جلسة 29 من يونيه سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة - نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
-----------------
(157)
القضية رقم 708 لسنة 18 القضائية
عاملون بالدولة - استقالة - "تأديب" الشطط في تقدير الجزاء.
الانقطاع عن العمل قبل صدور قرار قبول الاستقالة يشكل مخالفة تأديبية تستوجب المؤاخذة - مجازاة العامل في هذه الحالة بالفصل - عقوبة الفصل فيها مغالاة في الشدة خروج على المشروعية - الجزاء المناسب هو خصم عشرة أيام من المرتب - بيان ذلك.
---------------
إنه يبين من الأوراق أن الطاعن التحق بخدمة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يناير 1965 في وظيفة مكتبية من الدرجة الثامنة، وحصل أثناء الخدمة على مؤهل بكالوريوس التجارة في مايو سنة 1970 ومن ثم قدم طلباً لتعيينه في وظيفة من الدرجة السابعة التخصصية من الوظائف المعلن عنها بالجهاز بالإعلان رقم 3 لسنة 1971 وأن قرار تعيينه في هذه الوظيفة صدر في أول مايو سنة 1971 وأنه انقطع عن عمله في 3 من مايو سنة 1971 وقدم طلب استقالة من عمله فرد عليه الجهاز في 16 من مايو بدعوته إلى العودة لعمله وفي 19 من مايو بأن رئيس الجهاز لم يوافق على طلب الاستقالة إلا أنه لم يستجب وظل منقطعاً عن العمل فتقررت إحالته لهذا السبب إلى المحاكمة التأديبية وقد قرر الطاعن في تحقيق النيابة الإدارية أنه انقطع عن عمله لأنه قدم استقالة من وظيفته وأن الباعث على تقديمها هو رغبته في طرق مجال العمل الحر لاسيما وقد تراخى الجهاز في تسوية حالته ووضعه في الوظيفة المناسبة للمؤهل الذي حصل عليه وأضاف أن الجهاز استجاب لطلب استقالة مماثل تقدم به أحد زملائه في إبريل سنة 1971 وأن عمله في الوظيفة الكتابية التي كان يشغلها ليس له من الشأن أو الأهمية ما يدعو الجهاز إلى التمسك به فيهدر بذلك حقه في الاستقالة.
ومن حيث إن انقطاع الطاعن عن عمله وعدم استمراره فيه انتظاراً لقرار الجهة الإدارية بالبت في طلب الاستقالة الذي قدمه فور انقطاعه يعتبر مخالفة للمادة 80 من القانون رقم 46 لسنة 1964 بنظام العاملين المدنيين بالدولة الذي قدم الطلب في ظله كما أن امتناعه عن العودة إلى عمله بعد إبلاغه بالقرار الصادر بإرجاء قبول الاستقالة يشكل مخالفة للمادة 79 من القانون المذكور فإنه يكون والحالة هذه قد خرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته واستحق أن يوقع عليه الجزاء المناسب لهذه المخالفة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالنعي على الحكم المطعون فيه بعدم ملاءمة الجزاء المقضى به فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى في مجال التعقيب على أحكام المحاكم التأديبية بأن الجزاء يجب أن يكون عادلاً بأن يخلو من الإسراف في الشدة أو الإمعان في الرأفة لأن كلا الأمرين مجافي للمصلحة العامة ومن ثم فإن عدم الملاءمة الظاهرة في الجزاء تخرجه عن حد المشروعية فتبطله ولما كان جزاء الفصل من الخدمة الذي أنزله الحكم بالطاعن هو أشد الجزاءات التأديبية ومنتهاها في حكم قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادرة بالقانون رقم 58 لسنة 1971 وفي حكم التشريعات السابقة عليه وإذ جرت أحكام هذه القوانين المتعاقبة على إيراد أنواع الجزاءات التأديبية في صورة متدرجة تبدأ بالإنذار وتنتهي بالفصل من الخدمة وخولت المحاكم التأديبية سلطة توقيع أي من هذه الجزاءات حتى ما كان منها داخلاً أصلاً في نصاب الجهة الإدارية فإنه يتعين والحالة هذه أن توقع المحكمة التأديبية الجزاء الذي تقدر ملاءمته لمدى جسامة الذنب الإداري بغير مغالاة في الشدة ولا إسراف في الرأفة كي يكون حكمها مطابقاً للقانون مبرأ من عيب عدم المشروعية ولما كانت المخالفة التي ارتكبها الطاعن - على ما سلف البيان - لم تبلغ من الجسامة أو الخطر الحد - الذي يقتضي معاقبته عنها بجزاء الفصل من الخدمة، لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لتجاوزه حد المشروعية في تقدير الجزاء الذي قضى به، ومن ثم يتعين إلغاؤه، والحكم بمجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من مرتبه، وهو الجزاء الذي قدرت هذه المحكمة ملاءمته لمدى خطورة الذنب الإداري الذي ارتكبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق