جلسة 22 من ديسمبر سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.
----------------
(208)
الطعن رقم 250 لسنة 36 القضائية
(أ) نقض. "ميعاد الطعن".
ميعاد الطعن بالنقض ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه المادة الأولى من القانون 4 لسنة 1967 المعمول بها من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965.
(ب) نقض. "إعلان الطعن" محل مختار. إعلان.
إعلان الطعن في الموطن المختار. شرطه. اتخاذ الخصم له محلاً مختاراً في ورقة إعلان الحكم.
(ج) نقض. "الخصوم في الطعن". دعوى "المصلحة في الدعوى".
لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه.
(و) حكم. "عيوب التدليل". خبرة.
استناد الحكم في قضائه على تقرير لخبير ثان. إغفاله الإشارة إلى تقرير الخبير الأول. لا قصور.
(هـ) نقض "أسباب الطعن".
وجوب تضمين تقرير الطعن ماهية الاعتراضات والمستندات المقول بأن الحكم قد أغفل الرد عليها. وإلا كان النعي غير مقبول.
(و) إثبات. "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع حيازة، حكم "تسبيب الحكم".
إثبات وضع اليد بالقرائن. جائز. إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم. حسب محكمة الموضوع بيان القرائن المقبولة التي اعتمدت عليها. والأسباب السائغة لرفض طلب التحقيق.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 55 سنة 1956 مدني كلي الزقازيق على المطعون عليهم، عدا الأخير، وطلب الحكم ضد المطعون عليهم السبعة الأول في مواجهة المطعون عليهما الثامنة والتاسعة - وزارة الإصلاح الزراعي وإدارة الأموال المصادرة - بتثبيت ملكيته إلى 8 ف و17 ط و13 س المبينة بصحيفة الدعوى. وقال بياناً لدعواه إنه كان يملك عشرة أفدنة بطريق الشراء من الياس عبد الله، وفي سنة 1938 قايض بها تفتيش صبيح مقابل 8 ف و17 ط و13 س مبينة بصحيفة الدعوى، وظل يضع اليد عليها حتى صدر قانون الإصلاح الزراعي، ثم صدر قانون مصادرة أموال أسرة محمد علي، وإذ استولى الإصلاح الزراعي على أطيان تفتيش صبيح ومنها العشرة أفدنة التي كان يملكها الطاعن، وقايض بها الأطيان محل الدعوى، قد نازعه المطعون عليهم السبعة الأول سنة 1954 في ملكية هذا القدر بدعوى أنه ملك لهم فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان دفع المطعون عليهم السبعة الأول الدعوى بأن الأطيان محل النزاع تدخل ضمن أعيان وقف السيدة شمع نور فادن وأنها تقع في النصيب الذي آل إليهم بعد حل هذا الوقف. وأثناء سير الدعوى تدخل فيها المطعون عليه الأخير طالباً رفضها على أساس أنه اشترى الأطيان موضوع الدعوى من المطعون عليهم السبعة الأول بعقد مسجل بتاريخ 17/ 3/ 1959. وطلبت المطعون عليهما الثامنة والتاسعة إخراجهما من الدعوى استناداً إلى أن الأطيان موضوع النزاع لا تقع ضمن الأطيان المستولى عليها أو المصادرة، وبتاريخ 26/ 11/ 1960 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتحقيق ما إذا كانت الأطيان موضوع النزاع تدخل ضمن أعيان وقف شمع نور قادن وتحقيق وضع اليد عليها وسببه وصفته، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 28/ 4/ 1962 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) وقيد الاستئناف برقم 164 سنة 5 ق، وبتاريخ 6/ 1/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بندب مكتب الخبراء ليعهد إلى خبير آخر خلاف خبير محكمة أول درجة، بيان ما إذا كانت الأطيان محل النزاع تدخل ضمن أعيان وقف شمع نور قادن، وتحقيق وضع اليد عليها وسببه ومدته، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 7/ 3/ 1966 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون عليه الأخير بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد، وأبدت النيابة العامة الرأي ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم السبعة الأول وبعدم قبوله بالنسبة للمطعون عليهما الثامنة والتاسعة وبرفض الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأخير، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الدفع الذي أبداه المطعون عليه الأخير بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 4 سنة 1967 قد عدلت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 سنة 1965 في شأن السلطة القضائية وقررت أن ميعاد الطعن بالنقض يبقى ستين يوماً وأشارت المادة الثالثة من القانون رقم 4 سنة 1967 بأن يعمل بالمادة الأولى سالفة البيان من تاريخ نشر القانون رقم 43 سنة 1965. وهو 22 يوليه سنة 1965، فإن مؤدى ذلك هو أن العود إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 104 سنة 1950 لا يمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديله بالقانونين رقمي 57 سنة 1957، 100 سنة 1962، وإنما يبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً سارياً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، وإذ صدر الحكم بتاريخ 7 مارس سنة 1966، وكان للطاعن ميعاد مسافة يقدر بإضافة يوم إلى ميعاد الطعن لكل مسافة مقدارها خمسين كيلو متراً من المكان الذي يجب الانتقال منه، وهو محل إقامة الطاعن بمركز ههيا بمحافظة الشرقية والمكان الذي حصل الانتقال إليه لمباشرة الإجراء فيه وهو القاهرة مقر محكمة النقض التي حصل التقرير بالطعن في قلم كتابها، ويوم لكل ما يزيد من الكسور على الثلاثين كيلو متراً مما مؤداه أن يزاد على ميعاد الطعن المقرر ميعاد مسافة قدره يومان على أساس أن المسافة بين مدينة ههيا والقاهرة تزيد على ثمانين كيلو متراً، وكان الطاعن قد قرر بالطعن بالنقض بتاريخ 8 مايو سنة 1966، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد بما يتعين معه رفض الدفع بسقوط الحق في الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع الذي أبدته النيابة العامة ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم السبعة الأول، يستند إلى أن إعلان الطعن بالنقض يجب أن يسلم للمطعون عليه نفسه أو في موطنه أو في الموطن المختار المبين في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه وقد أعلن المطعون عليهم السبعة الأول بتقرير الطعن في موطن محمد سامي الخانجي، وليس في الأوراق ما يدل على أنهم اتخذوا محل إقامته موطناً مختاراً لهم.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أن المادة 380 من قانون المرافعات السابق إذ قضت بأن يكون إعلان الطعن لنفس الخصم أو في موطنه الأصلي أو المختار المبين في ورقة إعلان الحكم، فقد أفادت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز للطاعن أن يعلن خصمه في الموطن المختار، إلا إذا أثبت أن هذا الخصم قد أدرج هذا الاختيار في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه، وإذ خلت الأوراق، مما يدل على أن المطعون عليهم السبعة الأول قد اتخذوا موطن محمد سامي الخانجي موطناً مختاراً لهم في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه، فإنه لا يصح إعلانهم بالطعن في موطنه ويكون إعلانهم بتقرير الطعن على الوجه الذي حصل به قد وقع باطلاً، ويتعين لذلك قبول الدفع الذي أبدته النيابة في هذا الخصوص وبطلان الطعن بالنسبة لهم.
وحيث إن مبنى الدفع الذي أبدته النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثامنة والتاسعة، وزارة الإصلاح الزراعي وإدارة الأموال المصادرة، هو أنه لم توجه إليهما أي طلبات ولم تنازعا الطاعن في مزاعمه أو طلباته، بل وقفتا موقفاً سلبياً على أساس أن أطيان النزاع لم يحصل الاستيلاء عليها أو مصادرتها ولم يحكم عليهما بشيء.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن اختصم المطعون عليهما الثامنة والتاسعة أمام محكمة الموضوع، ليصدر الحكم في مواجهتهما، وأن المطعون عليهما سالفتى الذكر قد وقفتا من الخصومة موقفاً سلبياً وقررتا أن لا صلة لهما بعين النزاع، وطلبتا إخراجهما من الدعوى ولم يحكم بشيء عليهما، وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تعلق لها إلا بالمطعون عليهم السبعة الأول والمطعون عليه الأخير، فإنه لا يقبل اختصامهما في الطعن ويتعين لذلك قبول الدفع وعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهما المذكورتين.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. بالنسبة للمطعون عليه الأخير.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالأوجه الأول والثاني والرابع والخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول في بيان الوجه الأول إن الحكم أخذ بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف فيما انتهى إليه من أن وضع يد الطاعن على أرض النزاع بدأ في سنة 1947 وأطرح تقرير الخبير، الذي ندبته محكمة أول درجة فيما خلص إليه من أن وضع يد الطاعن بدأ في سنة 1938 دون أن يورد الحكم أسباباً لترجيحه التقرير الذي أخذ به، ويتحصل الوجهان الثاني والخامس فيما يقوله الطاعن من أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الخبير أثبت في تقريره وقائع غير صحيحة، كما قدم إلى المحكمة مستندات تدل على ملكيته للأطيان المتنازع عليها، ولم يعرض الحكم المطعون فيه إلى دفاعه أو يرد على المستندات التي قدمها. ويتحصل الوجه الرابع في أن الحكم اتخذ من تقرير الخبير دليلاً على أن وضع يد الطاعن على أرض النزاع بدأ في سنة 1947، وكان من بين ما استند إليه الخبير الدعوى رقم 231 سنة 1944 مدني كلي الزقازيق، والحكم الصادر فيها وذلك على الرغم من أنها لم تكن مضمومة إلى أوراق الدعوى الحالية، ولا يصح الاستدلال بها على تاريخ بدء وضع يد الطاعن، إذ لا يجوز الاستناد إلى حكم صادر في دعوى أخرى دون أن يكون ضمن أوراق الدعوى بحيث يصبح عنصراً من عناصر الإثبات فيها يتناضل فيها الخصوم.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف ندبت من مكتب الخبراء خبيراً آخر خلاف الخبير السابق ندبه أمام محكمة أول درجة، وكلفت الخبير الجديد بتحقيق وضع اليد على أعيان النزاع وسببه ومدته، وأنه بعد أن قدم هذا الخبير تقريره ترافع الخصوم فيما جاء بهذا التقرير وانتهى إليه. فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا التقرير يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد قضى حتماً وضمناً بعدم تعويله على التقرير السابق تقديمه في الدعوى، ولا يمكن اعتبار إغفاله الإشارة إليه قصوراً في أسبابه. والنعي بالوجهين الثاني والخامس مردود، ذلك أن الطاعن لم يبين بوجهي الطعن ماهية الاعتراضات التي قدمها على تقرير الخبير، وماهية المستندات التي تمسك بها وأغفل الحكم الرد على كل منها، ولا يكفي في ذلك القول بأن الحكم لم يرد على الاعتراضات على تقرير الخبير أو المستندات التي قدمها الطاعن دون بيان لها بتقرير الطعن، مع أن ذلك مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة، ويكون النعي بهذين الوجهين غير مقبول والنعي في وجهه الرابع غير صحيح، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن الدعوى رقم 231 سنة 1944 مدني كلي الزقازيق كانت مضمومة إلى الدعوى الحالية وأشار الحكم المطعون فيه إلى الاطلاع على أوراقها والحكم الصادر فيها. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالقصور بهذه الأوجه من السبب الأول يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة لم تستجب إلى طلب الإحالة إلى التحقيق الذي أبداه لإثبات وضع يده على الأطيان محل النزاع المدة المكسبة للملكية، مع أن التحقيق المطلوب يتناول دفاعاً جوهرياً لو ثبت لتغير به وجه الرأي في الدعوى، هذا إلى أن الحكم اتخذ من أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير قرينة ضمن قرائن أخرى، دليلاً على بدء وضع يد الطاعن على أرض النزاع في سنة 1947، مع أنه يجب في الدليل المستمد من أقوال الشهود أن تسمع شهادتهم أمام المحكمة، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان تحقيق وضع اليد هو مما يجوز فيه قبول القرائن كدليل من أدلة الإثبات، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل أمر ذلك متروك لمحكمة الموضوع ترفض الإجابة إليه متى رأت بما لها من سلطة التقدير أنه لا حاجة لها به وأن في أوراق الدعوى والقرائن المستنبطة من هذه الأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها، وحسبها أن تبين في حكمها القرائن المقبولة التي استندت إليها والأسباب السائغة التي اعتمدت عليها في رفض طلب التحقيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في بيان بدء وضع يد الطاعن على أرض النزاع في سنة 1947 إلى تقرير الخبير الذي أخذ به وإلى ما استند إليه هذا الخبير، مما ثبت له من الدعوى رقم 233 سنة 1944 مدني كلي الزقازيق المضمومة لأوراق الدعوى الحالية، من أن الطاعن بدأ وضع يده على أرض النزاع في سنة 1947 بطريق الإيجار بالبدل الزراعي مع تفتيش صبيح ومن أقوال شهود المطعون عليه العاشر الذي سمعهم الخبير وتأيدت أقوالهم بالشهادة الإدارية المؤرخة 25/ 10/ 1964، وكشوف حساب تفتيش صبيح التي أرفقها الخبير بأوراق الدعوى، والتي تثبت أن علاقة الطاعن بالتفتيش بدأت في سنة 1947، وإلى ما هو ثابت من هذه الكشوف من أن الطاعن استرد في سنة 1951 أطيانه التي كان قد تبادل عنها زراعياً في سنة 1947، وتصرف فيها بالبيع والرهن، وخلص الحكم من كل هذا إلى أن وضع يده على أرض النزاع بدأ في سنة 1947، ولم تكمل به المدة المكسبة للملكية، وكان ما أورده الحكم من أدلة وقرائن على أن وضع يد الطاعن على أرض النزاع كان في سنة 1947، على النحو المتقدم هو تدليل سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويغني عن إحالة الدعوى إلى التحقيق، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق