جلسة 21 من يونيه سنة 1980
برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعة.
-----------------
(334)
الطعن رقم 885 لسنة 47 القضائية
إيجار "بيع الجدك". بيع.
بيع المستأجر لمحله التجاري بالجدك. م 594 مدني استئجاره مخزناً من مؤجر آخر استعمله في خدمة المحل المبيع. القضاء بأحقيته في بيع المخزن مع ذلك المحل والتنازل عن إيجار للمشتري دون إذن المؤجر. خطأ في القانون. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 5084 لسنة 1975 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطعون عليه للحكم بإخلائه من المخزن المبين بصحيفتها، وقالت بياناً لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 5/ 1963 استأجر المطعون عليه هذا المخزن، ولكنه تنازل عنه للغير وباعه بالجدك في 27/ 11/ 1972 وإذ كان هذا منه مخالفاً لحكم القانون رقم 52 لسنة 1969 بما يجيز إخلاءه فقد أقام عليه الدعوى، قضت له المحكمة بما طلب فاستأنف المطعون عليه الحكم بالاستئناف رقم 1065 لسنة 93 ق القاهرة، وبتاريخ 9/ 4/ 1977 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بني قضاءه على أن المخزن مثار النزاع خصص منذ استئجاره لتحزين البضائع اللازمة للمحل التجاري الخاص بالمطعون عليه، وأن ذلك لم يكن موضع إنكار من جانب الطاعن، وأنه وقد باع المطعون عليه ذلك المحل بالجدك فإنه يحق له بيع المخزن بوصفه جزءاً منه، في حين أن الطاعن تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف بانتفاء كل رابطة بين المخزن وبين ذلك المحل الذي لا صلة له به وأن المطعون عليه هو وحده الذي افتعل تلك الرابطة بينهما ببيعه إياهما معاً، وأنه لا سند لاعتبار المخزن محلاً تجارياً مما يجوز بيعه والتنازل عن إيجاره عملاً بحكم المادة 594 من القانون المدني، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه علاوة على مخالفته الثابت بالأوراق قد شابه قصور في التسبيب وخالف في قضائه القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن العين مثار النزاع إنما أجرت بقصد استعمالها مخزناً، وكان الطاعن قد تمسك في مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف بجلسة 24/ 2/ 1977 بمغايرة هذا المخزن للمحل التجاري الخاص بالمطعون عليه سواء في الموقع أو في المؤجر له، وأنه مع تحديد الغرض من إيجار تلك العين وهو استعمالها مخزناً فلا يسوغ اعتبارها متجراً، كما أنه لا وجه لاعتبار المخزن مع توابع المحل التجاري التي تباع معه إذ يقوم المحل بدونه، ولما كان قوام أسباب الحكم المطعون فيه أن تخزين البضائع في مخازن تخصص لذلك هو امتداد لنشاط المحل التجاري واستمرار له بما يجعل من المخازن وحدة من وحداته وجزءاً لا يتجزأ منه فيسري عليها ما يسري على المحل من أحكام متعلقة بالتصرف فيه والتنازل عن إيجاره، وأنه وإن كانت عين النزاع قد أجرت لاستعمالها مخزناً إلا أنها قد خصصت منذ استئجارها لتخزين البضائع اللازمة للمحل التجاري الخاص بالمطعون عليه - وإن ذلك لم يكن مثار منازعة من الطاعن - الأمر الذي يجيز للمطعون عليه بيعهما معاً، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بأن الطاعن لم ينازع في ذلك التخصيص على النحو المتقدم يخالف الثابت بدفاعه آنف الذكر الذي نفى فيه ذلك مبدياً أن الربط بين المخزن وبين المحل التجاري لم يقع إلا بفعل المطعون عليه عند بيعه لهما في سنة 1973 وكان إطلاق القول باعتبار المخزن الذي يستأجره التاجر جزءاً لا يتجزأ من محله التجاري الذي يستأجره من مؤجر آخر ويقع في مكان مغاير لمجرد استعماله لذلك المخزن في خدمة المحل وحقه تبعاً لذلك في التنازل عن إيجار المخزن رغم حظر هذا التنازل بحكم العقد، أمر لا يتفق وحكم المادة 594 من القانون المدني - التي استند إليها الحكم المطعون فيه في قضائه، ذلك أنه وإن كانت المادة قد أجازت للمستأجر - إهداراً للشرط الاتفاقي المانع له من التنازل عن الإيجار - أن يتنازل عنه إذا كانت العين المؤجرة منشئاً بها مصنع أو متجر - وبالشروط الأخرى الواردة بالنص - إلا أن ذلك مشروط حتماً بأن يكون استعمالها في هذا الغرض مصرحاً به في العقد أو في القليل مسكوتاً عنه، بأن يتراضى المتعاقدان على استعمال العين في أغراض الصناعة أو التجارة أو لا يحظر المؤجر على المستأجر استعمالها لذلك، أما حيث يحددان في عقد الإيجار الغرض من التأجير على نحو آخر مغاير أو يحظر المؤجر على المستأجر استعمال العين في هذين الغرضين فإن مخالفة المستأجر لهذا الحظر باتخاذه من العين مصنعاً أو متجراً بغير موافقة من المؤجر، يعتبر نقضاً من جانبه لما تم الاتفاق عليه مما يوجب رد مسعاه عليه، فلا يحق له تبعاً لذلك أن يتخذ من هذه المخالفة سبيلاً لمقارفة مخالفة أخرى هي التنازل عن الإيجار على خلاف شروط العقد، إذ في ذلك إهدار للإرادة المشتركة للمتعاقدين وهي قانونهما النافذ في حقهما ما دام في نطاق المشروعية - وخروج بالاستثناء المقرر بنص المادة 594 آنفة الذكر عن مجاله المحدود بغير سند من أحكام القانون أو قواعد تفسير النصوص التشريعية، لما كان ما تقدم. وكان سريان هذا القيد على ما يتخذه المستأجر من مصنع أو متجر في العين المؤجرة على خلاف أحكام العقد يستوجب سريانه من باب أولى مع ما يلحقه بأيهما من أماكن أخرى لخدمته، إذ في القول بغير هذا ما يجيز لمستأجر المصنع أو المتجر أن يلحق بأيهما ما قد يكون مستأجراً له من أماكن أخرى على خلاف نصوص عقودها، توصلاً لبيعها والتنازل عن إيجارها تبعاً للمصنع أو المتجر، الأمر الذي يضفي على التاجر من الحقوق ما لم يأذن به القانون ويخل بالتوازن الواجب بين أطراف العقود، لما كان ما سلف. وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد القول بإلحاق المطعون عليه للعين مثار النزاع بمحله التجاري، سنداً للقول بأحقيته في التنازل عن عقد إيجارها بغير إذن من الطاعن وعلى خلاف نص عقد الإيجار دون أن يراعي الحكم في ذلك ما سلف من قيود على حكم المادة 594 من القانون المدني، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق