جلسة 28 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، جهدان حسين عبد الله ورابح لطفي جمعة.
----------------
(133)
الطعن رقم 260 لسنة 46 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن". بيع الجدك.
بيع الجدك استثناء من الأصل المقرر بحظر التنازل عن الإيجار. وجوب توافر الصفة التجارية في العين المبيعة التي ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر. استغلال عين في حياكة الملابس لا تعد كذلك.
(2) نقض. "أسباب الطعن".
عدم بيان سبب النعي تفصيلاً وموضع العيب في الحكم وأثره في قضائه. نعي مجهل غير مقبول.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7900 لسنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعنة وآخر بطلب الحكم بإخلائهما من المحل المبين بالصحيفة وقال بياناً لدعواه إنه منذ 1/ 12/ 1939 استأجر منه المرحوم....... ذلك لمحل يقصد استعماله محلاً لخياطة الملابس، وإذ انعقد هذا الإيجار بسبب حرفة المستأجر وتنازل ورثته عقب وفاته عن العين المؤجرة إلى الطاعنة، مخالفين بذلك شروط العقد وأحكام القانون، وكان من حقه طلب الإخلاء، فقد أقام دعواه، قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم 3238 لسنة 91 ق القاهرة. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود قضت بتاريخ 23/ 6/ 1976 بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء العين سالفة البيان، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والبطلان، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على أساس أن المحل الذي يمارس فيه مستأجره حرفة ترزي لا يعتبر من الأماكن التي يسري على بيعها حكم المادة 594 من القانون المدني التي تجيز إبقاء الإيجار على الرغم من وجود شرط مانع من التنازل عنه إذا دعت الضرورة إلى بيع العين المؤجرة المقام فيها مصنع أو متجر في حين أنه توافرت في بيع هذا المحل الشروط التي تطلبتها المادة سالفة البيان واقتضته ضرورة ناشئة عن وفاة المستأجر وعدم اشتغال أحد من ورثته بذات الحرفة وكذلك فإنه لم يلحق بالمؤجر ضرر بسبب هذا البيع، هذا إلى أن إجراءات الحكم قد لحقها بطلان أثر في الحكم المطعون فيه.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير سديد، ذلك بأنه لما كان العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، مما مؤداه التزام المستأجر بالشرط الوارد في عقد الإيجار والذي يحظر عليه التنازل عن الإيجار، وإلا حق عليه الجزاء المقرر لمخالفة ذلك في العقد أو في القانون، وكان من الأصول التي تقوم عليها القوانين الاستثنائية الصادرة في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين، حظر تأجير الأماكن المؤجرة من الباطن والتنازل عن الإيجار وترك المكان المؤجر إلى الغير بأي وجه من الوجوه، بغير إذن كتابي صريح من المالك، وتقرير الحق للمؤجر في حالة إخلال المستأجر بذلك في طلب إخلاء المكان المؤجرة، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني من أنه "إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر, جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق" إنما هو استثناء من الأصل المقرر وهو التزام المستأجر باحترام الحظر من التنازل عن الإيجار، كان الدافع إلى تقريره حرص المشرع على استبقاء الرواج التجاري متمثلاً في عدم توقف الاستثمار الصناعي أو التجاري في حالة اضطرار صاحبه إلى التوقف عنه، فإن هذا الاستثناء يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مقصوراً على الأماكن التي تمارس فيها الأعمال ذات الصفة التجارية والتي ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر دون سواها، وكان من المقرر عدم جواز التوسع في تفسير الاستثناء أو القياس عليه, وكان مما أسس الحكم المطعون فيه قضاءه عليه قوله إن: "....... عين النزاع كانت تستغل في تفصيل الملابس وهو بلا ريب من الأعمال المهنية التي تعتبر فيها شخصية المستأجر الأصلي، ومن ثم فإن المحكمة ترى أن بيع العين موضوع التداعي إنما يعتبر تحايلاً من جانب ورثة المستأجر، ومن ثم فلا تنسحب عليه الحماية الاستثنائية المقررة بنص المادة 594/ 2 من القانون المدني......" وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إخلاء الطاعنة وورثة المستأجر الأصلي من عين النزاع، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه على غير أساس، هذا إلى أن النعي في شقه الثاني غير مقبول، ذلك لأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صحيفة الطعن بالنقض يجب أن تشتمل على الأسباب التي بني عليها مبينة بياناً دقيقاً واضحاً ينفي عنها الغموض والجهالة، كما يجب بيان أسباب الطعن بالتفصيل مع تحديد العيب المنسوب إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، وإلا كان النعي مجهلاً غير مقبول، وكان الشق الأول من سبب النعي هو بطلان إجراءات الحكم المطعون فيه دون بيان تلك الإجراءات التي شابها البطلان وموضعها وأثرها الذي يرتب ذلك البطلان, فإن النعي بهذا الشق يكون مجهلاً غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق