الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 24 يونيو 2023

الطعن 616 لسنة 46 ق جلسة 2 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 367 ص 1978

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، عبد الحميد المنفلوطي، عبد المنعم بركة وعلي السعدني.

----------------

(367)
الطعن رقم 616 لسنة 46 القضائية

(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية". تعويض. محكمة الموضوع.
دعوى التعويض. تكييف محكمة الموضوع للفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع.
(2) إيجار. مسئولية. نقض.
تحدى مالك العقار بأن مسئوليته قبل تابع المستأجر عقدية وليست تقصيرية. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3، 4) مسئولية "المسئولية التقصيرية" "مسئولية حارس البناء". إثبات.
(3) مسئولية حارس البناء. استنادها إلى خطأ مفترض في جانبه غير قابل لإثبات العكس. انتفاؤها بنفي علاقة السببية بين الخطأ المفترض والضرر.
(4) حارس البناء. تعريفه. الحراسة. للمالك في الأصل. عدم التزام المستأجر بإخطار المؤجر لإجراء أعمال الصيانة. م 568 مدني. لا يسري في شأن المسئولية التقصيرية للمستأجر.

---------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، إلا أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، وإذ كان الحكم المطعون فيه أحال على أسباب حكم محكمة أول درجة والتي نفت الخطأ عن المضرور بمقولة إن ارتكانه على ساتر الشرفة تصرف عادى ومألوف، إذ أنه ليس من القاطنين بالشقة التي سقطت شرفتها وإنما يتردد عليها بحكم وظيفته فلا يستطيع أن يعلم بأن الشرفة خربة وأن مونة البناء التي تتكون منها قد تحللت، وهي أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، مما يكون معه النعي جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - إذ لم يثبت من الأوراق أن الطاعنة - المالكة - تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المضرور كان تابعاً للمطعون عليها الأخيرة - المستأجرة - التي تربطها بها علاقة إيجارية وأن مسئوليتها لذلك تكون عقدية وليست تقصيرية، ومن ثم لا يقبل منها التحدي بهذا الدفاع الذي يخالطه واقع لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - مسئولية حارس البناء تقوم قانوناً عند تهدم البناء كلياً أو جزئياً وهي تستند إلى الخطأ مفترض في جانب الحارس بإهمال صيانة البناء أو التحديد أو الإصلاح، وهو خطأ لا يقبل إثبات العكس بإقامة الدليل على قيامه بالصيانة أو التجديد أو الإصلاح، وإن كانت المسئولية تنتفي بنفي علاقة السببية بين هذا الخطأ المفترض وبين الضرر بإثبات أن وقوع التهدم - ولو كان جزئياً - لا يرجع إلى إهمال في الصيانة أو قدم البناء أو عيب فيه وإنما يرجع إلى القوة القاهرة أو الخطأ الغير أو خطأ المضرور نفسه.
4 - المقصود بحارس البناء هو من تكون له السيطرة الفعلية عليه لحساب نفسه أو لحساب غيره، فالحراسة تكون في الأصل للمالك ولا تنتقل بالإجارة أو الحيازة للمستأجر - ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك - إذ أن المالك دون المستأجر هو المطالب بتعهد ملكه وموالاته بأعمال الصيانة والترميم، فإذا قصر في ذلك كان مسئولاً عن الضرر الذي يصيب الغير بهذا التقصير، ومن ثم فلا يحق للطاعنة مالكة العقار أن تنفي مسئوليتها التقصيرية عن تهدم العقار وإحداث الضرر بقيام العلاقة التعاقدية بينها وبين المستأجر - المطعون عليها الثالثة - وإذ كان ما نصت عليه المادة 568 من القانون المدني من وجوب قيام المستأجر بإخطار المؤجرة للقيام بإجراء أعمال الصيانة لا يسري على أحوال المسئولية التقصيرية، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي يكون غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثانية أقاما الدعوى رقم 4888 سنة 1974 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطعن والمطعون عليها الثالثة طالبين بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ خمسين ألف ج. وقالا بياناً للدعوى إنه أثناء وقوف ولدهما........ الصحفي بمجلة العمل بمقر النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات والأعمال المالية - المطعون عليها الأخيرة - بشارع........ رقم 2 المملوك لشركة مصر للتأمين - الطاعنة - هوت به الشرفة لضعفها وعدم صيانتها وأودى الحادث بحياته وتحرر عن ذلك محضر العوارض رقم 599 لسنة 1974 "عابدين"، ولما كان سقوط الشرفة نتيجة إهمالها في صيانتها فقد أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان تعويضاً عن الأضرار الأدبية والمادية لفقدهما ولدهما. دفعت الطاعنة بعدم مسئوليتهما لخطأ المجني عليه حين ارتكز على سائر الشرفة مع وضوح الخلل الذي يدركه الرجل العادي، كما أقامت دعوى فرعية ضد المطعون عليها الأخيرة طالبة الحكم لها عليها بما قد يحكم به عليها في الدعوى الأصلية استناداً إلى ما يثبت من تقرير خبير إثبات الحالة في الدعوى رقم 5225 سنة 74 مستعجل القاهرة من أن سقوط الشرفة يرجع إلى أسباب لم تخف على النقابة المستأجرة للشقة الملحقة بها والشرفة، والتي كان عليهما إخطار الطاعنة لأجراء الصيانة اللازمة. وبتاريخ 26/ 6/ 1975 حكمت المحكمة 1 - بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليهما الأولى والثانية مبلغ خمسة آلاف جنيه وبرفض الدعوى الفرعية. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهما برقم 3276 سنة 92 ق، كما أقامت الطاعنة استئنافاً قيد برقم 2276 سنة 92 ق، كما أقامت الطاعنة استئنافاً قيد برقم 3289 سنة 92 ق، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 15/ 4/ 1976 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ستة تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المجني عليه لم يكن يعلم بأن الشرفة خربة وأن مونتها قد تحللت إذ أنه ليس من القاطنين بالشقة وإنما يتردد عليها بحكم وظيفته في حين أن تردده على الشقة بحكم وظيفته يجعله عالماً بحالة الشرفة مما كان يقتضيه تجنيب الاستناد إلى ساترها وهو ما يعيب الحكم بفساد الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولأن كان تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض إلا أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، وإذا كان الحكم المطعون فيه أحال على أسباب حكم محكمة أول درجة والتي نفت الخطأ عن المضرور بمقولة أن ارتكانه على ساتر الشرفة تصرف عادى ومألوف إذ أنه ليس من القاطنين بالشقة التي سقطت شرفتها: إنما يتردد عليها بحكم وظيفته فلا يستطيع أن يعلم بأن الشرفة خربة وأن مونة البناء التي تتكون منها قد تحللت، وهي أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها مما يكون معه النعي جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أساس أن عناصر المسئولية التقصيرية تكتمل في جانب الطاعنة في حين أن المطعون عليها الثالثة تستأجر منها العقار والمضرور تابع لها، ومن المقرر أن المسئولية عن الأضرار التي تصيب المستأجر أو أحد تابعيه مسئولية عقدية وليست مسئولية تقصيرية.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لم يثبت من الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المضرور كان تابعاً للمطعون عليها الأخيرة التي تربطها بها علاقة إيجارية وأن مسئوليتها لذلك تكون عقدية وليست تقصيرية ومن ثم لا يقبل منها التحدي بهذا الدفاع الذي يخالطه واقع لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الأسباب الثالث والخامس والسادس الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون، وفي بيانها تقول الطاعنة أن الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه استند إلى تحقق شرطين لقيام مسئولية الطاعنة حارسة العين المؤجرة أولهما حراسة البناء وثانيهما تهدم البناء، في حين أن الطاعنة لا تضع يدها مادياً على العين المؤجرة بل تضع اليد المطعون عليها الثالثة المستأجرة للعين، كما ثبت بتقرير الخبير أن سقوط الشرفة يرجع إلى تحلل المونة الداخلة في بنائها وهو عيب خفي تجهله الطاعنة ولم تخطرها به المطعون عليها الثالثة المستأجرة الملزمة بهذا الإخطار أخذاً بالمادة 585 مدني خاصة وأن الحكم المطعون فيه سلم بوجود ثمة شروخ ظاهرة بساتر الشرفة فلا يضمنه المؤجر ولا يلزم بتعويض الضرر عنه أخذاً بالمادة 575/ 5 من القانون المدني وبمفهوم المخالفة للمادة 576/ 2 منه - كما أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى الفرعية على أن للمالك الحق في معاينة المكان المؤجر من وقت لآخر ولم يثبت أن المستأجر منعه من مباشرة هذا الحق، مع أن التزم المؤجر بالضمان لا يتحقق إلا إذا أخطره المستأجر بالعيب وعدم قيام المستأجر بواجب الإخطار يسقط بحكم اللزوم كل التزام على المؤجر.
وحيث إن هذا النعي بالأسباب الثلاثة مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة على أساس مسئولية حارس البناء أخذاً بالمادة 177 من القانون المدني، ولما كانت هذه المسئولية تقوم قانوناً عند تهدم البناء كلياً أو جزئياً وهي تستند إلى خطأ مفترض في جانب الحارس بإهمال صيانة البناء أو التجديد أو الإصلاح، وهو خطأ لا يقبل إثبات العكس بإقامة الدليل على قيامه بالصيانة أو التجديد أو الإصلاح وإن كانت المسئولية تنتفي بنفي علاقة السببية بين هذا الخطأ المفترض وبين الضرر بإثبات أن وقوع التهدم ولو كان جزئياً لا يرجع إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه وإنما يرجع إلى القوة القاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور نفسه، وكان المقصود بحارس البناء هو من تكون له السيطرة الفعلية لحساب نفسه لا لحساب غيره، فالحراسة تكون في الأصل للمالك ولا تنتقل بالإجارة أو الحيازة للمستأجر - ما لم يقصد الاتفاق بغير ذلك - إذ أن المالك دون المستأجر هو المطالب بتعهد ملكه وموالاته بأعمال الصيانة. والترميم، فإذا قصر في ذلك التقصير في ذلك كان مسئولاً عن الضرر الذي يصيب الغير بهذا التقصير، ومن ثم فلا يحق للطاعنة مالكة العقار أن تنفي مسئوليتها التقصيرية عن تهدم العقار وإحداث الضرر بقيام العلاقة التعاقدية بينها وبين المستأجر المطعون عليها الثالثة وكان ما نصت عليه المادة 568 من القانون المدني من وجوب قيام المستأجر بإخطار المؤجر للقيام بإجراء أعمال الصيانة لا يسري على أحوال المسئولية التقصيرية، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي بهذه الأسباب يكون غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع تناقص أسبابه وفي بيانه تقول أن الحكم المطعون فيه تضمنت أسبابه أن ظهور الشروخ بساتر الشرفة لا يدل وحده على أنها آيلة للسقوط وأن الانهيار كان بسبب تحلل المونة، في حين ذهب الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى أن ما كانت تحتاجه العين من ترميمات تستوجب خبيراً متخصصاً ثم يقول أن عمال الشركة الطاعنة كان يمكنهم أن يلمسوا التلفيات بساتر الشرفة، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه ليس ثمة تناقض بين ذهب إليه الحكم المستأنف من أن معرفة حالة العين كانت تحتاج إلى خبير متخصص وبين ما أضافه الحكم المطعون فيه من أن مجرد وجود شروخ ظاهرة بساتر الشرفة لا يدل على أنه آيل للسقوط وإنما كان تداعيه وانهياره على ما جاء بتقرير إثبات الحالة سببه تحلل المونة بها وهو عيب خفي، ما كان يأتي العلم به للنقابة المستأجرة أو لزوارها المترددين على مقرها.
لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 29/ 6/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 ص 1454، نقض 20/ 12/ 1979 مجموعة المكتب الفني السنة 30 ع 3 ص 377.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق