جلسة 21 من نوفمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد حسني العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.
-----------------
(212)
الطعن رقم 322 لسنة 52 القضائية
(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". إصلاح زراعي.
اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي. نطاقه. كافة ما يعترض حق الاستيلاء من منازعات سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي والمستولى لديهم أو بينها وبين الغير. م 13 مكرر ق 178 لسنة 52. خروج المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن ملكية الأراضي التي تم توزيعها أو الانتفاع بها عن اختصاصها. انعقاد الاختصاص بها للقضاء العادي.
(2) نقض "أسباب الطعن".
النعي على الحكم الابتدائي دون الحكم الاستئنافي المطعون فيه. غير مقبول.
(3) إثبات "طلب التحقيق".
طلب إجراء التحقيق. رخصة لمحكمة الموضوع. لها الالتفات عنه متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
محكمة الموضوع. استقلالها بتقدير الأدلة دون رقابة محكمة النقض. ما دام قضاءها قائماً على أسباب سائغة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1673 لسنة 1973 مدني جزئي زفتى بطلب الحكم بطرد الطاعنين من مساحة 12 ط المبينة بالأوراق. وقالوا بياناً لها إنهم يمتلكون هذه المساحة من بين مساحة 2 ف و6 س بموجب عقد تمليك من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي كان قد صدر لمورثهم المرحوم...... المنتفع الأصلي. ولما كان الطاعنان يضعان اليد على هذه المساحة غصباً فقد أقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان. وبتاريخ 12/ 2/ 1978 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى. وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 25/ 1/ 1981 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية حيث قيدت أمامها برقم 1477 لسنة 1981 مدني طنطا الابتدائية. وبتاريخ 22/ 3/ 1981 حكمت المحكمة للمطعون ضدهم بطلبهم. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 363 س 31 ق مدني. وبتاريخ 28/ 11/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إن موضوع الدعوى هو منازعة بين المنتفعين بأرض من الأراضي التي استولى عليها الإصلاح الزراعي تختص بها ولائياً اللجنة القضائية المنصوص عليها في قانون الإصلاح الزراعي الصادر برقم 178 لسنة 1952 وتخرج بالتالي من اختصاص المحاكم العادية مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تقضي بعدم الاختصاص بنظر الدعوى، إذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف أحكام القانون المتعلقة بالاختصاص الولائي بما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مفاد نص المادة 13 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي والمضافة أصلاً بالقانون رقم 131 لسنة 1953 والمعدلة بالقانون رقم 225 لسنة 1953، والقانون رقم 381 لسنة 1956، والقانون رقم 69 لسنة 1971، أن اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي هو - في حالة المنازعات - تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى عليها أو التي تكون محلاً للاستيلاء طبقاً للإقرارات المقدمة من الملاك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه منها، كما يتناول اختصاصها وفقاً للمادة المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - الفصل في كل ما يعترض حق الاستيلاء من منازعة سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي وبين المستولى لديهم بشأن البيانات الواردة في الإقرارات الواردة منهم وصحة الاستيلاء على ما تقرر الاستيلاء عليه من أراضيهم أو كانت المنازعة بين جهة الإصلاح الزراعي وبين الغير ممن يدعي ملكيته للأرض التي تقرر الاستيلاء عليها أو التي تكون عرضة للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة من الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعي وذلك كله لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه بحسب أحكام هذا القانون وتعيين أصحاب الحق في التعويض. أما غير ذلك من المنازعات التي تقوم بين الأفراد وبعضهم بشأن ملكية الأراضي التي تم توزيعها أو الانتفاع بها فإن اللجنة لا تختص بنظرها وإنما ينعقد الاختصاص بها لجهة القضاء العادي صاحب الولاية العامة في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص. لما كان ذلك وكان النزاع الحالي يدور بين المطعون ضدهم والطاعنين حول أحقيتهم في الأرض التي تم توزيعها على مورث المطعون ضدهم المرحوم...... من جهة الإصلاح الزراعي وكيفية الانتفاع بها وهو ما يخرج عن اختصاص اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وينعقد للمحاكم العادية، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت في الأوراق من وجهين (أولهما) أنه ليس من بين المطعون ضدهم من يحترف الزراعة، أو يقيم في القرية الكائنة بها أرض النزاع ومن ثم فقد فقدوا أهم شرط من شروط الانتفاع بأرض الإصلاح الزراعي وهو احتراف الزراعة على نحو ما توجبه المادة التاسعة من قانون الإصلاح الزراعي الصادر برقم 178 لسنة 1952 مما يعيب الحكم بمخالفة القانون (ثانيهما) أن حكم محكمة الدرجة الأولى قد خالف الثابت في الأوراق حين شمل قضاءه بالنفاذ المعجل تأسيساً على أن التأخير في التنفيذ يترتب عليه ضرر جسيم بمصلحة المطعون ضدهم المحكوم لهم على سند من أن أرض النزاع مصدر قوتهم حالة أن الثابت بالأوراق أنهم يقيمون بالقاهرة ويملكون محلاً صناعياً يدر عليهم ربحاً طائلاً.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأنه لما كان البين من مدونات الحكمين الابتدائي والاستئنافي أن الطاعنين لم يثيرا أمام محكمة الموضوع دفاعهما الوارد بهذا الوجه من سبب النعي كما أنهما لم يقدما في طعنهما الماثل الدليل على عرضه لدى تلك المحكمة، ولئن تعلق هذا الدفاع بسبب قانوني يستند إلى المادة التاسعة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي التي تنص على أن "... ويشترط فيمن توزع عليه الأرض ( أ )... (ب) أن تكون حرفة الزراعة... (ج)... "إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون إذ يستلزم تحقيق ما إذا كان الموزع عليهم الأرض يحترفون الزراعة، وهو ما لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون هذا الوجه من النعي غير مقبول. والنعي في وجهه الثاني أيضاً غير مقبول ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر لصالح المطعون ضدهم وكان وجه النعي منصباً على أسباب شمول حكم محكمة الدرجة الأولى بالنفاذ المعجل. ومن ثم فهو موجه إلى الحكم الابتدائي الذي لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض، ولا يصادف محلاً في قضاء الحكم الاستئنافي المطعون فيه، ومن ثم فإنه يكون وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نعياً غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون من وجهين (أولهما) أنهما تمسكا لدى محكمة الموضوع بأن طلاق والدة الطاعنة الأولى من مورث المطعون ضدهم سنة 1969 كان طلاقاً رجعياً راجعها بعده مراجعة فعلية وعاشرها معاشرة الأزواج حتى توفى وهي في عصمته، وقد طلبا من محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع الجوهري إلا أنها رفضت ذلك بما يعد إخلالاً بحقهما في الدفاع (وثانيهما) أن محكمة الموضوع استندت في حكمها إلى محرر منسوب إلى والدة الطاعنة الأولى يفيد تخالصها عن مؤخر صداقها من مورث المطعون ضدهم بعد الطلاق بعامين رغم إنكارهما توقيع والدة الطاعنة الأولى عليه بما يزيل حجيته في الإثبات. وإذ كان هذا المستند منتجاً في النزاع باستناد محكمة الموضوع إليه، فإنه كان يتعين عليها بعد الإنكار أن تأمر بالتحقيق طبقاً للمادة 30 من قانون الإثبات ويكون الحكم إذ خالف هذا النظر واعتبر سند التخالص صحيحاً صادر من مورثة الطاعنة الأولى ومستنداً إليه في نفي الرجعة مع فقدان قوته في الإثبات بعد الإنكار فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في وجهه الأول في غير محله ذلك أن طلب إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حال، وإنما هو من الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها دون أن تلزم ببيان سبب الرفض، وكان تقدير الأدلة هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون ما رقابة عليها من محكمة النقض في ذلك ما دام قضاؤها قائماً على أسباب سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد واجه دفاع الطاعنين في هذا الشأن ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن طلب الإحالة للتحقيق لإثبات مراجعة مورث المستأنف عليهم لمورثة المستأنفة الأولى فإن المحكمة ترى عدم إجابتهم لأنها تجد في أوراق القضية وتقرير الخبير المودع في 20/ 4/ 1980 ما يكفي لتكوين عقيدتها بما يغني عن إجراء التحقيق سيما وأن الثابت من مطالعة إشهاد الطلاق رقم 245 ب أن المورث طلق مورثة المستأنفة الأولى في 14/ 10/ 1969 وأنها كانت لا تزال على قيد الحياة عند وفاته في 18/ 11/ 1972 وعاشت بعده ولم تقل أنه راجعها أثناء عدة الطلاق..." لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أطرح بأسباب سائغة لها أصلها في أوراق الدعوى ما تمسك به الطاعنان من أن مورث المطعون ضدهم قد راجع مورثة الطاعنة الأولى بعد طلاقها منه ولم ير حاجة بعد ذلك إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق، وهو ما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع دون ما رقابة عليها من محكمة النقض فيها. ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس. والنعي في وجهه الثاني غير منتج ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا بني الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى وكان يصح بناء الحكم على إحداها وحدها، فإن النعي عليه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أوضح في أسبابه عدم مراجعة مورث المطعون ضدهم لمورثة الطاعنة الأولى وخلص إلى ذلك على نحو ما سلف الإشارة إليه في الرد على الوجه الأول من هذا السبب وكان هذا من الحكم كافياً لحمل قضائه، فإنه يضحى غير ذي أثر ما وجهه الطاعنان إلى الحكم من مطاعن في استناده إلى سند التخالص بمؤخر الصداق المنسوب صدوره إلى مورثة الطاعنة الأولى والذي أنكر التوقيع الثابت عليه ويكون النعي على الحكم بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق