الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 2 أبريل 2023

الطعن 122 لسنة 31 ق جلسة 9 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 188 ص 1203

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام.

----------------

(188)
الطعن رقم 122 لسنة 31 القضائية

حكم. "عيوب التدليل". "فساد الاستدلال". "أموال عامة". "جبانات".
الأرض التي تقع حول مسجد الشافعي والتي كانت مشغولة بمجموعات مساكن. خروجها عما هو مخصص للدفن مع بقائها في نطاق الجبانات المعتبرة من الأموال العامة. استدلال الحكم على انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بزوال تخصيصها للدفن واندثار معالمها كجبانة مع أنها ليست مخصصة للدفن ولم يكن العمران طارئاً ولا نتيجة لانتهاء التخصيص للمنفعة العامة. استدلال فاسد.

-----------------
مفاد نصوص المادتين 1 و2 من المرسوم الصادر في 10 من فبراير سنة 1924 والمادة السادسة من لائحة جبانات المسلمين المؤرخة 4 مارس سنة 1926 أن المشرع قد أخرج الأرض التي تقع حول مسجد الشافعي والتي كانت مشغولة بمجموعات مساكن مما هو مخصص للدفن وإن كان قد أبقاها في نطاق الجبانات المعتبرة من الأموال العامة وذلك توصلاً لإمهال أصحاب تلك المباني ريثما تتلاشى مع الزمن بعد أن حرم تجديدها وترميمها فتخلو منها منطقة الجبانات التي لا يجوز صحياً أن تكتنفها مساكن الأحياء. وإذ استدل الحكم المطعون فيه على انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بزوال تخصيصها للدفن واندثار معالمها وآثارها كجبانة وانتشار العمران فيها مع أنها لم تكن مخصصة للدفن ولم يكن العمران طارئاً ولا نتيجة لانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة فإن هذا الاستدلال يكون فاسداً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2443 سنة 1953 كلي القاهرة على الطاعن بصفته رئيساً لمجلس بلدي مدينة القاهرة التابعة له لجنة الجبانات وعلى المطعون ضدهما الثانية والثالثة قائلاً إنه بموجب عقد بيع ابتدائي تاريخه 9 فبراير سنة 1954 اشترى من المطعون ضدهما المذكورتين كامل أرض وبناء المنزل رقم 11 بحارة مبروك قسم الخليفة بثمن قدره ثلاثمائة وتسعون جنيهاً وأن البائعتين قعدتا عن التوقيع على عقد البيع النهائي كما أنه عندما طلب البيانات المساحية الخاصة بالمنزل المبيع تمهيداً لتحرير هذا العقد وشهره ورد بهذه البيانات أن أرض المنزل تدخل ضمن منطقة الجبانات المعتبرة من المنافع العامة مع أنها خارجة عن هذه المنطقة لذلك فقد أقام هذه الدعوى وانتهى فيها إلى طلب الحكم على المدعى عليهم جميعاً بصحة ونفاذ عقد البيع المشار إليه - وقد أقرت البائعتان بصحة البيع ولم تعترضا على الحكم للمطعون ضده بطلباته. أما الطاعن فقد دفع الدعوى بأن الأرض المقام عليها المنزل المبيع تدخل في منطقة الجبانات وتعتبر من الأملاك العامة التي لا يجوز أن يرد عليها أي تعامل وبتاريخ 27 أكتوبر سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لمعاينة الأرض المقام عليها المنزل موضوع الدعوى وبيان ما إذا كانت تقع ضمن أرض الجبانات من عدمه وقد قدم الخبير تقريراًً انتهى فيه إلى أنه تبين له من الاطلاع على الخرائط المساحية أن أرض النزاع تقع ضمن ما يسمى في الخرائط بمسكن الإمام الشافعي وأن هذا المسكن بمجموعه يقع ضمن نطاق الحدود المقررة للجبانات وأن هذه المنطقة وضمنها أرض النزاع فقدت صفة الجبانة من مدة طويلة وأصبحت آهلة بالسكان والمنازل السكنية وقد اعترض الطاعن على ما ورد بهذا التقرير قائلاً إن المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1944 بتحديد منطقة جبانات الإمامين الشافعي والليثي قد أخرج بمقتضى المادة الثانية منه من التخصيص للدفن الأراضي المشغولة بمجموعات سكنية محتفظاً للحكومة بجميع حقوقها على هذه الأراضي مما يؤكد بقاء صفة المال العام لها وأن مؤدى هذا النص ونصوص لائحة الجبانات الصادرة في 24 من يونيه سنة 1926 أنه ليس لأصحاب المباني المقامة داخل حدود الجبانات قبل تاريخ صدور المرسوم المشار إليه إلا حق الانتفاع بها وأن الأرض المقام عليها المباني من المال العام وليست من الأماكن المخصصة للدفن - وبتاريخ 27 نوفمبر سنة 1958 أصدرت المحكمة حكماً آخر قبل الفصل في الموضوع انتهت في أسبابه إلى أن وضع اليد على أرض الجبانات يكسب الملكية متى وقع بعد زوال تخصيص الجبانة للدفن واندثار معالمها وآثارها وأن الثابت من تقرير الخبير أن الأرض المقام عليها المنزل محل النزاع فقدت صفة الجبانة منذ مدة طويلة وقضت المحكمة في منطوق هذا الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي (المطعون ضده الأول) أنه وسلفه وضعا اليد على العقار موضوع الدعوى وضع اليد المكسب للملكية بشرائطه القانونية وذلك بعد زوال صفة الملك العام وأجازت للطاعن النفي وبعد أن سمعت شهود المدعي حكمت في 29 سبتمبر 1959 للمطعون ضده الأول بطلباته فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 1307 سنة 76 قضائية وتمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاعه أمام محكمة أول درجة وبتاريخ 28 يناير سنة 1961 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 27 أكتوبر سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1924 حدد جبانات المسلمين وفقاً للقوائم وخرائط المساحة المرافقة له ونص في المادة الثانية منه على أن يخرج من التخصيص للدفن الأراضي المشغولة بمجموعات مساكن واقعة حول مسجد الإمام الشافعي والإمام الليثي مع حفظ جميع حقوق الحكومة على هذه الأراضي ثم صدرت بعد ذلك وبتاريخ 28 فبراير سنة 1926 لائحة جبانات المسلمين بمدينة القاهرة ونصت في المادة السادسة منها على أن جميع المباني الموجودة داخل حدود الجبانات لا يصرح بتجديدها ولا بترميمها عدا الحيشان والمدافن وبذلك يكون المشرع قد أخرج تلك الأراضي المشغولة بمجموعات سكنية من التخصيص للدفن إمهالاً لأصحابها ريثما تتلاشى مع الزمن دون أن يخرجها من الأملاك العامة - ولما كان الثابت أن أرض المنزل محل النزاع تدخل في حدود جبانة الإمام الشافعي على ما قرره الخبير وسلم به الحكم المطعون فيه وكان عقد البيع أساس الدعوى قد شمل كامل أرض وبناء هذا المنزل فإن ذلك الحكم إذ قضى بصحة ونفاذ هذا العقد استناداً إلى ما قرره الخبير من أن المنطقة الواقع فيها هذا المنزل أصبحت آهلة بالسكان وتتمتع بالمظاهر العمرانية والحيوية وأنها بذلك قد فقدت صفة المال العام يكون قد خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال إذ علاوة على ما تقدم ذكره من أن صفة المال العام لم تزل للأراضي التي حددها المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1924 فإن الاستدلال على زوال هذه الصفة عنها بتمتع الحي الذي تقع فيه بمظاهر العمران والحيوية هو استدلال فاسد ذلك أن تمتع تلك المنطقة بهذه المظاهر لم يكن أمراً طارئاً ووليداً لزوال صفة الملك العام بل إن هذه المظاهر كانت موجودة بالفعل عند صدور المرسوم سالف الذكر بدليل أنه أخرجها من التخصيص للدفن كما كانت هذه المظاهر موجودة أيضاً عند صدور لائحة الجبانات التي منعت من تجديد المساكن وترميمها ومتى كانت هذه المظاهر موجودة بالفعل عند تخصيص هذه المنطقة للمنفعة العامة فإنه لا يجوز الاستدلال بتلك المظاهر على زوال صفة المال العام عنها.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه أنهما وإن سلما بأن المنطقة التي يقع فيها المنزل المبيع للمطعون ضده الأول تدخل في حدود الأراضي المخصصة للجبانات والمعتبرة من الأموال العامة إلا أن الحكمين قررا زوال صفة المال العام عن هذه المنطقة وذلك بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة واستندا في ذلك إلى ما ورد بتقرير الخبير الذي ندبته المحكمة الابتدائية من أن الأرض المقام عليها المنزل موضوع الدعوى قد فقدت صفة الجبانة منذ مدة طويلة وأنشئت فيها مجموعات سكنية وشقت فيها طرقات وأقيمت فيها المدارس الحكومية حتى أصبح المنزل وسط منطقة كثيفة السكان وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القول بأن انتشار مظاهر العمران والحيوية في تلك المنطقة على النحو المبين بتقرير الخبير مما يبعد بها كثيراً عن أن تكون أرضاً مخصصة للانتفاع بها كجبانة من جبانات المسلمين ورتب الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه على ذلك قوله إن وضع اليد على أرض الجبانات يكسب الملكية متى وقع بعد زوال تخصيص الجبانة للدفن واندثار معالمها وآثارها وأنه ما دامت أرض النزاع قد فقدت صفة الجبانة منذ مدة طويلة فإنه يجوز تملكها بالتقادم المكسب وعلى هذا الأساس أجازت محكمة أول درجة للمطعون ضده الأول أن يثبت بشهادة الشهود أنه وسلفه وضعا اليد على العقار محل النزاع بشرائطه القانونية المدة الطويلة المكسبة للملكية وإذ اعتبرت أن المطعون ضده المذكور قد نجح في إثبات ذلك فقد قضت له بصحة ونفاذ عقده - ولما كان المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1924 بتحديد جبانات المسلمين الواقعة شرقي مدينة القاهرة وجنوبها بسفح جبل المقطم قد بين في المادة الأولى منه الجبانات المخصصة لدفن موتى المسلمين الواقعة في هذه المنطقة وأحال فيما يتعلق بمواقعها وحدودها إلى القوائم وخرائط المساحة المرافقة له ثم نص في المادة الثانية منه على أن "يخرج من التخصيص للدفن بمقتضى البيانات والحدود الموضحة بالقوائم والخرائط المرفقة بهذا المرسوم (1) المواقع المقام عليها مساجد وقره قولات أو مبان أخرى مخصصة لمنفعة عامة وكذا الأراضي المستعملة كطرق عامة أو سكك حديدية (2) الأراضي المشغولة بمجموعات مساكن واقعة حول مسجدي الإمام الشافعي والإمام الليثي مع حفظ حقوق الحكومة على هذه الأراضي (3) المناطق الأثرية... ولما صدرت لائحة جبانات المسلمين في 4 مارس سنة 1926 نصت في المادة السادسة منها على أن جميع المباني الموجودة داخل حدود الجبانات لا يصرح بتجديدها ولا بترميمها عدا الحيشان والمدافن - ومفاد ذلك أن المشرع قد أخرج الأراضي التي تقع حول مسجد الإمام الشافعي والتي كانت مشغولة بمجموعات مساكن مما هو مخصص للدفن وإن كان قد أبقاها في نطاق الجبانات المعتبرة من الأموال العامة وذلك توصلاً لإمهال أصحاب تلك المباني ريثما تتلاشى مع الزمن بعد أن حرم تجديدها وترميمها فتخلو منها منطقة الجبانات التي لا يجوز صحياً أن تكتنفها مساكن الأحياء, وإذ كان يبين مما تقدم أن الأراضي الواقعة حول مسجد الإمام الشافعي ومن بينها الأرض المقام عليها المنزل محل النزاع في هذه الدعوى على ما جاء بتقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه - وإن كانت داخلة في حدود منطقة الجبانات إلا أنها لم تكن مخصصة للدفن بل كانت منطقة مشغولة بالمساكن وتتمتع بمظاهر العمران من قبل صدور مرسوم 10 فبراير سنة 1924 وأن هذا المرسوم قد أبقى عليها مؤقتاً كمنطقة سكنية وأخرجها من التخصيص للدفن لما كان ذلك، فإن استدلال الحكم المطعون فيه على انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بزوال تخصيصها للدفن واندثار معالمها وآثارها كجبانة وانتشار العمران فيها مع أن هذا العمران لم يكن طارئاً ولا نتيجة لانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة هذا الاستدلال يكون فاسداً إذ الاستدلال بذلك إنما يكون له محل لو كانت الأرض مخصصة أصلاً لدفن الموتى ثم زال تخصيصها لهذا الغرض بعدم الدفن فيها واندثار معالمها وآثارها كجبانة أما وتلك الأراضي التي يقع فيها المنزل محل النزاع لم تكن مخصصة أصلاً لدفن الموتى بل كانت خارجة عما هو مخصص له وذلك بمقتضى مرسوم 10 فبراير سنة 1924 فإن هذا الاستدلال يكون في غير محله وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إنه لما تقدم ولما ثبت من أن الأرض المقام عليها المنزل المبيع للمطعون ضده الأول من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم ولأن ما قرره الخبير من انتشار العمران في المنطقة التي تقع فيها هذه الأرض على النحو الذي بينه في تقريره وبناء مساكن ومدارس حكومية فيها ليس من شأنه أن يؤدي إلى انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ما دامت هذه المنطقة كانت آهلة بالسكان عند تخصيصها لهذا الغرض وكانت خارجة عما هو مخصص للدفن لهذا كله يكون الحكم المستأنف إذ قضى بصحة ونفاذ عقد المطعون ضده الأول المتضمن بيع الأرض المقام عليها المنزل بما عليها مخالفاً للقانون بما يتعين معه إلغاؤه ورفض الدعوى ولا عبرة بما قرره الحاضر عن المطعون ضده الأول أمام هذه المحكمة وفي مذكرته من أن الحكومة صرحت ببيع الأراضي الواقعة في تلك المنطقة للأفراد وأنه صدر في سنة 1961 قرار من محافظة القاهرة بجعل منطقة الإمام الشافعي منطقة سكنية وبرفع سلطة لجنة الجبانات عنها - لا عبرة بهذا القول لأنه فضلاً عن تجرده عن الدليل فإنه حتى بفرض صدور قرار من المحافظة بهذا المعنى في سنة 1961 فإنه لا ينطبق على النزاع الحالي ولا يؤثر في النتيجة التي انتهت إليها هذه المحكمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق