الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 1 أبريل 2023

الطعن 205 لسنة 36 ق جلسة 8 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 196 ص 1197

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

------------------

(196)
الطعن رقم 205 لسنة 36 القضائية

(أ) إثبات. "إجراءات الإثبات". إرث.
نفي الوارث علمه بتوقيع مورثه على الورقة العرفية وحلفه اليمين على ذلك. يزيل عن الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات. المتمسك بالورقة يقع عليه عبء إثبات صحتها.
(ب) إثبات. "إجراءات الإثبات".
الإجراءات المنصوص عليها في المادة 262 من قانون المرافعات السابق. تنطبق في حالة إنكار التوقيع أو طعن الوارث عليه بالجهالة. لقاضي الموضوع أن يحكم بعدم صحة الورقة دون إجراء تحقيق.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "سلطة محكمة النقض".
لقاضي الموضوع سلطة بحث الدلائل، واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى. لا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى كان استخلاصه سليماً.
(د) إثبات. "القرائن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "سلطة محكمة النقض".
محكمة النقض لا شأن لها فيما يستنبطه قاضي الموضوع من القرائن. له أن يأخذ - عند تقدير الدليل - بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
(هـ) حكم. "عيوب التدليل. قصور". إيجار. "إيجار الأماكن".
تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بأن أجرة العقار تخضع للتخفيض المقرر بالقانون 55 لسنة 1958. إغفال الحكم هذا الدفاع الجوهري. قصور.

----------------
1 - أباح المشرع في المادة 394 من القانون المدني للوارث الاكتفاء بنفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع لمورثه دون أن يطعن في هذه الأوراق بطريق الادعاء بالتزوير، أو حتى يقف موقف الإنكار صراحة، فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء التي على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه وحلف اليمين المنصوص عليها في المادة 394 سالفة الذكر زالت عن هذه الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات وتعين على الخصم المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها، وذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 262 من قانون المرافعات السابق.
2 - المستفاد من المادة 262 من قانون المرافعات السابق أنها تطبق سواء في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية من المنسوب إليه التوقيع، أو إنكار خلفه ذك أو طعنه عليها بالجهالة، ولا يلتزم قاضي الموضوع في أي من هذه الحالات بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة، بل إن له إذا رأى في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعه بأن التوقيع المذكور غير صحيح، أن يحكم بعدم صحة الورقة عن غير إجراء هذا التحقيق.
3 - لقاضي الموضوع السلطة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً، وترجيح ما يطمئن إليه منها، وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه لمحكمة النقض في ذلك متى كان استخلاصه سليماً.
4 - لا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه قاضي الموضوع من القرائن في الدعوى متى كان استنباطه سائغاً، ولمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى، ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله.
5 - إذ كان يبين من الاطلاع على مذكرة الطاعن التي قدمها أمام محكمة الاستئناف أنه تمسك في دفاعه بأن العقار موضوع النزاع تم بناؤه في آخر ديسمبر سنة 1956 فتخضع أجرته للتخفيض الذي قرره القانون رقم 55 لسنة 1958، وكان الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع، وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور في هذا الخصوص بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول عن نفسه وبصفته أقام الدعوى رقم 2427 لسنة 1963 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن، وفي مواجهة باقي المطعون عليهم طلب فيها الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 2006 ج و846 م، وقال شرحاً لدعواه إن المرحومة إحسان علي كامل مورثته ومورثة المطعون عليهما الثاني والثالثة كانت تشارك الطاعن والمطعون عليها الرابعة في المنزل المبين بصحيفة الدعوى بواقع النصف للمورثة والربع لكل من الشريكين الآخرين، وإذ هدم هذا المنزل وأعيد بناؤه من مال الشركاء وتمت المحاسبة بينهم على التكاليف تم توفيت المورثة في 10/ 8/ 1961، وكان الطاعن يضع اليد على هذا العقار ولم يدفع له ولا لمورثته من قبل نصيبهما في الريع ابتداء من أول يناير سنة 1957 وقد أقر في الإنذار الذي وجهه إليه بتاريخ 21/ 12/ 1963، بأن في ذمته من الريع مبلغ 2736 ج و615 مليماً قيمة نصيب المورثة حتى ديسمبر سنة 1963، وإن ادعى على خلاف الحقيقة أنها لم تسدد ما عليها من تكاليف هدم المنزل وإعادة بنائه رغم المحاسبة عليها، وكان نصيبه في مبلغ الريع الذي أقر به الطاعن في الإنذار هو مبلغ 2006 ج و846 مليماً فقد أقام دعواه للحكم له به، وبتاريخ 10/ 2/ 1963 حكمت محكمة أول درجة بندب خبير هندسي لمعاينة العقار وتقدير صافي ريعه بعد خصم المصروفات الضرورية والنافعة في المدة من 1/ 1/ 1957 حتى آخر ديسمبر سنة 1963، وتحديد نصيب المطعون عليه الأول فيه، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 10/ 1964 بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه الأول مبلغ 1802 ج و565 مليماً، وأقام الطاعن من جانبه الدعوى رقم 164 سنة 1964 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهم الثلاثة الأولين طلب فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له من تركة مورثتهم المرحومة إحسان علي كامل مبلغ 1835 ج و215 م وقال شرحاً لهذه الدعوى إنه في سنة 1956 اتفق مع المرحومة إحسان علي كامل والمطعون عليها الرابعة شريكتيه في المنزل على أن يقوم هو بهدمه وإعادة بنائه، ثم يستوفي ما يخصهما في التكاليف من حصتهما في الريع. وقد خص المرحومة إحسان علي كامل في هذه التكاليف مبلغ 4319 ج و275 مليماً وبلغ نصيبها في الريع في المدة من 1/ 1/ 1957 إلى ديسمبر سنة 1963 مبلغ 2484 ج و60 مليماً فيكون الباقي في ذمتها مبلغ 1835 ج و215 مليماً وإذ نازعه ورثتها المطعون عليهم الثلاثة الأول في أحقيته لهذا المبلغ فقد أقام دعواه للحكم له به، وبتاريخ 3/ 6/ 1964 حكمت محكمة أول درجة برفض هذه الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 531 سنة 20 ق الإسكندرية، كما استأنف الحكم الصادر في الدعوى الأولى رقم 2427 سنة 1963 مدني الإسكندرية الابتدائية في الاستئناف رقم 639 سنة 20 ق الإسكندرية، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد. قدم الطاعن إقراراً مؤرخاً 1/ 6/ 1957 عليه بصمة ختم منسوب صدورها إلى المرحومة إحسان علي كامل ويتضمن أنها فوضت الطاعن في خصم ما استحق عليها من تكاليف إعادة بناء المنزل من نصيبها في غلته. دفع المطعون عليه الأول بأنه يجهل توقيع مورثته على هذا الإقرار وحلف اليمين على ذلك، وبتاريخ 21/ 2/ 1966 حكمت المحكمة برد وبطلان الإقرار سالف الذكر وبرفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الاستئناف رقم 531 سنة 20 ق أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثالث والرابع منها على هذا الحكم الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع من خمسة أوجه (أولاً) قدم الطاعن إقراراً مؤرخاً 1/ 6/ 1957 موقعاً عليه بختم المرحومة إحسان علي كامل مورثة المطعون عليهم الثلاثة الأول يتضمن أنها فوضت الطاعن في خصم ما هو مستحق عليها في تكاليف إعادة بناء المنزل من نصيبها في غلته، ولكن الحكم المطعون فيه حمل الطاعن عبء إثبات توقيع المورثة عليه تأسيساً على أن المطعون عليه الأول أنكر علمه بتوقيع مورثته عليه وحلف اليمين على ذلك طبقاً لنص المادة 394 من القانون المدني، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن المطعون عليه الأول لم يحلف اليمين على عدم علمه بأن الختم على الإقرار هو لمورثته كما تتطلب المادة 394 سالفة الذكر وإنما حلف يميناً على عدم علمه بتوقيع المورثة على الإقرار. (ثانياً) رفض الحكم طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات صحة الختم على الإقرار سالف الذكر، واستند في ذلك إلى ما تقضي به المادة 262 من قانون المرافعات من أن الأمر بالتحقيق لا يكون إلا إذا كانت أوراق الدعوى ومستنداتها لا تكفي لتكوين الاقتناع بصحة التوقيع أو عدم صحته في حين أن هذه المادة تطبق فقط في حالة إنكار التوقيع من جانب صاحبه أو الوارث له، ولا تطبق في حالة الطعن بالجهالة، كما هو الحال في الدعوى (ثالثاً) قدم الطاعن عدا الإقرار سالف الذكر مستندات خاصة بإعادة بناء العقار، غير أن الحكم لم يأخذ بها تأسيساً على أنها لا تدل على أن الطاعن هو الذي قام بالإنفاق من ماله الخاص. في حين أن هذه المستندات باسم الطاعن وتثبت بحكم الظاهر فيها أنه هو الذي دفع تكاليف البناء من ماله الخاص، وإذ تطلب الحكم من الطاعن أن يثبت أن المبالغ التي أنفقها لم تكن من مال الشركاء وأنها من ماله الخاص، فإنه يكون قد خالف قواعد الإثبات التي تقضي بأن من يدعي خلاف الظاهر يقع عليه عبء الإثبات. (رابعاً) طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب أهل الخبرة لإثبات أعمال الهدم والبناء التي قام بها وتقدير قيمتها وتحديد نصيب كل من الشركاء فيها، وهي من الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بكافة الطرق، غير أن الحكم المطعون فيه لم يستجب لهذا الطلب بحجة أن مستندات الدعوى وأوراقها كافية للفصل فيما يتنازع فيه الخصوم وهو ما يعيبه بمخالفة قواعد الإثبات. (خامساً) استند الحكم في قضائه إلى إقرار قدمه المطعون عليه الأول نسب صدوره إلى المطعون عليها الرابعة يتضمن أنها تحاسبت مع الطاعن فور إتمام البناء، ودفعت له ما خصها في التكاليف. واستدل الحكم بهذا الإقرار على فساد دفاع الطاعن بأن الشركة اتفقوا على أن يتولى هو الصرف على البناء ثم يستوفي ما يصرفه من ريع المنزل، في حين أن الطاعن تمسك بأن هذه الورقة ما هي إلا صورة شمسية لا قيمة لها في الإثبات، وإن صحت فهي دليل على أن الطاعن قام بالإنفاق على البناء من ماله الخاص. وقد تأيد ذلك بالإقرار الصحيح الصادر من المطعون عليها الرابعة، والذي قدمه الطاعن في الدعوى وهو ما لم يناقشه الحكم.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كان المشرع قد أباح في المادة 394 من القانون المدني للوارث الاكتفاء ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الأصبع لمورثه دون أن يطعن في هذه الأوراق بطريق الادعاء بالتزوير أو حتى يقف موقف الإنكار صراحة، فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء التي على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه وحلف اليمين المنصوص عليها في المادة 394 سالفة الذكر، زالت عن هذه الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات، وتعين على الخصم المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها وذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 262 من قانون المرافعات السابق، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أثبت مضمون الإقرار المؤرخ 1/ 6/ 1957 الذي قدمه الطاعن والمنسوب صدوره إلى مورثة المطعون عليهم الثلاثة الأول حصل أن المطعون عليه الأول طعن بأنه يجهل توقيع مورثته على الإقرار المشار إليه وحلف على ذلك اليمين المنصوص عليها في المادة 394 من القانون المدني، فأوجب على الطاعن الذي تمسك بهذه الورقة أن يقيم الدليل على صحتها باتباع الإجراءات الخاصة بتحقيق الخطوط اعتباراً بأن حجية الورقة المذكورة قد زالت مؤقتاً بحلف اليمين المشار إليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد اتبع صحيح القانون. والنعي في الوجه الثاني مردود بأنه لما كان المستفاد من المادة 262 من قانون المرافعات السابق أنها تطبق على سواء، في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية من المنسوب إليه التوقيع أو إنكار خلفه ذلك أو طعنه عليه بالجهالة، ولا يلتزم قاضي الموضوع في أي من هذه الحالات بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة، بل إن له إذا رأى في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعه بأن التوقيع المذكور غير صحيح، أن يحكم بعدم صحة الورقة من غير إجراء هذا التحقيق، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف قد وجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها والقرائن التي ساقتها ما يكفي لتكوين عقيدتها في شأن عدم صحة التوقيع المنسوب إلى مورثة المطعون عليه الأول، وما يغنيها عن الالتجاء إلى التحقيق، فلا عليها بعد ذلك، إن هي لم تأمر بهذا الإجراء، لأن الغرض منه هو اقتناعها برأي ترتاح إليه في حكمها. فإذا كان هذا الاقتناع موجوداً بدونه، فلا لزوم له، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس. والنعي في وجهه الثالث مردود، بأن لقاضي الموضوع السلطة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وترجيح ما يطمئن إليه منها وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى، دون رقابة عليه لمحكمة النقض في ذلك متى كان استخلاصه سليماً. وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه رأى أن المستندات التي قدمها الطاعن لا تدل على أنه هو الذي قام بالإنفاق من ماله الخاص على هدم المنزل وإعادة بنائه، وإن دلت تجوزاً على أنه هو الذي باشر ذلك العمل لأن شريكتيه في المنزل سيدتان، وكان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً، فإن النعي بهذا الوجه يكون في غير محله - والنعي في الوجه الرابع مردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف رفضت إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات أعمال الهدم والبناء التي يدعي الطاعن أنه قام بها، وتقدير قيمتها وتحديد نصيب كل من الشركاء فيها تأسيساً على أنه لا جدوى من اتخاذ هذا الإجراء، بعد أن ثبت لها أن الطاعن عجز عن إقامة الدليل على أنه هو الذي قام بالهدم وإعادة البناء من ماله الخاص. والنعي في الوجه الخامس مردود، ذلك أنه لما كان المحرر الذي استند إليه الحكم المطعون فيه هو ذلك المقدم من الطاعن ويتضمن إقرار الشريكة الثالثة - المطعون عليها الرابعة - بأنها تحاسبت معه ودفعت له ما خصها في المصروفات التي أنفقتها فور إتمام البناء ولم يستند الحكم إلى المحرر الآخر الذي أشار إليه الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 2427 سنة 1963 الإسكندرية الابتدائية، والذي يقول الطاعن إن المطعون عليه الأول قدم صورته الشمسية، وكانت محكمة الاستئناف في حدود سلطتها الموضوعية قد فسرت الإقرار سالف البيان الذي قدمه الطاعن، بأن ما تضمنه من أن الشريكة الثالثة قد دفعت له ما استحق عليها فور إتمام البناء، يخالف مؤدى دفاعه من أنه اتفق مع شركائه، على أن يقوم بهدم المنزل وإعادة بنائه على أن يستوفي قيمة هذه التكاليف من ريع المنزل، وكان هذا الذي استخلصته المحكمة سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برد وبطلان الإقرار المؤرخ 1/ 6/ 1957 الصادر من المرحومة إحسان علي كامل والمتضمن تفويض الطاعن في خصم ما استحق عليها في تكاليف إعادة بناء المنزل من نصيبها في غلته استناداً إلى أن الطاعن ذكر في دفاعه أن الاتفاق مع شركائه بهذا الخصوص كان شفوياً، وأن الإقرار المشار إليه لم يقدم إلا في 19/ 10/ 1965، مع أن النزاع ثار بين الطرفين منذ سنة 1963، في حين أن هذا الإقرار المحكوم برده وبطلانه له حجيته في الإثبات قبل المطعون عليه الأول لأنه لم يحلف اليمين وفقاً للقانون، فما كان يجوز للحكم أن يأخذ بأدلة أخرى على عدم صحة هذه الورقة، هذا إلى أن قول الطاعن أن الاتفاق كان شفوياً لا يؤثر على صحة الورقة التي تثبته إذا وجدت بعد ضياعها منه، وإنما السبيل إلى ذلك يكون باتخاذ الوسائل الخاصة بتحقيق الخطوط، بل إنه كان يتعين على الحكم أن يتخذ من سكوت باقي الورثة عن الطعن بالجهالة وسكوتهم جميعاً ومورثتهم من قبل عن المطالبة بالريع سبع سنوات كاملة قرينة على صحة الإقرار.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول، لم يخطئ في تطبيق القانون فيما أورده عن طعن المطعون عليه الأول بجهالة توقيع مورثته على الإقرار المنسوب صدوره منها وحلفه اليمين على ذلك، وكان الحكم قد استند في قضائه برد وبطلان هذه الورقة إلى أن الطاعن وجه إنذاراً إلى المطعون عليه الأول وباقي الورثة في 21/ 12/ 1963 ذكر فيه أن الاتفاق بين الشركاء على قيام الطاعن بهدم وإعادة بناء المنزل بمصاريف من عنده كان اتفاقاً شفوياً، وأن الطاعن أقام ضد هؤلاء الورثة الدعوى رقم 164 سنة 1964 مدني الإسكندرية الابتدائية يطالبهم بما هو مستحق عليهم في المصروفات دون أن يشير إلى هذا الإقرار وإلى أن الورثة أنكروا في تلك الدعوى حصول ذلك الاتفاق، فرد الطاعن بأن هذا الاتفاق كان شفوياً ولم يقدم الإقرار المشار إليه مع أنه قدم مستندات أخري في الدعوى، ولو كان هذا الإقرار بين يديه وقتذاك لبادر إلى تقديمه لأنه حاسم في النزاع، كما أنه حين استأنف الحكم الصادر في تلك الدعوى ذكر في صحيفة الاستئناف أن الاتفاق بينه وبين الشركاء كان شفوياً، كذلك لم يشر الطاعن إلى الإقرار المذكور في الدعوى رقم 4823 سنة 1965 مستعجل الإسكندرية التي رفعها المطعون عليه الأول لفرض الحراسة على المنزل ولا في الدعوى رقم 2427 مدني سنة 1963 الإسكندرية الابتدائية التي رفعها المطعون عليه الأول للمطالبة بنصيبه في الريع أو في صحيفة استئنافها ولم يظهر هذا الإقرار إلا بجلسة 19/ 10/ 1965 مع أن النزاع ثار بين الطرفين منذ سنة 1963، وإلى أنه لا محل لما ذهب إليه الطاعن من إلقاء تبعه عدم تقديم الإقرار على محاميه لأن الطاعن لم يشر إلى الإقرار في الإنذار المؤرخ 21/ 12/ 1963 الذي أرسله بنفسه إلى الورثة، لما كان ذلك وكانت القرائن سالفة الذكر سائغة وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وتكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص، وكان لا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه قاضي الموضوع من القرائن في الدعوى متى كان استنباطه سائغاً، وكان لمحكمة الموضوع وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بتناقض أسبابه ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحكم أحال إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي بنى قضاءه على أن الطاعن لم يقدم الاتفاق المبرم بينه وبين شركائه ولا المستندات التي تثبت قيامه بعملية الهدم والبناء، وإذ قدم الطاعن مستنداته أمام محكمة الاستئناف وقرر الحكم المطعون فيه أن هذه المستندات لا تدل على أنه قام بالإنفاق على البناء من ماله الخاص، فما كان للحكم المطعون فيه أن يحيل إلى أسباب الحكم الابتدائي لقيام التعارض بينهما، فضلاً عن أن هذا القول من الحكم المطعون فيه يتناقض مع استناده إلى إقرار الشريكة الثالثة المطعون عليها الرابعة - والذي يتضمن أن الطاعن هو الذي قام بالإنفاق على البناء من ماله الخاص.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قرر أن المستندات التي قدمها الطاعن الأول لا تدل على أنه هو الذي قام بهدم العقار وإعادة بنائه من ماله الخاص، فإنه لا يعيبه إحالته إلى أسباب الحكم الابتدائي التي تقوم على عدم تقديم الطاعن المستندات المؤيدة لدعواه، إذ أن إحالة الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي لا تنصرف إلا إلى ما لا يتعارض من هذه الأسباب مع أسبابه هو، والنعي في شقه الثاني مردود بأن الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه في الرد على الوجه الخامس من السبب الأول - إنما استند إلى إقرار المطعون عليها الرابعة للتدليل على عدم صحة دفاع الطاعن من أنه اتفق مع شركائه على أن يقوم بهدم المنزل وإعادة بنائه على أن يستوفي قيمة هذه التكاليف من ريع المنزل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الاستئناف رقم 531/ 20 ق الإسكندرية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الاستئناف رقم 639 سنة 20 ق القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن العقار موضوع الدعوى تم بناؤه في آخر ديسمبر سنة 1956 ويتعين أن تخفض أجرته بنسبة 20% من شهر يوليه سنة 1958 نفاذاً للقانون رقم 55 سنة 1958، وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة الخامسة مكرراً (4) المضافة بالقانون رقم 55 لسنة 1958 تقضي بأن تخفض بنسبة 20% أجور الأماكن التي أنشئت منذ 18/ 9/ 1952 وذلك ابتداء من الأجرة المستحقة عن شهر يوليه سنة 1958، وكان يبين من الاطلاع على مذكرة الطاعن التي قدمها أمام محكمة الاستئناف لجلسة 21/ 2/ 1966 أنه تمسك في دفاعه بأن العقار موضوع النزاع تم بناؤه في آخر ديسمبر سنة 1956 فتخضع أجرته للتخفيض الذي قرره القانون رقم 55 لسنة 1958، وكان الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور في هذا الخصوص بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق