جلسة 18 من مايو سنة 1978
المؤلفة من السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عز الدين الحسيني رئيساً وعضوية السادة المستشارين: الدكتور مصطفى كيره، وعثمان الزيني، وسعد العيسوي، وإبراهيم هاشم.
-------------
(13)
الطلب رقم 131 لسنة 47 ق "رجال القضاء"
(1 - 3) ترقية.
1 - تخطي المستشار عند ترقيته إلى درجة نائب رئيس محكمة الاستئناف أو ما يعادلها. عدم وجوب إخطاره بالترقي.
2 - تخطي المستشار في الترقية إلى درجة نائب رئيس محكمة الاستئناف. ليس من إطلاقات السلطة المختصة تباشره بلا معقب عليها.
3 - التعيين في وظيفة مستشار. أثره. استقرار الأهلية من ناحية الكفاية الفنية. عدم جواز التفتيش على عملهم لتقدير كفايتهم الفنية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 14/ 9/ 1977 تقدم الطالب بهذا الطلب للحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 382 الصادر بتاريخ 24/ 8/ 1977 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة نائب رئيس محكمة استئناف وبأحقيته في الترقية إلى هذه الدرجة على أن تكون أقدميته سابقة على المستشار.......، مع ما يترتب على ذلك من آثار. ونعى الطالب على القرار المطعون فيه بطلانه إذ لم تقم وزارة العدل قبل عرض مشروع الحركة القضائية على اللجنة الخماسية بإخطاره بأن الحركة لن تشمله فخالفت بذلك نص المادة 79 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1971 وأضاف أنه لا يوجد ثمة مبرر لتخطيه في الترقية ذلك أن وزارة العدل اتخذت من نسبة الفصل في القضايا التي جاءت في كشوف الإنتاج الصادرة من محكمة استئناف أسيوط فأنشأت بذلك نظاماً للتفتيش على عمل المستشار لم يتضمنه قانون السلطة القضائية. وطلب الحاضر عن الحكومة رفض الطلب استناداً إلى أن قانون السلطة القضائية لا يوجب على وزارة العدل إخطار من يحل دورهم في الترقية إلى وظيفة نائب رئيس محكمة استئناف ولم يشملهم مشروع الحركة القضائية بأسباب تخطيهم، وأن تخطي الطالب في الترقية يبرره ما ثبت من الكشوف التي حررتها محكمة استئناف أسيوط بعدد القضايا التي فصلت فيها الدوائر المدنية خلال العام القضائي 1976/ 1977 قلة عدد القضايا التي فصلت فيها الدائرة بالنسبة لما فصلت فيه باقي الدوائر مما يدل على ضعف الطالب في الإقبال على العمل على نحو لا يؤهله للتعيين في منصب رئاسي. وفوضت النيابة العامة الرأي للمحكمة في تقدير سبب التخطي.
وحيث إن المادة 79 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 إذ أوجب في فقرتها الثانية على وزير العدل أن يقوم - قبل عرض مشروع الحركة القضائية على اللجنة المختصة بثلاثين يوماً على الأقل بإخطار رجال القضاء الذين حل دورهم ولم تشملهم الحركة القضائية لسبب غير متصل بتقارير الكفاية مبيناً بالإخطار أسباب التخطي، ولئن كانت عبارة النعي قد جاءت مطلقة دون تحديد لرجال القضاء والنيابة الذين يجب إخطارهم لهذا السبب، وكانت المادة 79 قد وردت في الفصل السابع من الباب الثاني من القانون تحت عنوان في التظلمات والطعن في القرارات الخاصة بشئون القضاء بما قد يفهم منه أن الأمر يتعلق بإجراءات الطعن في جميع القرارات الخاصة بشئون رجال القضاء والنيابة على اختلاف درجاتهم بغير قصرها على بعض الوظائف دون الأخرى؛ إلا أن الأمر يقتضي تفسير النص على ضوء النصوص السابقة واللاحقة عليه - ولما كان القانون قد نظم تعيين القضاة وترقيتهم فأورد في المادة 38 منه الشروط العامة لولاية القضاء، ثم ألحقها في المواد 29 إلى 43 بشروط التعيين في وظائفه المختلفة، وأعقبها في المادة 44 ببيان إجراءات التعيين فيها، ولئن كان القانون قد ساوى بين هذه الوظائف - تقديراً لمكانتها - في وجوب صدور قرار من رئيس الجمهورية بالتعيين في كل منها، إلا أنه غاير بينها - تبعاً لتباين مسئولياتها في المراحل التمهيدية اللازمة لصدور ذلك القرار، فبينما أطلق لرئيس الجمهورية الحق في اختيار النائب العام من بين المستشارين بغير إجراء آخر، استلزم أخذ رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية في تعيين رئيس محكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف ونوابهم والمحامي العام الأول، واستوجب موافقة هذا المجلس على تعيين مستشاري محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والرؤساء بالمحاكم الابتدائية وقضاتها وأعضاء النيابة العامة، فإن المشروع يكون بذلك قد أفصح عن رغبته في إفساح المجال أمام السلطة العليا في الدولة في اختيار شاغلي المناصب القضائية القيادية لما تستلزمه من قدرات متميزة تتناسب وجسامة أعبائها. ولما كان القانون في الفقرة الثانية من المادة 79 بعد أن أوجب على وزير العدل قبل عرض مشروع الحركة القضائية على اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 83 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية، أن يقوم بإخطار رجال القضاء والنيابة العامة الذين حل دورهم ولم تشملهم الحركة القضائية لسبب غير متصل بتقارير الكفاية قد أعطى لهؤلاء الحق في التظلم إلى اللجنة المذكورة، ثم نص في المادتين 81 و82 منه على أن تفصل اللجنة في التظلم قبل إجراء الحركة القضائية وعلى أن تعرض على المجلس الأعلى للهيئات القضائية عند مشروع الحركة القضائية - قرارات اللجنة المشار إليها لإعادة النظر فيها وتكون قراراته في هذا الشأن نهائية، فإنه قد دل على أنه قصد بهذه النصوص أن يصدر المجلس في تظلم القاضي قرار ملزماً للجهة الإدارية المختصة بإصدار قرار الترقية لا يجوز لها أن تخالفه. ولما كان رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية في تعيين نواب رؤساء محاكم الاستئناف وفقاً لنص المادة 44/ 4 هو مجرد استطلاع رأي لا تتقيد به تلك الجهة، فإن الأحكام المقررة بالمواد 79، 81، 82 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 لا تنطبق على حالة تخطي المستشار في الترقية إلى درجة نائب رئيس محكمة استئناف؛ ويكون النعي ببطلان القرار المطعون فيه لإغفال إخطار الطالب بتخطيه في الترقية على غير أساس.
وحيث إن المادة 49 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية إذ نصت في الفقرة الأخيرة منها على أن يجرى الاختيار في الوظائف الأخرى التي تعلو درجة المستشار - أي وظائف نواب رؤساء محاكم الاستئناف وما يعادلها وما فوقها - على أساس درجة الأهلية وعند التساوي تراعى الأقدمية؛ قد شرعت بذلك قواعد في هذا الخصوص يجب مراعاتها وفي الانحراف عنها مخالفة للقانون ومن ثم لا يكون الأمر في تطبيق هذه القواعد من إطلاقات السلطة المختصة تباشره دون معقب عليها، فلا يحل لها تخطي مرشح للترقية إلى هذه الوظائف إلى من يليه إلا لسبب واضح يتصل بالمصلحة العامة وينتقص من أهليته، ولئن كان لتلك السلطة الحق في وضع درجات للأهلية وتقدير أهلية رجال القضاء بحسب ما يتجمع لديها من معلومات إلا أنه يجب ألا يكون ثمت مخالفة للقانون في تحقق الأهلية وتقدير درجاتها، ولما كان قانون السلطة القضائية قد نظم في المواد 78، 80، 81، 122 طريق التفتيش على عمل رجال القضاء والنيابة العامة حتى وظيفة الرؤساء بالمحاكم الابتدائية أو ما يعادلها، ووضع لهذا التفتيش من الأحكام والضوابط ما يكفل تقدير أهليتهم تقديراً مبرءاً من العيوب، كما خلا القانون من النص على التفتيش على عمل من هم في الوظائف القضائية الأعلى، فإن المشرع بذلك قد أفصح عن أمرين أولهما أن أهلية هؤلاء من ناحية الكفاية الفنية تستقر بتعيينهم في وظيفة المستشار، وثانيهما أنه لا يجوز إجراء التفتيش على عملهم لتقدير كفايتهم الفنية، لما كان ذلك وكانت وزارة العدل قد لجأت في سبيل تقدير كفاية الطالب من الناحية الفنية إلى الكشوف التي حررتها محكمة استئناف أسيوط ببيان عدد القضايا التي فصلت فيها الدائرة التي كان الطالب يرأسها، واستظهرت من هذه الكشوف ضعف إقباله عن العمل، فإنها تكون قد خالفت القانون ويتعين لذلك إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية لوظيفة نائب رئيس محكمة استئناف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق