جلسة 25 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمدي الخولي، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد, دكتور منصور وجيه، درويش عبد المجيد، وعلي عمرو.
-----------------
(123)
الطعن رقم 465 لسنة 47 القضائية
(1) تنفيذ. "حجز إداري". ضرائب. دعوى "الصفة". نقض.
المنازعة في تنفيذ أمر الحجز الإداري الموقع من قبل مصلحة الضرائب. وجوب توجيهها إلى وزير المالية. علة ذلك. اختصام مراقب المأمورية التي أصدرت أمر الحجز في الطعن بالنقض غير مقبول.
(2) ضرائب. حجز "حجز إداري".
إجراءات الحجز الإداري. شرط صحتها. صدورها بناء على أمر مكتوب من رئيس الجهة الإدارية أو ممن ينيبه كتابة. مادة 2 من القانون رقم 308 لسنة 1955. امتداد سلطة إصدار هذه الأوامر إلى مأموري الضرائب بموجب تفويض قانوني.
(3) عقد. تسجيل. التصاق.
إقامة مشتري الأرض بعقد غير مسجل بناء عليها. ملكية المباني للبائع بحكم الالتصاق ولو صدر ترخيص البناء باسم المشتري.
4 - نقض "أسباب الطعن. عدم قبول الطعن".
عدم بيان أسباب الطعن بالنقض للعيب الذي يعزوه الطاعن للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. أثره. عدم قبول الطعن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 769 لسنة 1973 مدني أمام قاضي التنفيذ بمحكمة بندر الفيوم على المطعون ضدهم طالباً الحكم برفض الحجز الإداري المشهر بتاريخ 25/ 12/ 1971 والموقع من مصلحة الضرائب على العقار المبين بالصحيفة وبعد الاعتداد به واعتباره عدم الأثر وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد بيع مسجل في 22/ 12/ 1971 اشترى من مجلس مدينة الفيوم حصة شائعة من العقار آنف الذكر وقدرها 4 س و4 ط من 24 ط كما اشترى بمقتضى عقد بيع أخر مسجل بتاريخ 28/ 12/ 1971 من مورث المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخير حصة شائعة في ذات العقار قدرها 16 و1/ 5 س 17 ط من 24 ف، وإذ كانت مصلحة الضرائب التي يمثلها المطعون ضدهما الأول والثاني - قد أوقعت حجزاً إدارياً سجل في 25/ 12/ 1971 على ذلك العقار لدين ضريبي مستحق في ذمة مورث المطعون ضدهم الأربعة الأخيرين وكان هذا المدين قد خرجت من ملكه تلك الحصة التي باعها إليه وهو لا يملك شيئاً في الحصة الأخرى التي اشتراها من مجلس مدينة الفيوم فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته وبتاريخ 29 من إبريل سنة 1975 حكم قاضي التنفيذ برفع الحجز واعتباره عديم الأثر بالنسبة لحصة العقار المبيعة لمورث الطاعنين من مجلس مدينة الفيوم وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك. استأنف الطاعنان وباقي الورثة هذا الحكم بالاستئناف رقم 74 لسنة 11 قضائية بني سويف طالبين إلغاءه فيما رفضه من طلبات مورثهم والحكم لهم بها. وبتاريخ 5 من فبراير سنة 1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول وأبدت الرأي في الموضوع، وإذا عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع بعدم قبول الطعن المبدى من النيابة فهو صحيح ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقاً وذا صفة في تمثيله بالخصومة، وكان مفاد نص المادتين 52/ 1 و53 من القانون المدني أن الأشخاص الاعتبارية هي الدولة والمديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ويكون لها حق التقاضي ولكل منها نائب يعبر عن إرادتها، وكان النزاع المطروح في الطعن من منازعات التنفيذ المتعلقة بإجراءات الحجز الإداري التي اتخذتها مصلحة الضرائب على العقار محل التداعي، فإن المطعون ضده الثاني - وزير المالية - يكون هو الممثل لتلك الجهة الإدارية المقصودة بالخصومة دون المطعون ضده الأول مراقب مأمورية الضرائب التي أصدرت أمر الحجز، ويكون اختصام هذا الأخير في الطعن اختصاماً لغير ذي صفة مما يتعين مع الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من أربعة أوجه، وفي بيان الوجه الأول يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحجز الإداري لاتخاذ إجراءاته دون صدور أمر مكتوب من رئيس الجهة الإدارية الحاجزة وفقاً لما يتطلبه نص المادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955، وجاء الحكم المطعون فيه مجتزئاً للرد على هذا الدفاع بقوله إن الحجز صدر به أمر مكتوب من مأمور ضرائب الفيوم، وهو قول لا يصلح رداً على دفاعهما في هذا الصدد إذ كان متعيناً على الجهة الحاجزة تقديم التفويض الكتابي الصادر من رئيس مصلحة الضرائب بإنابة مأمور ضرائب الفيوم الذي أصدر أمر الحجز أو إرفاق التفويض بمحضر الحجز حتى يتسنى الوقوف على حقيقته، ومدى صلاحية الإنابة فيه، الأمر الذي يعيب الحكم فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 على أنه "لا يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتباري العام حسب الأحوال أو ممن ينيبه كل من هؤلاء في ذلك كتابة" مفاده أن المشرع يوجب لصحة إجراءات الحجز الإداري أن تصدر بناء على أمر حجز مكتوب من رئيس الجهة الإدارية الحاجزة أو من ينيبه في ذلك كتابة، ولما كان لمصلحة الضرائب طبقاً للمادة 91 من القانون رقم 14 لسنة 1939 حق تحصيل الضرائب والمبالغ الأخرى المستحقة بمقتضى هذا القانون بطريق الحجز الإداري, وكانت المادة 102 من القانون آنف الذكر تقضي بأن يقصد "بمصلحة الضرائب" في حكم هذا القانون وزارة المالية والمصالح والموظفين الذين يعهد إليهم بمقتضى القوانين والمراسيم واللوائح في تنفيذ هذا القانون، وكان هذا النص يعتبر نصاً تفسيرياً يلحق بالقانون من وقت صدوره كما يلحق بكل تشريع لاحق يخول الشارع فيه لمصلحة الضرائب سلطة أو حقاً، وقد أعطت اللائحة التنفيذية لذلك القانون في المادة 47 - المعدلة بالقرار الوزاري رقم 36 لسنة 1954 - رؤساء المأموريات إلى يحددها مدير مصلحة الضرائب حق إصدار الأوراد التي تحصل بمقتضاها الضريبة بطريق الحجز الإداري وفقاً للمادة 92 من القانون كما خولت لمأموري الضرائب الحق في تحصيلها, لما كان ذلك فإن سلطة إصدار أمر الحجز الإداري بتوقيع دين ضريبي لا يجب قصرها على مفهوم المادة الثانية من قانون الحجز الإداري وحدها بل تكون محكومة كذلك بما نصت عليه المادة 102 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والتي استبان أن حكمها يمنع رؤساء المأموريات ومأموري الضرائب سلطة إصدار الأوراد وتحصيل دين الضريبة بطريق الحجز الإداري، ولازم ذلك أن يكون لهؤلاء الحق في إصدار أمر الحجز الإداري استناداً إلى التفويض الذي يستمد قيامه من القانون الضريبي ذاته. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد بمدوناته رداً على دفاع الطاعنين أن الحجز صدر به أمر مكتوب من مأمور ضرائب الفيوم في 31/ 10/ 1970 فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون لما في ذلك من بيان كاف بأن إجراءات الحجز الإداري اتخذت بناء على أمر مكتوب وإن هذا الأمر صادر ممن تشملهم إنابة عامة مصدرها القانون الضريبي, وبالتالي فلا وجه لما يتحدي به الطاعنان من وجوب تقديم المصلحة الحاجزة لتلك الإنابة أو إرفاقها بمحضر الحجز، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الأول من أسباب الطعن قول الطاعنين أنهما تمسكا بمذكرة دفاعهما لدى محكمة الاستئناف بما ثبت بمحضر الحجز الإداري والملف الضريبي أن المبلغ المحجوز من أجله هو دين لضريبة غير مستحقة على مورث المطعون ضدهم الأربعة الأخيرين وحده بل على شريكين آخرين معه في شركة تضامن فما كان يجوز توقيع الحجز بالمبلغ كله على أموال أحدهم لمخالفة ذلك نص المادة 34/ 2 من القانون رقم 14 لسنة 1939 التي لا تجيز التضامن في دين الضريبة ولو كان وعاء الضريبة أرباح شركة تضامن، وإذ أغفل الحكم تمحيص هذا الدفاع ولم يرد عليه فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته أن الحجز الإداري وقع لدين ضريبي عالق بذمة مورث المطعون ضدهم الأربعة الأخيرين وأن مقدار هذا الدين مبلغ 797 مليم، 8598 جنيه. وهذا الذي ثبت بالحكم ورد ذكره أيضاً بصحيفة افتتاح الدعوى التي أقامها مورث الطاعنين، وكان الطاعنان لم يقدما ما يفيد طرحهما لدليل أمام محكمة الموضوع يساند دفاعهما في القول بأن الدين المحجوز من أجله مستحق في ذمة شريكين آخرين مع المحجوز عليه فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل التحدث عن دفاع مرسل عار عن الدليل.
وحيث إن الطاعنين يقولان في بيان الوجه الثالث من السبب الأول أن دفاعهما أمام محكمة الاستئناف تضمن إظهار بطلان الحجز لتوقيعه على مال غير مملوك للمدين لأن العقار حين بيع إلى مورثهما كان أرضاً لا يقوم عليها إلا طابقان غير متكاملين فأصلحهما وأنشأ مباني جديدة فتحمل نفقات البناء من ماله مما يجعل العقار فيما أقامه من مبان غير مملوك للمدين إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بمواجهة هذا الدفاع والتفت عنه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ملكية المنشآت لا تنتقل إلى المشتري بمجرد صدور الترخيص بالبناء من مالك الأرض وإنما بتسجيل عقد البيع لأن عقد البيع غير المسجل وإن كان يلزم البائع بتسليم المبيع مما يترتب عليه أن تكون للمشتري حيازة المبيع والانتفاع به إلا أن هذا العقد لا ينتج أثراً بشأن تملك المشتري لما يقيمه من مبان لأن حق القرار حق عيني فلا ينشأ ولا ينتقل وفقاً لحكم المادة التاسعة من قانون الشهر العقاري إلا بالتسجيل، أما قبل تسجيل سند المشتري الباني فإن ملكية المنشآت تكون للبائع بحكم الالتصاق مقابل أن يدفع للمشتري أقل القيمتين قيمة المواد وأجرة العمل أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب المنشآت وفقاً لما تنص عليه المادة 925 من القانون المدني، وإذ كان الثابت من الواقع أن الطاعنين تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن المباني التي شيدها مورثهما قد تكاملت في شهر يوليه سنة 1971 في حين أن عقد البيع الصادر إلى هذا المورث من المدين المحجوز عليه لم يسجل إلا بتاريخ 28/ 12/ 1971 تالياً للحجز الموقع من مصلحة الضرائب في 10/ 6/ 1971 والمشهر في 25/ 12 لسنة 1971 فإن الحجز يكون قد وقع على عقار مملوك للمدين حتى ولو صح قول الطاعنين بأن مورثهما هو الذي أقام المباني لأن ملكية هذه المباني تثبت للبائع المدين المحجوز عليه بحكم الالتصاق طالما كان المشتري الباني لم يسجل عقد شرائه قبل توقعي الحجز، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صائباً إلى هذه النتيجة بقوله أن القدر المبيع من المدين المحجوز عليه، لم تنتقل ملكيته إلى مورث الطاعنين إلا بالتسجيل في 28/ 12/ 1971 وقبل هذا التاريخ كان عقداً لا ينقل الملكية فيكون الحجز قد صادف مالاً مملوكاً للمدين فإن في ذلك ما يكفي رداً ضمنياً على الدفاع الذي أثاره الطاعنان بتملك مورثهما دون المدين البائع للمباني التي أقامها، ولا يعيب الحكم القصور في بعض أسبابه القانونية متى انتهى إلى النتيجة السليمة وحسب محكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من هذه الأسباب مما يكون معه هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الرابع من السبب الأول النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور لإغفاله الرد على دفاع الطاعنين ببطلان إعلان التنبيه بالأداء والإنذار بالحجز المؤرخ 15/ 12/ 1970 الموجه إلى المدين المحجوز عليه، إذ أبانا في دفاعهما علة البطلان مما ثبت بالإعلان من أن المنزل المراد إعلان المدين به خال من الأبواب والمنافذ ولم يتواجد به المدين فسلم الإعلان لمندوب الإدارة مع أن وصف المنزل على هذا الحال الوارد بالإعلان لا يجعله محلاً صالحاً للإقامة حتى يجوز توجيه الإعلان إليه، غير أن الحكم المطعون فيه غفل عن تناول هذا الدفاع بالبحث ولم يرد عليه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الطاعنين لم يقدما صورة إعلان التنبيه بالأداء والإنذار بالحجز المؤيد لنعيهما في هذا الصدد حتى يتسنى الوقوع على مدى سلامته وأهمية هذا الدفاع المقال بإغفال الحكم المطعون فيه بحثه ومدى أثره في تغيير وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم يكون هذا النعي عارياً عن الدليل وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، ويقولان في ذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأوجه دفاع جديدة تتعلق ببطلان الحجز المطلوب إلغاؤه وجميعها لم تطرح على محكمة أول درجة، غير أن الحكم المطعون فيه انتهى في قضائه إلى تأييد الحكم المستأنف دون أن يواجه هذا الدفاع مفترضاً أن تلك المحكمة قد عرضت إليه في حكمها المستأنف مع أنه كان دفاعاً لم يسبق طرحه عليها مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاًً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، لما كان ذلك وكان الطاعنان قد ساقا النعي بمخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق والقصور بعبارة مبهمة غامضة لا تكشف بجلاء ووضوح عن الأمور التي تثبتت بالأوراق ووجه مخالفة الحكم لها وموضع هذه المخالفة وموضع القصور في الحكم خلاف ما كان محلاً لنعيهما بالسبب الأول فإن النعي يكون نعياً مجهلاً غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق