الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 أغسطس 2023

الطعن 196 لسنة 17 ق جلسة 24 / 11 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 10 ص 25

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

-----------------

(10)

القضية رقم 196 لسنة 17 القضائية

عاملون مدنيون - إعارة 

- تجديد عقد العمل في جامعة أجنبية بغير موافقة الجهة المعيرة يعد تعاقداً شخصياً - تحديد الإعارة من الأمور التي تترخص فيها الجهة المعيرة - التذرع بالمرض لطلب تجديد الإعارة لا ينفي نية الاستقالة - إنهاء الخدمة في هذه الحالة - صحيح - أساس ذلك، ومثال.

-----------------
إن وقائع المنازعة تخلص في أن المدعي - وهو عضو هيئة التدريس بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة كان قد أعير للتدريس بجامعة مانشستر بانجلترا لمدة عامين اعتباراً من 7 من أكتوبر سنة 1962، ثم تجددت إعارته بعد ذلك مرتين كل منهما لمدة عامين، وبذلك تكون إعارته قد انتهت في 6 من أكتوبر سنة 1968 ولكنه لم يعد إلى عمله بجامعة القاهرة بعد انتهاء إعارته، وإنما طالب بتجديد هذه الإعارة لمدة عامين آخرين متذرعاً بأنه يعالج من مرض في عينيه وقد عرض طلبه على مجلس جامعة القاهرة فقرر في 11 من ديسمبر سنة 1968 رفضه وأخطره بالعودة إلى عمله، إلا أنه لم يعد وتقدم بشكوى إلى رئيس الجمهورية أوضح فيها أن جامعة مانشستر تعاقدت معه على العمل بها اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1968 وأنه يتقاضى مرتبه من الجامعة المذكورة ويعالج بالمجان من مرضه والتمس إعادة النظر في طلبه تجديد إعارته في ضوء هذه الاعتبارات، وقد أحيلت هذه الشكوى إلى جامعة القاهرة وعرضت بعد بحثها على مجلس الجامعة فقرر في 8 من يونيه سنة 1968 رفضها وإنهاء خدمة المدعي من تاريخ انقطاعه عن العمل بعد انتهاء مدة إعارته في 6 من أكتوبر سنة 1968.
ومن حيث إن المدعي رغم اعترافه بأن عقده مع جامعة مانشستر ظل يتجدد بعد انتهاء مدة إعارته الأولى إلى الآن، وقد أكدت جامعة مانشستر ذلك بموجب كتابها المؤرخ في 26 من مايو سنة 1972 والمقدم من المدعي، فقد أرسل إلى المحكمة كتاباً أبدى فيه تنصله مما أورده وكيله في صحيفة الدعوى من أنه تعاقد مع جامعة مانشستر بعقد شخصي للعمل بها بعد انتهاء إعارته، بدعوى أنه لم يبرم مع الجامعة عقداً جديداً بعد انتهاء إعارته وإنما ظل العقد الذي كان قد أبرمه مع الجامعة المذكورة إبان إعارته يتجدد حتى الآن.
ومن حيث إنه لا محل لهذا التنصل طالما كان الثابت أن المدعي قد جدد تعاقده مع جامعة مانشستر بعد انتهاء إعارته دون موافقة جامعة القاهرة بل ورفضها هذا التجديد، ذلك أن تجديد المدعي لعقده بعد ذلك لا يعدو أن يكون تعاقداً شخصياً بينه وبين جامعة مانشستر، ولا يغير من هذه الحقيقة أن يكون المدعي قد جدد عقده السابق مع الجامعة المذكورة أم أبرم معها عقداً جديداً إذ أن الأمر يستوي في الحالتين طالما أنه تم بعد انتهاء الإعارة.
ومن حيث إنه لا خلاف في أن تجديد إعارة المدعي من الأمور التي تترخص جامعة القاهرة في الموافقة عليها أو رفضها بما لها من سلطة تقديرية، وأن مرض المدعي - على فرض أنه كان يحول بينه وبين العودة إلى عمله بعد انتهاء إعارته، وهو ما ينفيه استمراره في العمل بجامعة مانشستر - لم يكن موجباً بل ولا مبرراً لتجديد إعارته، وكل ما يمكن أن يترتب عليه من أثر هو حق المدعي في الحصول على إجازة مرضية، وهو الأمر الذي لم يطالب به المدعي أو تتجه إليه نيته، وإنما كان يتعلل بالمرض في المطالبة بتجديد إعارته، ومن ثم فإنه لا جدوى من البحث فيما إذا كان مرض المدعي ثابتاً أم غير ثابت أو أن المدعي اتبع التعليمات التي تضمنها منشور الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بشأن تنظيم الإبلاغ عن المرض للموظفين الموجودين بالخارج، الذي أرسل إليه في أعقاب الشكوى التي تقدم بها إلى رئيس الجمهورية أم أنه لم يتبع هذه التعليمات، ذلك أن التعليمات التي تضمنها هذا المنشور - كما يبين من مطالعتها - خاصة بالإجراءات التي يجب اتباعها للحصول على إجازة مرضية والمدعي لم يكن يستند إلى المرض في المطالبة بإجازة مرضية، وإنما كان يستند إليه في طلبه تجديد إعارته.
ومن حيث إنه لا محل لما استند إليه الحكم المطعون فيه من أن نية الاستقالة المستفادة من انقطاع العامل عن عمله خمسة عشر يوماً دون إذن تنتفي بمبادرته فور انقطاعه إلى اتخاذ موقف ينفي به أنه قصد بانقطاعه الاستقالة من عمله كأن يبدي عذراً في هذا الغياب حتى لو تبين فيما بعد أن العذر كان غير صحيح أو غير مبرر للانقطاع، لا محل لهذا الاستناد طالما أن المدعي لم ينبئ عن مرضه باعتباره عذراً مبرراً لانقطاعه عن العمل بعد انتهاء إعارته وإنما كان يتذرع به في طلب تجديد هذه الإعارة - وهو أمر تترخص فيه جامعة القاهرة بما لها من سلطة تقديرية كما سلف البيان - بل لقد أفصح المدعي بوضوح ومنذ الوهلة الأولى عن نيته في عدم العودة إلى عمله بإبلاغه أنه جدد تعاقده مع جامعة مانشستر وأنه مستمر في العمل بها بعد انتهاء إعارته، وبذلك يكون المدعي قد اتخذ موقفاً يتأكد به - في حالة عدم موافقة جامعة القاهرة على تجديد إعارته - أنه قصد بانقطاعه عن العمل الاستقالة خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم لا تكون جامعة القاهرة قد أخطأت في حق المدعي حين أنهت خدمته، بعد أن امتنع عن العودة إلى عمله بعد انتهاء إعارته بالرغم من إخطاره برفض طلبه بتجديد هذه الإعارة وتكليفه بالمبادرة إلى العودة إلى عمله، وبعد أن وضحت الحقيقة أمام الجامعة وهي أن المدعي لا ينتوي العودة، وأنه جدد - دون موافقتها - عقده مع جامعة مانشستر، وأنه لم يبلغ عن مرضه كعذر مبرر لانقطاعه عن العمل بعد انتهاء إعارته، وإنما كان يتذرع به في طلب الموافقة على تجديد إعارته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق