جلسة 18 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.
---------------
(175)
الطعن رقم 132 لسنة 31 القضائية
(أ) إجارة. "منازعات قانون إيجار الأماكن". حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام الجائز الطعن فيها".
المنازعات الإيجارية التي لا يجوز الطعن في الحكم الذي يصدر فيها طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 هي التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي. تناول المحكمة الابتدائية في حكمها بالإخلاء الفصل في منازعات تخرج عن نطاق هذا القانون وطبقت فيها أحكام القانون المدني: من ذلك الفصل فيمن له الصفة في المطالبة بالأجرة وحق المستأجر في حبسها. حكمها في ذلك يخضع للقواعد العامة من حيث جواز الطعن ولو عدت تلك المنازعات من المسائل الأولية التي يتوقف على الفصل فيها تطبيق القانون 121 لسنة 1947 أو عدم تطبيقه.
(ب) دفوع. "الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة".
الدفع بعدم قبول دعوى الإخلاء لرفعها من غير ذي صفة المؤسس على إنكار وجود العلاقة الإيجارية هو في حقيقته دفاع في موضوع الدعوى وارد على أصل الحق المطالب به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 138 سنة 1960 كلي إيجارات القاهرة ضد الشركة الطاعنة طالباً الحكم بإلزامها بإخلاء دار سينما بيجال وقال في بيان دعواه إنه استأجر مبنى مسرح ماجستك "دار سينما بيجال حالياً" من مالكيه وأجره من باطنه إلى المطعون ضده الثاني الذي أجره بدوره للشركة الطاعنة ثم تنازل له المطعون ضده المذكور عن هذه الإجارة فقامت العلاقة الإيجارية بينه وبين الشركة الطاعنة بمقتضى ذلك التنازل وأن الشركة الطاعنة تأخرت في الوفاء بأجرة قدرها 1274 ج و54 م فنبه عليها بسدادها في 26/ 11/ 1959 و2/ 12/ 1959 بخطابين مسجلين مصحوبين بعلم وصول ولما لم تقم بالوفاء رفع عليها الدعوى بطلباته السابقة استناداً إلى أحكام القانون 121 سنة 1947 وأدخل فيها المطعون ضده الثاني ليكون الحكم بإلزام الطاعنة بالإخلاء في مواجهته وطلب احتياطياً الحكم بإخلاء المطعون ضده المذكور والشركة الطاعنة للعين المؤجرة. وقد أدخلت الشركة الطاعنة المطعون ضده الثالث باعتباره متنازلاً له من المطعون ضده الأول عن الأجرة ودفعت بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أنه لا علاقة إيجارية بينها وبين المطعون ضده الأول تخوله حق طلب الإخلاء إذ أنه مجرد دائن للمطعون ضده الثاني الذي تنازل له عن الأجرة لا عن عقد الإيجار كما أنه أي المطعون ضده الأول. قد تنازل بدوره عن حقه في الأجرة إلى المطعون ضده الثالث بما يجعل الأخير صاحب الصفة الوحيدة في مطالبتها بهذه الأجرة - وفي 16/ 10/ 1960 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها وبإخلاء الطاعنة للعين المؤجرة - واستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافات رقم 1510 و1565 و1615 سنة 77 قضائية وطلبت في أولها وقف تنفيذ الحكم حتى يفصل في الموضوع ورفعت الاستئنافين الآخرين عن الموضوع أولهما بتكليف بالحضور والآخر بعريضة وطلبت فيهما إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وقالت في أسباب الاستئناف إن الحكم الابتدائي فصل في مسائل تخرج عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 مما يجعله قابلاً للاستئناف وفي 20/ 1/ 1961 قضت محكمة استئناف القاهرة بعدم جواز الاستئنافات الثلاثة وألزمت الطاعنة بالمصروفات. وفي أول مارس سنة 1961 قررت الشركة الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 9/ 5/ 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لانتفاء العلاقة الإيجارية بينها وبين المطعون ضده الأول واستندت في ذلك إلى أن عقد الإيجار مبرم بينها وبين المطعون ضده الثاني وأن الأخير حين تنازل للمطعون ضده الأول كان تنازله مقصوراً على الأجرة ولم يتنازل له عن عقد الإيجار وأن المطعون ضده الأول قد تنازل بدوره عن الأجرة إلى البنك المطعون ضده الثالث - كما دفعت بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعوى رقم 373 سنة 1952 كلي القاهرة وتمسكت بحقها في حبس الأجرة حتى تستوفى ما أنفقته من مصاريف على صيانة العين المؤجرة وأن المحكمة الابتدائية فصلت في هذه المسائل كلها وانتهت إلى رفض الدفوع والقضاء بإلزام الشركة الطاعنة بالإخلاء وقد استأنفت الطاعنة هذا الحكم على أساس أنه وقد فصل في تلك المسائل الخارجة عن نطاق تطبيق القانون رقم 121 سنة 1947 فإنه يكون قابلاً للاستئناف طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 15 من ذلك القانون لكن محكمة الاستئناف قضت بعدم جواز الاستئناف مؤسسة قضاءها بذلك على أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة والدفع بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها هما دفعان شكليان يسري عليهما ما يسري على الأصل من حيث جواز الطعن وعدمه وأنه إذ كان الأصل غير قابل للطعن فيكون الفرع غير قابل للطعن كذلك وأن البحث فيما تمسكت به الطاعنة من قيام حقها في حبس الأجرة هو بحث في طلبات ثانوية أبديت في نزاع تختص المحكمة بالفصل فيه انتهائياً - وترى الطاعنة أن هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه بعدم جواز الاستئناف خطأ في القانون ذلك أن الدفع الذي أبدته بعدم قبول الدعوى وهو يقوم على إنكار العلاقة الإيجارية بينها وبين المطعون ضده الأول طالب الإخلاء ليس دفعاً شكلياً بل هو دفع موضوعي كذلك الحال بالنسبة للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، وإذا كان القانون يجيز لدائرة الإيجارات الفصل في مثل هذه الدفوع فإنها تفصل فيها بوصفها محكمة عادية لا محكمة استثنائية وبالتالي يخضع فصلها في ذلك للقواعد العامة من حيث جواز الطعن وعدمه وأنه لما كان فصل المحكمة الابتدائية في الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وفصلها فيما تمسكت به الطاعنة من قيام حقها في حبس الأجرة قد اقتضى تطبيق أحكام القانون المدني فإن الحكم الابتدائي يكون قابلاً للاستئناف وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف. فإنه يكون مخالفاً للقانون - وتضيف الطاعنة أن الحكم المطعون فيه إذ تعرض في أسبابه لموضوع الاستئناف وقرر أن الحكم الابتدائي محمول على أسباب سائغة وذلك على الرغم من تقريره بأن الاستئناف غير جائز قد شابه التناقض لأنه متى كان الاستئناف غير جائز فإنه يمتنع على محكمة الاستئناف أن تنظر في موضوعه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن المطعون ضده الأول وإن كان قد أقام دعواه بطلب الإخلاء استناداً للقانون رقم 121 سنة 1947 إلا أن الشركة الطاعنة دفعت أمام المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على أساس أنه لا توجد علاقة إيجارية بينها وبين المطعون ضده الأول طالب الإخلاء وأن الأخير هو مجرد دائن متنازل له عن الأجرة فقط وقد تنازل بدوره عنها للبنك المطعون عليه الثالث بما يجعل هذا البنك صاحب الشأن في المطالبة بالأجرة وأنه لذلك لا يكون للمطعون ضده الأول صفة في طلب الإخلاء كما تمسكت الطاعنة بأن لها طبقاً لأحكام القانون المدني حق حبس الأجرة حتى تستوفى المبالغ التي أنفقتها في إصلاح العين المؤجرة وقد بحثت المحكمة الابتدائية التنازل الصادر من المطعون ضده الثاني إلى الأول والتنازل الصادر من الأخير إلى البنك المطعون ضده الثالث وانتهت إلى أن التنازل الأول غير مقصور على التنازل عن الأجرة بل هو تنازل عن الإيجار كله وأن التنازل الصادر إلى البنك كان مقصوراً على الأجرة وحدها وأن هذا البنك يعتبر في قبضه الأجرة من الطاعنة مجرد وكيل مفوض في هذا العمل ولم تنتقل إليه حقوق أخرى يرتبها عقد الإيجار ورد الحكم الابتدائي على ما تمسكت به الطاعنة من ثبوت حقها في حبس الأجرة طبقاً لأحكام القانون المدني رد على ذلك بقوله "وحيث إنه بالنسبة لما أبدته الشركة المدعى عليها من حقها في حبس الأجرة والمنازعة فيها وطلبها ضم الدعاوى التي أشارت إليها في مذكرتها فكل ذلك مردود بأنه وإن كان هناك خلاف بين طرفي الخصومة فيما يتعلق بما تخلف عن حريق يناير سنة 1952 وما إذا كانت المدعى عليها ملزمة أو غير ملزمة بدفع أجرة المدة التي تقول إنها لم تنتفع فيها بالعين المؤجرة فإنها قد قبلت باختيارها بعد ثبوت تلك المنازعة أن تؤدي الأجرة المتفق عليها بما يفيد أن المنازعة التي أرادت المدعى عليها إثارتها خارجة عن نطاق المنازعة الحالية ولم يكن لها تأثير على المدة التالية لفترة الخلاف ذلك لأن المدعي يطالبها بمتأخر أجرة استحقت عليها عن فترة معينة تالية لفترة الخلاف ولا يحق لها أن تتراجع عما التزمت بأدائه للمدعي خاصة وأنه لم يصدر بعد حكم لصالحها بأحقيتها لشيء مما تدعيه هذا فضلاً عن أن استمساكها بحقها في حبس الأجرة لا يكون إلا إذا تأخر المؤجر بعد إعذاره في القيام بتنفيذ الالتزامات المبينة بالمادة 567 مدني فيجوز للمستأجر في هذه الحالة أن يحصل على ترخيص من القضاء بإجراء ذلك بنفسه وفي استيفاء ما أنفقه خصماً من الأجرة كما يجوز له دون حاجة إلى ترخيص من القضاء أن يقوم بإجراء الترميمات المستعجلة أو البسيطة مما يلتزم به المؤجر سواء كان العيب موجوداً وقت بدء الانتفاع أو طرأ بعد ذلك إذا لم يقم المؤجر بعد إعذاره بتنفيذ هذا الالتزام في ميعاد مناسب - فمن ذلك يتضح ضرورة إعذار المؤجر أولاً أما قول المدعى عليها إن الأمر لم يكن خافياً على المدعي بتدخله في المطالبة أمام لجنة التعويضات ومن وجود المنازعات القضائية بينهما في هذا الشأن فلا يغني عن إعمال ما نصت عليه المادة 568 مدني من ضرورة الإعذار" ولما كان يبين مما تقدم أن المحكمة الابتدائية قد تناولت في حكهما القاضي بالإخلاء الفصل في منازعات تخرج عن نطاق القانون رقم 121 سنة 1947 وطبقت فيها أحكام القانون المدني فإن حكمها في هذا الخصوص يخضع للقواعد العامة من حيث جواز الطعن فيه عملاً بالفقرة الأخيرة للمادة 15 من القانون المشار إليه لأن تلك المنازعات وإن كانت تعتبر مسألة أولية يتوقف على الفصل فيها تطبيق ذلك القانون أو عدم تطبيقه إلا أنها لا تعتبر منازعة ناشئة عن تطبيق أحكام القانون رقم 121 سنة 1947 بالمعنى الذي تتطلبه المادة الخامسة عشرة منه إذ المقصود بالمنازعات التي تشير إليها المادة المذكورة والتي يكون الحكم الصادر فيها غير قابل لأي طعن إنما هي المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون، هذا وغير صحيح ما قرره ذلك الحكم من أن الدفع الذي أبدته الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة هو دفع متعلق بشكل الدعوى ذلك أن هذا الدفع وقد أقيم على إنكار وجود علاقة إيجارية بين الطاعنة وبين المطعون ضده طالب الإخلاء فإنه في حقيقته دفاع في موضوع الدعوى وارد على أصل الحق المطالب به.
وحيث إنه وقد قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز الاستئناف فيكون ما تضمنته أسبابه خاصاً باعتماد ما قررته محكمة الدرجة الأولى في شأن الدفع بعدم القبول ودفاع الطاعنة المتضمن حقها في حبس الأجرة، هذا الذي تضمنته أسباب الحكم المطعون فيه، يعتبر أسباباً زائدة لا تتصل بالمنطوق ولا يقوم هو عليها بل إنها تتعارض معه ومن ثم فإن هذه الأسباب تكون عديمة الأثر ولا تحوز قوة الأمر المقضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق