جلسة 8 من يوليه سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/
محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود الخضيري، أحمد
الزواوي نائبي رئيس المحكمة، عبد الباسط أبو سريع ومندور شرف الدين.
---------------
(204 )
الطعن رقم 5208 لسنة 66
القضائية
(3 - 1) التزام "انقضاء الالتزام: الوفاء". هبه "الرجوع في الهبة". عقد. أحوال شخصية "الخطبة: هدايا الخطبة: المهر". إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: البينة (عدم جواز الإثبات بالبينة )". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العذر المبيح للرجوع في الهبة". حكم "عيوب التدليل: القصور: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
(1)هدايا الخطبة. من قبيل الهبات. حق الخاطب في استردادها. خضوعه لأحكام
الرجوع في الهبة المقررة في القانون المدني.
(2)الرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له. شرطه. استناد الواهب
إلى عذر يقبله القاضي وانتفاء المانع من الرجوع. سلطة محكمة الموضوع في تقدير
العذر الذي يبيح للواهب الرجوع في الهبة متى أوردت في حكمها الأسباب السائغة
الكافية لحمل قضائها. مثال بشأن صحة حكم باسترداد الشبكة لعدول الخطيبة عن الخطبة
دون مسوغ.
(3)تسليم الخاطب مخطوبته - قبل العقد - مالاً محسوباً على المهر. تصرف
قانوني يخضع في إثباته للقواعد العامة. تمسك الطاعن بعدم جواز إثبات دفع مبلغ
المهر إلا بالكتابة. القضاء بجواز إثبات هذا التسليم بشهادة الشهود باعتباره واقعه
مادية. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.
2 - إذ كان يشترط للرجوع في الهبة - في حالة عدم قبول الموهوب له - أن يستند الواهب إلى عذر يقبله القاضي, وألا يوجد مانع من موانع الرجوع, وهذا العذر الذي يبيح للواهب الرجوع في الهبة من المسائل التقديرية التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع ما دامت قد أوردت في حكمها الأسباب السائغة التي تكفي لحمل قضائها سواء في قبول ذلك العذر أو عدم قبوله, لما كان ذلك, وكانت محكمة الموضوع قد أعملت هذه المادة - 500 من القانون المدني - وانتهت إلى أحقية المطعون ضده في استرداد الشبكة التي قدمها لمخطوبته لما رأته - في حدود سلطتها التقديرية - وللأسباب السائغة التي أوردتها من أن العدول عن الخطبة كان بسبب إعراض الخطيبة وأبيها دون مسوغ عن السير في إتمام الزواج ومن توافر العذر المقبول الذي يبرر رجوع المطعون ضده في هبته فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
3 - لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك في المذكرة المقدمة منه لمحكمة الدرجة الأولى بتاريخ 12/ 6/ 1994 بعدم جواز إثبات دفع مبلغ المهر إلا بالكتابة عملاً بنص المادة 60 من قانون الإثبات وكان من المقرر أن تسليم الخاطب مخطوبته قبل العقد مالاً محسوباً على المهر يعتبر تصرفاً قانونياً يخضع في إثباته للقواعد العامة في الإثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بجواز إثبات تسليم الخاطب لولي مخطوبته مبلغ المهر ومقدار عشرة آلاف جنيه بشهادة الشهود على سند من أن التسليم يعد واقعة مادية وليس تصرفاً قانونياً وأتخذ من أقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته المحكمة عماداً لقضائه برد المهر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على
الطاعن - عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنته - ابتداءً الدعوى 393 لسنة 1993
أحوال شخصية مصر القديمة الجزئية وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامه برد الشبكة
والمهر والهدايا المبيّنة بصحيفة الدعوى أو دفع قيمتها ومقدارها مبلغ سبعة عشر ألف
جنيه ذلك أنه كان قد خطب ابنة الطاعن وقد لها الحلي الذهبية التي يُطلق عليها
"الشبكة" وقيمتها 5000 جنيه وبعث لها بهدايا قيمتها 2000 جنيه كما سلم
والدها مبلغ عشرة آلاف جنيه مهراً وإذ فوجئ بهما يعلنان عن رغبتهما في عدم إتمام
الزواج ويمتنعان عن رد الشبكة والهدايا وما أداه من مهر فقد أقام الدعوى بطلباته
سالفة البيان وبتاريخ 7/ 2/ 1994 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى
وبإحالتها إلى محكمة السويس الابتدائية حيث قيدت برقم 126 لسنة 1994. أحالت
المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 28/ 11/
1995 بإلزام الطاعن برد الشبكة أو دفع قيمتها البالغة خمسة آلاف جنيه ورد المهر
البالغ عشرة آلاف جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 22 لسنة 19 ق
الإسماعيلية "مأمورية السويس" وبتاريخ 10/ 4/ 1996 قضت المحكمة بتأييد
الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت
فيها الرأي بنقض الحكم وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة
لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على
ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون في الخطأ في تطبيق
القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم
المطعون فيه انتهي إلى تقرير أحقية المطعون ضده في استرداد الشبكة اكتفاءً بالقول
بأن العدول عن الخطبة كان من جانب الخطيبة رغم أن لها العدول لأن الخطبة عقد غير
لازم ومجرد العدول عنها لا يعتبر في حد ذاته عذراً مقبولاًً للرجوع في الهبة مما
يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخطبة وإن كانت تمهيداً للزواج،
وهو من مسائل الأحوال الشخصية، وإلا أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر -
ومنها الشبكة - إبان فترة الخطبة، لا تعتبر من هذه المسائل لأنها ليست ركناً من
أركان الزواج ولا شرطاً من شروط صحته، إذ يتم الزواج صحيحاً بدونها، ولا يتوقف
عليها، ومن ثم يكون النزاع بشأن تلك الهدايا بعيداً عن المساس بعقد الزواج وما هو
متعلق به ويخرج ذلك عن نطاق الأحوال الشخصية وتعتبر هذه الهدايا من قبيل الهبات،
ويسري عليها ما يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني وقد أورد هذا القانون
أحكام الهبة باعتبارها عقداً مالياً كسائر العقود واستمد أحكامها الموضوعية من
أحكام الشريعة الإسلامية، ومن ثم فإن حق الخطاب في استرداد تلك الهدايا يخضع
لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في القانون المدني في المادة 500 وما بعدها وإذ
كان يشترط للرجوع في الهبة - في حالة عدم قبول الموهوب له - أن يستند الواهب إلى
عذر يقبله القاضي وألا يوجد مانع من موانع الرجوع, وهذا العذر الذي يبيح للواهب
الرجوع في الهبة من المسائل التقديرية التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع ما دامت قد
أوردت في حكمها الأسباب التي تكفي لحمل قضائها سواء في قبول ذلك العذر أو عدم
قبوله, لما كان ذلك, وكانت محكمة الموضوع قد أعملت هذه المادة وانتهت إلى أحقية
المطعون ضده في استرداد الشبكة التي قدمها لمخطوبته لما رأته - في حدود سلطتها
التقديرية - وللأسباب السائغة التي أوردتها من أن العدول عن الخطبة كان بسبب إعراض
الخطيبة وأبيها دون مسوغ عن السير في إتمام الزواج ومن توافر العذر المقبول الذي
يبرر رجوع المطعون ضده في هبته فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق
القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بالسبب
الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه تمسك أمام
محكمة الموضوع بعدم جواز إثبات ادعاء المطعون ضده دفع مبلغ المهر إلا بالكتابة
طبقاً لنص المادة 60 من قانون الإثبات إلا أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد
الإثبات وقضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك بشهادة الشهود على سند أن
تسليم المهر واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ثم اتخذ من نتيجة التحقيق
الذي أجرته المحكمة أساساً لقضائه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد،
ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك في المذكرة المقدمة منه لمحكمة
الدرجة الأولى بتاريخ 12/ 6/ 1994 بعدم جواز إثبات دفع مبلغ المهر إلا بالكتابة
عملاً بنص المادة 60 من قانون الإثبات وكان من المقرر أن تسليم الخاطب مخطوبته قبل
العقد مالاً محسوباً على المهر يعتبر تصرفاً قانونياً يخضع في إثباته للقواعد
العامة في الإثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بجواز إثبات تسليم
الخاطب لولي مخطوبته مبلغ المهر ومقداره عشرة آلاف جنيه بشهادة الشهود على سند من
أن التسليم يعد واقعة مادية وليس تصرفاً قانونياً وأتخذ من أقوال الشهود في
التحقيق الذي أجرته المحكمة عماداً لقضائه برد المهر فإنه يكون قد خالف القانون
وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث السبب الباقي من الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق