جلسة 26 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض محمد صالح ومحمد عبد الحميد مسعود - المستشارين.
----------------
(143)
الطعن رقم 1585 لسنة 36 القضائية
ضباط ثورة 23 يوليو سنة 1952 - معاشات استثنائية
- سلطة رئيس الجمهورية في منحها. القانون رقم 71 لسنة 1964 في شأن منح معاشات ومكافآت استثنائية.
الحصول على معاش استثنائي طبقاً للقانون رقم 71 لسنة 1964 لا ينشأ الحق فيه من القانون مباشرة وإنما يترك لتقدير الجهة المختصة حسبما تراه في كل حالة - ناط المشرع برئيس الجمهورية اعتماد قرارات لجنة المعاشات الاستثنائية أو الموافقة على اقتراح الوزير المختص بحسب الأحوال بمنح معاشات أو مكافآت استثنائية لمن حددهم النص على سبيل الحصر ومنهم الذين يؤدون خدمات جليلة للبلاد أو لأسر من يتوفى منهم - سلطة رئيس الجمهورية في هذا الشأن تستخدم في حالات فردية لا ترقى إلى تقرير قواعد عامة مجردة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق الأول من إبريل سنة 1990 أودع الأستاذ/ عبد المؤمن نور الدين المحامي عن السيد الأستاذ/ أحمد جمعه شحاته المحامي، بصفته وكيلاً عن السيد/ إبراهيم الضرغامي أحمد، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1585 لسنة 36 قضائية، ضد السيد/ رئيس الجمهورية، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات ب) الصادرة بجلسة 14/ 2/ 1990، في الدعوى رقم 1370 لسنة 39 القضائية، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات. وطلب في ختام تقرير الطعن - ولما اشتمل عليه من أسباب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقية المدعي في تسوية حالته، طبقاً للقرار الجمهوري رقم 1387 لسنة 1972، بمنحه معاش وكيل الوزارة اعتباراً من 23 يوليو سنة 1972، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وإلزام المدعى عليه بالمصاريف عليه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني فيه وارتأت لما تضمنه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحددت جلسة 26/ 10/ 1992 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وفيها نظر وفيها تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها، إلى أن قررت الدائرة بجلسة 22/ 3/ 1993 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية - موضوع) لنظره بجلسة 24/ 4/ 1993، وفيها نظر، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم - وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن الطاعن أقام أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات ب) الدعوى رقم 1370 لسنة 39 قضائية ضد المطعون ضده بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 15/ 12/ 1984، طالباً في ختام صحيفتها الحكم بأحقيته في أن يمنح طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 1387 لسنة 1972، معاش وكيل الوزارة اعتباراً من 23/ 7/ 1972 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وإلزام المدعى عليه المصروفات.
وقال في بيان أسانيد دعواه، إنه كان ظابطاً بالقوات المسلحة برتبة ملازم أول سلاح الفرسان وفي يوم 22/ 7/ 1952، كان ضابط نوبتجي الآلاي الأول فرسان، وحوالي الساعة 1900 من هذا اليوم نفذ ما حدد له من تجهيز جميع المدرعات بالأسلحة والذخيرة والأجهزة اللاسلكية وأيقظ الجنود، وجهزهم للعمل كمجموعات مدربة للتحرك وقام بعمل سدادات طرق أمام مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة الذي كان أمام مبنى سلاح الفرسان لمنع تحركات العربات الغير مشتركة من قوات الثورة والتحقق من وجهتها، وقبض على بعض الضباط الذين كان يشتبه في عدم ولائهم للثورة ورجالها، ومنهم اللواء/ عبد الرحيم العبودي. وفي حوالي الساعة الثانية من صباح يوم 23 يوليه كلف بالخروج على رأس قوة من الوحدات المدرعة مع النقيب محمد مجدي حسنين أحد قادة الثورة، والملازم أول إبراهيم إسماعيل إبراهيم وكيل أول وزارة الإعلام حالياً للاستيلاء على محطة الإذاعة بأبي زعبل، وتم الاستيلاء عليها وأذيع البيان الأول للثورة، ثم تحرك حوالي الساعة الرابعة إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، حيث نفذ مهام أخرى كلفه بها المشير عبد الحكيم عامر واستمر في خدمة القوات المسلحة إلى حين إحالته للتقاعد وإذ أصدر السيد/ رئيس الجمهورية القرار رقم 1386 لسنة 1972، بمنح بعض الضباط الذين اشتركوا في قيام الثورة معاشاً يعادل معاش الوزير والقرار رقم 1387 لسنة 1972 بمنح البعض الأخر معاشاً يعادل معاش وكيل الوزارة، ولم يرد اسمه في أي من القرارين، فتظلم إلى لجنة الضباط الأحرار وقدم، بناء على طلب سكرتير اللجنة ما يثبت اشتراكه في الثورة، وهي شهادات من السادة/ محمد مجدي حسنين، ومحمد عثمان فوزي إبراهيم إسماعيل إبراهيم، واللواء/ عبد الرحيم العبودي، وهذه الشهادات معتمدة من السيد خالد محي الدين عضو مجلس قيادة الثورة، ورفعت اللجنة تقريرها إلى السيد رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات، غير أنه لم يصدر بشأنه قراراً، فأرسل كتاباً إلى السيد رئيس الجمهورية حسني مبارك، ليصر قراراً بمنحه معاشاً أسوة بزملائه، فورد إليه كتاب السيد/ أمين عام رئاسة الجمهورية رقم 1885 بتاريخ 28/ 3/ 1983، بالإفادة بأن اللجنة المختصة انتهت من بحثها لتظلمه إلى أن تواجده ليلة قيام الثورة كان ضابط نوبتجي وليس بقصد المشاركة في الثورة، وعندما أوضح وأثبت أنه اشترك في الثورة ورد إليه كتاب المدعى عليه رقم 1195 بتاريخ 7/ 5/ 1983، الذي جاء به أن السيد/ توفيق عبده إسماعيل وزير السياحة والطيران المدني أفاد بأن المعاش المقرر للحالات المشابهة كان مائة جنيه أي أنه كان وقتئذ معاشاً يعادل معاش وكيل الوزارة.. وأن هذا المعاش هو نفس المعاش الذي يتقاضاه المدعي حالياً. فقدم المدعي طلباً ثالثاً إلى السيد/ رئيس الجمهورية فجاءه الكتاب رقم 2862 الصادر بتاريخ 25/ 7/ 1983، متضمناً أن السيد/ توفيق عبده إسماعيل وزير السياحة والطيران المدني أفاد بأن اللجنة التي اختصت ببحث هذه التظلمات لم يكن تكن لها الصلاحيات لإصدار قرار نهائي في هذا الشأن، وأن اللجنة قدمت تقريرها إلى السيد/ رئيس الجمهورية الراحل محمد أنور السادات رحمه الله، ولم تقرر فيه بشيء، ولما كان هذا الرد يكشف عن امتناع السيد/ رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك عن إصدار قرار في طلبه، وأنه تظلم من عدم إضافة اسمه إلى أسماء الذين وردت أسماؤهم بقرار رئيس الجمهورية رقم 1387 لسنة 1972، ومنح المدعي معاش وكيل الوزارة اعتباراً من 23/ 7/ 1972 أسوة بزملائه ولتوافر الشروط التي تضمنها القرار لمنح هذا المعاش بشأن المدعي، إلا أنه لم يتلق رداً، لذلك أقام دعواه بغية الحكم له بطلباته.
وبجلسة 14/ 2/ 1990 حكمت المحكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، وألزمت المدعي المصروفات" وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن ما ينعاه المدعي من أن القرار الجمهوري رقم 1387 لسنة 1972 قد استبعده من طائفة الضباط الأحرار الذين وردت أسماؤهم بالكشف المرافق له والذين رؤى منحهم معاشاً شهرياً مقداره مائة جنيه ليس له سند من القانون وذلك أنه لا يوجد ثمة نص يلزم رئيس الجمهورية بمنحه معاشاً استثنائياً وإذا كان السيد/ رئيس الجمهورية قد منح غيره من الضباط الأحرار ذلك المعاش فقد كان ذلك بمحض إرادته دون أي التزام من قبله فلا تثريب عليه إن رفض منح المدعي معاشاً استثنائياً فالأمر كله مرجعه إلى الملاءمات المتروك تقديرها إلى السيد/ رئيس الجمهورية في حدود الإمكانيات المتاحة وتقديره للأعمال والخدمات التي قدمت للبلاد بلا معقب عليه في هذا الشأن ومتى كان ذلك فإن دعوى المدعي تكون مفتقرة إلى السند القانوني خليقة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأنه تشكلت برئاسة الجمهورية لجنة خاصة سميت لجنة الضباط الأحرار، كان من مهامها الأولى تحديد هؤلاء الضباط الأحرار ومنحهم معاشات استثنائية تكريماً لهم عن الدور الذي قاموا به، وقد أسفر عملها عن صدور قراري رئيس الجمهورية رقم 1386 لسنة 1972 بشأن منح بعض الضباط معاشاً يعادل معاش الوزير، ورقم 1387 لسنة 1972 بمنح البعض الآخر معاشاً يعادل معاش وكيل الوزارة، وهذا القراران وضعا قواعد تنظيمية تمنح معاشاً بشروط معينة، ومن ثم فإنه يكون من حق كل من تتوافر في شأنه هذه الشروط أن يطالب بمنحه المعاش إعمالاً لمبدأ المساواة بين جميع من تتساوى مراكزهم القانونية ولا يملك، والحلة هذه رئيس الجمهورية أن يحرم البعض ويمنح البعض الأخر، ولا أدل على ذلك من أنه تم تشكيل لجنة تتلقى تظلمات الضباط الأحرار الذين لم يشملهم هذان القراران وبناء على ذلك فإن الحكم المطعون فيه وإذ ذهب إلى أن سلطة رئيس الجمهورية في هذا الشأن سلطة تقديرية مطلقة يكون قد خالف القانون، وإذ توافرت في المدعي (الطاعن) شروط استحقاقه معاشاً يعادل معاش وكيل الوزارة، على النحو الذي أثبتته المستندات التي قدمها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه. لذلك فإنه يطلب الحكم بإلغاء هذا الحكم والقضاء بأحقيته فيما يطالب به.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 71 لسنة 1964، في شأن منح معاشات ومكافآت استثنائية، تنص على أنه "يجوز منح معاشات ومكافآت استثنائية أو زيادات في المعاشات للموظفين أو المستخدمين والعمال المدنيين والعسكريين الذين انتهت خدمتهم في الحكومة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو لأسر من يتوفى منهم، كما يجوز منحها أيضاً لغيرهم ممن يؤدون خدمات جليلة للبلاد أو لأسر من يتوفى منهم وكذلك لأسر من يتوفى في حادث يعتبر من قبيل الكوارث العامة وتنص المادة الثانية على أن "يختص بالنظر في المعاشات والمكافآت الاستثنائية لجنة تشكل برئاسة وزير الخزانة وعضوية رئيس مجلس الدولة ورئيس الموظفين ولا تكون قرارات اللجنة نافذة إلا بعد اعتمادها من رئيس الجمهورية، ويستثنى من ذلك الموظفون والمستخدمون والعمال الذين يتقرر إنهاء خدمتهم قبل بلوغ السن القانونية فيجوز منحهم معاشات استثنائية بقرار من رئيس الجمهورية بناء على اقتراح الوزير المختص" وتنص المادة الثالثة على أن "تسري على المعاشات والمكافآت الاستثنائية المقررة بمقتضى هذا القانون باقي أحكام قوانين المعاشات المعامل بها من منحت له أو لأسرته هذه المعاشات أو المكافآت أما المعاشات والمكافآت الاستثنائية الأخرى المقررة لأشخاص غير معاملين بأحد قوانين المعاشات الحكومية أو قوانين التأمينات الاجتماعية أو لأسرهم فتسري عليها باقي أحكام القانون رقم 50 لسنة 1963 المشار إليه وكل ذلك مع عدم الإخلال بما يتضمنه القرار الصادر بمنح المعاش أو المكافأة الاستثنائية في بعض الأحوال من أحكام خاصة.
ومن حيث إن الواضح من هذه النصوص أنها خولت رئيس الجمهورية أن يعتمد قرارات لجنة المعاشات الاستثنائية أو الموافقة على اقتراح الوزير المختص بحسب الأحوال، بمنح معاشات أو مكافآت استثنائية، لمن عددهم النص على سبيل الحصر ومنهم الذين يؤدون خدمات جليلة للبلاد أو لأسر من يتوفى منهم وسلطة رئيس الجمهورية المخولة له في هذا الشأن يستخدمها في حالات فردية ولا يمكن أن ترقى هذه السلطة إلى حد تقرير قواعد عامة مجردة فالحق في الحصول على معاش استثنائي إنما يستند إلى تقرير هذا المعاش لأن الحق فيه لا ينشأ رأساً من نص قانوني معين يقرره، ويقرر شروطاً معينة لاستحقاقه، بحيث يكون لكل ذي شأن تتوافر فيه هذه الشروط أن يطالب به بالاستناد إلى هذا النص مباشرة وإنما الأمر في منح تلك المعاشات الاستثنائية موكول إلى تقدير الجهة المختصة حسبما تراه في كل حالة، ووفقاً للأسباب الخاصة التي يترك لها تقديرها.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كان الثابت أن رئيس الجمهورية أصدر، استناداً إلى القانون رقم 71 لسنة 1964، بشأن منح معاشات ومكافآت استثنائية القرار رقم 1387 لسنة 1972 بمنح الضباط الأحرار المحددين بالكشف المرفق بالقرار معاشاً شهرياً قدره مائة جنيه، وفي حالة استحقاق أحدهم معاشاً عن خدمتهم تزيد على ذلك فيمنح المعاش الأكبر، وعلى أن يعمل بهذا القرار من تاريخ مرور عشرين سنة على ثورة 23 يوليو، أي اعتباراً من 23 يوليو سنة 1972، وهذا القرار لا يعدو أن يكون قراراً فردياً برغم تعدد من تقرر لهم به معاش استثنائي، فمن ثم فإنه لا يجوز للمدعي الطاعن أن يستند إليه للمطالبة بمنحه معاشاً استثنائياً أسوة بهؤلاء، إذ أن المرد في منح المعاش الاستثنائي موكول إلى تقدير الجهة المختصة حسبما تراه في كل حالة ووفقاً للأسباب الخاصة التي يترك لها تقديرها، وبناء على ذلك فإن دعوى المدعي (الطاعن) تكون غير قائمة على سند من القانون حرية بالرفض، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الطعن، وإلزام الطاعن المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق