكيلي".
(3) صلاحية الورقة التجارية للتداول عن طريق التظهير. لازمه. أن تكون مستقلة بذاتها ويتحدد من بياناتها وصف الحقوق الناشئة عنها ومداها ومضمون الالتزام الصرفي. عدم جواز الرجوع في هذا الشأن إلى وقائع أو اتفاقيات خارجة عنها.
(4) التظهير التوكيلي. أثره. عدم تطهير الورقة من الدفوع. مؤداه.
(5) حكم "تسبيب الحكم: ما يُعد قصوراً". دعوى "الدفاع في الدعوى".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم ويتغير به وجه الرأي في الدعوى. قصور.
2 - انتهاء الحكم المطعون فيه إلى نتيجة صحيحة فلا يبطله بعد ذلك ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصحح ما وقع من ذلك في مدوناته.
3 - لما كان أخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول عن طريق التظهير فإن لازم ذلك أن تكون الورقة مستقلة بذاتها فيتحدد من بياناتها وصف الحقوق الناشئة عنها ومداها ومضمون الالتزام الصرفي ولا يرجع في هذا الشأن إلى وقائع أو اتفاقات خارجة عنها.
4 - التظهير التوكيلي لا يطهر الورقة من الدفوع فيجوز للمدعي الأصلي فيها التمسك في مواجهة المظهر إليه الوكيل بكافة الدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المظهر.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس بتعويض البنك المطعون ضده عن عدم تحصيله قيمة الشيكات موضوع الدعوى على أنها مرهونة لصالحه استناداً لما تضمنه العقد المؤرخ 29/ 9/ 1991 من أن جميع الأوراق المالية والتجارية التي سيودعها المستفيد من الشيكات لدى البنك تعتبر مرهونة رهناً حيازياً لصالحه دون أن يعني بالرد على ما تمسك به الطاعن من أن المستفيد ظهّر الشيكات إلى البنك تظهير توكيلياً وأنه أوفى بقيمتها للمظهر مع كونه دفاعاً جوهرياً قد يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام الدعاوي أرقام 7351، 7632، 7634، 75635، 7636، 9341، 9342 لسنة 1992 جنح الرمل بالطريقة المباشر قبل الطاعن طالباً في كل منها توقيع العقوبة على الطاعن عن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد ولإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت على سند من أن الطاعن أعطى هذه الشيكات وجملة قيمتها 218500 جنيه إلى عميلة "......." الذي ظهرها تظهيراً ناقلاً للملكية. حكمت المحكمة بتاريخ 21/ 2/ 1993 ببراءة الطاعن وبرفض الدعوى المدنية في تلك القضايا عدا القضية رقم 7351 لسنة 1992 فقد حكمت بحبسه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 501 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت النيابة العامة والطاعن والمطعون ضده هذا الحكم وبعد أن ضمت المحكمة الجنح جميعاً قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة الفصل فيها في الدعوى 13575 لسنة 1992 جنح الرمل واستئنافها رقم 7655 لسنة 93 شرق الإسكندرية وبعدم اختصاصها بنظر الدعاوى المدنية وبإحالتها إلى محكمة الرمل الجزئية فقيدت برقم 316 لسنة 1993 مدني جزئي الرمل وعدّل المطعون ضده طلباته إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 218500 جنيه كتعويض يعادل قيمة الشيكات التي صدرت بدون رصيد. بتاريخ 27/ 1/ 1994 قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية فقيدت برقم 1459 لسنة 1994 مدني كلي الإسكندرية وبتاريخ 29/ 1/ 1995 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 542 لسنة 51 ق الإسكندرية, بتاريخ 20/ 7/ 1996 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 218500 جنيه على سبيل التعويض. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت فيها جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه وقد قُضي نهائياً في الجنحة رقم 13572 لسنة 1992 جنح الرمل بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، وكانت الشيكات محل المطالبة في الدعوى الماثلة تشكل مع الشيك محل الجنحة المذكورة واقعة واحدة وقد صدر الحكم في الدعاوي المقامة عنها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة سالفة الذكر في شقها الجنائي فإن الشق المدني فيها يكتسب قوة الأمر المقضي التي اكتسابها الحكم الصادر في الجنحة المذكورة في قضائه برفض طلب التعويض مما يحول دون معاودة سماع الدعوى في هذا الشق من الطلبات. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يتعد بقوة الأمر المقضي فإنه يكون معيباً بما سلف بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن مؤدى حكم المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكّون للأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله, وأن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مبيناً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر فإنه لا يكون له حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحكمة من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من وصف الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض، ذلك أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً. لما كان ما تقدم وكان البيّن من الحكم الجنائي الصادر بتاريخ 1/ 3/ 1993 في الجنحة رقم 13572 لسنة 1992 جنح الرمل أن المحكمة قضت ببراءة الطاعن من تهمة إصدار شيك بدون رصيد وبرفض الدعوى المدنية استناداً إلى قولها "أنه قام بسداد القيمة للمستفيد الأصلي قبل تاريخ الاستحقاق فينتفي الركن المعنوي للجريمة حتى بفرض صحة تظهير الشيك للبنك المطعون ضده" فإن هذا الحكم لا تكون له حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحكمة من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من صفة الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض. لما كان ذلك فإن الحكم لمطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة فلا يبطله بعد ذلك ما ورد بأسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض تصحيح ما وقع من ذلك في مدوناته ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب إذ تمسك الطاعن أمام محكمة ثان درجة بدفاع مؤداه أن الشيكات محل المطالبة قد ظُهرت إلى البنك المطعون ضده تظهيراً توكيلياً مما يكون في سداده لقيمة هذه الشيكات للمستفيد نفياً للخطأ الموجب للتعويض المطالب به وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن الدفاع الجوهري وأقام قضاءه على أن الشيكات مرهونة رهناً حيازياً للمطعون ضده استناداً إلى عقد فتح الاعتماد المبرم بين المطعون ضده والمستفيد في حين أن رهن الأوراق التجارية لا يكون إلا بتظهيرها تظهيراً تأمينياً فإنه يكون معيبا بما سلف ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن لما كان أخص خصائص الورقة التجارية صلاحيتها للتداول عن طريق التظهير فإن لازم ذلك أن تكون الورقة مستقلة بذاتها فيتحدد من بياناتها وصف الحقوق الناشئة عنها ومداها ومضمون الالتزام الصرفي ولا يرجع في هذا الشأن إلى وقائع أو اتفاقات خارجة عنها وكان التظهير التوكيلي لا يطهر الورقة من الدفوع فيجوز للمدين الأصلي فيها التمسك في مواجهة المظهر إليه الوكيل بكافة الدفوع التي كان يستطيع التمسك بها قبل المظهر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بتعويض البنك المطعون ضده عن عدم تحصيله قيمة الشيكات موضوع الدعوى على أنها مرهونة لصالحه استناداً لما تضمنه العقد المؤرخ 29/ 9/ 1991 من أن جميع الأوراق المالية والتجارية التي سيودعها المستفيد من الشيكات لدى البنك تعتبر مرهونة رهناً حيازياً لصالحه دون أن يعني بالرد على ما تمسك به الطاعن من أن المستفيد ظهّر الشيكات إلى البنك تظهيراً توكيلياً وأنه أوفى بقيمتها للمظهر، مع كونه دفاعاً جوهرياً قد يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق