جلسة 29 من يونيه سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة - نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
-----------------
(155)
القضية رقم 514 لسنة 17 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - "إعارة".
انقطاع العامل عن العمل عقب إجازة مرخص له بها - تعاقده على العمل بالجزائر - يعتبر انقطاعاً عن العمل بغير عذر - عدم جدوى التعلل بالمرض ما دام لم يكن السبب الحقيقي في انقطاعه عن العمل - أساس ذلك - مثال.
-----------------
إن وقائع المنازعة كما أوردها المدعي في صحيفة دعواه، ولا خلاف بينه وبين جهة الإدارة حولها تخلص في أنه بعد أن انتهت إجازته الاعتيادية في 5 من أكتوبر سنة 1969 لم يعد إلى عمله وإنما تعاقد في 15 من أكتوبر سنة 1969 مع حكومة الجزائر على العمل بها واستلم عمله فعلاً في تاريخ تعاقده وأخطر جهة الإدارة بتعاقده وباستلامه عمله بالجزائر كما تخلص وقائع المنازعة كذلك في أن المدعي أبرق إلى الجهة الإدارية ببرقية وصلتها في 12 من نوفمبر سنة 1969 ينبئها أنه مريض، وفي 27 من يناير سنة 1970 وبعد أن كانت برقية المدعي بالإبلاغ عن مرضه وإخطاره بتعاقده على العمل بالجزائر وإقراره باستلامه عمله بها قد وصلت إلى جهة الإدارة أصدرت قرارها بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل دون عذر مقبول.
ومن حيث إن من المبادئ المستقرة أن إعارة العامل من الأمور التي تترخص جهة الإدارة في الموافقة عليها أو رفضها بما لها من سلطة تقديرية وبالتالي فليس صحيحاً ما ذهب إليه المدعي من أنه كان يتعين على الجهة الإدارية أن تتخذ إجراءات إعارته بعد أن أخطرها بتعاقده على العمل مع حكومة الجزائر واستلامه عمله بها ومن ثم يكون انقطاع المدعي عن عمله بسبب قيامه بالعمل بالجزائر الذي تم دون علم الجهة الإدارية وموافقتها هو انقطاع عن عمله دون عذر مقبول.
ومن حيث إن البرقية التي أرسلها المدعي للجهة الإدارية - والتي وصلتها في 12 من نوفمبر سنة 1969 أي بعد نحو ثمانية وثلاثين يوماً من انقطاعه عن العمل بعد انتهاء إجازته وبعد نحو تسعة وعشرين يوماً من تعاقده على العمل مع حكومة الجزائر واستلامه عمله بها والتي يبلغ فيها عن مرضه تكون - في ظل هذه الوقائع - غير ذات موضوع، ذلك أن المرض وعلى فرض ثبوته - لم يكن هو السبب في انقطاع المدعي عن العودة إلى عمله بعد انتهاء إجازته وإنما كان السبب الحقيقي هو تعاقده على العمل مع حكومة الجزائر واستلامه عمله بها ومن ثم فليس هناك جدوى من مناقشة كل ما يدور حول إبلاغ المدعي عن مرضه كعذر للانقطاع عن العودة إلى عمله وهل أبدى في الميعاد أم لم يبد، وهل العبرة بكون العذر معلوماً وقائماً قبل صدور قرار إنهاء الخدمة أم يتعين أن يكون إبداء العذر في الميعاد.. إلخ ما يثار حول هذا الموضوع طالما أن المرض سواء كان قائماً أم كان عذراً منتحلاً لتبرير الانقطاع لم يكن هو السبب الحقيقي للانقطاع وإنما كان السبب الحقيقي لانقطاع المدعي هو تعاقده على العمل مع حكومة الجزائر واستلامه عمله بها فعلاً وبالتالي فإنه لا يكون هناك ثمة محل لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن نية الاستقالة المستفادة من انقطاع العامل عن عمله خمسة عشر يوماً دون عذر تنتفي بمبادرته فور انقطاعه إلى اتخاذ موقف ينفي به أنه قصد بانقطاعه الاستقالة من عمله كأن يبدي عذراً لهذا الانقطاع حتى لو تبين فيما بعد أن هذا العذر كان غير صحيح متى كان الثابت على نحو ما تقدم أن المرض الذي ادعاه المدعي لم يكن هو السبب الحقيقي لانقطاعه عن العمل بعد انتهاء إجازته وإنما كان السبب الحقيقي هو تعاقده على العمل مع حكومة الجزائر واستلامه العمل بها فعلاً دون علم الجهة الإدارية وموافقتها وأن المرض لم يكن إلا ذريعة تذرع بها المدعي لإخفاء السبب الحقيقي لانقطاعه وهو سبب لا ينفي نية الاستقالة بل يؤكدها.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه وقد قضى بإنهاء خدمة المدعي لانقطاعه عن عمله بعد انتهاء إجازته المرخص له بها في سبتمبر سنة 1969 أكثر من خمسة عشر يوماً دون عذر مقبول وقد قام على سبب صحيح ولا وجه للنعي عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق