الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 سبتمبر 2023

الطعن 1180 لسنة 47 ق جلسة 29 / 4 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 242 ص 1328

جلسة 29 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار حافظ رفقي. نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، درويش عبد الحميد، علي عمرو، عزت حنوره.

-------------------

(242)
الطعن رقم 1180 لسنة 47 القضائية

(1) نقل "التزامات الناقل. مسئولية "مسئولية عقدية".
عقد نقل الأشخاص. التزام الناقل بتحقيق غاية هي وصول الراكب سليماً. ثبوت إصابة الراكب أثناء تنفيذ العقد. كفايته لقيام مسئولية الناقل.
(2) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض "الموروث والمباشر".
رجوع الراكب المضرور على أمين النقل بالتعويض. أساسه. المسئولية العقدية. انتقال هذا الحق للورثة. مطالبة الورثة بالتعويض عن الإضرار التي حاقت بهم قبل أمين النقل. أساسه. المسئولية التقصيرية.
(3) دعوى. تعويض.
دعوى التعويض عن المسئولية. للمحكمة من تلقاء نفسها أن تحدد الأساس القانوني الصحيح للدعوى، لا يعد ذلك تغييراً لسببها.
(4) تعويض. مسئولية "مسئولية عقدية" "مسئولية تقصيرية" نقل "عقد النقل".
طلب الورثة قبل أمين النقل بالتعويض الموروث والتعويض عن الضرر المباشر. لا يعد جمعاً بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية. علة ذلك.

---------------
1 - عقد نقل الأشخاص يلقي على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع الخطأ في جانبه.
2 - إذ ما أدت الإصابة إلى وفاة الراكب من قبل رفع دعواه فإنه يكون أهلاً فيما يسبق الموت ولو بلحظة لكسب الحقوق ومن بينها حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور إليه هذا الضرر ويتفاقم، ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته ويحق لهم المطالبة به تأسيساً على تحقق مسئولية عقد النقل الذي كان المورث طرفاً فيه، وهذا التعويض يغاير التعويض الذي يسوغ للورثة المطالبة به عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بأشخاصهم بسبب موت مورثهم وهو ما يجوز لهم الرجوع به على أمين النقل على أساس من قواعد المسئولية التقصيرية وليس على سند من المسئولية العقدية لأن التزامات عقد النقل إنما انصرفت إلى عاقديه فالراكب المسافر هو الذي يحق له مطالبة الناقل بالتعويض عن الإخلال بالتزامه بضمان سلامته دون ورثته الذين لم يكونوا طرفاً في هذا العقد.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن على محكمة الموضوع أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانون الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها دون اعتداد بالتكييف أو الوصف الذي يسبغه الخصوم على تلك العلاقة ولا يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى أو موضوعها إذ أن كل ما تولد به للمضرور من حق في التعويض عما أصابه من ضرر قبل أحدثه أو تسبب فيه يعتبر هو السبب المباشر لدعوى التعويض مهما اختلفت أسانيدها.
4 - طلب الطاعنين قبل أمين النقل للتعويض الموروث مع طلبهم التعويض عما أصابهم من أضرار لا يعتبر جمعاً بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية عن ضرر واحد لاختلاف موضوع كل من الطلبين والدائن فيهما ذلك بأن التعويض الموروث إنما هو تعويض مستحق للمورث عن ضرر أصابه وتعلق الحق فيه بتركته وآل إلى ورثته بوفاته فتتحدد أنصبتهم فيه وفقاً لقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً بينما التعويض الآخر هو عن ضرر حاق بالورثة أنفسهم نتيجة فقدان مورثهم وتعلق الحق فيه بأشخاصهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1884 لسنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة طالبين الحكم بإلزام هيئة السكك الحديدية المطعون ضدها أن تؤدي لهم مبلغ أربعة آلاف جنيه تعويضاً موروثاً عن مورثهم........ يقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية ومبلغ ستة آلاف جنيه تعويضاً عما حاق بهم من ضرر مادي وأدبي نتيجة موت مورثهم والفوائد القانونية بواقع 4% حتى السداد، وقالوا بياناً لدعواهم أن مورثهم استقل عربة الدرجة الثانية بقطار السكك الحديدية من محطة إمبابة قاصداً محطة القاهرة وذلك بموجب تذكرة ركوب، وكان القطار مزدحماً ازدحاماً شديداً وتحرك القطار وعرباته مفتحة الأبواب والمنافذ مما أدى إلى سقوط مورثهم من باب العربة أثناء سير القطار واندفاعه بأحد المنحنيات فأصيب في هذا الحادث ونقل إلى المستشفى لعلاجه ولكن الإصابات أودت بحياته، وأجرى تحقيق عن الحادث قيد عنه المحضر الرقيم 1842 لسنة 1974 إداري بولاق، وأنه إذا كانت الهيئة المطعون ضدها أمينة نقل تلتزم بمقتضى عقد النقل بضمان سلامة الراكب المسافر وقد نشأ لمورثهم قبل موته حق في التعويض عن الضرر الذي لحقه وهو حق ينتقل إليهم باعتبارهم ورثة ويقدرون التعويض عنه بمبلغ أربعة آلاف جنيه، كذلك فإن الهيئة المطعون ضدها قد أهملت وقصرت في العناية بمرفق النقل إذ لم توفر العربات والمقاعد الكافية والتي توازي ما تصرفه من تذاكر للمسافرين بالقطار وتركت أبواب عرباته دون إغلاق أثناء سيره فتزاحم المسافرون تزاحماً شديداً أدى إلى سقوط مورثهم من باب العربة المفتوح أثناء اندفاع القطار الأمر الذي أصابهم بأضرار مادية وأدبية بسبب موته يقدرون التعويض عنها بمبلغ ستة آلاف جنيه، وبتاريخ 29 من إبريل سنة 1976 قضت المحكمة بإلزام الهيئة المطعون ضدها أن تؤدي للطاعنين مبلغ ثلاثة آلاف وأربعمائة جنيه، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين تعديله إلى القضاء لهم بطلباتهم آنفة البيان وقيد استئنافهم برقم 2422 لسنة 93 قضائية، كما استأنفته الهيئة المطعون ضدها بالاستئناف رقم 2572 لسنة 93 قضائية طالبة إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، فأمرت المحكمة بضم الاستئنافين الأخير للاستئناف الأول وقضت فيهما بتاريخ 24 من مايو سنة 1977 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الهيئة المطعون ضدها أن تؤدي للطاعنين مبلغ أربعة آلاف جنيه تعويضاً موروثاً والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ الحكم حتى السداد - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه إذ خلص في قضائه إلى رفض طلبهم التعويض عما أصابهم من ضرر مادي وأدبي بسبب وفاة مورثهم على سند من القول بأن الدعوى وأساسها المسئولية العقدية يجب أن يكون الدائن فيها طرفاً في العقد، وهم لبسوا بأطراف في عقد النقل، وأن مطلبهم في هذا التعويض مرده قواعد المسئولية التقصيرية وهو ما لا يجوز الجمع بينها وبين المسئولية العقدية، وهذا من الحكم خطأ في القانون إذ التعويض الموروث الذي يقسم على الورثة وفقاً للفريضة الشرعية يختلف عن التعويض عما أصاب الطاعنين شخصياً من أضرار نتيجة موت مورثهم فإذا ما انتهى الحكم إلى رفض طلبهم به دون بحث عناصره وتوافر شرائطه فإنه يكون قد غفل عن تطبيق نص المادة 163 من القانون المدني الذي يقضي بأن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم مرتكبه بالتعويض، مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد بمدوناته قوله "إذ توافر في العمل الواحد شروط المسئولية العقدية وشروط المسئولية التقصيرية فإنه لا يجوز للدائن الجمع بين المسئوليتين في الرجوع على المدني كما لا يجوز أن يطالب بتعويضين تعويض عن المسئولية العقدية وآخر عن المسئولية التقصيرية إذ أن الضرر الواحد لا يجوز تعويضه مرتين.... وحيث إن المستأنفين المطالبين بالتعويض قد أصروا بالجلسة الأخيرة على أن أساس دعواهم هو ما جاء بصحيفة افتتاح الدعوى عقد النقل إلا أن الثابت أيضاً أنهم جمعوا في طلباتهم بين المسئولين العقدية والتقصيرية..." ثم انتهى الحكم إلى التقرير بأنه، "عن طلب ورثة الدائن تعويضاً عما ألحق بهم من أضرار مادية وأدبية من جراء موت مورثهم فإنه طلب متعين الرفض إذا كما تقدم والدعوى أساسها مسئولية عقدية فإن الدائن فيها يجب أن يكون طرفاً في العقد وهؤلاء ليسوا طرفاً في عقد النقل كما أن أساس طلبهم هذا هو المسئولية التقصيرية وليست المسئولية العقدية ولا يجوز الجمع بينهما كما تقدم"، وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه غير سديد ذلك بأنه لما كان عقد نقل الأشخاص يلقي على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع الخطأ في جانبه، وإذا ما أدت الإصابة إلى وفاة الراكب من قبل رفع دعواه فإنه يكون أهلاً فيما يسبق الموت ولو للحظة لكسب الحقوق ومن بينها حقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه وحسبما يتطور إليه هذا الضرر ويتفاقم، ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته ويحق لهم المطالبة به تأسيساً على تحقق مسئولية عقد النقل الذي كان المورث طرفاً فيه، وهذا التعويض يغاير التعويض الذي يسوغ للورثة المطالبة به عن الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بأشخاصهم بسبب موت مورثهم وهو ما يجوز لهم الرجوع به على أمين النقل على أساس من قواعد المسئولية التقصيرية وليس على سند من المسئولية العقدية لأن التزامات عقد النقل إنما انصرفت إلى عاقديه فالراكب المسافر هو الذي يحق له مطالبة الناقل بالتعويض عن الإخلال بالتزامه بضمان سلامته دون ورثته الذين لم يكونوا طرفاً في هذا العقد، وإذ كان لا يعتد في هذا الصدد بقول الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بأن الدعوى في طلبي التعويض تقوم على المسئولية العقدية وحدها ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن على محكمة الموضوع أن تتقصى من تلقاء نفسها الحكم القانوني الصحيح المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها دون اعتداد بالتكييف أو الوصف الذي يسبغه الخصوم على تلك العلاقة ولا يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى أو موضوعها إذ أن كل ما تولد به للمضرور من حق في التعويض عما أصابه من ضرر قبل أحدثه أو تسبب فيه يعتبر هو السبب المباشر لدعوى التعويض مهما اختلفت أسانيدها، وكان طلب الطاعنين للتعويض الموروث مع طلبهم التعويض عما أصابهم من أضرار لا يعتبر جمعاً بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية عن ضرر واحد لاختلاف موضوع كل من الطلبين والدائن فيهما، ذلك بأن التعويض الموروث إنما هو تعويض مستحق للمورث عن ضرر أصابه وتعلق الحق فيه بتركته وآل إلى ورثته بوفاته فتتحدد أنصبتهم فيه وفقاً لقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً بينما التعويض الآخر هو عن ضرر حاق بالورثة نتيجة فقدان مورثهم وتعلق الحق فيه بأشخاصهم، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فاعتبر أن طلبي التعويض جمعاً بين المسئوليتين العقدية والتقصيرية عن ضرر واحد ورتب على ذلك قضاءه برفض طلب التعويض عن الأضرار التي أصابت الطاعنين بسبب موت مورثهم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأدى به هذا الخطأ إلى حجب نفسه عن بحث مدى تحقق مسئولية الهيئة المطعون ضدها عن ذلك التعويض المدعي به، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق