برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة، أحمد مكي، محمد وليد الجارحي وأحمد
الحديدي.
---------------
الأوامر الصادرة بتقييد الحريات أو التنقل أو المنع من السفر وجوب
تنظيمها بقانون يصدر من السلطة التشريعية دون غيرها وليس من سلطة أخري أو بأداة
أدني علة ذلك الأمر الصادر من القاضي بمنع الطاعن من السفر دون أن يكون هناك قانون
ينظم ذلك مخالف للقانون.
-------------
من المقرر بنص الفقرة الأولى من المادة 41 من الدستور أن الحرية
الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد
أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه
ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة
العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون. لما كان ذلك - وكان مؤدى هذا النص - فى ضوء
سائر نصوص الدستور المنظمة للحقوق والحريات العامة وضماناتها - أن أوامر القبض على
الأشخاص أو تفتيشهم أو حبسهم أو منعهم من التنقل أو السفر أو تقييد حريتهم بأى قيد
دون ذلك - هى إجراءات جنائية تمس الحرية الشخصية - التى لا يجوز تنظيمها إلا
بقانون صادر من السلطة التشريعية وليس من سلطة أخرى بناء على تفويض ولا بأداة أدنى
مرتبة.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن البنك المطعون ضده الأول استصدر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية
أمراً وقتياً برقم 607 لسنة 1984 قضى بمنع الطاعن من السفر إلى الخارج حتى يمكن
تنفيذ الأحكام الصادرة ضده في الدعاوى المدنية والجنائية المبينة في الصحيفة فأقام
الطاعن عن ذلك الأمر التظلم 7495 لسنة 1974 مدني جنوب القاهرة، ومحكمة أول درجة
حكمت في 1984/7/24 بقبول التظلم شكلا وبرفضه موضوعاً. استأنف الطاعن هذا الحكم
بالاستئناف 6277 لسنة 101ق القاهرة، وبتاريخ 1985/6/10 قضت المحكمة بتأييد الحكم
المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره
وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ذلك
أن تقييد حريات الأشخاص بأي قيد أو منعهم من التنقل هو أمر تحظره المادة 41 من
الدستور إلا لضرورة يقتضيها تحقيق وصيانة أمن المجتمع وتستوجب أن يصدر هذا المنع
بأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان من المقرر بنص الفقرة
الأولى من المادة 41 من الدستور أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا
تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد
حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن
المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام
القانون"، وكان مؤدى هذا النص - في ضوء سائر نصوص الدستور المنظمة للحقوق
والحريات العامة وضماناتها - أن أوامر القبض على الأشخاص أو تفتيشهم أو حبسهم أو
منعهم من التنقل أو السفر أو تقييد حريتهم بأي قيد دون ذلك - هي إجراءات جنائية
تمس الحرية الشخصية - التي لا يجوز تنظيمها إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية
وليس من سلطة أخرى بناء على تفويض ولا بأداة أدنى مرتبة من القانون حتى لا تطلق
السلطة التنفيذية يدها فيما قيد الدستور سلطتها فيه – وأن إصدار الأمر بأي إجراء
من تلك الإجراءات في غير حالة التلبس – لا يجوز إلا من القاضي المختص أو النيابة
العامة، ووفقاً لقانون ينظم القواعد الشكلية والموضوعية لإصدار هذا الأمر في ضوء
الضوابط التي وضع الدستور أصولها، وكان أي نص مخالف لهذه الأصول يعتبر منسوخاً
حتماً بقوة الدستور نفسه باعتباره القانون الوضعي الأسمى، لما كان ذلك، وكان الأمر
موضوع الدعوى فيما جرى به من منع الطاعن من السفر لم يصدر وفقاً لأحكام قانون ينظم
قواعد إصداره فإنه يكون قائماً على غير أساس.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما
يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم
المستأنف وإلغاء الأمر المتظلم منه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق