الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 يونيو 2023

الطعن 318 لسنة 36 ق جلسة 9 / 3 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 43 ص 266

جلسة 9 من مارس سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(43)
الطعن رقم 318 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "البينة". "القرائن". حكم. " تسبيب الحكم".
(أ) تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع. عدم التزامه بتصديق الشاهد في كل أقواله.
(ب) تقدير القرائن القضائية مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع. قيام الحكم على قرائن متساندة. عدم جواز مناقشة كل منها على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
(ج) تزوير. "الحكم به دون الادعاء بالتزوير".إثبات. "طرق الإثبات". "البينة".
لمحكمة الموضوع الحكم برد وبطلان أية ورقة من تلقاء نفسها وفي أية حالة كانت عليها الدعوى. هذا الحق رخصة للمحكمة سواء حصل إدعاء بالتزوير أو لم يحصل وسواء نجح الادعاء أو فشل. للمحكمة في حالة تشككها في صحة الورقة أن تحيل الدعوى من تلقاء نفسها إلى التحقيق في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بالشهادة.

----------------
1 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع، وهو غير ملزم بتصديق الشاهد في كل أقواله، بل له أن يطرح منها ما لا يطمئن إليه.
2 - تقدير القرائن القضائية هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع. ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في تقديره لقرينة متى كان من شأنها أن تؤدي إلى الدلالة التي استخلصتها هو منها. ومتى كانت القرائن التي استند إليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما انتهى إليه، فإنه لا يجوز للخصوم مناقشة كل قرينة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
3 - يجوز للمحكمة وفقاً للمادة 290 من قانون المرافعات السابق أن تحكم من تلقاء نفسها برد أية ورقة وبطلانها وإن لم يدع أمامها بالتزوير بالطرق المرسومة في القانون إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وإذ جاءت هذه المادة خالية من أي قيد أو شرط فإن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - هو تطبيقها في أية حالة كانت عليها الدعوى، سواء حصل إدعاء بالتزوير أو لم يحصل وسواء نجح هذا الادعاء أو فشل، ويجوز للمحكمة من باب أولى في حالة تشككها في صحة الورقة المتمسك بها أن تحيل الدعوى من تلقاء نفسها إلى التحقيق استعمالاً لحقها، وذلك في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 634 سنة 1954 مدني سوهاج الابتدائية ضد الطاعنين وأخرى توفيت فيما بعد تدعى صنيوره جندي تطلب الحكم بإلزامهم بتسليمها المنقولات المبينة بطلب الحجز أو بدفع قيمتها وقدرها 271 جنيهاً و995 مليماً وصحة الحجز التحفظي الموقع عليها بتاريخ 6/ 11/ 1954، وقالت بياناً لدعواها إنها كانت زوجة للمرحوم نصيف ميخائيل شنوده مورث الطاعنين والمدعى عليها الثالثة وهم والداه وأخوه، وبعد وفاته في 29/ 7/ 1952 طالبتهم بتسليمها المنقولات المملوكة لها والتي كانت في منزل الزوجية ولكنهم رفضوا، فاستصدرت أمراً بتوقيع الحجز التحفظي عليها وتنفيذ الحجز بتاريخ 6/ 11/ 1954 ثم أقامت دعواها بالطلبات سالفة البيان، وقدم الطاعنان إيصالاً مؤرخاً 15/ 7/ 1953 عليه توقيع للمطعون عليها يتضمن إقرارها باستلام ملابسها ومبلغ سبعين جنيهاً من الطاعن الثاني قيمة نصيبها الميراثي في منقولات الزوجية وادعت المطعون عليها بتزوير هذا الإيصال. دفع الطاعنان والمدعى عليها الثالثة بسقوط حق المطعون عليها في الادعاء بالتزوير لعدم إعلانهم بمذكرة شواهده في الميعاد القانوني. وبتاريخ 30/ 12/ 1956 حكمت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها وقعت على بياض على ورقة سلمتها للطاعن الثاني لتحرير طلب إثبات وراثة وأنه ملأ فراغ الورقة بسند التخالص المؤرخ 15/ 7/ 1953، وقد تنفذ هذا الحكم بسماع شهود الطرفين. وأقامت المطعون عليها في نفس الوقت الدعوى رقم 226 سنة 1955 مدني سوهاج الابتدائية ضد الطاعنين وضد شركة هلقسيا للتأمين تطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 300 جنيه، وقالت شرحاً لهذه الدعوى إن زوجها كان قد أمن على حياته لصالحها لدى الشركة المذكورة بمبلغ 300 جنيه غير أنها لم تقبض هذا المبلغ بعد وفاته وعلمت أن إجراءات قد اتخذت لصرف مبلغ التأمين إلى الطاعنين، وإذ كانت الشركة مسئولة عن ذلك فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها، وقدم الطاعنان إيصالاً مؤرخاً 13/ 12/ 1953 عليه توقيع للمطعون عليها يتضمن أنها تسلمت من الطاعن الثاني مبلغ التأمين المرسل لها من الشركة، وادعت المطعون عليها بتزوير هذا الإيصال أيضاً ووجهت شركة التأمين دعوى ضمان فرعية إلى الطاعن الثاني لأنه هو الذي صرف الشيك الخاص بمبلغ التأمين، وطلبت أصلياً رفض الدعوى بالنسبة لها واحتياطياً الحكم على الطاعن الثاني بما عسى أن يحكم به عليها، قررت المحكمة ضم هذه الدعوى إلى الدعوى الأولى رقم 634 سنة 1954. وبتاريخ 29/ 12/ 1963 حكمت المحكمة في الدعوى رقم 634 سنة 1954 بسقوط حق المطعون عليها في ادعائها تزوير الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 وبرد وبطلان هذا الإيصال وبإلزام الطاعنين والمدعى عليها صنيوره جندي بتسليم المطعون عليها المنقولات المبينة بطلب الحجز أو بدفع قيمتها وقدرها 271 جنيهاً و995 مليماً وبصحة الحجز التحفظي، وفي الدعوى رقم 226 سنة 1955 برد وبطلان الإيصال المؤرخ 13/ 12/ 1953 وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا إلى المطعون عليها مبلغ 300 جنيه قيمة التأمين المستحق لها وبرفض الدعوى بالنسبة لشركة التأمين. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 49 سنة 39 ق أسيوط (مأمورية سوهاج) وبتاريخ 18/ 4/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع في الدعوى والقصور في التسبيب، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برد وبطلان الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 باستلام المطعون عليها نصيبها في منقولات الزوجية وبرد وبطلان الإيصال المؤرخ 12/ 12/ 1953 باستلامها مبلغ التأمين المستحق لها تأسيساً على ما استخلصه من أقوال شهودها من أنها وقعت على بياض على أوراق سلمتها إلى الطاعن الثاني ليقوم بتحرير طلب إعلام وراثة بمناسبة وفاة زوجها ولصرف مبلغ التأمين، ثم ملأ الطاعن الثاني الفراغ الذي فوق التوقيع بعبارات الإيصالين، في حين أن ما ذكرته المطعون عليها في تقرير الادعاء بالتزوير يختلف مع ما قررته عند مناقشتها أمام محكمة أول درجة ومع أقوال شاهدها الأول الدكتور عدلي جندي بشاي وذلك بالنسبة لكيفية تحرير تلك الأوراق. هذا إلى أن حالة الإيصالين تدل على أن الإيصال الأول حرر على النصف السفلي من الجانب الطولي الأيسر من نصف ورقة ثم حرر الإيصال الثاني فيما بعد على الجزء العلوي لهذا النصف وفصل كل إيصال عن الآخر لتقديمه في الدعوى الخاصة به. وهذه الماديات تدل على عدم صحة ما ادعته المطعون عليها وشاهدها الأول، إذ لو صح إدعاؤها لوجد الهامش الأبيض العلوي من الورقة منزوعاً، ولو صح قول شاهدها لوجد نزع بالهامش الأبيض العلوي والهامش الأيسر والأيمن من الورقة. وقد تمسك الطاعنان في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بدلالة هذه الماديات غير أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع واكتفت بالقول بأنها لا تأخذ بما قرره الطاعنان عن كيفية تحرير الإيصالين لأنه يجافي الواقع دون أن توضح رأيها في ذلك، مع أن التصوير الذي ساقه الطاعنان مستساغ وهو ما يعيب حكمها بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاض الموضوع وهو غير ملزم بتصديق الشاهد في كل أقواله بل له أن يطرح منها ما لا يطمئن إليه، وكان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى أقوال شهود المطعون عليها وحصلت من هذه الأقوال ومن الأوراق المقدمة في الدعوى أن المطعون عليها وقعت على بياض على أوراق سلمتها إلى الطاعن الثاني ليحرر إعلاماً شرعياً بإثبات الوراثة بمناسبة وفاة زوجها وطلباً لصرف مبلغ التأمين المستحق لها من شركة التأمين، وأنه ملأ الفراغ بعبارات الإيصالين المطعون بتزويرهما، ولم تأخذ المحكمة بما ورد خلافاً لهذا الواقعة التي حصلتها سواء في أقوال الشاهد الأول للمطعون عليها أو في سائر أوراق الدعوى، وكان هذا الذي قرره الحكم كاف لحمله، فلا على المحكمة إن هي لم ترد على دفاع الطاعنين بشأن عدم وجود نزع بالإيصالين على النحو الذي قررته المطعون عليها أو شاهدها الأول، إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لاطراح هذا الدفاع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رد وبطلان الإيصالين، ولم يأخذ بما ادعاه الطاعنان عن كيفية تحريرهما، واستند في ذلك إلى ما قرره من أن ما أفاض فيه المستأنفان - الطاعنان في صحيفة الاستئناف عن طريقة التوقيع على الورقتين وأنهما كانتا ورقة واحدة ثم فصلهما المستأنف الثاني - الطاعن الثاني - فإن المحكمة لا تلتفت إليه لأنه قول يجافي الواقع الممكن تصديقه وحصوله فلا معنى لأن توقع المستأنف عليها - المطعون عليها - على الورقة في نصفها ثم يحتفظ هو بها بحالتها حتى إذا جاء وقت الحصول على مخالصة عن قيمة التأمين عاد فاستعمل نقس الورقة في جزئها الثاني ثم يفصل الجزئين بعد ذلك ليستعمل كل جزء في القضية الخاصة به، ثم القول بأن القلم هو نفس القلم لأنه تاجر يحتفظ بالقلم معه في كل وقت وظل معه طوال المدة بين تاريخ الإيصالين وهي تقارب الخمسة شهور، وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ويدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قرر أن جميع شهود المطعون عليها شهدواً بأنها وقعت على الأوراق التي قدمها الطاعن الثاني، هذا في حين أنه لم يشهد بذلك سوى شاهدها الأول والدكتور عدلي جندي بشاي، أما الشاهدان الآخران فقد قررا أنهما سمعا بهذه الواقعة من المطعون عليها وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه حين سرد أقوال شهود المطعون عليها الذين سمعوا في التحقيق أمام المحكمة، أثبت أن شاهديها الثاني والثالث شهدا بأن المطعون عليها أخبرتهما بأنها وقعت للطاعن الثاني على أوراق بيضاء، ثم خلص الحكم من ذلك إلى أنه يأخذ بأقوال شهود المطعون عليها الذين قرروا جميعاً أنها وقعت على بياض، وكان ما قرره الحكم على هذا النحو لا يتنافى مع ما قرره الشهود في هذا الخصوص، يستوي في ذلك ما قرره الشاهد الأول من أنه حضر هذه الواقعة بنفسه أو ما قرره الشاهدان الثاني والثالث من أنهما سمعا بها من المطعون عليها، لما كان ذلك فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في الإسناد ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالأسباب من الثالث إلى السادس وبالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستلال، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم استند في قضائه برد وبطلان الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 إلى أن هذا الإيصال قد تضمن أن المطعون عليها استلمت ملابسها خلافاً لما ثبت في محضر الحجز الذي أوقعته بتاريخ 6/ 11/ 1954 من أنه هذه الملابس كانت موجودة بمنزل الطاعنين في حين أن إقرار المطعون عليها باستلام ملابسها خلافاً للواقع يدل على صورية الإقرار لا على تزويره. كما استند الحكم في قضائه برد وبطلان الإيصالين إلى ما قرره أحد شهود المطعون عليها في الشكوى رقم 2563 سنة 1964 إداري المراغة من أنه توسط في الصلح بين الطرفين في شهر يوليه سنة 1954، وأن الطاعن الأول وافق على أن يدفع للمطعون عليها مبلغ 150 جنيه نظير المنقولات وقيمة التأمين غير أنها رفضت هذا العرض، هذا في حين أنه ليس ما يمنع من أن يعرض الطاعن الأول حلاً وسطاً للصلح، واستند الحكم أيضاً إلى أن المنقولات ملك الزوجة وأنه لا يعقل أن تتخلى عنها مقابل 70 جنيه، في حين أنه ليس هناك ما يمنع من أن تتخلى المطعون عليها عن هذه المنقولات مقابل أي مبلغ في سبيل الصلح، واستند الحكم كذلك إلى أن أحداً لم يوقع كشاهد على الإيصالين، مع أنه لم تكن هناك حاجة إلى توقيع شهود لأن المطعون عليها تجيد القراءة والكتابة، وأضاف الحكم أن الإيصال المؤرخ 13/ 12/ 1953 جاء خلواً من البيانات الخاصة بمبلغ التأمين فجاء هذا الإيصال مجهلاً، في حين أن البيانات التي تضمنها الإيصال المذكور كافية لإثبات إقرار المطعون عليها باستلام مبلغ التأمين، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بتزوير الإيصالين إلى ما قرره شهود المطعون عليها في التحقيق الذي أجرته المحكمة وفي محضر ضبط الواقعة في الشكوى رقم 2563 سنة 1964 إداري المراغة ومن بينهم الشاهد فخري بشاي الذي قرر أنه حاول مع آخرين إنهاء النزاع صلحاً بين الطرفين في سنة 1954 أي بعد تحرير الإيصالين وأن الطاعن الأول عرض أن يدفع للمطعون عليها مبلغ 150 جنية نظير المنقولات وقيمة وثيقة التأمين ولكنها رفضت، واستخلص الحكم من ذلك تزوير الإيصالين على أساس أنهما لو كانا تحت يد الطاعن الأول في ذلك التاريخ لأظهرهما لمن حاول إجراء الصلح، كما استند الحكم إلى أن الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 تضمن أن المطعون عليها استلمت ملابسها مع أن هذه الملابس كانت من بين ما حجز عليه فيما بعد بتاريخ 6/ 11/ 1954 بناء على طلبها وإلي أن المطعون عليها لم تكن بحاجة لأن تقبل مبلغ 70 جنيه الذي ورد بالإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 بأنها تسلمته على أنه قيمة نصيها فيما ترثه عن زوجها في المنقولات لأن جميع هذه المنقولات مملوكة لها، وإلي أن أحداً لم يوقع كشاهد على الإيصالين خلافاً لما جرت عليه العادة على الرغم مما قرره شاهدا الطاعنين في التحقيق من أنهما كان موجودين وقت تحرير الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 وكان من الطبيعي لو صحت شهادتهما أن يوقعا عليه كشاهدين وإلى أن الإيصال الخاص بمبلغ التأمين جاء خلواً من أية بيانات عن المبلغ مما يؤيد أن الفراغ الذي فوقه التوقيع لم يكن يكفي لكل هذه البيانات فجاء هذا الإيصال مجهلاً. لما كان ذلك وكان تقدير القرائن القضائية هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في تقديره لقرينة متى كان من شأنها أن تؤدي إلى الدلالة التي استخلصها هو منها، وكانت الأدلة والقرائن سالفة الذكر التي استند إليها الحكم المطعون فيه في قضائه بتزوير الإيصالين سائغة ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى ما انتهى إليه، فإنه لا يجوز للطاعنين مناقشة كل قرينة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال لاعتماده على القرائن السابقة يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب السابع يتحصل في النعي على الحكم المطعون بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، ويقول الطاعنان في بيان ذلك إنهما تمسكا في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأنه مما يدل على عدم صحة الادعاء بتزوير الإيصال المؤرخ 13/ 12/ 1953 أن المطعون عليها أقرت بتوقيعها على المخالصة المؤرخة 25/ 11/ 1953 الخاصة بشركة التأمين كما أقرت بتوقيعها على ظهر الشيك الذي أرسلته لها الشركة المذكورة بمبلغ التأمين، ورد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأن هاتين الورقتين مكتوبتان باللغة الإنجليزية التي تجهلها المطعون عليها، هذا في حين أن المخالصة سالفة الذكر تحمل ترجمة باللغة العربية وأن الشيك يحمل بعض عبارات مكتوبة باللغة العربية، مما يدل على علم المطعون عليها بمحتويات هاتين الورقتين وهو ما يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الخصوص ما يلي "إن الطرق التي اتبعها المستأنف الثاني - الطاعن الثاني - للوصول إلى صرف مبلغ التأمين بنفسه تكشف كلها عن رغبة أكيدة في الاستيلاء على هذا المبلغ بمعرفته دون أن يصل إلى يد صاحبته فقد استوقعها على الإيصال الصادر من شركة التأمين وهو باللغة الإنجليزية التي قررت أنها لا تعرفها ولما طلبت الشركة ضرورة التصديق على الإمضاء من جهة حكومية أو من أحد المحامين راح المستأنف الثاني يحصل على توقيع لأحد نظار المدارس وعلى ختم المدرسة ولعله من أقاربه ومعارفه الذي سهل له هذا الأمر طالما ختم المدرسة تحت يده وهي طريقة غريبة للتصديق رسمياً على إمضاء، كما استوقعها على الشيك الصادر من الشركة وكان أيسر من هذا كله أن تنتقل هي لمرة واحدة إلى مقر الشركة أو إلى البنك". ولما كان هذا الذي قرره الحكم سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان الطاعنان لم يقدما لتأييد إدعائهما بمخالفة الحكم للثابت بالمخالصة الخاصة بشركة التأمين غير صورة رسمية من وجه حافظة المستندات التي قدمتها شركة التأمين إلى محكمة أول درجة، وكان يبين من الاطلاع عليها أن الشركة المذكورة قدمت بين مستنداتها صورة فوتوغرافية من هذه المخالصة موقعاً عليها من المطعون عليها وخلفها ترجمة إلى اللغة العربية، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق وإذ قرر أن المخالصة الخاصة بشركة التأمين محررة باللغة الإنجليزية باعتبار أن الترجمة العربية أثبت في الجزء الخلفي منها. لما كان ذلك وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أنه لم يقرر أن الشيك الذي وقعت عليه المطعون عليها محرر باللغة الإنجليزية، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقولان في بيان ذلك إن المحكمة قضت بسقوط حق المطعون عليها في الادعاء بتزوير الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 لعدم إعلان الطاعنين بمذكرة شواهد التزوير في الميعاد القانوني ولكنها قضت رغم ذلك برد وبطلان هذا الإيصال، فتكون المحكمة قد استندت في قضائها إلى الرخصة المخولة لها في المادة 290 مرافعات، هذا في حين أنه طبقاً لهذه المادة لا يجوز للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة إلا إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وهو ما لم يتوافر في صورة الدعوى إذ لم تقض المحكمة برد وبطلان الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 إلا بعد إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا التزوير ثم أنها اعتمدت في حكمها في هذا الخصوص على ما استخلصته من أقوال شهود المطعون عليها، وهو أمر غير جائز مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يجوز للمحكمة وفقاً للمادة 290 من قانون المرافعات السابق أن تحكم من تلقاء نفسها برد أية ورقة وبطلانها وأن لم يدع أمامها بالتزوير بالطرق المرسومة في القانون إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وإذ جاءت هذه المادة خالية من أي قيد أو شرط فإن مؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو تطبيقها في أية حالة كانت عليها الدعوى سواء حصل إدعاء بالتزوير أو لم يحصل وسواء نجح هذا الادعاء أو فشل، ويجوز للمحكمة من باب أولى في حالة تشككها في صحة الورقة المتمسك بها أن تحيل الدعوى من تلقاء نفسها إلى التحقيق استعمالاً لحقها، وذلك في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أن المحكمة بعد أن تبين لها سقوط الادعاء بتزوير الإيصال المؤرخ 15/ 7/ 1953 لعدم إعلان شواهد التزوير في الميعاد القانوني أصدرت حكمها المؤرخ 30/ 12/ 1956 لتقوم هي بالتحقيق بمعرفتها ثم قضت برد وبطلان الإيصال المشار إليه استعمالاً لحقها الذي خوله لها القانون بالمادة 290 من قانون المرافعات السابق، واستندت في ذلك إلى ما استخلصته من أقوال الشهود الذين سمعتهم مضافاً إليه القرائن الأخرى التي تضافرت في تكوين عقيدتها بتزوير هذا الإيصال وذلك على ما سلف بيانه في الرد على الأسباب السابقة. لما كان ما تقدم فإن المحكمة تكون قد طبقت القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 16/ 3/ 1967 مجموعة المكتب الفني. السنة 18. ص 672.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق