بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 22-06-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 148 ، 163 لسنة2023 طعن مدني
طاعن:
شركة اوميس للمقاولات ش . ذ.م.م
مطعون ضده:
حصه خليفة راشد المري
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/1546 استئناف مدني
بتاريخ 02-03-2023
بتاريخ 02-03-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر/ وليد ربيع السعداوي والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن الوقائـع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن المطعون ضدها ـ في الطعن رقم 148 لسنة 2023ــ أقامت على الطاعنة الدعوى رقم691 لسنة 2022 مدني جزئي بطلب الحكم أصليًا : بإلزامها بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 6.640.988 درهم ( ستة مليون وستمائة وأربعون الف وتسعمائة وثمانية وثمانون درهم ) مع الفائدة بواقع 5% من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد ، واحتياطيًا: ندب خبير هندسي من الجدول أو تعيين لجنة ثلاثية من الخبراء للاطلاع على ملف الدعوى ومعاينة العقار على الطبيعة وتاريخ إنجاز المشروع وتسليمه للمطعون ضدها وتصفية الحساب بينهما . وقالت بيانًا لذلك إنها بتاريخ 20/9/2015 أسندت للطاعنة تنفيذ وإنشاء وصيانة بناية سكنية مكونة من سرداب وطابق أرضي و6 طوابق على قطعة الأرض رقـــــــم (09- C -3 Ic ) بمنطقة المدينة العالمية لقاء مبلغ 30.000.000 مليون درهم على أن تكون مدة تنفيذ العقد 16 شهر ونصف مضافًا إليها 30 يومًا للتحضير وذلك اعتبارًا من تاريخ تصريح السور المؤقت على أن تحتسب غرامة على الطاعنة بواقع 15.000 درهم عن كل يوم تأخير للمالكة بشرط أن لا تزيد عن 10% من قيمة العقد، وبتاريخ 14/5/2019 تم عقد اتفاقية أخرى فيما بين طرفي الدعوى بسبب تأخر الطاعنة طبقًا لشروط العقد الأولي فقد اتفق الطرفان في البند 17على أن يتحمل الطرف الثاني "المقاول "ما يلي : أولًا: غرامة تأخير بنسبة 10% من قيمة المقاولة والبالغة 3.000.000 درهم ثانيًا: بدل إيجار بمبلغ 200.000 درهم شهريًا ابتداءً من شهر مايو 2019 ولمدة ثلاثة أشهر ولحين الحصول على شهادة الإنجاز وفي حال تأخر المقاول "الطاعنة" في ذلك يستمر بدفع مبلغ 200.000 درهم شهريًا لحين الحصول على شهادة الإنجاز وقد قام بدفع مبلغ 400.000 درهم مسبقًا عن شهري يونيو ويوليو سنة 2018، ثالثًا: يدفع المقاول مبلغ 900.000 درهم عن الفترة من أغسطس 2018 إلى ابريل 2019 ، وبناء على ما تم الاتفاق عليه يستأنف المقاول عمله في الموقع لكي يسلم المشروع في أقرب وقت وتقوم المالكة "المطعون ضدها "بالموافقة على صرف كامل مبلغ المقاولة باستثناء مبلغ الغرامة (10%) بقيمة 3.000.000 مليون درهم ، وقد قامت المطعون ضدها (مالكة المشروع) بسداد كافة الدفعات وكذا سداد الدفعات الغير مستحق منها وبشكل منتظم وبدون تأخير إلا أن المقاول "الطاعنة" قد استمر في التباطؤ والتأخير في استكمال الأعمال طبقًا للعقد المؤرخ 14/5/2019 المشار إليه، وقد ترصد بذمته مبلغ 6.640.988 درهم لصالح المطعون ضدها وهو عبارة عن إجمالي المبلغ المتفق عليه بالاتفاقية المؤرخة 14/5/2019 كبدل إيجار + 340.988 درهم سددتها المطعون ضدها لدفع فواتير ودفعات مقاول الباطن وتعهده بإعادة دفعها استنادًا إلى الرسالة الصادرة عنه إلا أنه لم يقم بدفعها حتى تاريخه ، ومن ثم فقد أقامت دعواها. قدمت الطاعنة مذكرة وصحيفة دعوى متقابلة طلبت في ختامها: أولًا في الدعوى الأصلية: رفضها لعدم الصحة والثبوت. ثانيًا: في الدعوى المتقابلة : إلزام المطعون ضدها تقابلًا بسداد مبلغ مقداره 678,494.26 للطاعنة مع الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، على سند من أنه سبق للمطعون ضدها وأن أقامت النزاع رقم 704/2021 نزاع تعيين خبرة تجاري في ذات الموضوع وبين الأطراف أنفسهم لدراسة ملف الدعوى وتصفية الحساب بين الطرفين ، وبتاريخ 11/03/2022 صدر التقرير النهائي والذي انتهى في إلى أن المطعون ضدها (صاحبة العمل) لم تلتزم بسداد كامل قيمة المشروع إلى الطاعنة (المقاول) ، و أنه لا يحق لها ــ بناءً على ذلك ــ المطالبة بأي غرامات تأخير كونها لم تسدد المبلغ المتفق عليه للطاعنة في موعده ، وقد انتهت الخبرة المنتدبة بشأن تصفية الحساب بين الطرفين إلى انشغال ذمة الطاعنة بمبلغ 678,949.26 درهم لصالح المطعون ضدها ، ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 4/10/2022برفض الدعوى المتقابلة ، وفي موضوع الدعوى الاصلية بالزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضدها مبلغ مقداره 5,269,443.01 درهم (خمسة مليون ومائتان ستة وتسعون ألف وأربعمائة وثلاثة وأربعون درهم وفلس واحد) والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام وألزمتها بالمصروفات ومبلغ ألف درهم مقابل اتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1546لسنة 2022 مدني كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم1567 لسنة 2022 مدني وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط قضت بتاريخ 2/3/2023 بتعديل المبلغ المحكوم به من محكمة أول درجة بإنقاصه ليصبح 1.669.443.01 درهم وتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنة بالتمييز على الحكم الأخير بالطعن رقم 148لسنة 2023 مدني كما طعنت المطعون ضدها على ذات الحكم بالطعن رقم 163لسنة 2023مدني وقدمت كلاهما مذكرتها في الطعن الآخر وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فقررت ضم الثاني للأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ورأت أنهما جديران بالنظر فحددت جلسة لنظرهما .
وحيث إن حاصل أسباب الطعنين تدور في فلك واحد ينعى كلاهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه على تقرير الخبرة المنتدب في الدعوى واعتنق أسبابه و التفت عن دراسة وتمحيص اعتراضاتهما على تقرير الخبرة وذلك حسبما ارتأته المطعون ضدها "صاحبة العمل" أنه ت بنى الاقتراح الثاني الوارد بتقرير الخبير باحتساب مدة مقدارها ستة أشهر لحساب غرامة بدل الايجار معللًا قضاؤه بأن هذا المقترح يتوافق مع بنود العقد والواقع رغم أن هناك اتفاقًا مبرمًا ينص على تعويض الطاعنة عن كل شهر بمبلغ 200.000 درهم حتى تسليم المطعون ضدها البناية استنادًا لفوات المنفعة على الطاعنة من عدم الإفادة من تأخير البناية طوال مدة التأخير فضلًا عن عدم إعماله أحكام العقد المؤرخ 14/5/2019 وما يرتبه من قواعد المسئولية العقدية كونها هي الواجبة التطبيق علاوة على أن هذا الاتفاق وقع صحيحًا فلا يجوز لأي من طرفيه أن يستقل بنقضه أو تعديله كما لا يجوز ذلك للخبير خاصة أن التعويض مؤسس على المسؤولية العقدية فلا يملك القاضي إلا اتباعه درءًا لإهدار نصوص العقد و ما تم خصمه من مبلغ 800.000 درهم من مستحقات الطاعنة مستندًا في ذلك على الدفعات المقدمة من المطعون ضدها رغم أن تلك الدفعات غير مطابقة للكشف الصادر عن الاستشاري ، بينما ارتأت الطاعنة" المقاول" أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بشأن تفسير العقد في حساب غرامة بدل الإيجار على الطاعنة بمبلغ مقداره 1,500,000 درهم على خطأ الخبرة المنتدبة الثانية في تفسير الاتفاقية وتحريفها لبنودها الذي قادها لنتيجة متناقضة مجهلة تضمنت اقتراحين بشأن مبلغ التعويض عن الإيجار وضمنت التقرير رأيها بشأن المبالغ المراد خصمها من الطاعنة في حين أن الخبرة المنتدبة الهندسية الأولى في النزاع رقم 704/2021 نزاع تعيين خبرة تجاري أكدت على عدم استحقاق المطعون ضدها لغرامة التأخير بواقع 200,000 درهم بالشهر كون المطعون ضدها لم تلتزم بسداد مستحقات الطاعنة في موعدها وبشكل لا لبس فيه وطبقًا للاتفاقية المؤرخة في 14/05/2019 ثبوت إخلال المطعون ضدها ببنود الاتفاقية وعدم التزامها بصرف كامل مستحقات الطاعنة في الوقت الذي التزمت به الطاعنة بالاتفاقية ونفذت كامل التزامها المتمثل بتنفيذ المشروع 100% وتسليمه للمطعون ضدها والتي بدأت منذ وقت طويل بجني ثماره، وبالتالي فإنه يثبت عدم أحقية المطعون ضدها بمطالبتها المزعومة في الدعوى الماثلة علاوة على أن الحكم المطعون فيه لم يمحَّص دفاع الطاعنة المطروح على المحكمة بشأن الادعاء المتقابل وتمسك الطاعنة بتطبيق تقرير الخبرة الأول المودع في النزاع ، وطلبها تعيين خبير مرجح للاطلاع على تقريري الخبرة المودعين بملف الدعوى مكتفيًا بالنص على أن المحكمة تطمئن لما ورد بتقرير الخبير والنتيجة التي انتهى إليها وهوما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي غير سديد ، ذلك بأنه من المقررــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن الشرط الذي يتضمنه عقد المقاولة بإلزام المقاول بدفع مبلغ معين عن كل مدة من الزمن يتأخر فيها المقاول عن تسليم ما عهد إليه إنجازه ما هو إلا شرط جزائي أي تعويض اتفاقي يترتب عليه في حالة الاخلال بالعقد افتراض العذر، وعدم التزام الدائن بإثبات وقوعه أو الخسارة الناجمة عنه أو مقداره لأن التعويض الاتفاقي يجعل الضرر واقعًا في تقدير المتعاقدين وهو إقرار بالضرر عند الإخلال بشروط العقد إلا أن ذلك لا يخل بحق المتعاقد الآخر (المدين) في إثبات أن مقدار التعويض المتفق عليه في الشرط الجزائي يفوق الضرر الذي لحق بالدائن أو أنه لم يلحقه أصلًا أي ضرر ، ومن المقرر أيضًا أن القضاء بالتعويض للمضرور مشروط بأن يكون الضرر المدعى به نتيجة مباشرة للخطأ ومحقق الوقوع بالفعل حالًا أو مستقبلًا ويدخل في تقدير هذا الضرر ما فات المضرور من كسب وما لحقه من خسارة ، أما الأضرار المحتملة غير محققة الوقوع فلا يكون التعويض عنها واجبًا إلا إذا وقعت بالفعل ويقع على المضرور عبء اثباتها وأنه وإن كان يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدمًا قيمة التعويض بالنص عليها في العقد إلا أنه ـ وفقًا للمادة 390 من قانون المعاملات المدنية ـ يجوز للقاضي بناء على طلب أحد الطرفين أن يعدل هذا الاتفاق بما يجعل التقدير مساويًا للضرر ، وله تحديد التعويض الجابر له متى أقام قضاءه على أسباب سائغة لها ما يساندها في الأوراق وكافية لحمل قضائه ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها تقديمًا صحيحًا والموازنة بينهما وترجيح ما تطمئن إليه ، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرًا من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى ، وأنه متى رأت الأخذ به محمولًا على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءًا من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة لأن في أخذها به محمولًا علي أسبابه مما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن والاعتراضات ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير لأن مناط ذلك أن يكون تقرير الخبير المنتدب قد تناول القول في نقطة الخلاف ودلل عليها بأسباب سائغة مؤدية الي النتيجة التي انتهي اليها . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قصر مبلغ التعويض المقضي به للمطعون ضدها على مبلغ 1.669.443.01 درهم عبارة عن قيمة الأعمال وبدل الايجار وفق الاتفاق تأسيسًا على الاقتراح الثاني لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى وكان البين من أوراق الدعوى أن المطعون ضدها سواء بشخصها أو بوكيل عنها قد أقرت في أكثر من موضع بتقرير الخبير الهندسي الأول أن نسبة الإنجاز بالمشروع بلغت 90% وكان ما تضمنه العقد المؤرخ 14/5/2019 من النص على بدل إيجار بمبلغ 200000 درهم عن كل شهر تأخير إنما هو عن نسبة10% المتبقية في إنهاء المشروع وقد ثبت التأخير في التنفيذ في جانب الطاعنة بما يترتب عليه تطبيق التعويض الاتفاقي الوارد بالعقد المشار إليه غير أن الثابت من الأوراق أن المشروع قد تم إنجازه وأن المطعون ضدها قد تسلمته وقامت باستغلاله وقد احتسبت غرامة التأخير من قبل بنسبة 10% من إجمالي تكلفة المشروع بما يعادل ثلاثة ملايين من الدراهم وقد تأخرت المطعون ضدها في سداد مبلغ المقاولة كاملًا ومن ثم يجوز للقاضي بناء على طلب الطاعنة "المقاول" أن يعدل هذا الاتفاق بما يجعل التقدير مساويًا للضرر، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة وقضى على هديها فإنه يكون بمنأى عن مخالفة القانون ولا يعيبه التفاته عن ندب خبير مرجح حال أنه اطمأن إلى تقرير الخبير المنتدب الذي تناول الرد على اعتراضات الطرفين ووجد في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيها . وكان هذا الذي انتهي اليه الحكم المطعون فيه سائغًا وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لما يثيره الطاعنان بأسباب طعنيهما ومن ثم فان النعي برمته لا يعدو أن يكون جدلًا في سلطة محكمة الموضوع فيما تستقل بتقديره مما لا تقبل إثارته أمام محكمة التمييز ومن ثم غير مقبول.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعنين وألزمت كل طاعنة بمصروفات طعنها والمقاصة في أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغي التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق