جلسة 21 من يونيه سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز محمد، محمد درويش، عبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة وأحمد الحسيني.
----------------
(181)
الطعن رقم 4173 لسنة 61 القضائية
(1 - 3) تحكيم. بطلان "بطلان حكم المحكمين". دعوى. محكمة الموضوع.
(1) التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات. قوامه. الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكلفة من ضمانات. قصره على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين. وجوب أن تتضمن وثيقة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم. جواز تحديده أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم. م 501 مرافعات المقابلة للمادة 10 ق 27 لسنة 1994. مخالفة ذلك. أثره. بطلان حكم المحكمين.
(2) عدم جواز الطعن على حكم المحكمين بطريق الاستئناف. م 510 مرافعات. جواز طلب بطلانه بدعوى خاصة يسار فيها بالطريق الذي شرعه القانون في الحالات المحددة بالمادة 512 مرافعات.
(3) محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في فهم نصوص التحكيم والتعرف على المقصود منها دون رقابة عليها في ذلك. شرطه. تبيان الاعتبارات التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.
2 - النص في المادة 510 من قانون المرافعات على أن "أحكام المحكمين لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف" وفي المادة 513/ 1 منه على أن "يرفع طلب البطلان بالأوضاع المعتادة وإلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع". مفاده أن المشرع قد عدل عما كانت تجيزه المادة 874 من قانون المرافعات السابق بالطعن على حكم المحكمين بطريق الاستئناف وقصره على طلب بطلانه بدعوى خاصة يسار فيها بالطريق الذي شرعة القانون وذلك في الحالات التي عددتها المادة 512 منه.
3 - المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص وثيقة التحكيم والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن ومستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وما أثبت فيها ولا رقابة عليها في ذلك ما دامت بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم..... لسنة 1987 مدني المنصورة الابتدائية على الطاعنين وآخر بطلب الحكم ببطلان حكم المحكمين رقم 3 لسنة 1985 المنزلة الصادرة بتاريخ 30/ 1/ 1985 وقالوا بياناً لها إنه بموجب مشارطة تحكيم مؤرخة 21/ 1/ 1985 اتفقوا مع الطاعنين على إنهاء ما بينهم من نزاع حول الأرض الزراعية مشتراهم من السيدة/ ..... وأولادها المؤجرة إلى الطاعنين وآخر بطريق المزارعة وذلك بطريق التحكيم. وإذ صدر حكم المحكمين دون أن يورد في وثيقته بياناً بموضوع النزاع أو يستدعيهم لسماع أقوالهم وتقديم أوجه دفاعهم فقد أقاموا الدعوى, بتاريخ 3/ 12/ 1988 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى, استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 1536 لسنة 40 ق لدى محكمة استئناف المنصورة وبتاريخ 16/ 5/ 1991 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان حكم المحكمين المؤرخ 30/ 1/ 1985. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال ذلك أنه قضى ببطلان حكم المحكمين رقم 3 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 30/ 1/ 1985 على سند من عدم تحديد المحتكمين لموضع النزاع في وثيقة التحكيم رغم أن ذلك الحكم قد صار حائزاً لقوة الأمر المقضي به بعدم استئنافه في الميعاد ومن ثم فإنه لا يجوز رفع دعوى مبتدأة ببطلانه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن التحكيم طريق استثنائي سنّة المشرع لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ومن ثم فهو مقصور حتماً على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم, فأوجبت المادة 501 من قانون المرافعات - المنطبقة على واقعة الدعوى - المقابلة للمادة 10 من القانون 27 لسنة 1994 أن تتضمن وثيقة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم وأجاز المشرع في ذات المادة أن يتم هذا التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم ورتبت المادة 512/ 2 منه البطلان جزاء على مخالفة ذلك - وكان النص في المادة 510 من ذات القانون على أن "أحكام المحكمين لا تقبل الطعن فيها بالاستئناف" وفي المادة 513/ 1 منه على أن "يرفع طلب البطلان بالأوضاع المعتادة وإلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع". مفاده أن المشرع قد عَدَلََ عما كانت تجيزه المادة 874 من قانون المرافعات السابق بالطعن على حكم المحكمين بطريق الاستئناف وقصره على طلب بطلانه بدعوى خاصة يسار فيها بالطريق الذي شرعه القانون وذلك في الحالات التي عددتها المادة 512 منه؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه ببطلان حكم المحكمين موضوع النزاع على قوله إنه "وإن كانت مشارطة التحكيم قد تضمنت في البند الأول منها أنه قد تم الاتفاق بين الطرفين بها على عقد جلسة عرفية للفصل في النزاع القائم بينهما والخاص بأطيان السيدة......... إلا أن ذلك بمفرده لا يعتبر تحديداً للنزاع بالمعنى المقصود في المادة 501 إذ لم يذكر به مساحة تلك الأرض أو موقعها ولا ماهية الخلاف الحاصل بشأنها وهل هو يتعلق بملكيتها أم بإيجارها ووضع اليد عليها أم أنه متعلق ببيعها وما ورد بجلسة 30/ 1/ 1985 وإن كان قد تناول بياناً لموضوع النزاع إلا أنه ليس فيه ما يفيد حضور طرفيّ التحكيم بتلك الجلسة وتمام المرافعة أو أنهما قد حددا للمحكمين حدود المنازعة بحيث يمكن القول أن ما ورد بالمحضر المذكور هو ما انصرفت إرادتهما إلى عرضه على هيئة التحكيم باعتبار أن ذلك هو ما تتحدد به ولاية للمحكمين......" وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم نصوص وثيقة التحكيم والتعرف على ما قصد منها دون التقيد بألفاظها بحسب ما تراه أوفى إلى نية أصحاب الشأن مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وما أثبت فيها ولا رقابة عليها في ذلك ما دامت بينت الاعتبارات المقبولة التي دعتها إلى الأخذ بما ثبت لديها والعدول عما سواه، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية للأسباب السائغة التي أوردتها واستقتها مما تضمنته عبارات وثيقة التحكيم - المرفق صورتها بالأوراق - وما أثبت بجلسة المرافعة أمام هيئة التحكيم أن الموضوع الذي انصرفت إليه إرادة المحتكمين وإلى عرضه على هذه الهيئة لم يتم تحديده فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى بطلان حكم المحكمين لتصديه للفصل في موضوع لم يتم اتفاق المحتكمين على تحديده بما ينطوي على تجاوز من هيئة التحكيم لحدود ولايتها ويبطل حكمها يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق