الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 3 يونيو 2023

الطعن 3429 لسنة 36 ق جلسة 1 / 6 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 141 ص 1372

جلسة الأول من يونيه سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد – المستشارين.

----------------

(141)

الطعن رقم 3429 لسنة 36 القضائية

(أ) جامعة - أعضاء هيئة التدريس - تأديبهم - سلطة رئيس الجامعة بإحالة العضو المحقق معه لمجلس التأديب.
المادة 105 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 - لرئيس الجامعة سلطة إحالة عضو هيئة التدريس المحقق معه إلى مجلس تأديب - هذه السلطة المخولة لرئيس الجامعة لا يتلقاها مطلقة من غير قيد أو خالصة من غير شرط - يتعين على رئيس الجامعة عند ممارسته هذه السلطة أن يتبع الأصول ويرعى المبادئ مع احترام القانون - نتيجة ذلك: إذا قام به مانع من ممارسة هذه السلطة يتعين عليه أن يتخلى عنها ليحل غيره محله في ممارستها - المقصود بالمانع - إذا لم يحدد القانون المقصود بالمانع يقع على القاضي الإداري تحديده - مثال: يتعين ألا يحيل الموظف إلى المحاكمة التأديبية من قامت بينه وبين هذا الموظف خصومات جدية حتى يطمئن المحال إلى حيدة المحيل وموضوعية الإحالة - تطبيق.
(ب) جامعة - رئيس الجامعة - سلطته - وجود المانع من ممارسته السلطة - الحلول في السلطة.
إذا قام مانع برئيس الجامعة يحول دون ممارسة اختصاصه في إحالة عضو هيئة التدريس إلى مجلس التأديب ولم يكن هناك نص تشريعي يقرر الحلول في هذا الشأن فإن ضرورة سير مرفق الجامعة تفرض على السلطة الأدنى مباشرة من رئيس الجامعة وهي نائب رئيس الجامعة الأقدم الحلول محله في مباشرة هذا الاختصاص - أساس ذلك: قاعدة وجوب استمرار سير المرفق بانتظام وإطراد التي توجب القول بأن تخلى رئيس الجامعة عن مباشرة اختصاصه لقيام مانع يمثل ظرفاً استثنائياً يبرر الخروج على المبدأ العام الذي يقضي بأن صاحب الاختصاص الأصيل هو وحده الذي يمارسه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 20/ 8/ 1990 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن الدكتور...... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3429 لسنة 36 ق في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة قناة السويس بجلسة 31/ 7/ 1990 في الدعويين التأديبيتين رقمي 1، 2 لسنة 1990 المقامتين من جامعة قناة السويس ضد كل من: 1 - الدكتور........ الأستاذ بقسم الصناعات الغذائية بكلية الزراعة بجامعة قناة السويس (الطاعن) 2 - الدكتور....... المدرس بالكلية والذي قضى:
أولاً: برفض الدفع ببطلان تشكيل مجلس التأديب. ثانياً: برفض الدفع بانتهاء ولاية المجلس عند نظر الدعوى. ثالثاً: برفض الدفع ببطلان التحقيق الذي أجري بمعرفة المستشار القانوني بالجماعة. رابعاً: بمجازاة الدكتور........ الأستاذ بقسم الصناعات الغذائية بكلية الزراعة بجامعة قناة السويس بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في صحيفة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً، ووقف تنفيذ القرار الصادر في 31 يوليو سنة 1990 من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة قناة السويس بعزله من الوظيفة، وما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجامعة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 30/ 8/ 1990 أعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضدهما.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفض طلب وقف تنفيذ قرار مجلس التأديب المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه فيما قضى به من مجازاة الطعن بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة وتوقيع الجزاء الذي تقدره المحكمة الإدارية العليا وتراه مناسباً مع المخالفة الثالثة فقط المنسوبة إليه.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10/ 10/ 1990 وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 27/ 3/ 1991 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 27/ 4/ 1991 وقد تم نظر الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسة المشار إليها، حيث قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 1/ 6/ 1991 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الموضوع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الإدارة العامة للشئون القانونية بجامعة قناة السويس أعدت مذكرة في شأن التحقيق رقم 188 لسنة 1988 المتعلقة بضبط العامل........ من قسم الصناعات الغذائية بكلية الزراعة وبحوزته جوال من اللبن الجاف وذلك لحظة خروجه من بوابة الجامعة الرئيسية يوم 21/ 11/ 1988 وانتهت المذكرة إلى إحالة الموضوع إلى النيابة الإدارية والتوصية بعرض المحال الأول (الطاعن) بصفته رئيس قسم الصناعات الغذائية بكلية الزراعية آنذاك على المستشار القانوني لرئيس الجامعة وذلك فيما بدر منه من إصداره الأمر بعدم مثول الآنسة........ أمينة بالقسم للتحقيق معها، وكذلك لعدم تعاونه مع الإدارة في إنجاز التحقيق مما ترتب عليه تعطيل سير التحقيق رغم اختصاصها الأصيل بمباشرته بعد إحالته من رئيس الجامعة وقد أشر الدكتور رئيس الجامعة على هذه المذكرة بالموافقة، كما أحال سيادته الشكوى المقدمة من "المقهورين من قسم علوم الأغذية" متضمنة نسبة بعض الأمور إلى المحال الأول و(الطاعن) بصفته رئيساً للقسم المشار إليه تتمثل في عدم عقده لمجلس القسم ليتمكن من ممارسة الديكتاتورية في اتخاذ القرارات وعدم الجدية والإهمال في أعمال الامتحانات والإهمال في المال العام حيث توجد مئات الكيلو جرامات من اللبن المجفف ألقي بها في الزبالة بحجة عدم صلاحيتها، وفرض السلطة في تسجيلات الدراسات العليا وتوجيه الإهانات لأي زميل يلجأ لمجلس الدراسات العليا أو لمجلس الكلية وإثارة الشائعات ضده وضد كلية الدراسات العليا، وعدم التفرغ لكلية الدراسات العليا مما نتج عنه التأخير في المناقشة، وقد تأشر على هذه الشكوى من الأستاذ رئيس الجامعة بالإحالة إلى المستشار القانوني للجامعة الذي بدأ في إجراء التحقيق حيث وجه استدعاء تليفونياً عن طريق سكرتيرة رئيس الجامعة إلى المحال الأول (الطاعن) بالمثول أمامه بمقر الجامعة بالقاهرة في تمام الساعة الثانية عشر ظهر يوم 20/ 3/ 1989 وعقب ذلك تلقى الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة كتاباً موقعاً من هيئة مكتب نادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وهي مشكلة من المحالين الأول والثاني والدكتور...... برقم 53 في 15/ 3/ 1989 يتضمن احتجاجاً على أسلوب الاستدعاء، إذ كان ينبغي على الأستاذ الدكتور المستشار القانوني الاتصال بالمحال الأول بوصفه رئيساً للنادي لتحديد موعد اللقاء بما يتناسب ومواعيده وارتباطه مع إحاطته علماً مسبقاً بموضوع المقابلة، قد تأشر عليه من رئيس الجامعة بالإحالة إلى الأستاذ الدكتور المستشار القانوني الذي قام بتوجيه استدعاء مكتوب له للحضور بمقر الجامعة بالقاهرة في يوم 27/ 3/ 1989 لسماع أقواله فيما أحاله رئيس الجامعة.
وبتاريخ 1/ 4/ 1989 تلقى المستشار القانوني مذكرة الإدارة العامة للشئون القانونية المؤرخة 30/ 3/ 1990 والمحولة إليه من رئيس الجامعة تفيد بأن المحامي محرر المذكرة توجه إلى المحال الأول بمكتب نادي أعضاء هيئة التدريس وفي حضور السادة الدكتور....... والدكتور...... و...... سكرتير النادي حيث قام المحال الأول برفض الاستلام أو التوقيع بما يفيد ذلك مقرراً ضرورة إخطاره بالبريد وأنه المختص بتحديد ميعاد الحضور، وأن يتم ذلك بمقر الجامعة بالإسماعيلية، وقد أرفق بهذه المذكرة الخطاب والمظروف وكان هذا هو الاستدعاء الثالث الموجه إليه وإزاء ذلك طلب المستشار القانوني إيقاف المحال الأول عن العمل لمصلحة التحقيق فكان له ما أراد حيث صدر قرار رئيس الجامعة رقم 179 لسنة 1989 في 12/ 4/ 1989 بوقف سيادته عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع وقف ربع مرتبه، واستمر المستشار القانوني في مباشرة التحقيق حيث سمع أقوال ذوي الشأن، وأثناء التحقيق وجه المحال الأول كتاباً ضمنه أنه أحجم عن السفر إلى القاهرة حيث إن المقر الرسمي للجامعة هو الإسماعيلية، ولما كان التحقيق يجرى فيها فإنه يرجو أن يحدد له الأستاذ الدكتور المستشار القانوني جلسة لسماع أقواله إعمالاً لحقه في إبداء دفاعه وقد أحيل هذا الكتاب إلى المستشار القانوني الذي تلقى بدوره كتاباً موجهاً إليه من المحال الأول بتاريخ 23/ 5/ 1989 يتضمن الإشارة إلى الكتاب المشار إليه وأنه يجدد استعداده للمثول للتحقيق مع التزامه بعدم التدخل في مجريات التحقيق، وبناء على هذا الكتاب صدر قرار رئيس الجامعة رقم 248 لسنة 1989 في 27/ 5/ 1989 أي قبل مرور ثلاثة أشهر على صدور قرار الإيقاف عن العمل بإلغاء القرار الأخير، ثم وجه إلى المحال الأول الاستدعاء بالحضور إلى التحقيق يوم 3/ 6/ 1989 حيث حضر واطلع على المخالفات محل التحقيق وطلب أجلاً أسبوعين لتحضير مستنداته وشهوده وتحدد لسماع أقواله يوم 17/ 6/ 1989 فحضر في هذا التاريخ وأفاد بأنه لا يطمئن لإجراء التحقيق بمعرفة الأستاذ الدكتور المستشار القانوني لكونه منتدباً كمستشار قانوني لرئيس الجامعة لقاء مكافأة يمنحها له، وأنه تقدم بطلب لوزير التعليم ليندب أستاذ قانون آخر لإجراء التحقيق معه، وفي ضوء ما تقدم أعد المستشار القانوني مذكرة مؤرخة 2/ 12/ 1989 خلص فيها إلى أن الغاية التي يستهدفها المحال الأول من كل ذلك هي تعطيل سير التحقيق بعدم مثوله أمام المحقق وأن الواقعات محل التحقيق ثبتت في سير التحقيق الأمر الذي يكون معه قد ارتكب مخالفات لأحكام المواد 58، 96، 97، 98 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 ولأحكام المواد 39 و42 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات وللمادتين 76، 77 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وانتهى رأيه في ختام مذكرته إلى طلب إحالته إلى مجلس التأديب، وقد أشر رئيس الجامعة على هذه المذكرة بالموافقة.
وبتاريخ 17 ديسمبر سنة 1989 أصدر رئيس الجامعة القرار رقم 516 لسنة 1989 بإحالة الدكتور....... إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لمحاكمته تأديبياً عما هو منسوب إليه من إخلاله بمقتضى الواجب الوظيفي والسلوك الجامعي المنوط بقيامه به خلال فترة عمله بكلية الزراعة بارتكابه المخالفات الآتية:
1 - إهماله في الإشراف والمتابعة لأعمال القسم الذي يرأسه وما يترتب على ذلك من اتباع مرؤسيه الإجراءات المخزنية الصحيحة لتخزين 550 كيلو جراماً من الألبان المجففة بتركها خارج مبنى القسم وعدم استخدامها للأغراض المخصصة لها وما يترتب على ذلك من فساد معظمها وسهل قيام....... العامل بذات القسم بسرقة 25 كيلو جراماً من هذه الألبان يوم 10/ 11/ 1988.
2 - إخلاله بمقتضى الأمانة الواجبة حين قرر تشكيل لجنة لفحص الألبان المشار إليها في وقت غير مناسب عقب ضبط واقعة سرقة بعضها إقراره لنتيجة أعمال هذه اللجنة رغم مخالفتها للشروط الواجب اتباعها في شأن هذه الألبان الأمر الذي يحيط أعمال اللجنة وما انتهت إليه بالشك والصورية.
3 - تعمده تعطيل سير التحقيق رقم 1188 لسنة 1988 الذي تجريه الشئون القانونية بالجامعة بقيامه بالتنبيه على إحدى مرؤسيه الآنسة........ أمينة المعمل بذات القسم الذي يرأسه بعدم المثول أمام جهة التحقيق المذكور.
4 - تقاعسه عن مباشرة أعماله كرئيس لمجلس القسم بتعمده دون مبرر عدم دعوة مجلس القسم لمباشرة الأعمال المكلف بها قانوناً.
5 - إهماله في الإشراف على أعمال القسم الذي يرأسه بسماحه السيد الدكتور........ والسيدة الدكتورة........ المدرسين بذات القسم دون مشاركة غيرهما بوضع أسئلة مادة كيمياء تحليل أسماك دور نوفمبر سنة 1988 لطلبة الفرقة الرابعة وما ترتب على ذلك من آثار وعدم قيامه دون وجه حق مبرر باتخاذ الإجراءات اللازمة والمناسبة للشكوى المقدمة ضد الدكتور...... المدرس بذات القسم.
6 - عدم مراعاة السلوك الواجب كأحد أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وإساءته إليها بصفة عامة وإلى كلية الطب وأعضاء هيئة التدريس بها بصفة خاصة دون وجه حق في النظام التعليمي للكلية المذكورة وأسلوب إدارتها مستغلاً بذلك رئاسته لنادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وقت رئاسته له، ونسبته أفعالاً لإدارة الكلية تمس نزاهتها وانتماءها الوطني دون الواقع بهدف الإساءة لهذه الكلية.
وبجلسة مجلس التأديب المعقودة في 17/ 7/ 1990 حضر الدفاع عن المحال الأول (الطاعن) وطلب الحكم أصلياً ببطلان قرار تشكيل مجلس التأديب بكامل هيئته، واحتياطياً بانتهاء ولاية المجلس بتشكيله الحالي عند نظر الدعوى، وعلى سبيل الاحتياط الكلي ببطلان التحقيق الذي تم، وعدم التعويل عليه وإعادة التحقيق من جديد وعلى سبيل الاحتياط الشامل بقصور التحقيق وطلب استكماله وتقديم باقي المخالفين للمحاكمة، وعلى سبيل الاحتياط النهائي ببراءة المحال من جميع المخالفات المنسوبة إليه.
وبجلسة 31/ 7/ 1990 أصدر مجلس التأديب قراره المطعون فيه والذي قضى برفض الدفع ببطلان تشكيل مجلس التأديب والدفع بانتهاء ولاية المجلس عند نظر الدعوى والدفع ببطلان التحقيق الذي أجري بمعرفة المستشار القانوني بالجامعة ومجازاة الطاعن بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.
وقد انتهى مجلس التأديب إلى براءة الطاعن من بعض المخالفات المنسبة إليه وهي تسببه في فساد كمية الألبان المجففة أو فساد معظمها وتقاعسه عن مباشرة أعماله كرئيس لمجلس القسم بعدم دعوته للانعقاد وإهماله الإشراف على أعمال القسم بالنسبة لوضع أسئلة مادة الكيمياء تحليل أسماك وعدم اتخاذه الإجراءات اللازمة والمناسبة في الشكوى المقدمة ضد المحال الثاني.
وأدان المجلس الطاعن في باقي المخالفات وهي الإهمال في اتخاذ الإجراءات المخزنية الصحيحة بعدم تشكيل لجنة للوقوف على الصالح وغير الصالح من اللبن، وتشكيل لجنة لتكهين الكمية كلها من اللبن باعتبارها غير صالحة وتعمده تعطيل التحقيق الذي تجريه الشئون القانونية والإهمال في الإشراف على أعمال القسم بالنسبة لتصحيح أوراق الأسئلة بمعرفة المحال الثاني وخروجه على السلوك الواجب اتباعه كعضو هيئة التدريس.
وقد أسس المجلس قضاءه بالنسبة للمخالفة الأولى على أن الطاعن وقد قرر إخراج كمية اللبن من مكانها المحفوظة به لسوء حالتها كان لزاماً عليه أن يأمر بتشكيل لجنة من أعضاء هيئة التدريس بالقسم والفنيين والإداريين به لجرد هذه الشكائر وإثبات عددها ووزنها وحالتها ممزقة أو سليمة أو تسليمها لمسئول عنها مع التصرف فيما تبين عدم صلاحيته منها والحفاظ على الباقي الأمر الذي لم يفعله، وإذا كان الطاعن قد شكل لجنة انتهت إلى تكهين كمية اللبن أو تسلم هذه الكمية باستمارة إلى الدكتور......... فقد تم ذلك في تواريخ لاحقة على ضبط الواقعة وليس في تاريخ معاصر لأمره بإخراج هذه الشكائر من الصالة المحفوظة بها، كما أن اللجنة لم يكن منوطاً بها الوقوف على صلاحية اللبن.
أما عن المخالفة الثانية فقد قال المجلس في شأنها أن المحال الأول (الطاعن) شكل لجنة بتاريخ 23/ 11/ 1988 لتكهين كمية من اللبن المجفف التالف، وفي ذات التاريخ عاينت اللجنة كمية اللبن ورأت أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي ويتعين التخلص منها وتشكيل اللجنة جاء متأخراً كما أنه كان منوطاً بها مهمة محددة هي تكهين اللبن الذي أوضح المحال الأول في قرار التشكيل أنه غير صالح للاستخدام الغذائي، ومن ثم كانت اللجنة موجهة لإنجاز المهمة الموكولة إليها دون أن تتطرق لبحث صلاحية اللبن ومن ثم جاءت اللجنة لتغطية الأخطاء التي حدثت في موضوع اللبن الأمر الذي يسأل عنه المحال.
أما عن المخالفة الثالثة المتعلقة بتعطيل سير التحقيق رقم 188 لسنة 1988 بتنبيهه على الآنسة....... مرؤسته بعدم المثول أمام جهة التحقيق فإن المحال الأول أشر على الاستدعاء الأول بعبارة تنبه على سيادتها بعدم التوجه للشئون القانونية لأنها تتبع قسم علوم الأغذية، وعلى الاستدعاء الثاني بأن تنبه على سيادتها بعدم التوجه للشئون القانونية ويطلب الملف كله لتتخذ الكلية ما تراه في هذا الشأن، وما أتاه المحال ينم عن تعنت وإساءة لاستعمال السلطة ترتب عليه تعطيل التحقيق الذي تجريه الشئون القانونية بالجامعة صاحبة الاختصاص الأصيل بعد أن أحيلت إليها الأوراق من رئيس الجامعة وبذلك تكون مسئولية المحال قد تحققت ووجبت مساءلته.
أما ما نسب إلى المحال الأول (الطاعن) من إهماله في الإشراف على أعمال القسم الذي يرأسه بالنسبة لانفراد المحال الثاني (دكتور......) بتصحيح أوراق الإجابة مع أنه يشترك في تدريسها مع زميلة أخرى فنظراً لأن المحال الثاني قد أدين في هذه المخالفة فإن المحال الأول (الطاعن) بحسبانه رئيساً للقسم الذي يشرف على شئونه العلمية والمالية والإدارية فإنه يكون مسئولاً عما يقع في القسم من مخالفات ما دام أنه سكت عنها ولم يتخذ إجراء ما بشأنها.
وبالنسبة للمخالفة الأخيرة المنسوبة إلى المحال الأول (الطاعن) من عدم مراعاته السلوك القويم كعضو هيئة تدريس وإساءته للجامعة التي ينتمي إليها بصفة عامة وإلى كلية الطب البشري وأعضاء هيئة التدريس بها فقد استخدم المحال الأول (الطاعن) بعض العبارات والألفاظ التي كان يجب أن يعزف عنها ومنها العبارات الآتية: نوع العلاقات الاجتماعية بأولياء النعمة ابتداءً من العميد والوكيلين ما إذا كانت منظمة الصحة العالمية مركزاً للأمريكان، وأنا من ناحيتي لا أستطيع القطع بالنفي ولكن ما نعلمه أن هناك حركة دائرية لا تنقطع لزوار أمريكان نعم خبراء ولكن غالبية الهيئة التدريسية لا تعلم عنها شيئا، وتخصيص بوابة ضخمة لنفر قليل من سادة القوم ومدخل صغير للرعية (من كتاب المحال إليه الأول إلى الدكتور........ في 15/ 1/ 1989) كما ورد بكتاب آخر لنفس الدكتور ما كان يجب علي أن افتح فمي أسوة بما هو متبع في كليته وأولياء أمورهم الذين يندبون حظهم لإلحاق أولادهم بكلية الطب جامعة قناة السويس وأنا لا أدفع عن الكلية فخير مدافع عنها عميدها ووكيلها اللذان يتبادلان المناصب والسفريات، إذا كان الأمر كذلك فلتكن هناك يافطة تكتب عليها ممنوع الاقتراب والتصوير، وكيف يتم تخريج طبيب من كلية يؤخذ فيها بقشور العلوم الطبية والبوابتين بوابة العميد والوكيل ومدخل صغير للرعية وللعلم التشهير أحد أسلحتهم، وفضلاً عما سبق فقد دأب على نشر الأمور الخاصة بالجامعة في الصحف، ومثال ذلك ما ورد في جريدة الوفد في 8/ 4/ 1989 على لسانه بصفته ممثلاً لنادي جامعة قناة السويس عارضاً لآخر التطورات في قضية كلية الطب جامعة قناة السويس مؤكداً أننا واجهنا في الانتخابات الحكومية والجامعة في وقت واحد ومنعنا من مباشرة حقنا الانتخابي بالقوة ونجحوا في إسقاط بعض العناصر الشريفة وقال أننا نواجه إحدى بؤر الفساد في المجتمع وكذلك ما نشر في جريدة الشعب الصادرة في 25/ 4/ 1989 تحت عنوان عدوان جديد على الأساتذة بجامعة قناة السويس وجاء به أن رئيس النادي المحال الأول قد كشف العديد من الوثائق والمستندات الصادرة من الجهاز المركزي للمحاسبات تثبت تورط عدد من القيادات الجامعية في ضياع مبلغ 16 مليون جنيه خاصة بالمعونات الأمريكية لتطوير الأقسام بكلية الطب فتم توزيعها في صورة منح وحوافز ومكافآت على اللجان والمسئولين وعدد من وكلاء الوزارات والمديرين العموم والقيادات التنفيذية بمحافظة الإسماعيلية وطالب المحال الأول (الطاعن) بتشكيل لجنة تقصي حقائق لوضع حد لتدهور العملية التعليمية داخل كلية الطب والتي أدت إلى تحويل غالبية الطلاب للجامعات الأخرى مما حدا بدولة الكويت إلى رفض التعاون مع خريجها لضعف مستواهم ودفع بنقابات الأطباء بمحافظات القناة الثلاثة إلى إصدار بيان للرأي العام تحذر فيه من ضعف المناهج التعليمية والتنديد بالمشروعات الصحية التي تقوم بها الكلية لعدم جدواها كما طالبوا بوقف البعثات العلمية الأمريكية التي تقوم بمسح شامل للمجتمع مما يعد خطراً على الأمن القومي الأمر الذي استنكره أعضاء هيئة التدريس بكلية الطب كذلك تضمنته الورقة الصادرة عن نادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والموقعة من المحال الأول والمعنونة اللقاء الشهري (1) الممارسات غير الجامعية التي تنتهجها قيادة كلية الطب البشري كذلك فإن المحال الأول (الطاعن) في البيان الموزع منه والموجه إلى أعضاء هيئة التدريس يكشف بجلاء عن تدخله في أمور خاصة بإدارة كلية الطب البشري ومن ذلك قوله اعتراضنا الشديد على الطريقة التي تنفرد بها قيادة الكلية في صرف مكافآت الزيادة واعتراضنا الأشد على أساليب التهديد والتشهير والاضطهاد التي تمارسها قيادة الكلية على كل من يختلف معها في الرأي واعتراضنا على الاستمارة التي ابتدعها إدارة الكلية بدعوى تقييم أداء عضو هيئة التدريس ولا زالت قيادة الكلية مستمرة حتى ساعتنا هذه في ابتداع أساليب أخرى لتهديد وزعزعة ثقة كل من يتفوه بكلمة نقد، كذلك فإن ما ينشر على لسان المحال الأول (الطاعن) في الصحف يتضمن بعض الأمور غير الصحيحة، ومن ذلك ما سبق أن أشير إليه في جريدة الشعب من أن نقابات الأطباء في مدن القناة الثلاثة نشرت بياناً ضمنته المطالبة بوقف البعثات العلمية الأمريكية التي تقوم بمسح شامل للمجتمع باعتبارها خطراً على الأمن القومي إذ الثابت من مطابقة البيان المنشور بجريدة الأهرام يوم 25/ 3/ 1989 المودع ضمن حافظة المستندات المقدمة من الدفاع عن المحال الأول (الطاعن) تحت رقم 25 أنه ولأن كان يعترض على المشروع المقدم من وكيل كلية الطب بجامعة قناة السويس لأسباب سردها البيان، إلا أنه لم يشر مطلقاً إلى البعثات العلمية الأمريكية وفي ضوء العرض المتقدم يتضح أن المحال الأول (الطاعن) لم يلتزم بالتقاليد الجامعية وخرج على ما يقتضيه كونه عضواً بهيئة التدريس من حسن السلوك ومراعاة أصول اللياقة والاحترام في معاملة الزملاء باعتبار الجميع أسرة جامعية واحدة تناقش أمورها وتبحثها داخلها دون أن تخرج خارج إطار الجامعة ومن ثم ثبتت في حق المحال الأول (الطاعن) هذه المخالفة.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على قرار مجلس التأديب سالف الذكر ما يلي:
أولاً: انعدام القرار بالإحالة إلى المحكمة التأديبية ذلك إنه إذا كان الثابت أن رئيس الجامعة الذي أحال الطاعن إلى المحاكمة التأديبية هو المدعى عليه في دعوى التعويض المقامة ضده من الطاعن، وإذا كان الثابت كذلك أن المستشار القانوني للجامعة الذي أعد مذكرة الإحالة هو الوكيل القضائي عن رئيس الجامعة فإنه يترتب على ذلك انعدام قرار إحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لصدوره عن شخص بينه وبين الطاعن خصومة قضائية ثابتة رسمياً.
ثانياً: بطلان قرار تشكيل مجلس التأديب حيث إن رئاسة مجلس التأديب منوطة بأحد نواب رئيس الجامعة وفي حالة الغياب أو المانع الذي يجب أن يكون مانعاً حقيقياً يحل محله النائب الآخر ثم أقدم العمداء على التوالي ورئيس المجلس المطعون في قراراه ليس أقدم العمداء بل هناك من العمداء من يسبقونه في الأقدمية، وقد تقدموا باعتذارات مكتوبة دون أن يوضحوا أسباب الاعتذارات فلا يعول عليها، ومن ثم تكون رئاسة مجلس التأديب قد أسندت إلى السادس في الأقدمية بين نواب رئيس الجامعة والعمداء رغم عدم وجود مبرر لذلك.
وإذا كان تخطيط الجامعة قد انتهى بعقد رئاسة مجلس التأديب إلى أ. د/ ...... فإن هذا الأخير بينه وبين الطاعن أكثر من خصومة، كما أن بينه وبين رئيس الجامعة مودة.
ثالثاً: عدم صلاحية بعض أعضاء مجلس التأديب فقد ثبت أن الجامعة استضافت عضوي المجلس القانونيين وأسرتيهما ضمن برنامج سياحي في فندق...... الإسماعيلية و....... مما فقدها الحيدة المتطلبة فيهما وفي حين يعترف مجلس التأديب بأن الجامعة وفرت الإقامة الواجبة للعضوين القانونيين يذهب في نفس الوقت إلى إنكار تحمل الجامعة لأية نفقات رغم ما ثبت من أن الجامعة استضافت عضوي المجلس وأسرتيهما ضمن البرنامج السياحي سالف الذكر وفي نفس الوقت ينكر المجلس واقعة الاستضافة أو أن الجامعة تحملت نفقاتها، وإذا لم تكن هذه هي المؤاكلة والمشاربة والصحبة التي تكفي لرد القاضي فكيف تكون صورتها في نظر مجلس التأديب!!
رابعاً: الانحراف الشديد بسلطة التأديب أن ما يراد محاسبة الطاعن تأديبياً عنه هو نشاط لا صلة له إطلاقاً بالوظيفة الجامعية ومقتضياتها، وإنما هو نشاطه عندما كان يرأس نادي أعضاء هيئة التدريس وقد ضاف رئيس الجامعة وبعض أعوانه من هذا النشاط الذي كشف عن كثير من الانحرافات وسواء صدقت أو لم تصدق الاتهامات التي وجهها الطاعن فإنها تخرج بصفة مطلقة عن نطاق الوظيفة الجامعية، ولا شأن لها بمقتضيات الوظيفة التي تصلح وحدها أساساً للمحاسبة التأديبية، أن هذه المحاكمة التأديبية حشدت لها خمس مخالفات تافهة متعلقة بالوظيفة ثم أضيفت إليها المخالفة السادسة التي انقطعت صلتها بالمخالفات الخمسة، وهي مع ذلك الهدف المعقود من المحاسبة استجابة لرغبة الثأر من الطاعن عن نشاط لا يخضع إطلاقاً للمساءلة التأديبية وقد اعتبر مجلس التأديب الركن الشرعي في المخالفة التأديبية ليس نصوص القانون ولا مقتضيات الوظيفة، وإنما التقاليد الجامعية وحسن السلوك وأصول اللياقة والاحترام في معاملة الزملاء، وهي عبارات مبهمة تماماً تفتقر إلى التحديد والانضباط ويستحيل أن تكون سنداً شرعياً للحساب التأديبي، ولا يجوز حرمان رئيس النادي من ممارسة حرية الرأي فيعرض على الرأي العام ما يقدر أنه انحرافات أو مخالفات أو اعتداءات على المال العام أو خروج على رسالة الجامعة وكلياتها، ولا يجوز أن يحرم الطاعن من ممارسة هذه الحرية الدستورية ويكون السبيل الوحيد لمحاسبة الطاعن، إذا كان قد تجنى على زملائه أو شهر بهم هو القانون العام جنائياً أو مدنياً فما الذي فعله الطاعن سوى الكشف عن الخلل والمطالبة بتداركه.
ومن حيث إنه يبين مما سبق، ومن أوراق الطعن أن السيد الدكتور رئيس جامعة قناة السويس أحال إلى السيد المستشار القانوني للجامعة مذكرة مقدمة إليه من الإدارة القانونية بشأن التحقيق رقم 188 لسنة 1988 ورد فيها أنه بمناسبة القرار بالتحقيق في واقعة ضبط العامل....... حاملاً شيكارة من اللبن المجفف الخاص بقسم الصناعات الغذائية يوم 21/ 11/ 1988 استدعيت الآنسة........ أمينة مخزن القسم لسماع أقوالها لكن منعها الدكتور....... رئيس القسم من المثول أمام السلطات المكلفة بالتحقيق من الدكتور رئيس الجامعة، وقد أوصت الإدارة القانونية في نهاية تقريرها بعرض سيادته على المستشار القانوني للجامعة للتحقيق فيما بدر من سيادته من إصداره الأمر بعدم مثول الآنسة المذكورة للتحقيق معها وكذلك عدم تعاونه مع الإدارة في إنجاز التحقيق مما يترتب عليه تعطيل سير التحقيق رغم اختصاص الإدارة الأصيل بمباشرته، وقد تلقى السيد المستشار القانوني الأوراق في استدعاء الدكتور....... لكنه رفض الحضور فقدم مذكرة إلى الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة يلتمس فيها وقفه عن العمل لمصلحة التحقيق وقد صدر القرار رقم 179 بتاريخ 12/ 4/ 1989 بوقف سيادته عن العمل لمدة ثلاثة أشهر مع وقف ربع مرتبه ثم تقرر صرف مرتبه كاملاً بقرار من مجلس التأديب وأخيراً صدر قرار رئيس الجامعة رقم 248 في 27/ 5/ 1989 بإلغاء قرار الوقف.
ومن حيث إن السيد المستشار القانوني لجامعة قناة السويس أجرى تحقيقاً في الموضوع انتهى فيه إلى ارتكاب الطاعن عديداً من المخالفات واقترح في 2/ 12/ 1989 إحالته إلى مجلس التأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وفي 17/ 11/ 1989 صدر قرار رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور....... رقم 516 بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب لإخلاله بمقتضى الواجب الوظيفي والسلوك الجامعي المنوط قيامه به خلال فترة عمله بكلية الزراعة وبدائرتها.
ومن حيث إن الطاعن أحيل إلى مجلس التأديب منسوباً إليه المخالفات المشار إليها سلفاً فقضى مجلس التأديب في 31/ 7/ 1990 بمجازاته بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.
ومن حيث إن المادة 105 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن "يكلف رئيس الجامعة أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق بالجامعة أو بإحدى كليات الحقوق إذا لم توجد بالجامعة كلية للحقوق بمباشرة التحقيق فيما ينسب إلى عضو هيئة التدريس ويجب ألا تقل درجة من يكلف بالتحقيق عن درجة من يجرى التحقيق معه، ويقدم عن التحقيق تقرير إلى رئيس الجامعة ولوزير التعليم العالي أن يطلب إبلاغه هذا التقرير، ولرئيس الجامعة بعد الاطلاع على التقرير أن يحفظ التحقيق أو أن يأمر بإحالة العضو المحقق بعد إلى مجلس التأديب إذا رأى محلاً لذلك أو أن يكتفي بتوقيع عقوبة عليه في حدود ما تقرره المادة 212".
ومن حيث إن المادة 105 سالفة الذكر وإن كانت تخول رئيس الجامعة الأمر بإحالة عضو هيئة التدريس المحقق معه إلى مجلس التأديب إذا رأى محلاً لذلك، إلا أن هذه السلطة المخولة لرئيس الجامعة لا يتلقاها مطلقة من غير قيد خالصة من غير شرط، بل يتعين عليه في ممارستها أن يتبع الأصول ويرعى المبادئ ويحترم القانون بحيث إنه إذا قام به مانع من ممارسة هذه السلطة تعين عليه أن يتخلى عنها ليحل غيره محله في ممارستها، والمانع من ممارسة السلطة قد يكون إرادياً مثل الإجازة بأنواعها والاستقالة وقد يقع برغم إرادة الأصيل كالمرض والوقف عن العمل وانتهاء الخدمة وقد يكون من شأنه أن يمنع الأصيل من مباشرة اختصاصه بصفة مؤقتة كالإجازة أو بصفة دائمة كالفصل والاستقالة والوفاة، وقد يحدد القانون المقصود بالمانع، وقد لا يحدده فيقع على عاتق القاضي الإداري في هذه الحالة أمر تحديده.
ومن حيث إنه وإن كان يشترط للحلول محل الأصيل عند قيام مانع لديه من ممارسة اختصاصه أن يتقرر هذا الحلول أساساً بنص تشريعي أو لائحي، إلا أنه إذا سكتت النصوص عن تنظيم الحلول فإن مقتضيات ضرورة سير المرافق قد تفرض على السلطة المختصة بحسب مكانها في التدرج الإداري أو بحسب طبيعة اختصاصها في أن تشغل بصفتها حالة الوظيفة التي قام بشاغلها مانع يحول بينه وبين ممارسة اختصاصه، وعلى ذلك فإنه إذا قام برئيس الجامعة مانع يحول دون ممارسته اختصاصه في إحالة عضو هيئة التدريس إلى مجلس التأديب، ولم يكن هناك نص يقرر الحلول في هذا الشأن فإن ضرورة سير مرفق الجامعة تفرض على السلطة الأدنى مباشرة من رئيس الجامعة وهي نائب رئيس الجامعة الأقدم الحلول محله في مباشرة هذا الاختصاص أما رئيس الجامعة فإنه لا يجوز له ممارسته ما دام قد تحقق في شأنه مانع من ممارسته إذن فقاعدة وجوب استمرار سير المرفق بانتظام وإطراد التي توجب في هذه الحالة القول بأن تخلي رئيس الجامعة عن مباشرة هذه الاختصاص لقيام مانع به يمثل ظرفاً استثنائياً وهذا الظرف الاستثنائي يبرر الخروج على المبدأ العام الذي يقضي بأن صاحب الاختصاص الأصيل هو وحده الذي يمارسه.
ومن حيث إن هناك قاعدة أصولية تقتضيها ضمانات المحاكمة التأديبية كما تقتضيها العدالة كمبدأ عام في محاكمة تأديبية هي أنه يتعين إلا يحيل الموظف إلى المحاكمة التأديبية من قامت بينه وبين هذا الموظف خصومات جدية حتى يطمئن المحال إلى حيدة المحيل وموضوعية الإحالة وحتى لا يكون هناك مجال لتأثر المحيل بهذه الخصومة عند قيامه باتخاذ قرار الإحالة أن هذه القاعدة مستقرة في الضمير وتمليها العدالة المثلى وليست في حاجة إلى نص خاص يقررها.
ومن حيث إنه لما سبق فإنه إذا قامت خصومة بين رئيس الجامعة من جهة وبين الطاعن من جهة أخرى فإن هذا يمثل مانعاً يحول دون اتخاذ قرار الإحالة من قبل رئيس الجامعة وإلا كان قرار الإحالة إذا ما اتخذ غير مشروع، وشرط عدم مشروعية قرار الإحالة عند وجود خصومة هو أن تكون هذه الخصومة جدية، وتقرير مدى جدية أو عدم جدية الخصومة أمر متروك تقديره لهذه المحكمة تقرره في ضوء ملابسات الموضوع بحيث إنه إذا افتعل أحد الأطراف خصومة وهمية بهدف الإفلات من الإحالة إلى المحاكمة تخلف شرط توافر جدية الخصومة، وغاب مناط قيام المانع الذي يحول بين صاحب الاختصاص الأصيل وبين ممارسة اختصاصه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن ثمة خصومة بين الطاعن وبين السيد رئيس الجامعة وصلت إلى ساحات المحاكم وصدرت فيها أحكام فإن التساؤل الذي يثور هنا هو مدى جدية هذه الخصومة ومدى صلاحية السيد رئيس الجامعة لإحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية في ظل هذه الخصومة.
ومن حيث إن الطاعن قدم صورتين ضوئيتين لحكمين لم ينكرهما رئيس الجامعة أو وكيله، الأول صادر بجلسة 28/ 11/ 1990 في الدعوى رقم 899 لسنة 1989 من محكمة الإسماعيلية الابتدائية وقد قضى هذا لحكم بإلزام الأستاذ الدكتور........ رئيس جامعة قناة السويس بأن يدفع للطاعن مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء التهم التي وجهها رئيس الجامعة ضده على صفحات الجرائد، وقالت المحكمة في هذا الحكم "وهذا السلوك من جانب المدعى عليه (رئيس الجامعة) يعد انحرافاً عن السلوك المألوف للشخص العادي وخطأ يستوجب المسئولية، ولما كان ذلك، وكان سلوك المدعى عليه الخاطئ قد سبب أضراراً مادية بالغة لحقت بالمدعي تمثلت في حرمانه من بعض المستحقات المالية وعدم أخذ فرصته في الإعارات خارج الوطن وعدم انتدابه للعمل في الجامعات الأخرى، وذلك لأن المقال المنشور كان يتضمن طعناً في أخلاقه وذمته المالية، كما أصيب المدعي كذلك بأضرار أدبية تمثلت في الآلام النفسية التي أصابته بعد الشائعات التي ترددت على الألسنة بعد نشر المقال والتي أدت إلى الإضرار بسمعته الأخلاقية والعلمية والنيل من كرامته أمام زملائه وطلابه.......".
أما الحكم الثاني فصادر من محكمة الإسماعيلية الابتدائية الدائرة الخامسة مدني بجلسة 13/ 4/ 1991 في الدعوى رقم 1025 لسنة 1990 التي أقامها الأستاذ الدكتور........ رئيس جامعة قناة السويس على الطاعن يطالبه فيها بدفع مبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض بسبب الانتقادات التي وجهها إليه واعتبرها قذفاً في حقه وحق الجامعة، وقد انتهت المحكمة إلى رفض الدعوى وقالت في حكمها "إنه وإن كان المقال الذي نشر بجريدة الوفد والذي يستند المدعي بصفته إليه في دعواه وردت به بعض العبارات القاسية في وصفه العملية الانتدابية لأعضاء نادي هيئة التدريس بجامعة قناة السويس وكذلك في نقده للعملية التعليمية وأسلوب إدارة كلية طب جامعة قناة السويس وذلك بفراضه لوقائع التنكيل والتهديد لبعض أساتذة الجامعة من يبدون آراءهم في العملية التعليمية وهؤلاء الأساتذة أعضاء في النادي الذي يمثله المدعى عليه والمتحدث والمطالب بحقوقهم والمدافع عن مواقعهم باعتباره ممثلاً لهم في النادي بل ومعبراً عن إرادتهم ومواقعهم، ورغم هذه القسوة في العبارات التي وردت عن الوقائع محل النقد باعتبارها ذات أهمية اجتماعية تنعكس آثارها السلبية على الكافة في مجال التعليم بمناطق محافظات القناة وفي مجال الزود عن حقوق طائفة من أساتذة الجامعة ومن ثم فإن المدعى عليه يستهدف من وراء مقاله الذي وردت فيه بعض العبارات التي قد تكون قاسية أو مريرة المصلحة العامة للمجتمع الجامعي أولاً ثم من عبده المجتمع المصري بصفة عامة وذلك بغير تزييف أو تشويه الوقائع وإنما بهدف الارتقاء بالعملية التعليمية في مجتمع جامعة قناة السويس وزوداً عن حقوق أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المذكورة ودفاعاً عن مواقعهم وآرائهم في انتقاد العملية التعليمية، وهو الأمر الذي ترى فيه المحكمة مساساً بكرامة القائمين على أمر الجامعة وكلياتها ولا بالجامعة ذاتها كشخص معنوي ولا بشرف هؤلاء واعتبارهم، وإذا كان ما أتاه المدعى عليه في مقالاته أمام مؤتمر نادي هيئة التدريس الذي نشر بعض فقراته في جريدة الوفد مبيناً رأي النادي ومطالباً باعتباره ممثلاً للنادي من التنكيل بأعضاء النادي من أساتذة الجامعة لا يخرج عن كونه فقداً مزاعماً ودفاعنا وتمثيلاً لإدارة طائفة من الأعضاء الذي يمثلهم في النادي وذلك بحكم الدستور والقانون فإن المدعى عليه يكون مسئولاً عما ينشأ للغير من ضرر، ذلك أنه ليس هناك ثمة خطأ يمكن نسبته إلى المدعى عليه يساءل به عن تعويض ما لحق بالمدعي بصفته من أضرار إن كان هناك أضرار......".
ومن حيث إن الحكمين سالفي الذكر يقطعان أن هناك خصومة بين الطاعن وبين السيد رئيس الجامعة وأن هذه الخصومة جدية من واقع ما انتهى إليه الحكمان الصادران فيها، وقد نشأت هذه الخصومة قبل أن يحيل السيد رئيس الجامعة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية إذ أقام الطاعن دعواه رقم 899 لسنة 1989 قبل أن يحيله رئيس الجامعة إلى مجلس التأديب وبالتالي فقد قام مانع يحول بين رئيس الجامعة وبين إحالته إلى مجلس التأديب، وكان يتعين عليه أن يمتنع عن اتخاذ أي قرار في هذا الصدد تاركاً هذا الأمر ليحل محله نائب رئيس الجامعة الأقدم فيه وإذ نشط وأصدر قرار الإحالة فإن قراره هذا يكون غير مشروع.
ومن حيث إنه فضلاً عما سبق فإن من المبادئ التي تقتضيها العدالة دون حاجة إلى نص خاص يقررها ضرورة توافر الصلاحية فيمن يقوم بالتحقيق وإلا تعين عدم الاعتداد بالتحقيق فهل توافرت هذه الصلاحية للمحقق في الحالة الماثلة، يذكر الطاعن أن المحقق كان وكيلاً قضائياً عن رئيس الجامعة المحيل في الدعوى المشار إليها سلفاً، ولم ينكر المطعون ضده (رئيس الجامعة) أو وكيله هذا القول، وإذا كانت الوكالة توفر صلة شخصية بين الوكيل والموكل ويلتزم الوكيل في تنفيذ الوكالة بحدودها المرسومة التي عينها له الموكل فلا يخرج عليها لا من ناحية سعة الوكالة والتصرفات القانونية التي تتضمنها، ولا من ناحية طريقة التنفيذ التي رسمها له الموكل أي أن الوكيل مقيد باتباع رأي الموكل وملتزم بالسعي لتحقيق مصلحته لذا فإن هذا الوكيل يكون غير صالح للتحقيق مع خصم لموكله خاصة إذا كان موضوع التحقيق هو ذاته موضوع الدعاوى القائمة بين موكله وبين من يحقق معه أو كان التحقيق ذا صلة وثيقة بالدعاوى التي اتخذ المحقق باعتباره وكيلاً جانب موكله وتبنى وجهة نظره فيها.
ومن حيث إنه إذا كان المحقق قد انتهى في التحقيق الذي أجراه إلى إدانة الطاعن في مخالفات متصلة اتصالاً وثيقاً بموضوع الدعوى رقم 899 لسنة 1989، ومن بعدها الدعوى رقم 1025 لسنة 1990 التي كان وكيلاً قضائياً فيها عن رئيس الجامعة فإن هذا التحقيق وقد تم على هذا النحو يكون قد تخلقت في شأنه الضمانات الواجب توافرها في التحقيق، وإذ استند قرار رئيس الجامعة إلى هذا التحقيق في إحالة الطاعن إلى مجلس التأديب فإن هذا يمثل سبباً ثانياً لعدم مشروعية قرار الإحالة.
ومن حيث إنه إذا كان قرار رئيس الجامعة الصادر بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب قد شابه عدم المشروعية لقيام خصومة جدية بين رئيس الجامعة وبين الطاعن ولقيام الوكيل القضائي لرئيس الجامعة بالتحقيق فيما نسب إلى الطاعن من مخالفات فإن قرار مجلس التأديب المستند إلى التحقيق الذي جرى وقرار الإحالة الذي اتخذ يكون هو الآخر بالتبعية غير مشروع مما يتعين معه القضاء بإلغائه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.
ومن حيث إن المحكمة وقد انتهت إلى هذه النتيجة فإنه تناول الدفوع الأخرى التي آثارها الطاعن للتدليل على بطلان قرار مجلس التأديب أصبح لا ضرورة لها ولا حاجة إليها، ومن ثم لا محل للتعرض لهذه الدفوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق