جلسة 25 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد المستشار ونائب رئيس المحكمة/ محمد الخولي وعضوية السادة المستشارين/ يوسف أبو زيد, مصطفى صالح سليم, د. منصور وجيه درويش عبد المجيد.
------------------
(124)
الطعن رقم 1124 لسنة 47 القضائية
(1) الإثراء بلا سبب. عقد. إيجار. تقادم "تقادم مسقط".
دعوى الإثراء بلا سبب لا تقوم حيث تقوم بين طرفي الخصومة رابطة عقدية. طلب المستأجر استرداد ما أوفاه من الأجرة لحرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة. مرده عقد الإيجار. عدم خضوعه للتقادم الثلاثي الوارد بالمادة 187 مدني.
(2) دعوى "انقطاع سير الخصومة". بطلان.
بطلان الإجراءات المترتبة على انقطاع سير الخصومة. نسبي.
(3) حراسة "حراسة قضائية". إيجار.
تعرض الغير للمستأجر في انتفاعه بالعين المؤجرة. تعيين حارس قضائي لإدارتها بناء على طلب المستأجر. مؤداه. تمثيل الحارس له مع غيره من المتنازعين.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3504 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة ضد مورث الطاعنين عن نفسه وبصفته حارساً على وقف المرحوم إسماعيل راغب طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1175.950 جنيهاً، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 19/ 10/ 1961 استأجر من المورث المذكور أطياناً مساحتها 1 س 18 ط 12 ف بأجرة سنوية مقدارها 235.830 جنيهاً, وبعد أسابيع من استلامه لها تعرض آخرون له في حيازتها بدعوى أنهم أصحاب الحق في زراعتها وصدر قرار المحافظ في 10/ 1/ 1962 بتمكينهم من وضع يدهم عليها، فلجأ إلى محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 393 سنة 16 قضائية التي قضى له فيها بإلغاء القرار المذكور كما أقام الدعوى رقم 1454 سنة 1962 مستعجل القاهرة طالباً فرض الحراسة القضائية على تلك الأطيان فقضى له فيها بتاريخ 15/ 2/ 1962 بطلباته وتعيين الأستاذ فكري أغا المحامي حارساً عليها، ونظراً لأنه كان يسدد الأجرة لمورث الطاعنين منذ تحرير عقد الإيجار حتى سنة 1966 الزراعية دون أن ينتفع بالأرض المؤجرة طوال هذه الفترة ويحق له استردادها فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته، دفع مورث الطاعنين الدعوى بسقوط الحق في رفعها بالتقادم الثلاثي إعمالاً للمادة 187 من القانون المدني بتاريخ 19/ 4/ 1972 قضت المحكمة له بعد رفض هذا الدفع بطلباته استأنف مورث الطاعنين بصفتيه هذا الحكم بالاستئناف رقم 2631 سنة 89 قضائية القاهرة، وبعد انقطاع سير الخصومة لوفاة المستأنف عجلها ورثته "الطاعنون"، وبتاريخ 18/ 5/ 1973 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع المبدى من مورثهم بسقوط حق المطعون ضده في رفع الدعوى بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني على سند من القول بأنه يلزم لقيام دعوى الإثراء بلا سبب والذي من تطبيقاته رد غير المستحق ألا يكون للإثراء الحادث أو للافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبرره، وأن سبب وفاء المطعون ضده لمورثهم بالأجرة المطالب بردها هو العلاقة الإيجارية القائمة بينهما بموجب عقد الإيجار المؤرخ 19/ 10/ 1961 في حين أن الثابت مما حصله الحكم المطعون فيه أن تعرضاً من الغير وقع للمطعون ضده في انتفاعه بالعين المؤجرة أثناء نفاذ عقد الإيجار مما يخوله حق طلب إنقاص الأجرة أو الامتناع عن الوفاء بها إعمالاً للمادة 575/ 2 من القانون المدني، فإذا ما أوفى بها رغم ذلك فإن هذا الوفاء لا يكون مستنداً على ما تفرضه العلاقة الإيجارية القائمة بينهما من التزامات وإنما يعتبر منه غلطاً أدى به إلى الوفاء بما هو مستحق في ذمته ويخوله الحق في المطالبة باسترداده ويتقادم هذا الحق بالتقادم الثلاثي سالف البيان، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه حيث يقوم بين طرفي الخصومة رابطة عقدية فلا قيام لدعوى الإثراء بلا سبب والذي من تطبيقاته رد غير المستحق بل يكون العقد وحده هو مناط تحديد حقوق كل منهما والتزاماته قبل الآخر إذ يلزم لقيام هذه الدعوى ألا يكون للإثراء الحادث أو للافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبرره - ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن علاقة المطعون ضده بمورث الطاعنين يحكمها عقد إيجار مبرم بينهما يلزم أولهما بأداء الأجرة مقابل تمكين ثانيهما من الانتفاع بالعين المؤجرة وإن تعرضاً مادياً وقع للمطعون ضده من الغير لا يد له فيه بلغ من الجسامة حداً حرمه كلية من الانتفاع بالعين المؤجرة, وهو يخوله الحق بصفته مستأجراًَ في الامتناع عن الوفاء بالأجرة إعمالاً لنص المادة 575/ 2 من القانون المدني فإذا كان قد أداها للمؤجر "مورث الطاعنين" حق له أن يستردها منه نفاذاً لأحكام عقد الإيجار المبرم بينهما والتي تحدد حقوق كل منهما والتزاماته قبل الآخر وتحمل المؤجر تبعة حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة, باعتبار أن عقد الإيجار من العقود المستمرة والأجرة فيه تقابل المنفقة وليس وفقاًَ لقواعد الإثراء بلا سبب والذي من تطبيقاته رد غير المستحق طالما أن للإثراء الحاصل لمورث الطاعنين سبب قانوني يبرره وهو عقد الإيجار سالف الذكر وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه برفض الدفع المبدى من مورث الطاعنين بسقوط حق المطعون ضده في رفع الدعوى بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 187 من القانون المدني يكون قد صادف صحيح القانون ويضحى النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الثالث من أسباب الطعن وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وفي بيان ذلك يقول الطاعنون، إن مورثهم اختصم في الدعوى وصدر حكم محكمة أول درجة ضده بصفته الشخصية وبصفته ناظراً على وقف المرحوم إسماعيل رغب فاستأنفه بهاتين الصفتين وقضى في الاستئناف بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورثهم فجددوا السير فيه باعتبارهم ورثة المستأنف شخصياً، ولم تأمر المحكمة بإعلان الممثل الجديد للوقف المذكور بالخصومة بعد استئناف السير فيها وظل غير ممثل فيها حتى صدر الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون قد شاب إجراءاته عيباً يبطله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع سير الخصومة في الدعوى هو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم تمكيناً لهم من الدفاع عن حقوقهم وهم خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد أهليته أو زالت صفته فلا يحق لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان، فإنه على فرض وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم على النحو الذي ذكره الطاعنون فإنه يكون للممثل الجديد لهذا الوقف وحده دون غيره التمسك بهذا البطلان, فلا يجوز للطاعنين باعتبارهم لا يمثلون والدهم إلا بصفته الشخصية التحدي به ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بصحيفة الاستئناف بأن المطعون ضده أقر في صحيفة الدعوى ومذكرته المقدمة لجلسة 12/ 4/ 1972 أن محكمة القضاء الإداري ألغت قرار محافظ الغربية بتمكين المتعرضين له من العين المؤجرة وأنه أقام الدعوى رقم 1454 لسنة 1962 مستعجل القاهرة بفرض الحراسة القضائية عليها وقد قضى له فيها بطلباته وبذلك يكون حكم محكمة القضاء الإداري قد أزال التعرض وأعاد للمطعون ضده فرصته في الانتفاع بالعين المؤجرة وأن الحارس القضائي الذي عين عليها يعتبر نائباً عنه في إدارتها والانتفاع بها وأضحى ريعها محفوظاً لصالحه، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري وأهدر الأثر القانوني والواقعي لفرض الحراسة القضائية وانتهى إلى أن المطعون ضده قد حرم من الانتفاع بها بعد وقوع التعرض المادي له يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا حصل تعرض من الغير لمستأجر العقار في انتفاعه وطلب الأخير تعيين حارس قضائي لإدارة الأطيان وإيداع غلتها خزانة المحكمة وقضى له بذلك فإن يده لا تعتبر أنها رفعت عن الأطيان المؤجرة بوصفها تحت الحراسة القضائية لأن الحارس ينوب عنه هو وغيره من المتنازعين في دعوى الحراسة في إدارتها والانتفاع بها. وكان الثابت من صحيفة الاستئناف المقدمة صورتها لهذه المحكمة أن الطاعنين تمسكوا فيها بأن التعرض الحاصل للمطعون ضده لم يحرمه من الانتفاع بالأطيان المؤجرة لأنه عندما وقع له هذا التعرض استصدر حكماً من محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار محافظة الغربية بتمكين المتعرضين له من تلك الأطيان، كما قضى له كطلبه بفرض الحراسة القضائية عليها وتعيين حارس تكون مهمته إيداع صافي الريع خزانة المحكمة لحساب من ثبت أنه صاحب الحق فيه وأن الحارس يعتبر نائباً عنه وينتفع بالعين المؤجرة لحسابه ويلتزم المطعون ضده بسداد أجرتها لمورثهم باعتباره مؤجراً لها ولا يحق له بعد ذلك طلب استردادها, وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بقوله "إن الحارس إنما يمثل الملاك وقد ناط حكم الحراسة بالحارس بأداء أجرة الأرض للمالك" فإن هذا الرد غير كاف لمواجهة دفاع المطعون ضده الجوهري سالف البيان والذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى حيث إنه لم يعن ببيان مأمورية الحارس القضائي أو يوضح ما استند إليه فيما قرره من أن الحارس يمثل الملاك وليس المطعون ضده، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور بما يوجب نقضه لهذا السبب وعلى أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق