جلسة 20 من نوفمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد القادر سمير، حماد الشافعي، إبراهيم الضهيري وفتحي قرمه نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(237)
الطعن رقم 9621 لسنة 66 القضائية
(1) عمل "العاملون بالقطاع العام: الانقطاع عن العمل" "إنهاء خدمة" "استقالة" "الجزاء التأديبي".
إنهاء خدمة العامل لانقطاعه عن العمل بغير سبب مشروع. عدم اعتباره فصلاً تأديبياً. علة ذلك. سلطة جهة العمل في الاختيار بين اتخاذ الإجراءات التأديبية بمجازاة العامل وبين إعمال قرينة الاستقالة الضمنية وإنهاء خدمته. اختيارها طريق الجزاء التأديبي عن مدة غيابة غير المشروع. أثره. عدم جواز اعتباره مقدماً استقالته وإنهاء خدمته. مجازاة العامل لا تمنع من حساب أيام الغياب في المدة المشترطة لإنهاء الخدمة. معاودة العامل الانقطاع عن عمله لمدة غير متصلة أكثر من ثلاثين يوماً محتسباً فيها مدة الغياب التي سبق أن جوزي عنها, أثره. اعتباره مستقيلاً وإنهاء خدمته.
(2) مسئولية. محكمة الموضوع.
استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية من سلطة محكمة الموضوع التقديرية. شرطه.
2 - استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستنداً إلى عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص خطأ الطاعنة الموجب للتعويض لإصدارها قرار إنهاء خدمة المطعون ضده رغم أنها قامت باتخاذ الإجراءات التأديبية ضده بمجازاته إدارياً عن أيام الغياب التي انقطع التي انقطع فيها عن عمله وبالتالي فما كان يجوز لها أن تعمل قرينة الاستقالة الضمنية المنصوص عليها في المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 وهي أسباب سائغة ومستمدة من عناصر الدعوى وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة - شركة ...... - الدعوى رقم 1316 لسنة 1995 عمال محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببطلان قرار إنهاء خدمته الصادر بتاريخ 13/ 11/ 1993 وإلزامها بتعويض مقداره عشرة آلاف جنية وقال بياناً لدعواه إنه من العاملين لدى الطاعنة وقد فوجئ بإخطاره بقرار إنهاء خدمته لديها للغياب أكثر من ثلاثين يوماً متقطعة خلال عام 1993 دون أن يسبق ذلك إنذار وفقاً للقانون حتى يتمكن من تقديم عذر الغياب وقد أصابه هذا الإنهاء بأضرار مادية وأدبية يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به مما دفعه إلى إقامة هذه الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 25/ 3/ 1996 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 657 لسنة 113 ق القاهرة وبتاريخ 30/ 7/ 1996 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ثلاثة آلاف جنيه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين تنعي بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن مجازاة العامل عن انقطاعه عن عمله لا يمنع جهة العمل من إنهاء خدمته للغياب وفقاً للمادة 100 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وقد بلغت مدة غياب المطعون ضده عن العمل مدة غير متصلة تزيد على ثلاثين يوماً في السنة وهو ما يبرر إنهاء خدمته إلا أن الحكم المطعون فيه خلط بين الأمرين واعتبر مجازاة العامل لغيابه عن العمل مانعاً من إنهاء خدمته وأقام قضاءه بالتعويض على أساس توافر الخطأ في جانب الطاعنة لإصدارها قرار إنهاء الخدمة لهذا السبب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام - على أن "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية: 1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول.... 2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوما غير متصلة في السنة...... وفي الحالتين الواردتين في البندين 1، 2 يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة سبعة أيام في الحالة الأولى وخمسة عشر يوماً في الحالة الثانية....... 3 - ....... ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في الحالات الثلاث المتقدمة إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع عن العمل......" يدل على أن إنهاء خدمة العامل لانقطاعه عن العمل بغير سبب مشروع لا يعتبر فصلاً تأديبياً وإنما يقوم على افتراض أن هذا العامل يعد مقدماً لاستقالته - ولجهة العمل أن تقبل الاستقالة أو لا تقبلها - لما يدل عليه هذا الانقطاع طوال المدد التي حددها القانون من رغبة ضمنية في هجر العمل ولا يغير من ذلك أن الانقطاع عن العمل بغير سبب مشروع ينطوي على خروج على مقتضى الواجب في العمل يبرر مجازاته تأديبياً عملاً بالمادة 80 من ذات القانون وكانت مجازاة العامل غير مانعة من حساب أيام الغياب في المدة المشترطة لإنهاء الخدمة لأن المشرع جعل لجهة العمل في هذه الحالة سلطة تقديرية في الاختيار بين اتخاذ الإجراءات التأديبية بمجازاة العمل وبين إعمال قرينة الاستقالة الضمنية وإنهاء خدمته على أساسها فإذا اختارت جهة العمل طريق مجازاة العامل عن مدة غيابه غير المشروع فلا يجوز لها من بعد ذلك اعتباره مقدماً استقالته وإنهاء خدمته إلا أن يكون قد عاود الانقطاع عن عمله ولم تتم مجازاته عن هذا الانقطاع وبلغت مدة انقطاعه غير المتصلة أكثر من ثلاثين يوماً فيجوز في هذه الحالة إعمال قرينة الاستقالة مع احتساب مدة الغياب التي سبق أن جوزي عنها ضمن المدة الموجبة لإنهاء الخدمة. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده انقطع عن العمل في الفترة من 3/ 4/ 1993 حتى 7/ 7/ 1993 مدة تزيد عن ثلاثين يوماً غير متصلة وقامت الطاعنة بمجازاته بالخصم من مرتبه عن كل مدة انقطع فيها عن العمل في تلك الفترة فإنها تكون بذلك قد اختارت طريق مجازاته لغيابه عن العمل بدون إذن أو سبب مشروع ومن ثم فلا يجوز لها إعمال قرينة الاستقالة الضمنية المنصوص عليها في المادة 100 سالفة البيان وإنهاء خدمته لهذا السبب وكان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستنداً إلى عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص خطأ الطاعنة الموجب للتعويض لإصدارها قرار إنهاء خدمة المطعون ضده رغم أنها قامت باتخاذ الإجراءات التأديبية ضده بمجازاته إدارياً عن أيام الغياب التي انقطع فيها عن عمله وبالتالي فما كان يجوز لها أن تعمل قرينة الاستقالة الضمنية المنصوص عليها في المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 وهي أسباب سائغة ومستمدة من عناصر الدعوى وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون النعي بسببي الطعن في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق