جلسة 18 من يناير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، صلاح نصار، محمود رمضان وإبراهيم فراج.
---------------
(49)
الطعن رقم 485 لسنة 43 القضائية
(1)، (2) إيجار "إيجار الأماكن".
(1) تسليم العين المؤجرة للمستأجر. كيفية تحققه. مجرد الترخيص للمستأجر بالانتفاع مع وجود عائق يحول دونه ولو كان راجعاً إلى فعل الغير لا يعتبر تسليماً. ضمان المؤجر بعد التسليم للتعرض القانوني دون المادي.
(2) تحرير المؤجر عقد إيجار لمشتري الجدك من المستأجر الأصلي. رفض هذا الأخير إخلاء العين لنزاع بينه وبين المشتري. أثره عدم أحقية المؤجر في مطالبته بالأجرة لعدم تنفيذه التزامه بتسليم العين المؤجرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى ضد المطعون عليه بطلب الحكم بإخلائه من محل النزاع وتسليمه له، وقال شرحاً لها أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 4/ 1969 أجر للمطعون عليه المحل الكائن بشارع....... بأجرة شهرية قدرها....... وإذ تأخر في سدادها عن المدة من...... حتى...... فقد أقام دعواه بالطلبات السابقة، أجاب المطعون عليه بأنه لم ينتفع بالعين خلال المدة المطالب بأجرتها لأن المستأجر السابق يضع اليد عليها، وبتاريخ....... حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم....... طالباً إلغاءه والحكم بطلباته وبتاريخ.... حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم بنى قضاءه برفض دعوى الإخلاء لعدم سداد الأجرة على سند من القول بأن المطعون عليه لم يتمكن من الانتفاع بالعين المؤجرة خلال المدة التي تأخر فيها عن الوفاء بها، وهو مسوغ قانوني يبرر امتناعه عن دفعها وأن هذا السبب القانوني يأخذ حكم المنازعة في الأجرة، فلا يحق بالتالي طلب إخلائه من العين في حين أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه لم يتمكن من استلام العين المؤجرة لاستمرار شغل المستأجر السابق لها بسبب امتناعه عن الوفاء بباقي ثمن المتجر الذي اشتراه منه، وأن هذا تعرض مادي لا صلة له بالمؤجر ومبنى على خلاف بين المستأجرين السابق واللاحق فلا يضمنه وفق المادة 575 من القانون المدني، وكان يتعين على المستأجر أن يوفى بالأجرة نفاذاً للعقد ثم يعود بالتضمينات على المتسبب في عدم انتفاعه؛ غير أن الحكم لم يناقش هذا الدفاع رغم أنه جوهري من شأنه أن يغير وجه الرأي في الدعوى، فلم يبين ماهية التعرض ومن المتسبب فيه ومدى ضمان الطاعن للمطعون عليه بشأنه واكتفى بتقرير الأجرة مقابل الانتفاع هذا إلى أن الحكم ذهب إلى أن الأجرة متنازع عليها، دون أن يثبت من وجود هذه المنازعة أو جديتها حتى تعتبر سبباً لحبس الأجرة عن المؤجر، خاصة وأن المستأجر لم يدع وقوعها وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 564 من القانون المدني على أن "يلتزم المؤجر أن يسلم المستأجر العين المؤجرة وملحقاتها في حالة تصلح معها لأن تفي بما أعدت له من المنفعة، وفقاً لما تم عليه الاتفاق أو لطبيعة العين "وفي المادة 566 منه على أنه" يسري على الالتزام بتسليم العين المؤجرة ما يسري على الالتزام بتسليم العين المبيعة من أحكام..." وفي المادة 435/ 1 من القانون ذاته على أن "يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يستول على استيلاء مادياً ما دام البائع قد أعلمه بذلك ويحصل هذا التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن تسليم العين المؤجرة يحصل بوضعها تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق، ولو لم يضع يده عليها بالفعل ما دام المؤجر قد أعلمه بذلك بمعنى أنه ليس يكفي مجرد تخلي المؤجر عن العين المؤجرة والترخيص للمستأجر والانتفاع بها إذا وجد عائق يحول دونه، ولا يتم التسليم بغير إزالته، يستوي أن يكون العائق وليد تعرض مادي أو نتيجة تعرض قانوني ناشئاً عن فعل المؤجر أو أحد أتباعه أم راجعاً إلى فعل الغير أياً كان، طالما حصل قبل حصول التسليم، بخلاف ما إذا كانت العين قد سلمت للمستأجر فلا يضمن المؤجر عملاً بالمادة 575 من القانون المدني إلا التعرض المبنى على سبب قانوني دون التعرض المادي ولما كان الواقع في الدعوى أخذاً من مدونات الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له أن الطاعن لا يماري في أن المطعون عليه لم يستلم العين المؤجرة وإنما يذهب إلى أن عدم انتفاعه بها مرده إلى تعرض المستأجر السابق بسبب خلاف بينه وبين المطعون عليه على ثمن المحل التجاري الذي باعه إليه، وأنه صدر حكم في الدعوى رقم........ المقامة من المطعون عليه ضد الطاعن قضى بإلزام الأخير أن يمكن الأول من وضع يده والانتفاع بالعين المؤجرة، وكان يتعين على المؤجر في هذه الحالة أن يعمل على إخلاء العين المؤجرة من حيازة المستأجر السابق ولو برفع دعوى الإخلاء عليه أخذاً بالتزامه برفع العوائق المادية قبل التسليم، وكان ذلك الالتزام قد تأيد قبله بالحكم الصادر ضده بالتمكين على ما سلف البيان، وكان لا يغير من ذلك افتراض حصول اتفاق على بيع المحل التجاري من المستأجر السابق إلى المطعون عليه؛ طالما أبرم الطاعن عقد إيجار مع المطعون عليه يخوله كافة حقوق المستأجر ومنها تسليم العين المؤجرة وتمكينه من الانتفاع بها ولما كان ذلك وكان الحكم قد انتهى إلى أن المطعون عليه غير ملزم بدفع الأجرة طالما لم يتمكن من الانتفاع بالعين المؤجرة بسبب تعرض المستأجر السابق تعرضاً حال دون إمكان تنفيذ عقد الإيجار، وهو التزام واقع على عاتق الطاعن يترتب على الإخلال به إسقاط التزام المطعون عليه دفع الأجرة طوال مدة هذا الإخلال، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا يقدح في ذلك ما تزيد به الحكم في أن الأجرة في حكم المتنازع عليها لأنه جاء استطراداً يستقيم بدونه قضاؤه ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق