جلسة 13 من إبريل سنة 1974
برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمد بدير الألفي وأبو بكر محمد عطية - المستشارين.
------------------
(104)
القضية رقم 158 لسنة 19 القضائية
"تأديب" "ضمانات التحقيق"
- فصل إحدى الطالبات بدور المعلمات لما نسب إليها من وقائع مشينة تدل على سوء السلوك وتسيء إلى شرف مهنة التعليم - استخلاص هذه الوقائع من تحقيق أجرى مع الطالبة لم تواجه فيه بزميلاتها - لا يخل بضمانات التحقيق - أساس ذلك أن التحقيق ليس له شكل خاص - توقيع عقوبة الفصل المؤقت لمدة أسبوع حتى ينجلي أمرها لا يحول دون توقيع عقوبة الفصل نهائياً - أساس ذلك.
------------------
إن الثابت من الأوراق أن المدعية كانت طالبة بالسنة الثالثة بدار المعلمات بمنهور وقد شكا بعض زميلاتها من سوء سلوكها، وقدمن تقارير إلى مديرة الدار تضمنت وقائع مشينة تدور حول وجود علاقة بينها وبين الدكتور... وترددها على منزل شخص اسمه "محمد" تدعي أنه خالها، ومحاولتها استدراج زميلات لها إلى منزله، وشكهن في عذريتها، واقتنائها لحبوب منع الحمل، وملاحظتهن لوجود مال كثير معها، وقد أحيلت هذه التقارير إلى الأخصائيتين الاجتماعيتين اللتين قدمتا تقارير جاء بها أنه بمواجهة المدعية بأنها على علاقة بأحد الأطباء بدمنهور وأنه يوصفها بسيارته إلى الدار، ذكرت أنه قريبها، فلما ووجهت أنه ينتمي إلى دين غير دينها، أفادت أنه زميل الطبيب قريبها، وأن قريبها أوصاه بها، وقد أنذرتها الأخصائيتان لتقويم سلوكها وطلبتا منها إحضار ولي أمرها، فأحضرت شخصاً اتضح من الاطلاع على بطاقته الشخصية اختلاف لقبه عن لقب والدة المدعية واسمها ولما ووجه بذلك زعم أنه خال غير شقيق، فرفضت الأخصائيتان اطلاعه على أية معلومات، وفي 4 من إبريل سنة 1971 اجتمع مجلس إدارة الدار للنظر في أمر المدعية وقرر فصلها مؤقتاً لمدة أسبوع مع إحالتها إلى العيادة النفسية لمدة أسبوع آخر، وفي يوم 5 من إبريل سنة 1971 استدعت الدار والدة المدعية فحضرت ومعها شقيق المدعية ولما سئلت والدة المدعية عن سلوكها أجابت بأن كريمتها قد سلكت هذا السلوك المعوج منذ كانت في الإعدادية وأن لها حوادث سابقة، وقد داومت على زيارة الدكتور في عيادته الخاصة وقد كلفت ابنها بمراقبتها، كما طلبت من الدكتور عدم زيارتهم في منزلهم لأن ذلك يسيء إلى سمعتهم ووافقت على أن تصرفات ابنتها منافية للسلوك القويم، كما أضافت أن الشخص الذي أحضرته ابنتها مدعية أنه خالها لا يمت إليهم بصلة مطلقاً، وقد وقع شقيق المدعية مع والدته على هذا الإقرار، وفي 18 إبريل سنة 1971 وجهت مديرة الدار إلى مدير عام التربية والتعليم بالبحيرة، كتاباً أرفقت به التقارير الخاصة بالمدعية، وذكرت أن الدار أوقعت عليها عقوبة الفصل أسبوعاً وأحالتها إلى العيادة النفسية لمدة أسبوع آخر، وطلبت الرأي في استبقائها بالدار من عدمه، وقد طلب مدير عام التربية والتعليم بكتابه المؤرخ 22 من إبريل سنة 1971 من مدير الأمن إجراء اللازم للتثبت من صحة الشائعات التي تدور حول علاقة المدعية بالدكتور... وقد رد مدير الأمن بأن تحريات إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن البحيرة دلت على أن المدعية على علاقة غير شريفة بالدكتور المذكور وأنه يعاشرها معاشرة الأزواج وتتحصل منه في مقابل ذلك على مبالغ نقدية وهدايا، وأنها تسعى إلى تحريض زميلاتها على الاقتداء بها، ويتردد أنها حامل وإن كانت التحريات لم تتوصل إلى التأكد من صحة ذلك، وقد أحال مدير التربية والتعليم هذا الرد على الدار وطلب عرض موضوع المدعية على مجلس إدارة الدار في 3 من يوليه سنة 1971 لبحث الموضوع ووافق بالإجماع على فصل المدعية فصلاً نهائياً، وقد صدق على هذا القرار من وكيل مديرية التربية والتعليم في 14 من يوليه سنة 1971 ومن مدير التربية والتعليم في 15 من يوليه سنة 1971.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن هناك تحقيقاً وافياً وشاملاً قد أجري بشأن ما نسب إلى المدعية من وقائع عن سوء السلوك، قبل أن يجتمع مجلس إدارة دار المعلمات بدمنهور لبحث موضوعها، وإصدار قراره بفصلها، وقد توفرت في هذا التحقيق كل الضمانات وفي مقدمتها حق المدعية في الدفاع عن نفسها، فكما سمعت في هذا التحقيق أقوال العديد من زميلات المدعية، سمعت أقوال والدتها وشقيقتها، وقد أجمع الكل على سوء سلوكها وصحة ما نسب إليها من اتهامات، وقد واجهتها الأخصائيتان الاجتماعيتان اللتان عهدت إليهما الدار ببحث حالتها بالاتهامات والوقائع المنسوبة إليها، وسمعتا دفاعها بشأنها وأوردتاه تفصيلاً في تقاريرهن التي عرضت على مجلس إدارة الدار قبل أن يتخذ قراره بفصلها، كما عرض على مجلس إدارة الدار تقرير مكتب أمن الوزارة الذي جاء به أن تحريات إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن البحيرة قد أكدت صحة كل ما نسب إلى المدعية من وقائع مشينة تدل على سوء السلوك وتسيء إلى شرف مهنة التعليم، ومن ثم فليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، من أنه لم يجر تحقيق مع المدعية فيما هو منسوب إليها، وإذا كان من الأمور المسلمة - كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه بحق - أنه ليس لمثل هذا التحقيق شكل خاص، فما كان يسوغ للحكم أن ينعى على التحقيق أنه لم تتوفر فيه الضمانات الكافية بمقولة إن المدعية لم تواجه بزميلاتها، ولا سيما بعد أن أكدت والدتها وشقيقها صحة ما نسب إليها من اتهامات وذكرا أن اعوجاجها وعلاقتها الآثمة بالدكتور...... سابقة على التحاقها بالدار، وبعد أن سلكت المدعية في التحقيق سلوكاً غير مستقيم يؤكد انحرافها، فقد ذهبت إلى أن هذا الدكتور قريبها فلما ووجهت بأنه يدين بدين غير دينها، ذكرت أن أحد أقاربها أوصاه بها، وحين كلفت بإحضار ولي أمرها أحضرت شخصاً لا يمت لها بأي صلة قربى أو ولاية وادعت أنه خالها، كما أنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، من أنه ما كان يجوز للدار بعد أن أوقعت على المدعية عقوبة الفصل لمدة أسبوع لما نسب أن تعود فتقرر فصلها نهائياً لذات الاتهامات، ذلك أن الدار - كما اتضح من مساق الوقائع - لم تقصد حين قامت بفصل المدعية مؤقتاً لمدة أسبوع أن يكون هذا هو قراراها النهائي في شأنها، وإنما قصدت بفصلها أسبوعاً وإحالتها إلى العيادة النفسية لمدة أسبوع آخر إلى أن ينظر في أمرها، والمبادرة إلى اتخاذ إجراء يحول بينها وبين الاستمرار في مخالطة زميلاتها بعد أن ارتفعت أصواتهن بالشكوى من سوء سلوكها ومن محاولاتها حملهن على الاقتداء بها، وذلك إلى أن يتم تحقيق كافة وقائع الاتهامات المنسوبة إليها والتأكد من مدى صحتها وبحث الموضوع من جميع نواحيه لاتخاذ قرار نهائي في شأنه يحقق ما تهدف إليه الدار من تهيئة طلباتها ليكن مواطنات صالحات، وما تقضي به أصول التربية من حماية الطلبات من شوائب سوء سلوك المنحرفات منهن.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، وعلى ما ثبت في حق المدعية - بعد تحقيق توفرت له شكل الضمانات - من اتهامات تنم عن سوء سلوك شديد، يكون القرار الذي أصدره مجلس إدارة دار المعلمات بدمنهور في 3 من يوليه سنة 1971 والذي تصدق عليه من وكيل ومدير التربية والتعليم بالمحافظة طبقاً لما يقضي به قرار وزير التربية والتعليم رقم 65 الصادر في 17 من مايو سنة 69 بشأن تنظيم دور المعلمين والمعلمات، يكون القرار الذي أصدره مجلس إدارة الدار بفصل المدعية قد صدر صحيحاً ومطابقاً للقانون، واستخلص استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجه وتؤدي إليه، وقام على سببه المبرر له، ويكون نعي المدعية عليه غير قائم على أساس من الواقع، أو القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المدعية مع إلزامها بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق