جلسة أول إبريل سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة - حافظ رفقي. وعضوية السادة المستشارين - مصطفى صالح سليم، محمد زغلول عبد الحميد زغلول، د. منصور وجيه وعلي أحمد عمرو.
---------------
(189)
الطعن رقم 703 لسنة 43 القضائية
(1) تعويض. تقادم (وقف التقادم).
دعوى التعويض عن العمل غير المشروع. وقف سريان تقادمها طوال فترة محاكمة المسئول عن الضرر جنائياً.
(2) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض.
التعويض عن الضرر الأدبي. صاحب الحق فيه وشروط انتقاله إلى الغير. م 222 مدني.
(3) دعوى "ترك الخصومة". تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية".
الضرر الأدبي - مطالبة المورث بتعويض عنه - انتقاله إلى ورثته. لا يغير من ذلك سبق اعتباره تاركاً للدعوى - علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة..
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهن الثلاثة الأوليات أقمن الدعوى رقم 2219 سنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضده الرابع والطاعن بصفته طالبات الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهن مبلغ خمسة آلاف جنيه وقلن بياناً للدعوى أن المطعون ضده الرابع تسبب بخطئه في موت مورثهن المرحوم..... وقضى بإدانته نهائياً وأنهن - الأولى والثانية باعتبارهما شقيقتا المجني عليه والثالثة بوصفها زوجة شقيقه المتوفى من بعده - إذ أصبن بضرر مادي وأدبي من وفاته فإن المطعون ضده الرابع - مرتكب العمل الضار والطاعن - المتبوع - يلتزمان بتعويضهن عنه. وقد دفع الطاعن بسقوط حق المدعيات بالتقادم الثلاثي. وبتاريخ 23/ 12/ 1971 قضت المحكمة برفض هذا الدفع وبإلزام الطاعن بصفته والمطعون ضده الرابع متضامنين بأن يدفعا إلى كل من المطعون ضدهما الأولى والثانية مبلغ 300 جنيه وإلى المطعون ضدها الثالثة مبلغ 75 جنيه استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 510 سنة 89 ق القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء بسقوط حق المطعون ضدهن الثلاث الأوليات بالتقادم الثلاثي واحتياطياً برفض الدعوى. وبتاريخ 7/ 5/ لسنة 1973 حكمت محكمة استئناف القاهرة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة بغرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالثلاث الأوليات منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والتناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدفع بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني استناداً إلى دعامتين لا يمكن أن يقوم عليهما الحكم مجتمعين ذلك أن الدعامة الأولى - وهي أن الحكم الجنائي النهائي هو التاريخ اليقيني للعلم بشخص المسئول عن الضرر - مؤداها أن مدة التقادم لا تبدأ إلا من تاريخ صدور هذا الحكم، بينما الدعامة الثانية وهي أن رفع الدعوى الجنائية يترتب عليه وقف سريان التقادم بالنسبة إلى الدعوى المدنية - مفادها أن التقادم لا يعاود السريان إلا عند صدور الحكم الجنائي مما مقتضاه أن التقادم وقد وقف سريانه برفع الدعوى الجنائية بعد بدئه، وأنه غير واضح من الحكم أثر كل من الدعامتين في تكوين عقيدة المحكمة بحيث لا يعرف ماذا يكون قضاءها مع استبقاء أحدهما واستبعاد الأخرى هذا بالإضافة إلى أن المطعون ضدهن الثلاث الأوليات قد علمن بالضرر وبالشخص المسئول عنه منذ 4/ 6/ 1967 - وهو تاريخ تدخل المطعون ضدها الأولى والثانية ومورث المطعون ضدها الثالثة بالادعاء المدني في قضية الجنحة رقم 3143 لسنة 67 روض الفرج - لكن الحكم المطعون فيه أهدر ما لهذه الواقعة من دلالة، كما أنهم إذ تخلوا عن الحضور في دعواهم المدنية قضى باعتبارهم تاركين لها مما لا يتصور معه أن يكون هناك مانع تعذر عليهم بسببه المطالبة بهذا الحق وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى اعتبار المحاكمة الجنائية سبباً لوقف التقادم فإنه يكون منطوياً على مخالفة واضحة للمادة 382 من القانون المدني، ومن ثم يكون قد خالف وأخطأ في تطبيقه فضلاً عما شابه من التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى وكانت إحداهما كافية وحدها ليستقيم بها فإن تعييبه في الدعامة الأخرى - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير مؤثر فيه، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه قد استند فيما انتهى إليه من رفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدهن الثلاث الأوليات في إقامة الدعوى بالتقادم على دعامتين أولاهما أن المراد بالعلم لبدء سريان التقادم في نص المادة 172 من القانون المدني هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه وأن استظهاره هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى وأنه لا جناح على المحكمة إن اعتبرته يبدأ من تاريخ الحكم الجنائي النهائي. والدعامة الثانية التي استند إليها الحكم "أن إقامة الدعوى الجنائية يترتب عليه وقف سريان التقادم في حق الدعوى المدنية ولا يعود التقادم إلى السريان إلا عند صدور الحكم الجنائي بإدانة الجاني أو عند انتهاء الدعوى الجنائية بسبب آخر ومن ثم يستطيع المضرور أن يرفع دعواه المدنية بالتعويض أمام المحكمة المدنية بعد انتهاء المحاكمة الجنائية ولا تكون هذه الدعوى المدنية قد تقادمت لأن التقادم في حقها يكون قد وقف سريانه طوال المدة التي استغرقتها المحكمة الجنائية، والثابت أن الحكم الجنائي النهائي صدر بجلسة 9/ 11/ 1969 وأن الدعوى المدنية قدمت صحيفتها إلى قلم كتاب المحكمة في 1/ 4/ 1971 أي قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ الحكم الجنائي النهائي - وإذ كانت هذه الدعامة الثانية مستقلة عن الأولى وصحيحة قانوناً فدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع تسقط بالتقادم بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه عملاً بالمادة 172 من القانون المدني ويقف سريان التقادم أثناء محاكمة المسئول جنائياً إلى أن يصدر في الدعوى الجنائية حكم نهائي في موضوعها فعندئذ يعود سريان التقادم باعتبار أن تحقق المانع الذي يوقف سريان التقادم يترتب عليه وقف التقادم حتى زوال المانع - لما كان ذلك، وكانت الدعامة الثانية الخاصة بوقف سريان تقادم الدعوى المدنية فترة المحاكمة الجنائية يصح بناء الحكم عليها منفردة، فإن النعي على الحكم باستناده إلى تاريخ صدور الحكم الجنائي النهائي كبداية للعلم الحقيقي بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ انتهى إلى القضاء بتعويض للمطعون ضدها الثالثة في حين أنها ليست ممن يجوز الحكم لهم بالتعويض عن الضرر الأدبي لموت المصاب طبقاً للفقرة الثانية من المادة 222 من القانون المدني، هذا فضلاً أن المحكمة الجنائية كانت قد حكمت باعتبار زوج المذكورة تاركاً لدعواه التي رفعت تبعاً للدعوى الجنائية ويترتب على ترك الخصومة إلغاء جميع إجراءاتها لكن الحكم المطعون فيه اعتد بسبق ادعائه مدنياً أمام المحكمة الجنائية رغم الحكم باعتباره تاركاً لدعواه المدنية فيكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 222 من القانون المدني تنص على أن "1 - يشمل التعويض الأدبي أيضاً ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب به الدائن أمام القضاء - 2 - ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب مما مفاده أن الحق في التعويض عن الضرر الأدبي مقصور على المضرور نفسه فلا ينتقل إلى غيره إلا أن يكون هناك اتفاق بين المضرور والمسئول بشأن التعويض من حيث مبدئه ومقداره أو أن يكون المضرور قد رفع الدعوى فعلاً أمام القضاء مطالباً بالتعويض، أما الضرر الأدبي الذي أصاب ذوي المتوفى فلا يجوز الحكم بالتعويض عنه إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية، ولما كان الثابت أن المرحوم......... - زوج المطعون ضدها الثالثة - كان قد طالب بالتعويض عن الضرر الأدبي الذي لحقه بوفاة شقيقه المجني عليه في الجنحة رقم 3143 سنة 1967 روض الفرج إبان نظرها أمام المحكمة الجنائية، فإنه إذ توفى من بعد ذلك انتقل حقه في التعويض إلى ورثته وضمنهم زوجته المذكورة دون أن ينال منه قضاء المحكمة الجنائية باعتباره تاركاً لدعواه المدنية ذلك أن المورث قد تسمك بحقه في التعويض قبل وفاته والقضاء بالترك - بصريح نص المادة 143 من قانون المرافعات - سواء السابق أو الحالي - لا يمس الحق المرفوعة به الدعوى ولا يمنع من رفع الدعوى به من جديد - لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه بالتعويض للمطعون ضدها الثالثة فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق