جلسة 18 من إبريل سنة 1981
برئاسة السيد/ نائب رئيس المحكمة محمد كمال عباس وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم محمد هاشم، حلمي رزق داود، محمد علي هاشم، ومحمود شوقي أحمد.
--------------------
(215)
الطعن رقم 644 لسنة 50 القضائية
(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك" "محكمة الموضوع".
(1) المتجر في معنى المادة 594 مدني. مقوماته. الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية هي العنصر الرئيسي.
(2) بيع المتجر. للمتعاقدين حرية تحديد العناصر التي يتركب منها، لمحكمة الموضوع سلطة تقديرها. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً.
(3) بيع المتجر م 594 - 2 مدني. شرطه. أن يكون الشراء يقصد ممارسة ذات النشاط الذي كان يزاوله البائع.
(4) إيجار، "إيجار الأماكن" نقض "أسباب الطعن". حكم "تسبيب الحكم".
إقامة الحكم قضاءه بتخلف عنصر الاتصال بالعملاء وانحسار صفة المتجر، النعي عليه إغفال بحث توافر الضرورة. غير منتج.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثانية أقاما الدعوى رقم 4574 لسنة 1976 شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعن وباقي المطعون ضدهم ورثة بخيت صليب للحكم بإخلائهم من العين المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 18/ 4/ 1956 وتسليمها إليهما - وقالا شرحاً للدعوى أن المرحوم بخيت صليب مورث المطعون ضدهم من الثالثة إلى الأخير استأجر عين النزاع لممارسة نشاط بيع الدراجات وأدواتها وأنه تنازل عن الإيجار إلى الطاعن دون موافقة المؤجر مخالفاً بذلك شروط العقد والمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 فقد أقاما دعواهما، وبتاريخ 30/ 11/ 1977 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن وورثة المستأجر السابق توافر شروط البيع بالجدك، ولم ينفذ حكم الإثبات لعدم إحضار الطاعن للشهود، وبتاريخ 25/ 4/ 1979 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعن وباقي المطعون ضدهم - ورثة المستأجر السابق - من العين المؤجرة استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3650 لسنة 96 قضائية القاهرة بتاريخ 18/ 2/ 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالشق الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه تمسك في مذكرته أمام محكمة الموضوع أن البيع الصادر له من المستأجر الأصلي بتاريخ 20 - 9 - 1975 توافرت فيه شروط البيع بالجدك إذ أنه شمل جميع أدوات المحل ومعداته كما أنه كان معداً لبيع الدراجات وإصلاحها وظل المستأجر الأصلي يباشر به هذه التجارة حوالي عشرين عاماً طبقاً لعقد الإيجار المؤرخ 18/ 4/ 1956 في حين أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى عدم توافر شروط إعمال المادة 594 من القانون المدني على عين النزاع استناداً إلى ما ثبت بمحاضر الحجز المؤرخة 4/ 7/ 1977، 21/ 2/ 1978، 5/ 8/ 1978 من أن هذه العين خالية من الأدوات والمعدات مما يستتبع عدم وجود عملاء وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال ذلك أن ما جاء بمحاضر الحجز لا يدل على عدم وجود جدك بالعين المؤجرة عند تمام البيع في 20/ 9/ 1975 إذ أن هذه المحاضر تمت في فترة لاحقة له وأن ما ثبت فيها نجم عن قيام الطاعن بإعداد المحل وتجهيزه لمباشرة نشاطه.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المتجر في معنى المادة 594 من القانون المدني يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية وأن المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره ولا يلزم توافرها جميعها لتكوينه بل يكتفي بوجود بعضها، ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها المحل إلا أن العنصر المعنوي الرئيسي والذي لا غنى عن توافره لوجود المحل التجاري والذي لا يختلف باختلاف نوع التجارة هو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتباره المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى، فيترتب على غيبته انتفاء فكرة المتجر ذاتها، فلا يتصور متجر بلا عملاء سواء كانوا دائمين أو عابرين، ويعد بيعاً له الاقتصار على بيع هذا العنصر وحده دون غيره من سائر العناصر المادية أو المعنوية، ولئن كان للمتعاقدين حرية تحديد العناصر التي يتركب منها المتجر الذي يجريان عليه التعاقد، إلا أن لمحكمة الموضوع سلطة الفصل فيما إذا كانت العناصر المعروضة عليها كافية لوجود المتجر غير متقيدة في هذا الشأن بما يقررانه أو بالوصف الذي يضفيانه على التعاقد، ولها وهي بسبيل التعرف على حقيقة العقد والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به متى كان استخلاصها سائغاً مع الثابت بالأوراق، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه انتهى إلى أن المحل المبيع لا يعتبر متجراً ينطبق عليه نص المادة 594 من - القانون المدني مستنداً في ذلك إلى قوله "وحيث إنه على هدي ما تقدم ولما كان الثابت من محاضر الحجز المؤرخة 4/ 7/ 1977، 21/ 2/ 1978، 5/ 8/ 1978 أن العين موضوع عقد البيع قد خلت من أية أدوات أو معدات وهو ما يستتبع عدم وجود عملاء وقد عجز المدعى عليهم (الطاعن ورثة المستأجر) عن إثبات أن العين المبيعة قد أنشئ بها متجر والضرورة الملحة للبيع وعدم وجود ضرر من البيع رغم إتاحة الفرصة لهم كي يدللوا بالسبيل الذي طلبوه والذي ارتأته المحكمة على صدق ادعائهم، ومن ثم فإن شرائط إعمال المادة 594 مدني تكون تخلفت، وبالتالي لا تعتبر العين المؤجرة محل البيع من قبيل المتجر الذي يباح التنازل عن إيجاره الأمر الذي يتعين معه إجابة المدعين (المطعون عليهما الأولين) إلى طلبهما والقضاء بإخلاء المدعى عليهم (الطاعن وورثة المستأجر) من عين النزاع "فإن هذا الذي أورده الحكم لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ذلك أنه لما كانت الحكمة من الاستثناء المقرر بالمادة 594/ 2 سالفة الذكر هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - رغبة المشرع في الإبقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد بتسهيل بيع المتجر عندما يضطر صاحبه إلى بيعه وتمكين مشتريه من الاستمرار في استغلاله وكان مناط استلزام توافر العنصر المعنوي الخاص بالاتصال بالعملاء وجوب أن يكون الشراء بقصد ممارسة النشاط ذاته الذي كان يزاوله بائع المتجر، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استنتج من خلو المحل المبيع من أي معدات أو أدوات لمدة تقرب من ثلاث سنوات منذ تمام البيع في 20/ 9/ 1975 ما يدل على عدم وجود عملاء للمحل المبيع وانحسار صفة المتجر عنه ولعجز المشتري (الطاعن) وورثة البائع عن إثبات توافر هذا العنصر في البيع، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه التفت عن الإشارة إلى الشهادة المرضية التي تثبت مرض البائع مما يتوافر معه حالة الضرورة التي اضطرته لبيع المحل، كما أنه استلزم من المشتري إثبات عدم إصابة المؤجر بأي ضرر من جراء البيع في حين أن هذه حالة سلبية لا يتسنى للمشتري نفيها إنما يتعين على المؤجر إثبات توافرها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى بأسباب سائغة إلى نفي صفة المتجر عن المحل المبيع حسبما استبان في الرد على السبب الأول وهي دعامة تكفي لحمله فلا حاجة به لمناقشة حالة الضرورة طالما أنه خلص إلى انحسار صفة المتجر عن المحل المبيع، ولا يعيبه ما استطرد فيه تزيداً من القول بعجز الطاعن عن نفي الضرر الذي لحق بالمؤجر من جراء هذا البيع، ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق