جلسة 10 من يونيه سنة 1980
برياسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد وجدي عبد الصمد، ألفي بقطر حبشي، محمد علي هاشم وصلاح الدين عبد العظيم.
--------------
(319)
الطعن رقم 28 لسنة 46 القضائية
(1) ضرائب.
الضريبة لا ترتكن على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول. جواز تدارك الخطأ فيها. للممول استرداد ما دفع بغير حق المصلحة حق المطالبة بما هو مستحق زيادة على ما دفع.
(2) ضرائب "ضريبة التركات". حكم "حجية الحكم". صلح. نظام عام.
الأطيان المخلفة عن المورث. وجوب تقدير قيمتها على أساس القيمة الإيجارية المحددة في سنة الوفاة. لا يغير من ذلك تصالح مصلحة الضرائب مع الورثة على غير ذلك الأساس واعتماد اللجنة المختصة لهذا الصلح والقضاء بانتهاء المنازعة في هذا الشأن. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب تركات القاهرة قدرت تركة مورث المطعون ضدهم المتوفي سنة 1966 بمبلغ 41400 ج، وإذ اعترض الورثة وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 25/ 3/ 1968 بتعديل التقدير إلى 37276 ج و268 م، فقد أقاموا الدعوى رقم 1826 لسنة 1968 تجاري القاهرة الابتدائية بالطعن في هذا القرار، كما قدموا لمصلحة الضرائب طلباً بإعادة النظر في التقدير طبقاً للقانون رقم 14 سنة 1962 وتم الاتفاق بينهم وبينها على تخفيض صافي قيمة التركة إلى 35776 ج و268 م مع حفظ حقهم في خصم الضرائب المستحقة على المورث، وبتاريخ 16/ 3/ 1970 حكمت المحكمة باعتبار الدعوى منتهية. أعادت المأمورية تقدير قيمة الأطيان الزراعية المخلفة عن المورث على أساس القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط ضريبة الأطيان في سنة 1966 - تاريخ الوفاة - وترتب على ذلك زيادة قيمتها بمبلغ 438 ج، 736 م أضافته إلى صافي قيمة التركة وأخطرت الورثة بذل فاعترضوا متمسكين بالاتفاق المبرم بينهم وبينها وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي قررت بتاريخ 10/ 5/ 1971 تعديل صافي التركة إلى 32590 ج و287 م بعد خصم الضرائب المستحقة على المورث وقدرها 2835 ج و981 م تأسيساً على أن الاتفاق المبرم بين الورثة والمأمورية على تقدير عنصر الأطيان الزراعية أصبح نهائياً وملزماً للطرفين فلا يجوز العدول عنه، طعنت مصلحة الضرائب الزراعية في هذا القرار بالدعوى رقم 1457 سنة 1971 تجاري القاهرة الابتدائية، وبتاريخ 8/ 2/ 1973 حكمت المحكمة بتأييد قرار اللجنة. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 174 سنة 90 ق القاهرة، وطلبت إلغاءه وتأييد قرار المأمورية بإعادة تقدير عنصر الأطيان الزراعية على أساس ضريبة الأطيان في سنة 1966 بمبلغ 23193 ج و786 م ليصبح صافي قيمة التركة 37937 ج و 23 م وبتاريخ 17/ 11/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقضه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه بتأييد الحكم المستأنف إلى أن الصلح المبرم بين المطعون ضدهم والطاعنة بات نهائياً ملزماً لطرفيه فلا يحل لها - من بعد - إعادة تقدير قيمة الأطيان الزراعية في حين أن الالتزام بدين الضريبة مصدره القانون، وقد الشارع معياراً لتقدير الأطيان الزراعية في المادة 36 من القانون رقم 242 لسنة 1944 هو عشرة أمثال القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة، وهي قاعدة آمرة تتعلق بالنظام العام فلا ينتج التصالح أًثره إذا خالفها ولا يحول دون إعادة تقدير الأطيان المخلفة عن المورث على أساسها.
ومن حيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الضريبة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا ترتكن على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والممول وإنما تحددها القوانين التي تفرضها، وليس في القوانين الضريبية ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها، فللممول أن يسترد ما دفعه بغير حق للمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم. وإذ كان ذلك، وكان الشارع قد نص في الفقرة الأولى من المادة 36 من القانون رقم 142 لسنة 1944 على أن "تقدر قيمة الأطيان الزراعية بما يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة" مما مفاده أنه أراد أن يجعل من تلك القيمة الإيجارية معياراً حكمياً لتقدير قيمة الأطيان الزراعية الداخلة في عناصر التركة، وكان البين من الأوراق أنه أعيد تقدير القيمة الإيجارية للأطيان الزراعية المخلفة عن المورث ابتداء من سنة 1959 عملاً بأحكام القانون رقم 113 لسنة 1939 المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 1943 و65 سنة 1949 وأرجئ نفاذها بموجب قوانين متعاقبة إلى أن سرت ابتداء من سنة 1966 وهي السنة التي توفي المورث فيها، وكان الأصل في تقدير التركات هو اعتبار للوقت الذي انتقلت فيه الأموال إلى ملكية الوارث، فإن تقدير قيمة لأطيان الزراعية إنما يكون على أساس القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة في سنة 1966، ولا يمنع من ذلك أن يكون الاتفاق قد تم بين الطاعنة والمطعون ضدهم طبقاً للقانون رقم 14 لسنة 1962 - في شأن إعادة النظر في المنازعات القائمة بين مصلحة الضرائب والممولين - على تقدير قيمة الأطيان على غير ذلك الأساس وصدر الحكم بناء على ذلك بانتهاء الدعوى، ذلك أن القواعد التي وضعها الشارع لتقدير قيمة التركة في القانون رقم 142 لسنة 1944، ومنها ما نص عليه في المادة 36 منه، هي قواعد آمرة، ومن النظام العام مما لا يجوز معه مخالفتها أو الصلح في المسائل المتعلقة بها وفقاً لما تقضي به المادة 551 من القانون المدني، وإذ كان ذلك وكان الحكم الابتدائي - الذي أيده وأحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه - قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الصلح المحرر في 16 مارس سنة 1970 بين الطاعنة والمطعون ضدهم والمعتمد من لجنة إعادة النظر والمصدق عليه من المحكمة يمنع مصلحة الضرائب - الطاعنة - من إعادة تقدير الأطيان الزراعية وفقاً لأحكام القانون، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق