جلسة 31 من مارس سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الجندي، مصطفى قرطام، أحمد كمال سالم، وهاشم قراعة.
----------------
(183)
الطعن رقم 27 لسنة 50 القضائية
(1) أحوال شخصية "التطليق للضرر". محكمة الموضوع.
التطليق للضرر. شرطه، أن تصبح العشرة بين الزوجين مستحيلة بسبب إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو بالفعل. معيار الضرر شخصي استقلال محكمة الموضوع بتقدير الضرر.
(2) أحوال شخصية "الطلاق". صلح.
الحكم بالتطليق طبقاً للمادة 6 من ق 25 لسنة 1929. مناطه أن يعجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين مع توافر شروط الضرر. عرض محكمة أول درجة الصلح ورفض الحاضر عن أحد الزوجين له. كاف لإثبات عجز المحكمة. لا محل لإعادة - عرضه مرة أخرى في الاستئناف.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 210 سنة 1979 أحوال الشخصية أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة وقالت شرحاً لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد الشرعي وقد أضربها بأن أساء معاملتها وتكرر منه الاعتداء عليها بالسب والضرب بها لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها، وبتاريخ 28 - 4 - 1979 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماعها شهود الطرفين حكمت في 27/ 10/ 1979 برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 204 سنة 96 ق أحوال شخصية القاهرة. وبتاريخ 10/ 4/ 1980 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون ضدها من الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظر وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الطلاق لا يجوز ولا يحل طلبه شرعاً إلا للضرورة القصوى، ويمتنع الحكم به بسبب ما تدعيه الزوجة من إضرار الزوج بها إلا إذا تكررت وقائع الإضرار حتى يمكن القطع بأن الشقاق الحاصل بين الزوجين مما يستحيل معه دوام العشرة بين أمثالهما، وإذ أقيم الحكم المطعون فيه على ما حصله من اعتدائه على زوجته المطعون ضدها مرة واحدة وهو ما لا يكفي للقول باستحالة دوام العشرة بينهما فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية بما نصت عليه في فقرتها الأولى من أنه: إذا ادعت الزوجة أضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق وحينئذ يطلقها القاضي طلقة بائنة إذا ثبت الضرر وعجز عن الإصلاح بينهما....." قد خلت من تحديد وسيلة أضرار الزوج بزوجته والذي يخولها الحق في طلب التطليق، وكان المشرع قد استقى الحكم المقتن بهذه المادة من مذهب الإمام مالك فيتعين الرجوع إليه في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان المقرر في فقه المالكية أن للزوجة طلب التطليق إذا أوقع الزوج بها أي نوع من أنواع الإيذاء بالقول أو الفعل الذي لا يكون عادة بين أمثالهما ولا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، وأنه لا يشترط لإجابتها إلى طلبها وفق المشهور عندهم أن يتكرر إيقاع الأذى بها بل يكفي لذلك أن تثبت أن زوجها أتى معها ما تتضرر منه ولو لمرة واحدة وكان تقرير عناصر الضرر مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن تعد بالفعل والقول وقع من جانب الطاعن على زوجته المطعون ضدها على مرأى ومسمع من شاهديها على النحو الثابت بأقوالهما بهذا التحقيق وأن ذلك مما يتوافر به ركن الضرر المبرر للتطليق بالنظر إلى حالة المطعون ضدها وكونها زوجة عاملة على قدر من التعليم والثقافة وهي أسباب سائغة تكفي لحمله، فإن النعي عليها بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بالتطليق دون عرض الصلح على الطرفين مخالفاً بذلك ما توجبه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 من عدم جواز الحكم بالتطليق إلا إذا ثبت الضرر وعجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين، ولا يغني عن ذلك عرض محكمة الدرجة الأولى الصلح على الطرفين ما دامت قد قضت برفض الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الشارع قد اشترط للحكم بالتطليق طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 سالفة البيان أن تثبت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة، وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما وكان الثابت بمحضر جلسة 9 يونيه سنة 1979 أن محكمة أول درجة قد عرضت الصلح على الطرفين فرفضه الحاضر عن المطعون ضدها ووافق عليه الطاعن وهو ما يكفي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين، دون حاجة لإعادة عرض الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف ما دام لم يستجد ما يدعو إليه - وكان لا يغير من ذلك رفض محكمة أول درجة القضاء بالتطليق طالما أن الاستئناف وفقاً لنص المادة 317 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يعيد الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالسبة لما رفع عنه، بما لا يكون معه ثمة موجب لإعادة عرض الصلح من جديد أمام المحكمة الاستئنافية. فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق