الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 12 أغسطس 2023

الطعن 1852 لسنة 32 ق جلسة 8 / 5 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 108 ص 1100

جلسة 8 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعلي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد وأحمد حمدي الأمير - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------------

(108)

الطعن رقم 1852 لسنة 32 القضائية

بعثات دبلوماسية وقنصلية - راتب الثلاثة أشهر - حالة الشخص غير المرغوب فيه.
قرار رئيس الجمهورية رقم 913 لسنة 1970 بمنح الراتب المشار إليه - قرار وزير الخارجية رقم 2213 لسنة 1972 بالقواعد التنفيذية - قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982.
يمنح الراتب المشار إليه إذا توافرت إحدى الحالات الآتية:
1 - قطع العلاقات الدبلوماسية.
2 - النقل المفاجئ قبل قضاء المدة المقررة.
3 - العودة بناء على طلب الدولة الأجنبية كحالة اعتبار الشخص غير مرغوب فيه لسبب يتعلق بمهام وظيفته.
4 - العودة بسبب تخفيض العدد المقرر للبعثة والمكاتب الفنية أو إغلاقها.
لا يندرج في الحالة الثالثة اعتبار الشخص غير مرغوب فيه لسبب يتعلق بسلوكه الشخصي أو لارتكابه فعلاً مؤثماً - أساس ذلك: إن الحالات المشار إليها محدودة على سبيل الحصر - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 22/ 4/ 1986 أودع الأستاذ/ محمد عبد المجيد الشاذلي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد أحمد عوض الناظر قام كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1852 لسنة 32 قضائية عليا ضد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات ( أ ) بجلسة 3/ 3/ 1986 في الدعوى رقم 3320 لسنة 38 ق طالباً في ختام تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار والقضاء للطاعن بأحقيته في صرف منحة النقل المفاجئ بفئة الخارج وبذات عمله مونتريال بكندا فضلاً عن أحقيته في صرف المرتبات الإضافية والبدلات وغيرها بالفئة المقررة للمستشار - الوظيفة المعادلة لدرجته المالية - حتى اليوم السابق على ترقيته مديراً عاماً في 15/ 5/ 1982 وبالفئة المقررة للوزير المفوض بذات عمله الخارج التي تصرف بها المرتبات في مونتريال اعتباراً من هذا التاريخ وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 11/ 1/ 1993 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 6/ 2/ 1993 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن وبعد أن استمعت إلى طلبات الطرفين قررت إصدار الحكم فيه بجلسة 10/ 4/ 1993 حيث قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3320 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات ( أ ) بتاريخ 31/ 3/ 1984 ضد المطعون ضده طالباً الحكم له بما يلي:
أولاً: أحقيته في المرتبات الإضافية ومعاملته مالياً المعاملة المقررة للمستشار وأثناء المهمة التفتيشية خلال المدة المقررة لها ومقدارها ستة وعشرون يوماً وبذات عمله البلاد التي تمت المهمة المذكور إليها.
ثانياً: أحقيته في منحه الشهور الثلاثة بفئة الخارج وبذات عمله مونتريال وعلى أساس الراتب المقرر لمدير عام.
ثالثاً: أحقيته في استرداد ما تكبده في حزم ونقل أمتعته التي جاوزت 18 متراً مكعباً بذات العملة التي قام بسدادها بها في مونتريال.
رابعاً: أحقيته في صرف المرتبات الإضافية والبدلات وغيرها بالفئة المقررة للمستشار حتى اليوم السابق على ترقيته مديراً عاماً في 15/ 5/ 1982 وبالفئة المقررة للوزير المفوض بذات عمله الخارج اعتباراً من هذا التاريخ (الدولار الكندي) وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وذكر المدعي شارحاً دعواه أنه يعمل بوزارة الخارجية وبتاريخ 10/ 7/ 1979 صدر القرار رقم 1714 بندبه في مأموريات تفتيشية إلى سفارات مصر في أثينا - بلجراد - بودابست لمدة 22 يوماً مع منحه بدل السفر المقرر عن هذه المدة اعتباراً من تاريخ مباشرة العمل وعلى أن يصرف مرتبه بواقع الديوان بالجنيه المصري ثم عدلت المدة إلى 26 يوماً وقام بها دون أن تصرف إليه المرتبات الإضافية المقررة لقرينه في البعثة الموفد إليها فتقدم عام 1980 بطلب صرف هذه المبالغ إليه استناداً لنص المادة الخامسة من لائحة شروط الخدمة بوزارة الخارجية ثم عاود المطالبة في 9/ 1/ 1984 ولم تجبه الوزارة إلى طلبه.
وبموجب القرار رقم 969 في 9/ 4/ 1981 نقل المدعي للعمل مشرفاً للشئون المالية والإدارية بالقنصلية العامة في مونتريال وتسلم عمله بها اعتباراً من 1/ 6/ 1981 ثم قامت الوزارة بإخطار القنصلية المذكورة في 11/ 5/ 1982 و27/ 5/ 1982 بترقية المدعي لوظيفة كبير باحثين شئون مالية وإدارية بالقرار الوزاري رقم 489 في 15/ 5/ 1982 وردت القنصلية على الوزارة في 7/ 6/ 1982 بحاجتها إلى استمرار عمله بها موضحة أن نقله للديوان العام يحمله خسارة فادحه لا قبل له بتحملها فردت الوزارة بنقله إليها اعتباراً من 1/ 3/ 1983 وأفادت القنصلية وأخطرت الوزارة في 18/ 6/ 1982 بأن الترقية لا تؤثر على وضع المدعي وبقائه في البعثة وأكدت حاجاتها إلى جهوده وخبراته وأن نقله المبكر يضر بوضعه المالي فرفضت الوزارة أولاً العدول عن قراراها ثم عادت وأصدرت قراراً بتاريخ 6/ 11/ 1982 بتعديل موعد تنفيذ النقل إلى 1/ 11/ 1983 وفي الوقت ذاته وفي عامي 1983 و1984 أصدرت الوزارة قرارات بإلحاق بعض العاملين من درجة مدير عام بالسفارات المصرية في الخارج وقد طلب المدعي صرف منحة الشهور الثلاث بفئة الخارج بذات عملة الدولة الكائن بها القنصلية التي يعمل بها (مونتريال بكندا) ورفضت الوزارة بغير سند.
وبتاريخ 22/ 9/ 1983 طلب المدعي من القنصلية نقل أمتعته من منزله بمونتريال إلى منزله بمصر وأرفق بطلبه بيان أمتعته السابق شحنها من مصر عند سفره لاستلام عمله بالقنصلية وكذا الأمتعة التي اشتراها أثناء إقامته بمونتريال والمسجلة بسجل الإعفاء بالقنصلية واعتمد السيد رئيس البعثة البيان المذكور وأرسله للوزراء في 20/ 10/ 1983 وقامت القنصلية بممارسة شركات التغليف على أساس شحن أمتعته بحراً في حدود 18 متراً مكعباً فقط تنفيذاً لتعليمات الوزارة وقام هو بسداد ما جاوز هذا الحجم وقدره 11.1 متراً مكعباً رغم مخالفة ذلك لأحكام المادة 16 من اللائحة التنظيمية للخدمة بوزارة الخارجية، وقد طلب من الوزارة رد ما سدده بعملة كندا فرفضت دون سند.
كما طالب المدعي بصرف المرتبات الإضافية بالفئة المقررة لقرينه في البعثة بمونتريال طوال بقائه بها وحتى إخلاء طرفه تنفيذاً لنقله إلى ديوان عام الوزارة فرفضت الوزارة أيضاً بغير سند.
وإزاء مخافة الوزارة بقراراتها السابقة للأحكام القانونية التي عرضها المدعي تفصيلاً بعريضة دعواه فقد أقام هذه الدعوى بطلباته المشار إليها.
وبجلسة 3/ 3/ 1986 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الطلب الأول للمدعي، وبقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف المرتبات والبدلات الإضافية المقررة لوظيفة مستشار أثناء المهمة التفتيشية التي أوفد إليها لبعض البعثات المصرية بالخارج لمدة ستة وعشرين يوماً وأحقيته في استرداد نفقات حزم ونقل أمتعته التي جاوزت 18 متراً مكعباً، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت كل من المدعي والجهة الإدارية مصروفات الدعوى مناصفة بينهما.
وشيدت المحكمة قضاءها - برفض طلبي المدعي بأحقيته في منحة الشهور الثلاثة بفئة الخارج وعلى أساس المرتب المقرر لمدير عام وأحقيته في صرف المرتبات الإضافية والبدلات وغيرها بالفئة المقررة للمستشار حتى اليوم السابق على ترقيته مديراً عاماً وبالفئة المقررة للوزير المفوض اعتباراً من هذا التاريخ بذات عمله الخارج - بأنه بالنسبة للطلب الأول فإن المناط في استحقاق منحه الثلاثة أشهر بفئة الخارج - وفقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 913 لسنة 1970 وقرار وزير الخارجية رقم 2113 لسنة 1972 أن تتحقق حالة من الحالات الأربع المنصوص عليها في هذين القرارين ومن بينها أن يكون النقل لعضو البعثة أو الملحق بها مفاجئاً ويتحقق المناط في هذه الحالة بتوافر شرطين أولهما أن يتضمن النقل عنصر المفاجأة بالفئة المنقول إليها أي أن يكون النقل غير متوقع بالنسبة إليه والشرط الثاني أن يكون النقل قبل انقضاء المدة المقررة للعضو وأن الثابت من الأوراق أن المدعي رقي إلى درجة المدير العام في 15/ 5/ 1982 وأبلغ بذلك بكتاب الوزارة المؤرخ 23/ 5/ 1982 وأنه لما كانت القواعد السرية لا تجيز إلحاق الإداريين ممن يشغلون هذه الدرجات بالبعثات الخارجية فإن المتوقع له أن ينقل إلى ديوان عام الوزارة وأنه مراعاة من الوزارة لظروفه جعلت تنفيذ النقل من 1/ 3/ 1983 ثم عدلت هذا الموعد إلى 1/ 11/ 1983 مما ينفي تماماً عنصر المفاجأة عند النقل وبالتالي لا يستحق المدعي هذه المنحة.
وبالنسبة للطلب الثاني فقد رأت المحكمة أن مفاد أحكام القانون رقم 57 لسنة 1975 ببعض الأحكام المتعلقة بنظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي أن المشرع سلك مسلكه في تحديد كل من بدل التمثيل وبدل الاغتراب الأصلين والبدلين المذكورين الإضافيين فوق نسبة الأولين وجعلها 100% من أول ربط الدرجة بدل التمثيل لأعضاء السلكين وبدل اغتراب للعاملين من غير الأعضاء وترك تحديد فئات بدل التمثيل الإضافي وبدل الاغتراب الإضافي لقرار يصدر من وزير الخارجية في حدود الاعتمادات المدرجة بالموازنة، وبمراعاة مركز مصر في البلاد المختلفة ومستوى ظروف المعيشة فيها وأجاز المشرع لوزير الخارجية تعديل نسب هذه الفئات بالزيادة أو النقص بعد أخذ رأي اللجنة المنصوص عليها في المادة 5 من القانون المذكور ومن ثم فلا جناح على وزير الخارجية لإصداره القرار رقم 2334 بتاريخ 18/ 9/ 1987 بتحديد نسبة مئوية لبدل التمثيل الإضافي تزيد على نسبة بدل الاغتراب الإضافي الذي يمنح لغير أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي وأنه إذ ثبت للمحكمة أن الوزارة كانت تصرف للمدعي منذ إلحاقه بالبعثة في مونتريال بدل اغتراب أصلي يعادل أول مربوط الدرجة الأولى التي كان يشغلها وقتئذ وبدل اغتراب إضافي بالنسبة المقررة بجدول النسب المعمول به وقتئذ فإنها تكون أعملت في شأنه صحيح حكم القانون.
وأما مطالبته بالمرتبات الإضافية بالفئة المقررة لقرينه في البعثة من تاريخ ترقيته مديراً عاماً في 15/ 5/ 1982 فإنه وفقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 146 لسنة 1958 بلائحة شروط الخدمة بوزارة الخارجية معدلاً بالقرار الجمهوري رقم 564 لسنة 1972 وقرار وزير الخارجية رقم 968 بتاريخ 9/ 4/ 1980 الصادر تنفيذاً له وقرار وزير الخارجية رقم 3628 لسنة 1981 ولا يجوز إلحاق من يشغل درجة مدير عام للعمل في البعثات التمثيلية في الخارج في إحدى الوظائف المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القرار الأخير وبالتالي فإن من تتم ترقيته إلى درجة مدير عان أثناء إلحاقه للعمل في البعثة التمثيلية بالخارج ويصدر قرار بنقله لديوان عام الوزارة بعد فترة معينة تترك له حتى يتسنى له ترتيب أوضاعه وتصفية متعلقاته بالخارج لا يستحق بدلات الاغتراب الأصلية والإضافية على أساس بداية الربط المالي لوظيفة مدير عام ذلك أن البدلات منوط صرفها بشغل وظائف محددة ووظيفة مدير عام ليست ضمن الهيكل الوظيفي للشئون المالية والإدارية بالبعثات الخارجية كما أن فترة تواجد من يرقى إلى هذه الدرجة بالخارج فترة مؤقتة يصطحب خلالها وضعه الوظيفي السابق على الترقية.
وينعى الطعن الماثل على الحكم المذكور الخطأ في تطبيق القانون وتأويله: أولاً: بالنسبة لمنحة النقل المفاجئ فإن المناط في استحقاقها بتمام النقل المفاجئ قبل انتهاء المدة المقررة وإضافة النقل المفاجئ إلى عبارة قبل قضاء المدة المقررة قاطع الدلالة في أن فجائية النقل بعد أن تحددت مدة البقاء في الخارج بثلاث سنوات - تتحقق بأن يتم النقل قبل انتهاء هذه المدة وذلك لأن الحكمة من تقرير هذه المنحة هي مواجهة المصروفات التي يرتبط بها العضو خلال المدة المقررة لبقائه في الخارج هذا بالإضافة إلى أن النقل الذي يرتبط أساساً بصالح العمل لا يمكن توقعه بالنسبة للعامل وإذا كانت هذه هي القاعدة العامة فإنها أولى بالإتباع بالنسبة لنقل عضو البعثة بالخارج والذي يرتبط بالعمل المدة المقررة له سلفاً وهي ثلاث سنوات ولا يصح القول بتوقع النقل بالترقية لوظيفة من درجة مدير عام استناداً للقرار الوزاري رقم 3628 لسنة 1981 ذلك أن القرار المذكور فضلاً عن صدوره باطلاً لعدم أخذ رأي لجنة شئون العاملين وفقاً للمادة 7 من لائحة شروط الخدمة بوزارة الخارجية فإنه باعتباره قراراً إدارياً لا ينسحب إلى تاريخ سابق على صدوره ومن ثم لا يسري على حالات الإلحاق بالبعثات الخارجية السابقة على صدوره علماً بأن الوزارة ذاتها لم تحترم القرار المشار إليه وصدرت عنها عدة قرارات إلحاق بالعمل في الخارج بالنسبة لمديري العموم خلال المدة من 1981 حتى 1985 والتي تضمن تقرير الطعن أمثله لها وأخيراً فإنه مما يؤكد استحقاق المدعي لهذه المنحة المذكورة التي رفعها رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية باقتراح إبقاء من يرقى لوظيفة مدير عام بالبعثات بالخارج لحين إتمام مدته بالكامل لخلو نصوص لائحة شروط الخدمة بالوزارة من حكم يحول دون ذلك وأنه فضلاً عما في هذا الأمر من تحقيق الاستقرار للعاملين فإنه يوفر على الوزارة تكاليف عودتهم وعائلاتهم وسفر من ينقل بدلاً منهم وقد وافق على هذه المذكرة السفير مساعد الوزير للشئون المالية والإدارية.
ثانياً: بالنسبة لصرف المرتبات الإضافية والبدلات وغيرها بالفئة المقررة للمستشار حتى اليوم السابق على ترقية المدعي مديراً عاماً وبالفئة المقررة للوزير المفوض بعد هذا اليوم فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون عليه مردود بما يلي: -
1 - إن المشرع أرسى قاعدة المساواة في المعاملة المالية بين الدبلوماسيين وغيرهم من أعضاء البعثات التمثيلية بتوحيد معايير نسب منح الرواتب دون تفرقة بينهم ومن ثم لا يسوغ لوزير الخارجية تجاوز هذه المعايير بتقرير نسب للدبلوماسيين ضعف ما تقرر لأقرانهم من الإداريين وأنه يبين من سياق نص المادة 5 من القانون رقم 57 لسنة 1975 والخاصة بتقرير البدلات المشار إليها فساد التأويل الذي أخذ به الحكم المطعون فيه من أن وزير الخارجية فوض في تحديد فئات البدلات الإضافية لأن هذا التفويض لم يشر إلى المفارقة بين الطوائف المقررة لها البدلات بل على النقيض من ذلك أوضح وحدة المعايير والضوابط التي يخضع لها هذا التحديد يؤكد ذلك أن الملحقين الفنيين بالمكاتب الفنية الملحقة ببعثات التمثيل في الخارج يمنحون وفقاً للمادة 88 من القانون رقم 45 لسنة 1982 بنظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي المرتبات والبدلات والمزايا العينية والإعفاءات المقررة لوظائف التمثيل المعادلة لوظائفهم بما لا يجاوز الرواتب والمزايا المقررة للوزراء ويمنح من عداهم من العاملين المصريين بهذه المكاتب ذات المرتبات والمزايا والإعفاءات المقررة لنظرائهم من العاملين بتلك البعثات من أعضاء السلك هذا فضلاً عن أن المشرع وقد حرص على منح هذه الرواتب الإضافية لشاغلي درجة مدير عام بذات القيمة المقررة للوزير المفوض أثناء المهام التفتيشية فهي أولى بالنسبة للعاملين الملحقين بالبعثات في الخارج اتساقاً مع مبدأ المساواة بين أصحاب المراكز المتماثلة.
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 913 لسنة 1970 بمنح أعضاء البعثات الدبلوماسية والمكاتب الفنية في الخارج مرتب ثلاثة أشهر بفئة الخارج في بعض الحالات ويمنح الورثة الشرعيين المرتب المذكور في حالة وفاة العضو تنص على أن "يمنح أعضاء البعثات الدبلوماسية والمكاتب الفنية في الخارج مرتب ثلاثة أشهر بفئة الخارج في إحدى الحالات الآتية: -
1 - قطع العلاقات الدبلوماسية.
2 - النقل المفاجئ قبل قضاء المدة المقررة.
3 - العودة بناء على طلب الدواة الأجنبية كحالة اعتبار الشخص غير مرغوب فيه لسبب يتعلق بمهام وظيفته.
4 - العودة بسبب تخفيض العدد المقرر للبعثة والمكاتب الفنية أو إغلاقها..."
وقد أصدر وزير الخارجية القرار رقم 2213 لسنة 1973 بالقواعد المنفذة للقرار الجمهوري المشار إليه ونص في المادة الأولى منه على أنه مع عدم الإخلال بالقواعد المنظمة لتنقلات أعضاء البعثات الدبلوماسية في الخارج والديوان العام تسري أحكام القرار الجمهوري رقم 913 لسنة 1970 على أعضاء البعثات الدبلوماسية اعتباراً من 19/ 5/ 1970 تاريخ صدوره، ونعى في المادة الثانية على أن "يمنح الأعضاء منحة تعادل مرتب ثلاثة شهور بفئة الخارج لمواجهة التزامات النقل المفاجئ في إحدى الحالات الآتية: -
أ - قطع العلاقات الدبلوماسية.
ب - النقل المفاجئ قبل قضاء المدة المقررة.
ج - العودة بناء على طلب الدولة الأجنبية كحالة اعتبار الشخص غير مرغوب فيه بسبب يتعلق بمهام وظيفته وذلك إذا لم ترى الوزارة أن هناك مبرراً مقبولاً منها لاتخاذ هذا القرار من جانب الدولة الأجنبية.
د - العودة بسبب تخفيض العدد المقرر للبعثة والمكاتب الفنية وإغلاقها... وفي كل الأحوال يشترط النص في القرار التنفيذي للنقل على اعتباره نقلاً مفاجئاً......"
وتنص المادة الثالثة من القرار المذكور على أنه "لا تسري القواعد السابقة في الحالات الآتية: -
أ - الأعضاء الذين يعودون إلى ج. م. ع نتيجة لارتكابهم مخالفات أو أخطاء يثبت التحقيق أدانتهم فيها.
ب - الأعضاء الذين يعودون إلى ج. م. ع نتيجة طلبهم قبل قضاء المدة المقررة للخدمة في الخارج.
ج - الأعضاء الذين ينقلون من بعثات إلى بعثات أخرى في الخارج".
وقد أكد القانون رقم 45 لسنة 1982 بإصدار قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي صرف الراتب المذكور للأعضاء المشار إليهم وذلك بنص المادة 37 والتي تقضي بأن يصرف لرؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية والمكاتب الفنية الملحقة بها تعويض يعادل ما كان يتقاضاه العضو فعلاً من مرتب ورواتب إضافية عن مدة ثلاثة أشهر وذلك في حالات النقل المفاجئ التي يقررها وزير الخارجية ووفقاً للشروط والقواعد التي تحددها اللائحة التنظيمية للخدمة بوزارة الخارجية ويبين من استعراض الأحكام المتقدمة أنه فضلاً عن أنها تقرر الراتب المذكور لأعضاء البعثات الدبلوماسية بالخارج دون أن ترد لها إشارة إلى منح هذه الرواتب للعاملين بهذه البعثات في ضوء ما هو معلوم من أنه عند إطلاق عبارة "أعضاء البعثات الدبلوماسية" أو "أعضاء السلك" فإنه يقصد بها شاغلو وظائف ملحق حتى وظيفة سفير من الفئة الممتازة والخاضعون في شئونهم الوظيفية لأحكام وقواعد قانونية خاصة بخلاف سائر العاملين بوزارة الخارجية والذين يخضعون في شئونهم الوظيفية كأصل عام لأحكام قوانين نظام العاملين المدنيين في الدولة، فضلاً عما تقدم فإنه يبين من استقراء الحالات الأربع التي يستحق العضو عند توافر إحداها الراتب محل البحث أنه يحجمها معيار واحد وحكمة واحدة أما المعيار فإنه يتمثل في إجبار عضو البعثة أو المكتب الفني على ترك مقر العمل في الخارج بصورة فجائية لسبب خارج عن إرادته ولا دخل له في تحققه يؤكد ذلك عبارة الحالة الثانية وهي النقل المفاجئ قبل أداء المدة المقررة، وكذا المثال الوارد بالحالة الثالثة وهي حالة اعتبار الشخص غير مرغوب فيه بسبب يتعلق بمهام وظيفته حيث يستفاد بمفهوم المخالفة لهذا المثال أنه إذا اعتبر الشخص غير مرغوب فيه لسبب يتعلق بسلوكه الشخصي أو لارتكابه فعلاً مؤثماً فإنه لا يفيد من حكم المادة المذكورة وتقنيناً لهذا الفهم جاء قرار وزير الخارجية رقم 2213 لسنة 1971 المشار إليه ونص صراحة على أن هذه المنحة لمواجهة التزامات النقل المفاجئ للحالات الأربع سالفة الذكر كما نص على حرمان عضو البعثة الذي يعود لارتكابه مخالفات أو أخطاء يثبت التحقيق إدانته فيها أو بناء على طلبه.
وأما الحكمة من تقرير المنحة في الحالات الأربع المشار إليها فإنها تتمثل في تعويض عضو البعثة أو المكتب بمبلغ جزافي قيمته راتب ثلاثة أشهر بفئة الخارج عما يصيبه من خسائر مادية نتيجة اضطراره لترك مقر البعثة أو المكتب بصورة مفاجئة عند تحقق إحدى هذه الحالات أو لمساعدته - كما عبر قرار وزير الخارجية رقم 2213 لسنة 1972 على مواجهة التزامات النقل المفاجئ ومن ثم فإنه - حتى يتوافر المعيار والحكمة المشار إليهما - لا يكفي صدور القرار بصورة مفاجئة وإنما أن يتم تنفيذ النقل أو العودة إلى البلاد أيضاً بهذه الصورة المفاجئة والتي لا تمنح لعضو البعثة الوقت الكافي والمناسب لتصفية متعلقاته وتسوية حقوقه بما يتجنب معه أي خسارة أو على الأقل بأقل قدر من الخسارة.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على حالة الطاعن فإنه وقد نقل للعمل بالقنصلية العامة في مونتريال وتسلم عمله بها في 1/ 9/ 1981 ثم رقي في 15/ 5/ 1982 لوظيفة من درجة مدير عام ومن ثم تقرر نقله إلى الديوان العام بالقاهرة تنفيذاً للقواعد التنظيمية المطبقة والتي لا تسمح بإلحاق مديري العموم بوظيفة ملحق إداري بالبعثات الخارجية إلا أن الوزارة منحته مهلة لتنفيذ قرار النقل حتى 1/ 3/ 1983 ثم قررت مد هذه المهلة حتى 1/ 11/ 1983 أي أنه منح مهلة بلغت في مجموعها حوالي عاماً ونصف لتنفيذ قرار النقل يتمكن خلالها من تصفية متعلقاته وتسوية حقوقه ومن ثم فإنه إذا قيل أن قرار نقله المشار إليه جاء فجائياً لأنه لم يكن في وسعه توقع وقت الترقية التي كانت السبب في صدور قرار النقل إلا أن تنفيذ هذا القرار لم يكن فجائياً بعد أن منح الطاعن المهلة المشار إليها وتبعاً لذلك فإنه بافتراض إفادة العاملين بالبعثات الخارجية من غير أعضاء هذه البعثات من أحكام منحة النقل المفاجئ فإن الطاعن لا يفيد من هذه الأحكام بالنسبة للحالة محل هذا الطعن لأنه وقد منح المهلة المناسبة لتنفيذ قرار نقله من القنصلية العامة في مونتريال إلى القاهرة فإن قرار النقل المذكور ينتفي عنه وصف النقل المفاجئ حتى وإن تم هذا النقل قبل قضاء مدة العمل بالخارج كاملة وقدرها ثلاث سنوات إذ أنه بالإضافة لما سلف من بيان يحدد المقصود بالنقل المفاجئ فإنه لو أراد المشرع اعتبار كل نقل قبل انقضاء مدة العمل بالخارج نقلاً مفاجئاً لاكتفى في صياغة النص بالنسبة للحالة الثانية بالنقل قبل قضاء المدة المقررة دون أن يقرن هذا النقل بوصف المفاجئ.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما أبداه الطاعن من قيام جهة الإدارة بإلحاق عاملين من درجة مدير عام للعمل بالبعثات الخارجية في أوقات معاصرة ولاحقة على صدور قرار نقله بالمخالفة للقاعدة التنظيمية السارية في هذا الشأن والتي نقل الطاعن تنفيذاً لها ذلك أن مخالفة الإدارة لهذه القاعدة بالنسبة لبعض الحالات إن صح ذلك لا تصلح سبباً للطعن على القرارات الأخرى التي أصدرتها الإدارة وفقاً لهذه القاعدة كما لا تصلح سنداً لاستحقاق الطاعن للمنحة المشار إليها رغم عدم توافر إحدى حالات استحقاقها في حقه.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلب صرف المرتبات الإضافية والبدلات وغيرها بالفئة المقررة للمستشار حتى اليوم السابق على ترقية الطاعن مديراً عاماً وبالفئة المقررة للوزير المفوض بعد هذا التاريخ فإنه يبين من سياق الوقائع أن المقصود بهذه المرتبات الإضافية والبدلات هو بدل الاغتراب الإضافي.
ومن حيث إن المادة (5) من القانون رقم 57 لسنة 1975 ببعض الأحكام المتعلقة بنظام السلكين الدبلوماسي والقنصلي تنص على أن "يمنح بدل تمثيل إضافي لأعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي المعينين بالبعثات في الخارج وبدل اغتراب إضافي للعاملين الملحقين بالبعثات في الخارج من غير أعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي في حدود الاعتمادات المدرجة بالموازنة وبمراعاة مركز مصر في البلاد المختلفة ومستوى ظروف المعيشة فيها وبما لا يجاوز نسب غلاء المعيشة وفقاً للبيانات الرسمية التي تحصل عليها وزارة الخارجية.
ويصدر بتحديد فئات هذين البدلين قرار من وزير الخارجية بعد أخذ رأي لجنة تشكل برئاسة وكيل وزارة الخارجية وعضوية ممثل من كل من وزارة الخارجية ووزارة المالية والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وتعقد اللجنة مرة كل ستة أشهر على الأقل للنظر في تعديل نسب هذه الفئات زيادة ونقصاً بناء على ما تراه وزارة الخارجية في ضوء ما يرد لها من بعثاتها بالخارج وتقارير المفتشين وغير ذلك من البيانات....."
ويبين من هذه المادة أن المشرع بعد أن قرر بالمادتين الثالثة والرابعة بدل التمثيل الأصلي لأعضاء البعثات بالخارج وبدل الاغتراب الأصلي للعاملين بهذه البعثات وحدد كلاً منهما بنسبة 100% من أول الربط المالي للوظيفة قرر بالمادة المذكورة منح هاتين الفئتين بدلاً إضافياً مراعاة لظروف المعيشة بالخارج وأطلق عليه بدل التمثيل الإضافي بالنسبة للأعضاء وبدل الاغتراب الإضافي بالنسبة للعاملين ولم يحدد المشرع بالنص نسبة هذا البدل وإنما فوض وزير الخارجية في تحديد هذه النسبة وتعديلها زيادة أو نقصاً وذلك في ضوء الاعتمادات المدرجة بالموازنة وظروف المعيشة في الدول المختلفة التي توجد بها هذه البعثات، وقد ردد المشرع هذا الحكم تقريباً بالمادة 47 من القانون رقم 45 لسنة 1982 بإصدار قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي ولم يضع المشرع بأي من هذين القانونين ما يلزم وزير الخارجية بتوحيد نسبة هذا البدل بالنسبة للأعضاء والعاملين وإنما ترك للوزير الحرية تحديد النسبة المقررة لأي من هاتين الطائفتين بمراعاة الأعباء والالتزامات المفروضة على أفراد كل طائفة منهما ولا يتقيد في ذلك إلا بالحدود والضوابط المبينة تفصيلاً بالنص ومن ثم فإذا ما جاء قرار وزير الخارجية الصادر بناء على هذا التفويض وغاير في نسبة بدل الاغتراب الإضافي المقرر للعاملين بالبعثات في الخارج على نسبة بدل التمثيل الإضافي المقرر لأعضاء هذه البعثات فلا تثريب عليه في ذلك ولا تصلح هذه المغايرة سبباً للطعن في هذا القرار.
وتطبيقاً لما تقدم وفي ضوء ما ثبت من قيام الوزارة بصرف بدل الاغتراب الإضافي للطاعن وفقاً للنسبة المحددة بقرار وزير الخارجية رقم 2334 لسنة 1978 الصادر في 18/ 7/ 1978 تنفيذاً لحكم المادة (5) من القانون رقم 57 لسنة 1975 سالفة الذكر - وهو الأمر الذي لم يدع الطاعن بما يخالفه - ومن ثم يكون الطاعن قد تقاضى - إبان فترة عمله بالقنصلية العامة في مونتريال - بدل التفرغ الإضافي المستحق له وبالنسبة المقررة قانوناً وتكون مطالبته بصرف هذا البدل إليه بنسبة أعلى على النحو المقرر لوظيفة المستشار (عضوية البعثة) حتى تاريخ ترقيته لوظيفة من درجة مدير عام ثم بالفئة المقررة للوزير المفوض (عضو البعثة) اعتباراً من هذا التاريخ على غير سند من القانون متعينة الرفض هذا فضلاً عما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بحق من عدم استحقاق الطاعن للبدلات الإضافية على أساس الراتب المقرر للوظيفة المرقى إليها (مدير عام) تأسيساً على أن فترة تواجد من يرقى إلى هذه الدرجة بالخارج فترة مؤقتة يصطحب خلالها وضعه الوظيفي السابق على الترقية دون أن يغير مما تقدم ما يترتب على هذا القضاء من جعل العاملين بالبعثات الدبلوماسية في وضع يقل مالياً عن أقرانهم من العاملين بالمكاتب الفنية إذ أن علاج هذه المفارقة يتم بإعادة النظر في أحكام قرار وزير الخارجية الصادر بتقرير نسبة البدلات الإضافية لهؤلاء وليس بالخروج على هذه الأحكام الصادرة صحيحة في ظل سندها التشريعي.
ومن حيث إنه متى استبان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه برفض طلبي الطاعن على النحو السالف بيانه فإنه يتعين رفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق