ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على هذا القرار أنه صدر من رئيس مجلس إدارة الشركة بعد أن صدق عليه رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للكهرباء في 29 من أغسطس سنة 1972، وأنه استند إلى نتيجة التحقيق الذي أجرته إدارة الشئون القانونية بالشركة والذي خلص إلى أن المدعي اتخذ من الشكوى ذريعة للتشهير بالرؤساء والمسئولين بالشركة وذلك بأن ضمن شكواه اتهامات كاذبة ضد رئيس مجلس الإدارة ونسب إليه بغير حق أنه ينأى بتصرفاته عن المصلحة العامة، وكان ذلك في عبارات تضمنت قذفاً وسباً، وعمد في سبيل ذلك إلى تحريف بعض الوقائع التي وصلت إلى علمه بحكم وظيفته، وأنه بذلك يكون قد سلك سلوكاً معيباً وهو الذي يشغل وظيفة رئيسية لها شأنها في الشركة.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محضر التحقيق المشار إليه وعلى الأوراق المتعلقة به، أن الذي أجراه هو محام من الفئة الرابعة بقسم الشئون القانونية بالشركة، بناء على تكليف بذلك من إدارتها، وأنه استهل محضره بأن أثبت حضور المدعي لسماع أقواله في الشكوى المقدمة منه إلى رئاسة الجمهورية في 29 من مايو سنة 1972، وأنه أطلعه على الشكوى المذكورة وسأله عن القصد من تقديمها فأجابه المدعي بأنه هو الذي قدمها ثم أعلن امتناعه عن إبداء أقواله فيما جاء بها إلا أمام ممثل لجهة محايدة، وأضاف أنه سبق أن أبدى أقواله في شأن ما ورد بها أمام المخابرات العامة والرقابة الإدارية، وعلل امتناعه بأن المحقق مرؤوس لرئيس مجلس الإدارة المشكو فيه. وإزاء هذا الامتناع الذي سجله المحقق ووقعه المدعي استمر المحقق في إجراءات التحقيق، فسمع أقوال رؤساء الأجهزة والإدارات التي يتصل عملها بالبيانات الواردة بالشكوى، وأثبت اطلاعه على الملفات والأوراق والمستندات المتعلقة بها وأورد ذلك كله تفصيلاً في محاضر التحقيق، وعقب انتهائه أعد المحقق مذكرة بنتيجته خلص فيها إلى عدم صحة ما جاء بالشكوى من وقائع وبيانات وإلى أنها شكوى كيدية قصد بها التشهير والتطاول وقد اتخذت إدارة الشركة من هذه النتيجة سبباً للقرار المطعون فيه على ما سلف البيان.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن هذا التحقيق قد تم على النحو الذي يتطلبه القانون واستوفى قواعده الأساسية التي يجب توافرها في التحقيقات عامة، فقد حقق الضمان للمدعي لإبداء دفاعه وبيان ما قد يكون لديه من أدلة أو قرائن على صحة شكواه، وإذا كان المدعي قد امتنع عن إبداء أقواله وبيان دفاعه للأسباب التي ساقها، فإنه يكون قد فوت على نفسه هذا الحق ولا يلومن إلا نفسه، لأنه مادامت إدارة الشركة تملك سلطة التحقيق طبقاً لأحكام قانون نظام العاملين بالقطاع العام، فلا وجه لإجبارها على أن تعهد به إلى النيابة الإدارية أو أية جهة أخرى. كما يبين أيضاً أن التحقيق في وقائع الشكوى قد استوفى على الوجه الصحيح الذي يتطلبه القانون.
2- إنه يتضح من مطالعة الشكوى موضوع المساءلة أن المدعي استهلها بذكر القرار الذي أصدره رئيس مجلس إدارة الشركة بوقفه عن العمل، وألمح إلى أن هذا القرار قد أخرجه عن صحته الذي كان يلتزمه كأصل في علاقته بإدارة الشركة - ثم شرع ينسب إلى رئيس مجلس الإدارة أنه: (1) سبق أن وقع عليه جزاء بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه إبان عمله مهندساً بمؤسسة التعاون الإنتاجي في سنة 1964. (2) أنفق في سنة 1970 ألف جنيه دون أن يقدم مستند صرف عنها ورصدت بالسجلات على أنها أديت لخبير عن عملية للشركة بالسودان. (3) خلال رحلة مدتها عشرون يوماً إلى ليبيا عاد ومعه سيارة بيجو 504 موديل سنة 1971 ولم يكن مرخصاً له بمبالغ تسمح بشرائها. ولم تتحرك أي سلطة لبحث الموضوع. (4) كان ينتقل إلى ليبيا عن طريق بعض بلدان أوروبا لغير حكمة واضحة، الأمر الذي آثار تساؤل العاملين في سنة 1970. (5) أمنت الشركة على أثاثها بمبلغ 12 ألف جنيه لدى شركة الشرق للتأمين وهذا النوع من التأمين غير مألوف ولذلك ثار التساؤل عن صاحب المصلحة في هذا التصرف. (6) يستعمل سيارات الشركة في تنقلاته الخاصة خلال المدة من سنة 1967 - سنة 1971 مع أنه يتقاضى بدل انتقال، وتمخضت التحقيقات عن مساءلته واسترداد مبلغ البدل منه. (7) يتميز وهو وأعوانه في الانتفاع بالأموال المخصصة لمصيف العاملين بالشركة فينفق منها على الفوج الخاص به أضعاف ما ينفق على أفواج باقي العاملين. فقد تكلف فوجه بمصيف المعمورة سنة 1971 أربعة آلاف جنيه. (8) مجاملته للمستشار القانوني للشركة بأن خصص له سيارة يستعملها في المصيف على خلاف القواعد المرعية وقد تم ضبطها سنة 1971 في حالة مخالفة وسحب من سائقها أمر الشغل (9) تم تقييم وظائف الشركة في سنة 1969 بلجنة لم يتوفر فيها العنصر القانوني، وزعت فيها الدرجات على المقربين وحرم أصحاب الحقوق - وأبدى استعداده لشرح التفاصيل. (10) جميع عقود الشركة لا تتم وفقاً للقانون وضرب مثلاً عقد استئجار الباخرة نجمة الإسكندرية وصرف دفعة مقدمة للمؤجر دون ضمان. (11) عين رئيس مجلس الإدارة العامل محمد موسى بالشركة وهو ابن أخته، كما عين السيد/ نبيل جاد الله محامياً بدون إعلان ولم يكن مقيداً بجدول المحامين (12) جرى على توزيع المكافآت والمنح والأجور الإضافية لمن يشاء من أنصاره وأعوانه - وضرب مثلاً حصول المستشار القانوني في يناير سنة 1971 ويناير سنة 1972 على مائة جنيه وهو ما يجاوز مرتبه. (13) جميع فواتير إصلاح سيارات الشركة من سنة 1968 - سنة 1971 تتم في القطاع الخاص ومنها سيارة شيفورليه أصلحت بمبلغ 800 ج سنة 1970 وسلمت بدون لجنة تسليم. (14) صرف مقابل نقدي عن اشتراك خطوط الأوتوبيس للمستشار القانوني مع أنه يحصل على مكافأة عمل بالشركة. (15) امتنع عن تنفيذ القرار الصادر في 2/ 4/ 1972 بإنهاء وقفه عن العمل وصرف مرتبه. (16) يضطهده رئيس مجلس الإدارة لأنه لا يوافق على السير في اتجاهات تتعارض وصالح العمل وقال أنه يفضل أن يكون في أقل المناصب على أن يكون مديراً منحرفاً.
ومن حيث إنه يخلص من التحقيق والأوراق الأخرى المودعة أنه بالنسبة للبند (1) من الشكوى تبين أن جزاء بخصم يوم واحد سبق توقيعه على رئيس مجلس الإدارة في سنة 1964 إبان عمله مهندساً بمؤسسة التعاون الإنتاجي، ولم يكن لهذا الجزاء الذي مضت عليه سنين عديدة أثر على ترقيته وتدرجه إلى منصبه الحالي وبالنسبة للبند (2) صدر قرار من مجلس إدارة الشركة باعتماد صرف المبلغ دون مستند في الوجه الذي خصص له ولم تعترض المؤسسة على هذا القرار كما وافقت على الصرف المراقبة العامة لحسابات الشركات الخاضعة لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات. وعن البند (3) ثبت أن رئيس مجلس الإدارة تملك السيارة هبة من شقيقه المقيم بالخارج وبموجب مستندات رسمية معتمدة من السفارة المصرية بواشنطن سنة 1971 وعن البند (4) كان سفره بناء على قرارات من الوزير بالإذن بالسفر إلى بعض بلاد أوروبا في طريقه إلى ليبيا وذلك للتعاقد على شراء مهمات لازمة لعملية تنفذها الشركة في ليبيا. وعن البند (5) ثبت أن التأمين تم على موجودات الشركة وأوراقها الرسمية وأوراق عملائها المودعة لديها وعن البند (6) تبين أن رئيس مجلس الإدارة يسدد قيمة ربع بدل الانتقال طبقاً لفتوى صدرت من مجلس الدولة في سنة 1971 تفسيراً وتنفيذاً للقانون رقم 30 لسنة 1967 وحسماً للخلاف في الرأي حول سريان الخفض المقرر بهذا القانون على بدل الانتقال، وهو خلاف استمر عدة سنوات بالنسبة لكل من يحصلون على هذا البدل. وبالنسبة للبند (7) تبين أن ما جاء به لا دليل عليه كما ثبت عدم صحته من أن رئيس مجلس الإدارة لم يشترك في مصيف الشركة بالمعمورة سنة 1971، وبالنسبة للبند (8) فإنه وإن كان استخدام السيارة في المصيف بالمخالفة للقواعد المرعية كان له أصل ثابت في الأوراق بالنسبة للشخص الذي استخدمها ألا أن المدعي ساق هذا العنصر من الشكوى في صورة مجاملة يسأل عنها رئيس مجلس الإدارة شخصياً وهو إدعاء لا أساس له، بالنسبة للبند (9) فهو اختلافه لمخالفة لا وجود لها لأنه ليس في نظم تقييم وظائف الشركات ما يلزم بإشراك عضو قانوني في عملية التقييم، ولا غاية في إيرادها إلا إثارة الشبهات حول التقييم الذي تم سنة 1969 وحول تطبيقه. وبالنسبة للبند (10) فإن واقعة استئجار الباخرة نجمة الإسكندرية وما اتصل بها من عدم احتياط القائمين بالتعاقد نحو الحصول على ضمان محقق عن المؤجر مقابل دفعة مقدم الإيجار التي حصل عليها حيث اتضح أنه أصدر هذا الضمان بشيك ليس له رصيد، أن هذه الواقعة قد اتخذها المدعي سنداً لقوله إن جميع عقود الشركة تتم بالمخالفة لأحكام القانون، وهو قول يستهدفه في الواقع من الأمر إثارة الشكوك والريب حول عقود الشركة بوجه عام.
وبالنسبة للبند (11) وقد ثبت أن العامل محمد موسى لا تربطه صلة قرابة برئيس مجلس الإدارة كما ثبت أن السيد نبيل جاد الله عين محامياً بالشركة بناء على إعلان مكرر بجريدة الأهرام وأن المدعي كان عضواً باللجنة التي اختبرته عند التعيين. وبالنسبة للبند (12) ثبت أن المستشار القانوني لا يحصل إلا على مكافأة تعادل 30% من مرتبه أي في حدود القانون وأنه حصل على مكافأة تعادل أجر عشرة أيام أسوة بجميع العاملين بالشركة وطبقاً لقرار عام صادر في هذا الشأن ومع ذلك فقد اتخذ الشاكي من الواقعة التي أثارها والتي ثبت عدم صحتها ذريعة لاتهام رئيس مجلس الإدارة اتهاماً مطلقاً بتوزيع أموال المكافآت والمنح على أنصاره وأعوانه بغير حساب. وبالنسبة للبند (13) ثبت أن الشركة تملك ورشة خاصة بها تجرى فيها إصلاح سياراتها وأن السيارة الشيفورليه قد اشتريت قديمة وأجريت لها عمرة بورشة الكرنك بالقطاع الخاص واستلمتها لجنة برياسة رئيس قسم النقل. ثم أصابها تلف بعد ذلك بسبب إهمال السائق في تشحيمها في الموعد المناسب. وقد حقق الشاكي هذه الواقعة بنفسه، وانتهى إلى مسئولية السائق وبعض العمال عن هذا التلف. وبالنسبة للبند (14) فقد ثبت أن الشركة تصرف إلى العاملين بها الذين يقتضي عملهم الانتقال، اشتراكات على خطوط الأوتوبيس وهذا النظام متبع من قبل التحاق المستشار القانوني بها فلم يكن هذا الإجراء وقفاً عليه أو محاباة له. وبالنسبة للبند (15) فقد ثبت أن الشاكي أعلن الشركة بقرار إنهاء وقفه وصرف مرتبه، وقد تم اتخاذ إجراءات الصرف في 22/ 5/ 1972 قبل أن يقدم شكواه. وبالنسبة للبند (16) لم يقدم الشاكي أية واقعة تنبئ عن أن رئيس مجلس الإدارة يحمله على الانحراف أو يدفعه إليه.
ومن حيث إنه يستفاد من هذا السرد المفصل لعناصر الشكوى ولما أسفر عنه تحقيقها أن الشاكي إنما استهدف من شكواه التشهير برئيس مجلس إدارة الشركة وبغيره من المسئولين فيها والتطاول عليهم واتهامهم بما يشينهم ويهدر سمعتهم وكرامتهم، وقد لجأ في سبيل ذلك تارة إلى اختلاق وقائع لا أساس لها من الأصل، وتارة أخرى بإلباس واقعة لا مأخذ عليها ثوب المخالفة، وتارة ثالثة باتخاذ ما قد يكون مخالفة من أحد العاملين أو بعضهم ذريعة لاتهام رئيس مجلس الإدارة بأمور لا يد له فيها ولا تجوز مساءلته عنها. وقد أفصح الشاكي في صدر شكواه وفي عريضة دعواه رقم 120 لسنة 6 القضائية عن أن باعثه على تقديم الشكوى هو الرد على قرار رئيس مجلس الإدارة لوقفه احتياطياً عن العمل في فبراير سنة 1972 للمخالفات التي نسبت إليه آنذاك وأحيل بسببها للتحقيق أمام النيابة الإدارية، وفي ذلك ما يؤكد أن الغاية من الشكوى هي مجرد الكيد والتشهير وليس ابتغاء المصلحة العامة، لا سيما وأنه لم يتعرض فيها لدفع أية مخالفة من المخالفات التي أوقف بسببها، ولم يشر إلى أي دليل أو قرينة على صحة ما ورد بها، ولم يبد أي دفاع عن نفسه في التحقيق متذرعاً بالامتناع بدون وجه حق عن إبداء أقواله فيه مع أنه سبق أن أبداها باعترافه أمام جهات أخرى، ولم يقدم أثناء مراحل نظر دعوى إلغاء قرار الجزاء ما ينفي به اتهامه بتقديم شكوى كيدية.
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة أنه وإن كان حق الشكوى مكفولاً دستورياً ولأن للعامل أن يبلغ عن المخالفات التي تصل إلى علمه توخياً للمصلحة العامة، إلا أنه يتعين عليه عند قيامه بهذا الإبلاغ إلا يخرج عما تقتضيه الوظيفة من توقير الرؤساء واحترامهم وأن يكون قصده من هذا الإبلاغ الكشف عن المخالفات توصلاً إلى ضبطها لا أن يلجأ إليه مدفوعاً بشهوة الإضرار بالرؤساء والكيد لهم والطعن في نزاهتهم على غير أساس من الواقع كما لا يسوغ أن يتخذ من الشكوى ذريعة للتطاول على رؤسائه بما لا يليق أو تحديهم والتشهير بهم. وعلى ذلك فإذا ما خرج العامل في شكواه على هذه الحدود فإنه يكون قد أخل بواجبات وظيفته وارتكب ذنباً يستوجب المؤاخذة والعقاب التأديبي.
ومن حيث إن الثابت فيما تقدم أن المطعون ضده قد ارتكب المخالفة التي بني عليها قرار الجزاء المطعون فيه الذي قضى بخفض وظيفته ومرتبه وأن صدور هذه المخالفة ممن في مثل وظيفة المدعي وثقافته القانونية أمر من شأنه أن يسبغ عليها طابع الجسامة ومن ثم يقتضي تشديد العقاب وعلى ذلك يكون القرار المذكور قد صدر مستوفياً أركانه القانونية ومتفقاً مع حكم القانون فيما قام عليه من سبب وما انتهى إليه من جزاء وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يتعين الحكم بإلغائه فيما قضى به من إلغاء هذا القرار وبرفض الدعوى بالنسبة له.
3- إنه عن القرار رقم 286 الصادر في 12 من سبتمبر سنة 1972 والذي يذهب الطاعن إلى أنه قرار عادي قضى بنقل المطعون ضده إلى الوظيفة المناسبة مراعاة لمقتضيات صالح العمل ومن ثم ينأى عن مجال التأديب فلا تختص به المحكمة التأديبية فإنه يبين من مطالعة هذا القرار مع الإحاطة بالظروف التي صاحبت إصداره أنه صدر عقب صدور قرار الجزاء رقم 264 لسنة 1972 سالف الذكر بأيام معدودات وأنه ارتكن إلى ما تضمنه هذا القرار من خفض وظيفة المطعون ضده إلى الفئة الرابعة ولذلك قضى بنقله إلى وظيفة مفتش إداري من هذه الفئة خارج إدارة الشئون القانونية ومن ثم فإنه يخلص من ذلك أن قرار النقل كان يستهدف استكمال عقاب المطعون ضده بجزاء تكميلي مبني على الجزاء الأول فجاء والحالة هذه مخالفاً لقواعد وأحكام الجزاءات التأديبية الواردة في نظام العاملين بالقطاع العام الذي حدد أنواع هذه الجزاءات على سبيل الحصر ولذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من إلغاء هذا القرار باعتباره قراراً تأديبياً ويكون هذا الشق من الطعن غير قائم على أساس من القانون.
4- إن ولاية المحاكم التأديبية كما حددها قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تشمل اختصاص التأديب المبتدأ واختصاص إلغاء القرارات التأديبية وقد عين القانون نطاق كل منهما وحدد لكل من الدعويين إجراءات خاصة لرفعها ونظرها أمام المحكمة التأديبية فالدعوى التأديبية المبتدأة وهي التي تمارس فيها المحكمة ولاية العقاب تقام طبقاً للمادة 34 من النيابة الإدارية بإيداع أوراق التحقيق وقرار الإحالة قلم كتاب المحكمة المختصة ويجب أن يتضمن القرار المذكور بيان أسماء العاملين وفئاتهم والمخالفات المنسوبة إليهم والنصوص القانونية الواجبة التطبيق أما دعوى الإلغاء وهي التي تمارس فيها المحكمة ولاية إلغاء القرارات التأديبية فتقام بعريضة يودعها صاحب الشأن قلم كتاب المحكمة في المواعيد وبالإجراءات التي حددها القانون ويحدد فيها طلباته بإلغاء القرار المطعون فيه ويضمنها البيانات التي يتطلبها القانون. ومن ثم فإنه لا يجوز طبقاً لهذا النظام القضائي المحدد لكل من الدعويين أن تنظر المحكمة في دعوى تأديبية ما لم تكن قد اتصلت بها بالإجراءات التي حددها القانون على النحو السالف البيان وذلك لأن كلاً من الدعوى التأديبية ودعوى إلغاء القرار التأديبي تستقل عن الأخرى في طبيعتها وفي ولاية المحكمة عليها وفي إجراءات إقامتها ونظرها.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت المحكمة التأديبية وهي بصدد نظر الدعوى رقم 120 لسنة 6 القضائية التي حدد فيها المدعي طلباته بإلغاء قرارين تأديبيين بنيا على تقديمه شكوى كيدية قد تصدت للفصل في مخالفات منسوبة إلى المدعي ولا علاقة لها بالأسباب التي بني عليها القراران المطعون فيهما، بل وكان التحقيق فيها رقم 20 لسنة 1972 كهرباء لا يزال جارياً أمام النيابة الإدارية، فإن فصلها في هذه المخالفات وقضاءها فيها بالبراءة دون أن تكون الدعوى التأديبية المبتدأة قد أقيمت عنها طبقاً للإجراءات سالفة الذكر، يكون قد وقع مخالفاً للقانون، ومن ثم يتعين إلغاء قضاء الحكم في هذه الخصوصية.
5- إن الطعن رقم 866 لسنة 19 القضائية في الحكم الصادر بجلسة 13 من مايو سنة 1973 يقوم على أن المحكمة التأديبية غير مختصة بنظر الدعوى لأن طلبات المدعي فيها، والتي صورها بامتناع الشركة الطاعنة عن تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 120 لسنة 6 القضائية بإلغاء القرار التأديبي رقم 264 الذي قرر مجازاته بخفض فئة وظيفته وخفض راتبه، لا تعدو أن تكون دعوى حقوقية لا تدخل في اختصاص المحكمة التأديبية.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن انتهت في قضائها في الطعن رقم 264 لسنة 19 القضائية إلى أن القرار التأديبي رقم 264 الصادر في 30 من أغسطس سنة 1972 قرار صحيح ولا وجه للطعن فيه أو الحكم بإلغائه، لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد قام على غير أساس من الواقع أو القانون فيما قضى به من إلزام الشركة الطاعنة بتنفيذ إلغاء القرار رقم 264 المذكور على النحو الذي ورد بأسبابه أو منطوقه، ومن ثم يتعين إلغاء هذا الحكم ورفض الدعوى.
6- إن هذه المحكمة سبق أن انتهت في قضائها في الطعن رقم 264 لسنة 19 القضائية إلى إلغاء الحكم الصادر في 27 من يناير سنة 1973 من المحكمة التأديبية فيما قضى به من براءة المدعي من المخالفات التي تصدت المحكمة لنظرها وهي غير مطروحة عليها دون مراعاة للإجراءات القانونية اللازمة لإقامة الدعوى التأديبية المبتدأة عن هذه المخالفات وذلك على التفصيل السالف إيراده، ولما كانت النيابة الإدارية لم تقم الدعوى التأديبية ضد المطعون ضده عن المخالفات المذكورة إلا في 13 من يونيه سنة 1973 بالإجراء الصحيح وقد قيدت بجدول المحكمة التأديبية رقم 94 لسنة 15 القضائية، فإن هذه الدعوى تكون قد أقيمت لأول مرة في التاريخ المذكور، ومن ثم يكون قضاء المحكمة التأديبية بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر منها في 27 من يناير سنة 1973 في دعوى الإلغاء رقم 120 لسنة 6 القضائية قضاء مخالفاً للواقع وللقانون. ويتعين الحكم بإلغائه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لنظرها والفصل في موضوعها أمام دائرة أخرى.
7- إن المحكمة التأديبية قد أمرت في منطوق حكمها المطعون فيه بإقامة الدعوى التأديبية ضد المهندس عن المخالفات التي نسبتها إليه والتي تمثلت في الامتناع عن تنفيذ حكم الإلغاء الصادر في 27 من يناير سنة 1973 تنفيذاً شاملاً وفي المخالفات العديدة التي أوردها المطعون ضده في شكواه المؤرخة 29 من مايو سنة 1972 وهي الشكوى التي كانت سبباً في مجازاته بخفض وظيفته ومرتبه بالقرار رقم 264 الصادر في 30 من أغسطس سنة 1972.
ومن حيث إن المادة 41 من قانون مجلس الدولة والتي استند إليها الحكم فيما أمر به من إقامة الدعوى التأديبية تنص على أنه للمحكمة أن تقيم الدعوى على عاملين من غير من قدموا للمحاكمة أمامها إذا قامت لديها أسباب جدية بوقوع مخالفة منهم، وفي هذه الحالة يجب منحهم أجلاً مناسباً لتحضير دفاعهم إذا طلبوا ذلك وتحال الدعوى برمتها إلى دائرة أخرى بقرار من رئيس مجلس الدولة بناء على طلب رئيس المحكمة". ويستفاد من هذا النص أنه يلزم لإعمال حكمه أن تتبين المحكمة وهي تنظر دعوى تأديبية معينة مطروحة أمامها، أن ثمت أسباباً جدية مستمدة من أوراق هذه الدعوى وتحقيقاتها تقتضي توجيه الاتهام إلى عاملين غير من قدموا للمحاكمة في قرار الإحالة، ومفاد ذلك أن تكون المخالفات التي رأت المحكمة نسبتها إلى هؤلاء العاملين مرتبطة بالدعوى المنظورة ومتفرعة عنها، وآية ذلك أن عبارة المادة تجرى بأن تحال الدعوى "برمتها" إلى دائرة أخرى، أي أن تحال بالنسبة لمن شملهم قرار الإحالة المقدم من النيابة ابتداء وكذلك من وجه إليهم الاتهام من المحكمة أثناء نظر الدعوى. وعلى ذلك فإنه لا يجوز للمحكمة طبقاً لهذا النص أن توجه الاتهام إلى غير من قدموا للمحاكمة أمامها عن مخالفات لا تتصل بالدعوى المنظورة أياً كان المصدر الذي استقت منه المحكمة علمها بهذه المخالفات على فرض وجودها أو صحتها.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت المحكمة التأديبية قد أمرت في حكمها المطعون فيه بإقامة الدعوى ضد رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للمشروعات الكهربائية لاتهامه عن المخالفات التي سلف ذكرها، ولما كانت هذه المخالفات منبتة الصلة تماماً بالمخالفات الواردة في التحقيقات وقرار الاتهام المقدم ضد المطعون ضده، فضلاً على أن قضاء هذه المحكمة في الطعنين رقمي 264 و866 لسنة 19 القضائية سالف البيان قد أفصح عن فساد هذا الاتهام وعدم صحته، لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون في هذا الشق بدوره ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق