جلسة 29 من يونيه سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
----------------
(156)
القضية رقم 247 لسنة 18 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - إنهاء خدمة "استقالة ضمنية".
المادة 81 من القانون رقم 46 لسنة 1964 - تفسيرها - إذا استبان لجهة الإدارة من تصرفات العامل والظروف المحيطة بانقطاعه عن العمل وضوح نيته في هجر الوظيفة كان لها أن تعتبر خدمته منتهية رغماً عما يكون أبداه خلال فترة الانقطاع من أعذار غير مقبولة - الادعاءات الكاذبة بالمرض التي تستهدف التحايل على تأجيل انتهاء الخدمة لا يسوغ الإصغاء إليها أو التعويل عليها - أساس ذلك ومثال:
----------------
إن القانون رقم 46 لسنة 1964 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة - الذي يحكم واقعة النزاع - قد نص في المادة 81 من النظام المذكور على أن "يعتبر العامل مقدماً استقالته..... إذا انقطع عن عمله بغير إذن خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب إجازته مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز لوكيل الوزارة أو رئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه أن يقرر عدم حرمانه من مرتبه عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك. وإلا وجب حرمانه من المرتب عن هذه المدة، فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل. "ومفاد هذه المادة أن خدمة العامل الخاضع لحكمها تنتهي بما يعتبر استقالة ضمنية أو جزاء في حكمها ابتغاء المصلحة العامة وما تتطلبه من ضرورة حسن سير العمل في المرافق العامة بانتظام واضطراد وذلك إذا ما انقطع العامل عن عمله خمسة عشر يوماً متصلة بدون إذن سابق أو إجازة مرخص له بها باعتبار أن هذا الانقطاع يقيم قرينة قانونية على ترك العمل للاستقالة وترتفع هذه القرينة إذا انتفى الافتراض القائم عليها بتقديم العامل خلال الخمسة عشر يوماً التالية - لا يعد ذلك - ما يثبت أن انقطاعه كان لعذر مقبول تقدره جهة الإدارة وفي هذه الحالة يجوز للرئيس أن يقرر عدم حرمانه من مرتبه عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك، وإلا وجب حرمانه من المرتب عن هذه المدة، فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ انقطاعه عن العمل. وإذ رتب المشرع على انقطاع العامل عن عمله خمسة عشر يوماً متتالية بدون إذن سابق انتهاء خدمته من تاريخ انقطاعه عن العمل بما يعتبر استقالة ضمنية أو جزاء في حكمها فإن جهة الإدارة إذا ما استبان لها من تصرفات العامل ومن الظروف والملابسات المحيطة بانقطاعه عن عمله خمسة عشر يوماً متصلة وضوح نيته في هجر الوظيفة فإنه لا تثريب عليها إن هي أعملت في شأنه حكم المادة المذكورة واعتبرت خدمته منتهية للانقطاع عن العمل رغماً عما يكون قد أبداه خلال فترة انقطاعه هذه أو الخمسة عشر يوماً التالية لها على السواء من أعذار غير مقبولة ذلك أن الواقع من الأمر أن المشرع لم يستهدف من النص على أن يقدم العامل خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول إلا إتاحة أجل أوسع - - له لإبداء عذره - ينتهي بانقضاء الخمسة عشر يوماً التالية للانقطاع وليس بعد ذلك - بحيث إذا تقدم بهذه الأسباب خلال الفترة السابقة بشقيها ورفضت دون ثمة انحراف بالسلطة، اعتبرت خدمة العامل منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل والقول بغير هذا من شأنه أن يصبح منطلقاً للعبث ومدعاة للتلاعب إذ يتيح للعامل الخروج على نطاقه وعدم الخضوع لحكمه لمجرد المبادرة خلال فترة الانقطاع عن العمل بإبداء أعذار غير مقبولة حتى ولو كانت مضللة واضحة الكذب وكان سلوكه يكشف بجلاء عن نيته في هجر الوظيفة وتركها وهو ما يتأبى مع منطق النص وحكمته.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك وكان الثابت على ما سلف بيانه أن المدعي نقل - بدون بدل من منطقة أسوان الطبية إلى المجموعة الصحية بسندبيس بمحافظة القليوبية في 12 من أغسطس سنة 1964 وتراخى في تنفيذ أمر النقل متعللاً بشتى المعاذير حتى 13 من أكتوبر سنة 1964 ودأب منذ تاريخ تسلمه العمل الجديد في هذا التاريخ على الانقطاع عن العمل فترات طويلة وكان يدعي كذباً في بداية كل انقطاع أنه مريض ويطلب إحالته إلى الكشف الطبي وليس أدل على كذبه هذا من أنه كان في كل مرة يتخلف عن المثول أمام القومسيون الطبي لتوقيع الكشف الطبي عليه وكان يتنقل ما بين بلدته ادفو وبين مقر عمله بسندبيس تهرباً من الكشف الطبي فكان إذا ما طلب لتوقيع الكشف الطبي عليه أمام القومسيون الطبي بأسوان لا يذعن ويلوذ بالعودة إلى سندبيس فإذا ما طلب إليه التوجه إلى القومسيون الطبي بالقليوبية للكشف عليه تخلف وانقطع عن عمله ويسافر إلى ادفو حيث يبلغ بمرضه ثانية وهكذا حتى بلغت فترات انقطاعه عن العمل بدون إذن من بداية سنة 1965 إلى 3 من أغسطس سنة 1965 حوالي خمسة أشهر. أما عن الفترة من 23 من أغسطس سنة 1965 - إلى تاريخ انتهاء خدمته في 2 من ديسمبر سنة 1965 فلم يعمل خلالها إلا أياماً قليلة العدد هي تلك التي كان يقطع فيها إجازته يوماً أو بعض يوم تهرباً من المثول أمام القومسيون الطبي للكشف عليه ثم يعاود الانقطاع مرة أخرى وهكذا إلى أن سجل عليه القومسيون الطبي في 5 من ديسمبر سنة 1965 أن حالته طبيعية وأوصى بعدم حساب مدة انقطاعه عن العمل الأخير منذ 18 من أكتوبر سنة 1965 بدعوى المرض إجازة مرضية. وحاصل ذلك أن نية المدعي كانت في الواقع من الأمر قد استقرت منذ نقله إلى سندبيس على هجر وظيفته فتوالى انقطاعه عن العمل على النحو السالف بيانه متذرعاً بالادعاء بالمرض وهي دعاوى ثبت كذبها وبطلانها على نحو لا يسوغ معها الإصغاء إليها أو التعويل عليها بأي حال كما أنه لم يؤد خلال فترات عمله بسندبيس عملاً ما، فقد أفصح طبيب أول المجموعة الصحية بسندبيس عن هذا مراراً ونوه في كتابه المؤرخ في 3 من أغسطس سنة 1965 إلى مدير عام المنطقة الطبية بالقليوبية بأن المدعي لا يقوم بأي عمل إطلاقاً وأنه مثل سيئ للعاملين وطلب سرعة نقله حرصاً على أخلاق العاملين الآخرين بالمجموعة حتى ولو أدى ذلك إلى أن يقوم هو بعمله بصفة مستمرة. وإذا كان الأمر كذلك فإن الادعاءات الكاذبة بالمرض التي كان يتقدم بها المدعي في كل مرة ينقطع فيها عن العمل لم تكن في الواقع من الأمر إلا بهدف التحايل على تأجيل إنهاء خدمته للاستقالة آماداً طويلة يستحل فيها مرتبه والمزايا المالية الأخرى المقررة لوظيفته دون وجه حق.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم وكانت الجهة الإدارية قد انتهت إلى إنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 13 من أكتوبر سنة 1965 للانقطاع بعد أن أعيتها الوسائل وأفهمته أكثر من مرة كان الأمر يقتضي فيها إنهاء خدمته للانقطاع فإن القرار المطعون فيه يكون والأمر كذلك قد صدر صحيحاً مبرءاً من العيوب بما لا وجه للنعي عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق