بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 22-06-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 142 ، 146 لسنة2023 طعن مدني
طاعن:
حميد سيد صلاح الدين
مطعون ضده:
شركه اى تى ايه ملكو اليفاتور (ذ.م.م )
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1525 استئناف مدني
بتاريخ 16-02-2023
بتاريخ 16-02-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص ــ في كل من الطعنين ــ الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر ــ سعد زويل ــ وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية
وحيث إن الوقائـع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة في الطعن رقم 142 لسنة 2023 مدني أقامت على المطعون ضدهم ــ في ذات الطعن ــ الدعوى رقم 78 لسنة 2021 مدني كلى أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن والتكافل فيما بينهم بأن يؤدوا لها مبلغ 65/ 203,798,358 درهمًا والفائدة التأخيرية بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، تأسيسًا على أن المطعون ضدهم كان يعملون مديرين لها ومخولين بالتوقيع بشكل فردي أو جماعي على جميع المعاملات الخاصة بالحسابات البنكية ومنها التوقيع على الشيكات وفتح وإغلاق الحسابات لدى البنوك واعتماد كل القروض البنكية وكل التسهيلات البنكية الأخرى مع أي من البنوك ، وأنها قامت بإجراء تدقيق داخلي على حساباتها فتبين لها قيامهم بالاستيلاء على أموالها بتوقيعهم على سندات صرف غير صحيحة وغير حقيقية بهدف اصطناع مصاريف وهمية للاستيلاء على أموالها لصالحهم وبلغ إجمالي المبالغ المختلسة مقدارها 65/ 203,798,358 درهمًا ، وقد أدينوا عن ذلك بموجب حكم جزائي ، ومن ثم فقد أقامت الدعوى ، وبتاريخ 28 / 7 / 2021 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا للطاعنة مبلغ 39,605,943 درهمًا (تسعة وثلاثون مليون درهم وستمئة وخمسة آلاف درهم وتسعمئة وثلاثة وأربعون درهم) وفائدة قانونية بواقع 5 % سنويًا من تاريخ صيرورته نهائيًا، استأنفت الطاعنة ( شركه أي تي ايه ملكو اليفاتور ــ ذ.م.م ) هذا الحكم بالاستئناف رقم 1525 لسنة 2023 مدني ،قدم المطعون ضدهما استئنافًا فرعيًا بطلب الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببطلان الإعلان بلائحة الدعوى وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها ، ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 16/ 2 / 2023 بتعديل الحكم المستأنف لجهة إلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا للطاعنة مبلغ 39,605,943 درهمًا -تسعة وثلاثون مليون درهم وستمئة وخمسة آلاف درهم وتسعمئة وثلاثة وأربعون درهم) ، ليصبح إلزامهم بالتضامن أن يؤدوا للطاعنة مبلغ 39,873,443 درهمًا ( تسعة وثلاثون مليون وثمانمائة وثلاثة وسبعون ألفًا وأربعمائة وثلاثة وأربعون درهم ) وبإلزام المطعون ضده الأول / حميد سيد صلاح الدين بأن يؤدي للطاعنة (شركه أي تي ايه ملكو اليفاتور (ذ.م.م ) مبلغ 8,333,527 درهم ( ثمانية ملايين وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ألفًا وخمسمائة وسبعة وعشرون درهمًا ) ، وتأييده فيما عدا ذلك ، وفي موضوع الاستئناف الفرعي برفضه ، طعنت الطاعنة (شركه أي تي ايه ملكو اليفاتور (ذ.م.م ) على هذا الحكم بالتمييز رقم 142 لسنة 2023 مدنى بموجب صحيفة أودعت الكترونياً بتاريخ 9-3-2023 طلبت فيها نقض الحكم ، كما طعن فيه الطاعن (حميد سيد صلاح الدين ) بالتمييز رقم 146 لسنة 2018 مدنى بموجب صحيفة اودعت الكترونياً بتاريخ 12- 3-2023 طلب فيها نقض الحكم ، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة رأت أنهما جديران بالنظر فحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إن الطعن رقم 146 لسنة 2023 مدني أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه بالبطلان، ذلك أنه تمسك ببطلان إعلان صحيفة الدعوى وبطلان الحكم المستأنف لعدم انعقاد الخصومة ، ذلك أن الشركة المطعون ضدها تعلم بأنه غير موجود بالدولة وأن عنوان موطنه الأصلي في الهند معلومًا لها ، إلا أنها حاولت إعلانه على غير محل إقامته أو عنوانه الصحيح وصدر الحكم دون أن تبذل أدنى جهد للتوصل إلى العنوان الصحيح لهم من خلال التحري بالطرق الأصولية رغبة منها في إعلانهم بالنشر حتى لا يعلموا بالدعوى ويقدموا دفاعهم فيها بغية الحصول على حكم في غيبتهم ، مما يعد ذلك غشاً من المطعون ضدها أفقدهم القدرة على الدفاع عن أنفسهم ، مما يقتضي تقرير بطلان هذا الحكم وإلغاءه وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظرها من جديد ، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة - وفقًا لأحكام المواد (8،6) من قانون الاجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 15لسنة 2021 واللائحة التنظيمية المعدلة بالقرار رقم 75 لسنة 2021 -المنطبق على الدعوى- أنه ولئن كان يجب أن تسلم صوره الإعلانات القضائية إلى شخص المعلن إليه نفسه أو في موطنه أو في محل عمله فانه يجوز للمحكمة بعد أن يكون طالب الإعلان قد اتخذ من الوسائل ما يكفي للتحري عن موطن المعلن إليه أو محل عمله وتحققت من أنه ليس للمطلوب إعلانه موطن أو محل عمل معلوم أن تجرى إعلانه بالنشر في صحيفة يومية واسعة الانتشار تصدر في الدولة باللغة العربية وبصحيفة أخرى تصدر بلغة أجنبية إذا اقتضى الأمر ، وأن تحقيق واقعة حصول إعلان الخصوم في الدعوى والتثبت من صحة تمثيلهم فيها هو من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة التمييز ما دام لهذا التحقيق سنداً من أوراق الدعوى.، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان إعلان صحيفة الدعوى وبطلان الحكم المستأنف لعدم انعقاد الخصومة انعقادًا صحيحًا على ما خلص إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها من أن الثابت من أوراق الدعوى الالكترونية أنه تعذر إعلان الطاعن على عنوانه بصحيفة افتتاح الدعوى الابتدائية والحكم المستأنف وبالتحري استقلالًا عن عنوانه تبين مغادرته للدولة وعليه تم إعلانه بالنشر بعد التصريح من المحكمة ، ورتب على ذلك صحة الإعلان وموافقة للقانون ومطابقته لإجراءاته ، ولا ينال من ذلك استدلال المطعون ضدها أمام محكمة الاستئناف على عنوان الطاعن في موطنه ، إذ لا دليل على سابق علمها بعنوانه في موطنه أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وبعد صدور الحكم الابتدائي ، لأنه من المتصور حصولها على عناوين إضافية للطاعن في مرحلة الاستئناف ، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغًا ومقبولًا وفي حدود ما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير الدليل وفهم الواقع في الدعوى ومتضمنًا الرد على كل ما أثاره الطاعن بوجه النعي فيكون النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة فيكون النعي على الحكم المطعون فيه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث في الطعن رقم 146 لسنة 2023 مدني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه لدى قيام المطعون ضدها بقيد عدة بلاغات كيدية ضده وآخرين لإخراجهم من الشراكة القائمة بينهم وللاستيلاء على أموالهم غيلةً وظلمًا ، مما حدا بهم حتى لا يخسروا الشركاء اليابانيين في المجموعة توصلوا إلى اتفاق تسوية ودية مع المطعون ضده والمجموعة بكاملها حيث قاموا بموجبه إجراء تخارج بشكل جزئي من الشراكة وأجبرتهم المطعون ضدها على ضرورة سداد مبلغ 100,000,000درهم من المال مقابل وقفها المنازعات القضائية والجزائية حتى لا تتعطل أعمالهم ، وأنه تمسك بعدم حجيه الحكم الصادر في الدعوى رقم 45789 لسنة 2019 جزاء دبي فيما يتعلق بالمبلغ المحكوم به في الدعوى الجزائية ، وأن الحكم الجزائي المشار إليه عول على ما جاء بتقرير الخبرة الاستشاري المقدم من الجهة الشاكية ( المطعون ضدها ) ، وأن حجيه الحكم الجزائي لا تمنع المحكمة المدنية من بحث مدى أحقية المطعون ضدها في المبلغ المطالب به ، وأنه كان يجرى كافة الأعمال الإدارية ومنها مصروفات الشركة بعد استشارة أعضاء مجلس الإدارة ويتم أخذ موافقتهم الشفوية ، وأن الخبير أثبت أن مبلغ 39,873,443 درهمًا تم تحويله وفقًا للطرق الأصولية المتبعة في إدارة وتشغيل الحسابات بالشركة المطعون ضدها وتم اعتماد صرفها من يملك الحق والسلطة والصلاحية في الشركة ، وتم تحويله لشركة برايم استار انرجي العائدة له و ليس بينها وبين المطعون ضدها أية تعاملات تجارية ، وأنه لم يكن موظفًا لدى الشركة المطعون ضدها بل كان شريكًا وعضوًا بمجلس الإدارة بهذه الشركة ، وأن المبالغ محل النزاع كانت تصرف لمنفعة ومصلحة الشركة المطعون ضدها وفي سبيل تسيير أعمالها وأن أعمال الشركة وميزانيتها وأموالها كانت يتم المصادقة عليها من قبل المجلس والمدققين شركة كي بي ام جي( KPMG ) وخاصة ميزانية السنوات 2012 و 2013 و2014 ولم يكن هناك أي اعتراض من قبل مدققي حسابات هذه الشركات والشركاء الآخرين الذين هم كانوا ممثلين في ذات المجلس وبهذا شهد المدعو / عيسى الغرير في إفادته المقدمة أمام الشرطة والنيابة أنه كان دائم التشاور معهم للحصول على الموافقات اللازمة لاعتماد الأمور المالية والإدارية للشركة المطعون ضدها إلا أن الشركاء الحاليين فيها قاموا بإخراجه وآخرين من الشركة والاستيلاء عليها لأنهم هم الذين يديروا الشركات ولديهم الدفاتر المالية والسجلات والميزانية المالية المدققة ويعلمون أن هذه المبالغ قد دفعت وصرفت بالطرق الأصولية المعتمدة بالشركة ومن قبل الأشخاص المخولين بالتوقيع على الشيكات ، وأن المطعون ضدها امتنعت عن تزويد الخبير بالبيانات المالية المدققة لها خلال فترة توليه إدارتها مع غيره من المدراء الآخرين لأن البيانات المالية السنوية المدققة تعكس كافة التفاصيل المالية للشركة وما حققته من أرباح وما لحقت بها من خسائر والالتزامات المترتبة على عاتقها وتوضح ما إذا كان هناك أموال تم الاستيلاء عليها أو التصرف فيها بغير وجه حق ، وأنه قدم تقارير للمحكمة أثبتت أن المبالغ المحكوم بها قد استخدمت لخدمة أنشطة الشركة وتأسيس فروع خارجية لها في سبع دول حول العالم ، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الطعن رقم 142 لسنة 2023 مدني أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع، ذلك أن الخبير أثبت وجود مبلغ 1,550,000 درهم بذمة المطعون ضده الأول ومقيد بذمته بالحساب رقم (112100) ، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض القضاء بهذا المبلغ لعدم إدراج الخبير هذا المبلغ في النتيجة النهائية للتقرير ، كما أنه بشأن مطالبتها لمبلغ 6,534,693 درهماً فقد أثبت الخبير أنها قدمت كشف لعدد (37) عملية إيداع نقدي بحساب المطعون ضده الأول بقيمة بلغت 3,730,586 درهماً، وأشارت بأن المبلغ الفعلي يبلغ (6.50) مليون درهم وقدمت بعض القيود الحسابية وإيصالات السداد النقدي الصادرة عنها لصالح المطعون ضده الأول، وأنها قد استندت في إثبات أن تلك العمليات هي عمليات وهمية اختلقها المطعون ضدهم لعدم وجود مستندات حسابية تدعم هذه القيود وإنما هي قيود تمت على النظام المحاسبي دون وجود أية مستندات داعمة ، وما قرره المحاسب / شيخ عبد الله من أن المبالغ المذكورة لا تقابلها مستندات حسابية وإنما كانت عبارة عن أوامر شفهية صادرة من المطعون ضده الأول فقط ، وأنها تقدمت بكشف حساب المطعون ضده الأول لإثبات استيلاء المطعون ضدهم على مبلغ 20,833,377 درهمًا حيث تم إيداع ذلك المبلغ بحساب المطعون ضده الأول بمساعدة واشتراك المطعون ضدهما الثاني والثالث ، وأنها اعترضت أمام محكمة الاستئناف على إغفال الخبرة لاحتساب المبلغ موضوع المطالبة إلا أن المحكمة أخذت بما انتهى إليه تقرير الخبرة دون بحث اعتراضاتها عليه والمستندات المحاسبية وشهادة الشهود المقدمة في القضية الجزائية 45789 لسنة 2019 جزاء ، وأنها تقدمت بتقرير استشاري يثبت مقدار الأضرار التي لحقت بها جراء تصرف المطعون ضدهم والذي انتهى إلى استحقاقها لمبلغ65/ 203.798.358 درهمًا ، وهي أضرار لم تكن قد اكتشفت أثناء تداول الدعوى الجزائية وإنما تم اكتشافها بعد أن أجرت تحقيق موسع وقامت بفحص السجلات المحاسبية ، إلا أن الحكم المطعون فيه ألزمها بتقديم المستندات التي تثبت دخول المبالغ المستولى عليها في حسابات المطعون ضدهم المصرفية ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن النعي بأسباب الطعنين مردود ، ذلك أن مفاد نص المادتين 50 من قانون الإثبات ، 269 من قانون الإجراءات الجزائية ( المنطبقين على واقعة الدعوى ) - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التزام المحكمة المدنية بالحكم الصادر في الدعوى الجزائية مقصور على ما فصل فيه الحكم الجزائي فصلًا ضروريًا في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجزائية وفي الوصف القانوني ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجزائية نهائيًا في هذه المسائل تعين على المحكمة المدنية الالتزام بها في دعاوى الحقوق المتصلة بها وامتنع عليها إعادة بحثها، وهي حجية تسرى قبل الكافة ولو لم يكونوا خصومًا في الدعوى الجزائية، فإذا ما قطع الحكم الجزائي في تلك المسألة بحكم نهائي وبات وكان فصله ضروريًا ولازمًا للفصل في الدعوى الجزائية ، فإنه لا يقبل أمام المحكمة المدنية إعادة إثارة المنازعة أمامها من جديد في تلك المسألة ، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها والأخذ بما تقتنع به منها وإطراح ما عداه وتفسير العقود والاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها وأصحاب الشأن فيها وتقدير الوفاء بالالتزامات في العقود الملزمة للجانبين واستخلاص الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه وتقدير عمل الخبراء المنتدبين وفي الأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ولها أصل ثابت في الأوراق وهي من بعد غير ملزمة بتتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم والرد استقلالًا على كل منها لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد المسقط لما يخالفه، وأنها أيضاً غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلون بها ولا بأن تتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالًا على كل منها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات ، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها بإلزام المطعون ضدهم في الطعن الأول ( حميد سيد صلاح الدين وتانجا ميران محمد كاني عبد العزيز أحمد خاجا محي الدين محمد حنيفة سايار) على ما خلصت إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها من أن الحكم الجزائي النهائي سند الدعوى قد أثبت خطأ المطعون ضدهم سالفي الذكر ، وأن الطاعنة في الطعن الأول قد أثبتت أن هذا الخطأ قد أصابها بضرر، وبالتالي لا يجوز إعادة بحث هذه المسائل مرة أخرى ورتبت المحكمة على ذلك مسؤولية المطعون ضدهم المشار إليهم سلفًا عن الحق المطالب به ، وأضاف الحكم المطعون فيه بعد أن اطمئن لتقرير الخبير المنتدب-الأصلي والتكميلي-من ديوان سمو الحاكم بدبي المقدمين في الدعوى الجزائية رقم 45789 لسنة 2019 جزاء دبي وفي الاستئناف الماثل فيما يتعلق بجهة بالمبلغ المقضي به من أن مقداره مبلغ 39,873,443 درهمًا ( تسعة وثلاثون مليون وثمانمائة وثلاثة وسبعون ألفا وأربعمائة وثلاثة واربعون درهمًا ) ، وقضى بتعديل الحكم المستأنف بإلزام المطعون ضدهم في الطعن الأول بالتضامن بأن يؤدوا للطاعنة في الطعن الأول هذا المبلغ والزام المطعون ضده الأول ( الطاعن في الطعن الثاني ) بأن يؤدي للأخيرة مبلغ مقداره 8,333,527 درهمًا (ثمانية ملايين وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون الفا وخمسمائة وسبعة وعشرون درهم ) وتأييده فيما عدا ذلك ، ورفض الاستئناف الفرعي موضوعًا ، وإذ كان الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومما له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائه ، لا يغير من ذلك طلب المطعون ضدهم بإحالة الاستئناف للخبرة ، ذلك أن طلب الخصم بإعادة المأمورية إلى الخبير لبحث ما يثيره من اعتراضات على تقريره ليس حقًا له متعينا على المحكمة إجابته إليه وأن حسب المحكمة أن تقيم قضاءها على ما هو ثابت بهذا التقرير وبباقي أوراق الدعوى متى وجدت في ذلك ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها من غير حاجة لإجابة الخصم إلى هذا الطلب ، وكان غير صحيح كذلك ما يثيره الطاعن في الطعن الثاني من أن الحكم المطعون فيه عول على الحكم الجزائي المشار إليه في تقدير المبلغ المستولى عليه ، إذ عول على ما خلص إليه من سائر أوراق الدعوى ومستنداتها وخاصة تقريري الخبرة المشار إليهما سلفًا ، ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس .
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: في الطعنين رقمي 142 و146 لسنة 2023 مدني برفضهما وألزمت كل طاعن بمصروفات طعنه مع مصادرة مبلغ التأمين في كل طعن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق