جلسة 9 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، منير عبد المجيد، علي السعدني وأحمد شلبي.
---------------
(374)
الطعن رقم 161 لسنة 47 القضائية
(1) دعوى "انعقاد الخصومة".
وفاة المطعون عليه الأول قبل رفع الطعن بالنقض. أثره. اعتبار الخصومة في الطعن معدومة. علة ذلك.
(2) محكمة الموضوع. نقض.
فهم الوقع في الدعوى. من سلطة محكمة الموضوع.
(3) بيع "دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة التعاقد. دعوى استحقاق مآلاً.
(4) قسمة "القمة غير المسجلة: أثرها". شيوع.
قسمة المهايأة. أثرها بالنسبة للمتقاسمين. عدم الاحتجاج بها قبل الغير إلا إذا سجلت. المقصود بالغير. المشتري لجزء مفرز من أحد المتقاسمين لا يعتبر غيراً ولو سجل عقده قبل تسجيل القسمة. أثر ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 2632 سنة 1972 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم على المطعون عليه الأول في مواجهة المطعون عليه الثاني بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 22/ 4/ 1969 والمتضمنين ببيع المطعون عليه الأول لها لأطيان المبينة في صحيفة الدعوى. وقالت شرحاً للدعوى إنها اشترت منه هذه الأطيان شائعة، غير أنه كان قد أجرى مع المطعون عليه الثاني قسمة مهايأة اختص كل منهما بمقتضاها بمساحة من الأرض ينتفع بها حتى تتم القسمة النهائية، ولما أرادت إنهاء حالة الشيوع فوجئت باعتبار القسمة نهائية مما يتعارض مع ما هو وارد بعقدي البيع بشأنها فأقامت دعواها، وبتاريخ 24/ 2/ 1972 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقدي البيع السالفي الذكر المتضمنين بيع المطعون عليه الأول للطاعنة الأرض الزراعية المبينة بالعقدين والمحددة طبقاً لعقد القسمة المؤرخ 28/ 12/ 1961 المبرم بين المطعون عليهما. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2896 سنة 90 ق مدني طالبة القضاء فيما قضى به من أن يكون القدر المبيع محدداً طبقاً لعقد القسمة المذكور. وبتاريخ 13/ 12/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بانعدام الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول، وأبدت فيها الرأي برفض الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة أن المطعون عليه الأول توفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف، وصدر الحكم فيها على المطعون عليه الثاني عن نفسه وبصفته الوارث الوحيد للمطعون عليه الأول فيكون الطعن بالنسبة لهذا الأخير معدوماً.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه صدر ضد المطعون عليه الثاني عن نفسه وبصفته الوارث الوحيد للمطعون عليه الأول مما مفاده وفاة المطعون عليه الأول قبل صدور الحكم المطعون فيه ورفع الطعن بالنقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء، فلا تنعقد أصلاً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة، وإلا كانت معدومة لا ترتب أثراً، ومن ثم يتعين اعتبار الخصومة في الطعن معدومة بالنسبة للمطعون عليه الأول، والحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليه استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون ومسخ الثابت في الأوراق وخرج على نطاق الدعوى وقضى بما لم تطلبه الطاعنة، ذلك أن نطاق الخصومة كان مقصوراً على تحديد الأرض المبيعة طبقاً لعقدي البيع المؤرخين 22/ 4/ 1969 فتمسكت الطاعنة ببقاء حالة الشيوع على أساس أن تعيين المبيع إنما يكون طبقاً لما يرد بشأنه في عقد البيع. بينما تمسك المطعون عليهما بالقسمة التي تم إجراؤها بينهما بتاريخ 18/ 12/ 1961، وبأنها قسمة نهائية وذلك بقصد استبعاد المباني والمنشآت عند تحديد الأرض المبيعة لها، وكان مؤدى دفاعهما أن تقضي المحكمة برفض الدعوى غير أن الحكم المطعون فيه قضى بصحة ونفاذ العقدين المذكورين مع تعيين المبيع طبقاً لما ورد بعقد القسمة النهائي، فمسخ الثابت بالأوراق وعدل شروط التعاقد وخرج على نطاق الدعوى وقضى بما لم تطلبه الطاعنة وأخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع تحصيل فهم الواقع في الدعوى ولا رقيب عليها فيما تحصله طالما أنها لم تعتمد على واقعة بغير سند لها، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنة أقامت الدعوى بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع آنفي الذكر المتضمنين بيع المطعون عليه الأول لها الأطيان المبينة بصحيفة الدعوى شائعة في أطيان أخرى أجري بشأنها عقد قسمة بين المطعون عليهما بتاريخ 18/ 12/ 1961 ولم تنازع الطاعنة في أن تحديد الأرض المبيعة لها طبقاً للعقدين تم وفقاً لعقد القسمة غير أنها وصفتها بأنها قسمة مهايأة بينما قام دفاع المطعون عليهما على أنها قسمة نهائية. لما كان ما تقدم، وكانت دعوى صحة التعاقد هي دعوى موضوعية تنصب على حقيقة التعاقد فتناول محله ومداه ونفاذه والحكم الذي يصدر فيها يكون مقرراً لكافة ما انعقد عليه الرضاء بين المتعاقدين، وهي بماهيتها هذه تعتبر دعوى استحقاق مآلاً. وكان حكم محكمة أول درجة الذي أيده الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه على "أن الثابت من شهادة الشهر العقاري ببلبيس أن عقد القسمة قدم لتلك المأمورية في 20/ 12/ 1961 أي قبل تاريخ البيع وأن القسمة نهائية طبقاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 3099 سنة 1973 مدني القاهرة. الابتدائية التي رفعت بصحة ونفاذ عقد القسمة، وقد اعتد الحكم المطعون فيه بهذه القسمة النهائية المسجلة وأقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، ومن ثم فإن هذا النعي يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك أن الطاعنة تمسكت بأنها تملك مساحة قدرها 12 ط/ 2 ف بيعت لها محددة مفرزة من المطعون عليه الأول بعقد مسجل بتاريخ 13/ 6/ 1966 فلا يكون عقد القسمة النهائي المعقود بين المطعون عليهما نافذاً في حقها. كما أن عقد القسمة النهائي حرر قبل رفع الدعوى رقم 3099 سنة 1972 مدني القاهرة الابتدائية التي رفعت بطلب الحكم بصحته ونفاذه وأعطى له على خلاف الحقيقة تاريخ 18/ 12/ 1961 ليكون سابقاً على عقدي البيع غير أن حكم محكمة أول درجة اعتبره ثابت التاريخ اعتباراً من تاريخ تقديم الطلب بشأنه إلى مكتب الشهر العقاري ببلبيس في 20/ 12/ 1961 في حين أن تاريخ عقد قسمة المهايأة كان 18/ 12/ 1961 وبياناته تختلف عن بيانات عقد القسمة النهائي. وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري وخلط بين قسمة المهايأة التي ورد بيانها بعقدي البيع وبين القسمة النهائية التي حررت بين المطعون عليهما فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى المادة العاشرة من قانون الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه بمجرد حصول القسمة وقبل تسجيلها يعتبر المتقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً ملكية مفرزة للجزء الذي وقع في نصيبه هو دون غيره من أجزاء العقار المقسم وأنه لا يحتج بهذه الملكية المفرزة على الغير إلا إذا سجلت القسمة، وأن الغير في حكم المادة المذكورة هو من تلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاً على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة، أما من تلقى من أحد الشركاء حقاً مفرزاً فإنه لا يعتبر غيراً ولو سبق إلى تسجيل حقه قبل أن تسجل القسمة، إذ أن حقه في الجزاء المفرز الذي انصب عليه التصرف يتوقف مصيره على النتيجة التي تنتهي إليها القسمة، وذلك لما هو مقرر بالمادة 826/ 2 من القانون المدني من أن التصرف إذا انصب على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلي الجزء الذي اختص به المتصرف بموجب القسمة مما مفاده أن القسمة غير المسجلة يحتج بها على من اشترى جزءاً مفرزاً من أحد المتقاسمين ويترتب عليها في شأنه ما يترتب عليها في شأن المتقاسمين من إنهاء حالة الشيوع واعتبار كل متقاسم مالكاً الجزء الذي وقع في نصيبه بموجب القسمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، واعتد بالقسمة النهائية، المسجلة التي أجراها المطعون عليهما حسبما سلف البيان في الرد على السبب الأول، وقد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ما تقدم، وكان لا يعيب الحكم أنه لم يورد كل حجج الطاعنة ويفندها طالما أنه قد أقام قضاءه على ما يكفي لحمله ومن ثم فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق