الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 يونيو 2023

الطعن 37 لسنة 37 ق جلسة 3 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 120 ص 734

جلسة 3 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن.

-------------

(120)
الطعن رقم 37 لسنة 37 القضائية

عقد. "فسخ العقد". بيع. "نقل". التزام. "استحالة التنفيذ". حكم. عيوب التدليل. ما لا يعد قصوراً.
خروج المبيع من ملكية البائع. استحالة تنفيذ التزامه بنقل الملكية للمشتري. التزامه برد الثمن والتعويض. إغفال الحكم الرد على الدفع بعدم جواز رد الثمن قبل طلب الفسخ. لا قصور.

-----------------
يعتبر الفسخ واقعاً في العقد الملزم للجانبين باستحالة تنفيذه، ويكون التنفيذ مستحيلاً على البائع، بخروج المبيع من ملكه ويجعله مسئولاً عن رد الثمن، ولا يبقي بعد إلا الرجوع بالتضيمنات إذا كانت الاستحالة بتقصيره. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جعل الطاعنة (البائعة) مسئولة عن رد الثمن بسبب استحالة التنفيذ بعد انتقال ملكية الأطيان المبيعة إلى الغير بعقد البيع المسجل، ثم رتب على فسخ البيع إلزام البائع برد الثمن، فإن الحكم يكون مقاماً على أسباب تكفي لحمل قضائه، ولا عليه إن هو أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة (البائعة) في دفاعها من عدم جواز مطالبتها بالثمن قبل طلب الفسخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عبد الرؤوف محمود محمد محمود أقام الدعوى رقم 2 لسنة 1964 مدني دمنهور الابتدائية ضد السيدة/ آيات محمد عبد الرحمن محمود ودسوقي بيومي حموده وعبد العزيز عبد العزيز سيف طالباً الحكم أصلياً بإثبات التعاقد عن الأطيان البالغ مساحتها فداناً وقيراطاً والموضحة بصحيفة الدعوى نظير ثمن قدره 625 ج وتسليمها له ومحو ما عليها من تسجيلات، واحتياطياً إلزام المدعى عليهما الأولى والثاني متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 600 جنيه مع المصاريف والأتعاب في الحالين، وقال بياناً للدعوى إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 24/ 1/ 1956 باعت المدعية الأولى مساحة فدان وقيراط من هذه الأطيان بثمن قدره 625 ج للمدعى عليه الثاني، وإذ كان من حق المدعي أن يشفع في هذه المساحة فقد تنازل له عنها المدعى عليه الثاني ودياً بموجب اتفاق مؤرخ 2/ 2/ 1956 ودفع له مبلغ 500 ج وتعهد بدفع بالباقي وقدره 125 ج للمدعى عليها الأولى، سدد لها مبلغ مائة جنيه بإيصال إلا أنها عمدت على تهريب القدر المبيع فباعته مرة ثانية إلى المدعى عليه الثالث بيعاً صورياً بموجب عقدين سجل أحدهما ولم يسجل الآخر، وانتهى إلى طلب الحكم له بطلباته، ودفعت المدعى عليها الأولى بأن ملكية العين انتقلت فعلاً إلى الغير ولا يجوز طلب رد الثمن إلا بعد طلب الفسخ، وأنه قد تم الاتفاق بينها وبين المدعى عليه الفسخ بموجب عقد مؤرخ 16/ 7/ 1963 يتضمن تصفية الخلافات بينهما وتنازلهما عن الشكاوى المقدمة منهما، وبتاريخ 30/ 3/ 1964 استصدر المدعي الأمر بتقدير دينه قبل المدعى عليها الأولى بمبلغ 600 جنيه كما استصدر الأمر بحجز ما للمدين لدى الغير وأضاف إلى طلباته أثناء نظر الدعوى طلب صحة الحجز، وبتاريخ 20/ 2/ 1964 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تدفع للمدعي مبلغ 600 ج والمصاريف وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وتثبيت حجز ما للمدين لدى الغير الموقع من المدعي تحت يد نفسه وجعله نافذاً. واستأنفت المدعى عليها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها، وقيد الاستئناف برقم 103 سنة 21 قضائية، وبتاريخ 18/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة أن عقد الاتفاق المؤرخ 16/ 7/ 1963 كان يشمل الاتفاق على فسخ البيع موضوع النزاع وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت وبتاريخ 22 نوفمبر سنة 1966 فحكمت في موضوع الدعوى بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة بأن تدفع للمستأنف عليه الأول مبلغ 400 ج والمصروفات المناسبة عن الدرجتين، وتأييده فيما عدا ذلك وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن ولم يحضر المطعون عليهما الثاني والثالث ولم يبديا دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه اعتبر المبلغ الذي دفعته الطاعنة بمقتضى الاتفاق المؤرخ 16/ 7/ 1963 وفاء لجزء من الثمن الذي دفعه لها المطعون عليه الأول مستنداً في ذلك إلى ما قرره شهود الطرفين في التحقيق من أنها دفعت إليه مبلغ مائتي جنيه قيمة نصف فدان من القدر المتنازع عليه باعتبار أن هذا القدر قد شمله الصلح الذي تم بينهما وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون وقصور من وجهين (أولهما) أنه لم يفصح عن تكييفه لاتفاق 16/ 7/ 1963 واعتبر مبلغ المائتي جنيه جزءاً من الثمن رغم أن بنود الاتفاق وأقوال شهود الطرفين صريحة في أن المطعون عليه الأول تخالص نهائياً مع الطاعنة ولا يستحق قبلها أية أطيان زراعية أو عقارات أو أموال سائلة وإذا ظهر لديه عقود أو إيصالات على خلاف ذلك تعتبر لاغية (وثانيها) أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بتصفية الحساب نهائياً بينها وبين المطعون عليه الأول وأنها دفعت مبلغ المائتي جنيه يوم الصلح لحساب هذه التصفية، وقد استندت في ذلك إلى ما هو ثابت بعقد الصلح وإلى ما قرره المطعون عليه الأول في الشكوى الإدارية رقم 2385 سنة 1960 إداري شبراخيت من استلام المطعون عليه الثاني للأطيان موضوع النزاع ووضع يده عليها بعد شرائه لها، وما قرره شهود الطرفين في التحقيق الذي أجرته المحكمة من أن الاتفاق على الصلح كان شاملاً جميع الخلافات التي كانت قائمة بين الطرفين، وقد أغفل الحكم هذا الدفاع ولم يرد عليه وهو ما يعيبه بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الصادر من محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق يبين أن المحكمة كلفت الطاعنة بإثبات أن العقد المؤرخ 16/ 7/ 1963 كان يشمل الاتفاق على فسخ عقد البيع موضوع الدعوى باعتبار أن هذا العقد مبدأ ثبوت بالكتابة لاشتماله على عبارات عامة تفيد إقرار المطعون عليه الأول بإلغاء ما تحت يده من عقود موقع عليها من الطاعنة، كذلك بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على قوله "إنه وقد بان للمحكمة أن أقوال شهود طرفي النزاع أن صلحاً قد جرى بينهما وقد تضمن هذا الصلح في مشروعه الذي ارتضياه ووقعا عليه أن من ضمن القدر المتنازع عليه نصف فدان قد شمله الصلح وأوفت المستأنفة بقيمته التي قدرها مجلس الصلح بمبلغ مائتي جنيه للمستأنف عليه ومن ثم فهي ترى احتساب مبلغ المائتي جنيه من المبلغ المحكوم به وخصمه منه" ومن ذلك يبين أن المحكمة فسرت شروط عقد الصلح على ضوء أقوال شهود الطرفين بأن الصلح قد اقتصر على نصف فدان من القدر المبيع أوفت الطاعنة بقيمته للمطعون عليه الأول ولم يشمل الجزء الثاني. وإذ كان ما قرره الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ لأقوال الشهود وعبارات الاتفاق المؤرخ 16/ 7/ 1963 من تسوية الخلافات التي كانت قائمة بين الطرفين على الأطيان والعقارات والأموال السائلة وتتضمن الرد على ما تمسكت به الطاعنة من أن الاتفاق شمل فسخ البيع فسخاً كلياً وكان الحكم قد رتب على ذلك مسئولية الطاعنة عن رد باقي الثمن الذي قبضته بموجب البيع بعد أن استحال تنفيذه، فإنه لا يكون قد خالف القانون، أو شابه قصور.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليه الأول استرداد المستحق من الثمن المترتب على عقد البيع المؤرخ 24/ 1/ 1956 دون أن يطلب فسخ هذا العقد، وهو من الحكم قصور في التسبيب ذلك أن الفسخ لا يقع إلا بحكم قضائي فلا يجوز طلب استرداد الثمن إلا بعد طلب الفسخ وقد تمسكت الطاعنة أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه الأول أغفل طلب الفسخ إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع، ولا يكفي في ذلك ما قرره الحكم الابتدائي من استحالة تنفيذ العقد لانتقال الملكية إلى المطعون عليه الثاني، ذلك أن فسخ العقد لا يكون إلا بطلب يفصل فيه قبل التعرض لطلب رد الطرفين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الفسخ يعتبر واقعاً في العقد الملزم للجانبين باستحالة تنفيذه ويكون التنفيذ مستحيلاً على البائع بخروج المبيع من ملكه ويجعله مسئولاً عن رد الثمن، ولا يبقى بعد إلا الرجوع بالتضيمنات إذا كانت الاستحالة بتقصيره، وإذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون عليه الأول اعتمد في المطالبة باسترداد الثمن الذي دفعه إلى الطاعنة بموجب عقد البيع المؤرخ 24/ 1/ 1956 وعقد الاتفاق المؤرخ 2/ 2/ 1956، على أنها باعت الأطيان موضوع النزاع إلى المطعون عليه الثاني بعقد بيع مسجل، وأنها تمسكت في دفاعها بأن ملكية العين انتقلت فعلاً إلى الغير، وقد اتفقت على التفاسخ في البيع مع المطعون عليه الأول، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى الاتفاق على التفاسخ، وجعل الطاعنة مسئولة عن رد الثمن بسبب استحالة التنفيذ بعد انتقال ملكية الأطيان المبيعة إلى الغير بعقد البيع المسجل، ثم رتب على فسخ البيع إلزام البائع برد الثمن فإن الحكم يكون مقاماً على أسباب تكفي لحمل قضائه ولا عليه إن هو أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة في دفاعها من عدم جواز مطالبتها بالثمن قبل طلب الفسخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق