جلسة 26 من يناير سنة 1974
برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
-----------------
(51)
القضية رقم 533 لسنة 16 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - تأديب.
فقد أوراق التحقيق لا يعني مطلقاً سقوط الذنب الإداري الذي انبنى على تلك الأوراق متى قام الدليل أولاً على وجودها ثم فقدها وأما محتوياتها فيستدل عليها بأوراق صادرة من أشخاص لهم صلة عمل وثيقة بها - مثال.
--------------------
من حيث إن هذه المحكمة - ومن قبلها هيئة مفوضي الدولة - قد كلفت الجهة الإدارية بإيداع التحقيقات التي أجرتها النيابة الإدارية في القضية رقم 136 لسنة 1965 الخاصة بالقرار المطعون إلا أنها قررت بفقدها وعدم العثور عليها وأودعت ملف القضية رقم 52 لسنة 1970 الخاص بالتحقيق الذي أجرته النيابة لرئاسة الجمهورية ووزارة العدل بحثاً عن الأوراق المشار إليها ولتحديد المسئول عن فقدها ولم يسفر التحقيق عن العثور على الأوراق المذكورة أو شيء منها.
ومن حيث إن المدعي قدم مذكرة تعقيباً على الطعن أوضح فيها أنه ثبت على وجه اليقين ضياع أوراق التحقيق وأن عدم تقديم هذا التحقيق يمثل بالنسبة له حرماناً مطلقاً من إبداء أوجه الدفاع المستمدة أولاً وأخيراً منه ثم تناول المدعي في مذكرته المخالفات التي أسندت إليه والتي من أجلها صدر القرار المطعون فيه بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً بما لا تخرج عما أورده في تظلمه من القرار المطعون فيه أو بعريضة الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي كان يشغل وظيفة وكيل مدرسة عبد الله فكري الثانوية التجارية بالزقازيق ثم ندبته وزارة التربية والتعليم (الإدارة العامة للامتحانات) لرئاسة لجنة امتحان دبلوم الدراسة الثانوية التجارية لعام 1965 التي مقرها مدرسة بور سعيد الإعدادية وإذ كانت أعمال امتحان الثانوية التجارية أو الثانوية العامة لا تتبع المديريات التعليمية وإنما تتبع الإدارة العامة للامتحانات بوزارة التربية والتعليم باعتبارها تؤدى على مستوى الجمهورية وكانت السلطة التأديبية بالنسبة للمخالفات التي يرتكبها العامل أثناء مدة ندبه من اختصاص الجهة التي ندب للعمل بها وذلك بالتطبيق للفقرة الأخيرة من المادة 63 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 (وهو القانون المعمول به وقت صدور القرار المطعون فيه) فإن القرار المطعون فيه وقد صدر من وكيل وزارة التربية والتعليم عن مخالفات أسندت إلى المدعي أثناء فترة ندبه المشار إليها ويكون قد صدر من مختص ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ويتعين لذلك الحكم بإلغائه والتصدي لمشروعية القرار المطعون فيه موضوعاً.
ومن حيث إن تجريح المدعي للقرار المطعون فيه يقوم على أساس أن شواهد التحقيق تفضي إلى براءته لا إلى إدانته على النقيض من النتيجة التي استخلصتها الإدارة من هذا التحقيق وأن فيصل الحكم على سلامة القرار أو بطلانه مرده ذلك التحقيق وحده الذي ثبت فقده.
ومن حيث إن ضياع أوراق التحقيق لا يعني مطلقاً سقوط الذنب الإداري الذي انبنى على تلك الأوراق متى قام الدليل أولاً على وجودها ثم فقدها وأما عن محتوياتها فيستدل عليها بأوراق صادرة من أشخاص لهم صلة عمل وثيقة بها.
ومن حيث إن الثابت من أوراق التظلم رقم 478 لسنة 1966 المقدم من المدعي إلى السيد مفوض الدولة لوزارة التربية والتعليم أن السيد مدير التربية والتعليم بمحافظة بور سعيد أبلغ الإدارة العامة للامتحانات بأن طبيب اللجنة الخاصة بامتحانات دبلوم الدراسة الثانوية التجارية للبنات ببور سعيد قدم مذكرة ضمنها أن وكيل مدرسة عبد الله فكري الثانوية التجارية بالزقازيق والمنتدب رئيساً للجنة المشار إليها تعمل معه كملاحظة زوجته المدرسة بالمدرسة الثانوية التجارية بالزقازيق وأن للمدرسة المذكورة أخت من ضمن الطالبات اللاتي يمتحن في ذات اللجنة - وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الموضوع (القضية رقم 136 لسنة 1965 وهي القضية التي فقدت) وانتهت فيه إلى إسناد المخالفات الآتية للمدعي: (1) لم يبلغ المسئولين عن وجود شقيقة لزوجته ضمن الطالبات اللاتي تمتحن في اللجنة التي يعمل رئيساً لها رغم علمه بذلك ولم ينفذ القواعد والتعليمات التي جرى عليها العمل بالنسبة لرئاسته لتلك اللجنة مع وجود الطالبة المذكورة (2) لم يتخذ اللازم نحو وجود زوجته كملاحظة باللجنة رغم علمه بوجود شقيقتها ضمن طالبات تلك اللجنة (3) أمر بإرسال عامل لاستدعاء الطالبة المذكورة يوم 6 من يونيه سنة 1965 لحضور الامتحان وسمح لها بتأدية الامتحان رغم حضورها متأخرة ربع ساعة وعمل على الحصول على شهادة طبية تفيد أنها كانت في حالة إسعاف على خلاف الحقيقة لتبرير تأخيرها عن موعد الامتحان.
وبناء على ما انتهى إليه التحقيق المشار إليه صدر القرار المطعون فيه بتاريخ 8 من مايو سنة 1966 بمجازاة المدعي - عن المخالفات المذكورة - بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وحرمانه من أعمال الامتحانات لمدة خمس سنوات.
ومن حيث إن الوقائع المتصلة موضوعاً بالدعوى - وهي وجود الطالبة شقيقة زوجة المدعي ضمن الطالبات اللاتي يمتحن في اللجنة المذكورة التي يرأسها المدعي وتعمل بها السيدة زوجته كملاحظة ثابتة من الأوراق ومسلم بها من المدعي سواء في تظلمه أو في عريضة الدعوى أو في مذكراته.
ومن حيث إنه عن المخالفة الأولى والتي حاصلها أن المدعي لم يبلغ المسئولين عن وجود شقيقة زوجته ضمن الطالبات اللاتي يمتحن باللجنة رياسته رغم علمه بذلك ولم ينفذ التعليمات التي جرى عليها العمل بالنسبة لرياسته لتلك اللجنة مع وجود الطالبة المذكورة فإن التعليمات الخاصة بالامتحانات العامة لسنة 1965 - والتي تسلم المدعي نسخة منها بمناسبة ندبه لرياسة اللجنة تنص في الفقرة (6) من البند (أولاً) الخاص بواجبات رئيس اللجنة بأنه على رئيس اللجنة أن يتحقق من أنه ليس بين الطلبة من لهم صلة قرابة حتى الدرجة الثالثة فإن وجد فعليه إبلاغ ذلك إلى المدير العام للامتحانات وإلى رئيس لجنة الإدارة في الحال. وإذ كانت الطالبة المذكورة تعتبر في قرابتها إلى شقيقتها زوجة المدعي من الدرجة الثانية وتعتبر كذلك في ذات الدرجة بالنسبة للمدعي بالتطبيق لنص للمادة (37) من القانون المدني التي تنص على أن أقارب أحد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة للزوج الآخر، وكان المدعي يعلم بوجود شقيقة زوجته ضمن الطالبات اللاتي يمتحن أمام لجنته من واقع صلة القرابة التي تربطه بالطالبة المذكورة ومن واقع كشوف أسماء الطلبة (كشوف المناداة) التي سلمت له يوم 2 من يونيه سنة 1965 أي قبل بدء الامتحان بثلاثة أيام وذلك حسبما هو مستفاد من كتاب لجنة الإدارة لامتحان دبلوم المدارس الثانوية التجارية المؤرخ 16 من مايو سنة 1965 الموجه إلى المدعي والذي أودعه ملف الدعوى تلك الكشوف التي أوجبت الفقرة (1) من البند (أولاً) من التعليمات المشار إليها على رؤساء الجان أن يفحصوها بعناية إذ كان ذلك ما تقدم فإنه كان يتعين على المدعي أن يبلغ فوراً كلاً من المدير العام للامتحانات ورئيس لجنة الإدارة بوجود شقيقة زوجته ضمن طالبات اللجنة تنفيذاً للتعليمات المشار إليها، وإذ كان المدعي لم يقم بإبلاغ المختصين بما تقدم فإنه يكون قد أخل بما يفرضه عليه واجب وظيفته وتكون المخالفة ثابتة في حقه ولا يغني بعد ذلك أن فسر درجة قرابة الطالبة شقيقة زوجته على نحو يخرجها من مدلول الفقرة (6) المشار إليها ذلك لأنه إن صح أنه غم على المدعي الأمر فقد كان يتعين عليه الرجوع إلى المختصين بالإدارة العامة للامتحانات أو لجنة الإدارة أو مديرية التربية والتعليم وإيضاح الأمر لهم سيما وأن السيدة زوجته (شقيقة الطالبة المذكورة) تعمل في ذات اللجنة كملاحظة.
ومن حيث إنه عن المخالفة الثانية الخاصة بعدم اتخاذ المدعي اللازم نحو وجود زوجته كملاحظة باللجنة رغم وجود شقيقتها ضمن طالبات تلك اللجنة فإن المدعي دفع هذه المخالفة بأن التعليمات لم تحدد إجراء بذاته يجب أن يقوم به رئيس اللجنة في مثل هذه الحالة. وإنه مع قصور التعليمات المشار إليها قدر الإجراء المناسب في حدود فهمه لروح العمل فأقام زوجته بالملاحظة في مكان غير الذي توجد فيه شقيقتها واتخذ ذات الإجراء بالنسبة للسيد/ عيسى عبد السلام الملاحظ باللجنة الذي كان أبلغه بوجود شقيقته كذلك باللجنة ثم قام بإبعاده في اليوم التالي إلى لجنة البنين بالبدل ولم يتخذ ذات الإجراء الأخير بالنسبة لزوجته لسببين أولهما أنه لم يكن مقبولاً إبعاد زوجته وهي سيدة إلى لجنة البنين وثانيهما أن شقيقة زوجته كانت قررت عقب اليوم الأول من أيام الامتحان الامتناع عن الاستمرار فيه.
ومن حيث إن الفقرة (27) من البند (أولاً) من تعليمات الامتحانات العامة لسنة 1965 تنص على أن يتخذ رئيس اللجنة جميع الوسائل الكفيلة بحسن سير الامتحان كما نصت الفقرة (16) من ذات البند على أنه إذا تأخر أحد أعضاء لجنة الامتحان أو غاب يتصرف الرئيس في تنظيم هيئة اللجنة بما يكفل حسن سيرها وله أن يندب في الحالات العاجلة أحد مدرسي المدرسة القريبة من مقر اللجنة بدلاً من الغائب وفي هذه الحالة يستكتب العضو المنتدب إقراراً بأنه غير محروم من أعمال الامتحانات ويراعى عدم تكليفه بأي عمل يتصل بتلاميذ مدرسته إن وجد أحد منهم باللجنة ثم يرسل للجنة الإدارة كشفاً يبين فيه أسماء المتخلفين والذين انتدبوا مكانهم مع ذكر وظيفة كل منهم لاعتماد ندبهم من إدارة الامتحانات وعليه أن يتخذ نفس الإجراءات في حالة انتداب أعضاء جدد باللجنة مع ذكر الأسباب التي دعت لذلك مع مراعاة ألا يزيد عدد الأعضاء الاحتياطيين عن 10% من عدد الملاحظين اللازمين للجنة ويبين من النصين المتقدمين أن رئيس اللجنة مسئول عن اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بحسن سير الامتحان وقد أجازت له التعليمات في عجز الفقرة (16) انتداب أعضاء جدد للملاحظة في غير حالات غياب الملاحظين باللجنة - مع ذكر أسباب هذا الندب ولا شك أن مقتضيات حسن سير الامتحان كانت تتطلب من المدعي إبعاد زوجته عن العمل في الملاحظة باللجنة حيث تؤدي شقيقتها الامتحان بها، وهذا الإجراء لم يكن غائباً أو غير معلوم للمدعي إذ اتبعه بالنسبة للسيد/ عيسى عبد السلام الملاحظ باللجنة الذي ندبه المدعي إلى لجنة البنين بسبب أن شقيقته كانت تؤدي الامتحان في اللجنة ولا مقنع فيما تذرع به المدعي من أسباب يبرر بها عدم اتخاذ مثل هذا الإجراء بالنسبة لزوجته ذلك لأنه طالما أن حسن سير الامتحان كان يقتضي إبعاد زوجته من اللجنة، فإنه كان يتعين عليه المبادرة باتخاذ هذا الإجراء دون أن يعلقه على إرادة شقيقة زوجته في الاستمرار في الامتحان من عدمه أو يتعلل بعدم ملاءمة ندب زوجته إلى لجنة البنين ومن ثم تكون هذه المخالفة بدورها ثابتة في حقه.
ومن حيث إنه عن المخالفة الثالثة والتي حاصلها أنه أمر بإرسال عامل لاستدعاء الطالبة المذكورة يوم 6 من يونيه سنة 1965 لحضور الامتحان وسمح لها بتأديته رغم حضورها متأخرة عن موعد بدء الامتحان في ذلك اليوم بحوالي ربع ساعة وعمل على الحصول على شهادة طبية تفيد أنها كانت في حالة إسعاف على خلاف الحقيقة لتبرير تأخيرها عن موعد الامتحان فإن الواضح من التحقيق الذي تم حسبما أثبته السيد مفوض الدولة في مذكرته الخاصة بتظلم المدعي من القرار المطعون - وقد كان التحقيق المشار إليه تحت نظره - أن السيدة علية رضوان شهدت بأن المدعي طلب منها إرسال أحد السعاة لإحضار شقيقة زوجته لكي تؤدي الامتحان يوم 6 من يونيه سنة 1965 وأنها كلفت الساعي صديق بذلك كما أن المدعي سمح للطالبة المذكورة بتأدية الامتحان بعد بدايته بربع ساعة وشهدت السيدة/ هنية إبراهيم حسن المراقبة باللجنة أن المدعي أثناء النقاش الذي دار بينه وبين زوجته قال "هنشيع صديق يجيبها" وكان ذلك أثناء حضور العامل المذكور هذه المناقشة وأضافت أنه سمح للطالبة المذكورة بدخول اللجنة بعد مرور ربع ساعة من بداية الامتحان ويستبين من أقوال الشاهدتين المذكورتين طبقاً لما أثبته السيد مفوض الدولة أن استدعاء الطالبة المذكورة لتأدية الامتحان كان بعلم المدعي وبناء على أمر منه وأنه سمح لها بالدخول لأداء الامتحان بعد ربع ساعة من بدايته وذلك بالمخالفة للفقرة (18) من البند ثانياً من تعليمات الامتحانات العامة التي تحظر السماح للطالبة بدخول الامتحان بعد بدايته بمدة تزيد عن خمس دقائق ولا يفيد المدعي في التنصل من الشطر الأول من المخالفة أن كلاً من الآنسة سعاد بدران والسيد/ شفيق محمد عيد الملاحظين بالحجرة التي تؤدي فيها الطالبة المذكورة الامتحان قد شهدا بأن السيدة هنية إبراهيم حسن هي التي أحضرت الطالبة لمقر الحجرة وأمرتها بالسماح لها بتأدية الامتحان. وأن الرسالة التي أرسلت للطالبة للحضور لأداء الامتحان كانت بخط السيدة المذكورة إذ حتى لو صح كل ما تقدم فإن ذلك لا يقوم دليلاً على نفي الواقعة محل المخالفة التي جوهرها أن المدعي هو الذي أمر باستدعاء الطالبة وسمح لها بدخول الامتحان ولا شك أن دور السيدة هنية إبراهيم حسن هو دور المنفذ لأوامر المدعي كذلك لا وجه لحجاج المدعي في نفي الشطر الأخير من المخالفة الخاص بعمله على الحصول على شهادة طبية بأن الطالبة المذكورة في حالة إسعاف أن طبيب اللجنة لم يذكر في تقريره أن المدعي نفسه هو الذي أحضر الطالبة إليه ذلك لأنه لم يسند للمدعي أنه هو نفسه الذي قدم الطالبة لطبيب اللجنة وإنما أسند إليه أنه عمل على الحصول على الشهادة الطبية بأن الطالبة في حالة إسعاف وهو أمر ممكن أن يتم بواسطة شخص آخر غير المدعي بناء على تكليف منه.
ومن حيث إنه بالابتناء على ما تقدم تكون المخالفات التي أسندت إلى المدعي قد قام الدليل في الأوراق على صحة إسنادها إليه ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد قام على كامل سببه وصدر من مختص بإصداره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق