جلسة أول مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم علي صالح، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعة.
------------
(134)
الطعن رقم 1038 لسنة 49 القضائية
(1، 2) إيجار "التغيير في العين" محكمة الموضوع. حكم "ما يعد قصوراً".
(1) طلب إخلاء المستأجر لاستعماله العين المؤجرة بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة وضار بالمؤجر. تقدير ذلك. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً.
(2) إقامة المستأجر بناء يملك المؤجر خارج العين المؤجرة. القضاء بإخلائه لمخالفته شروط الإيجار. عدم بيان الحكم وجه اتصال هذا التعدي على ملكية المؤجر بإخلاء الطاعن بالتزامه التعاقدي قصوراً وفساد في الاستدلال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 3335 سنة 1975 مدني كلي جنوب القاهرة ضده الطاعن للحكم بإخلاء الدكانين المبينين بصحيفتها، وقالت بياناً لذلك أنه بعقد مؤرخ 28/ 4/ 1975 استأجر منها الطاعن هذين الدكانين لاستعمالها في بيع الملابس، وإذ أجرت فيهما تغييرات بغير موافقتها بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وحكم القانون فقد أقامت عليه الدعوى. قضت المحكمة برفضها فاستأنفت المطعون عليها الحكم بالاستئناف رقم 748 سنة 93 قضائية القاهرة وندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت المحكمة بتاريخ 28/ 3/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الدكانين، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند ما جاء بتقرير الخبير من تعدي الطاعن على ملكية المطعون عليها بإقامة عمودين بالممر الكائن به العقار المملوك لها متجاوزاً بذلك حدود الدكانين، مما يشكل ضرراً بالمطعون عليها ويسوغ الحكم بإخلائه، بيد أن الحكم لم يستظهر وجه الضرر الذي لحق بالمطعون عليها أو بالعقار من جراء ذلك، كما لم يورد الأسانيد المثبتة لتحققه مع وجوب ذلك لإجازة الحكم بالإخلاء مما يشوبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق على واقعة الدعوى - على جواز طلب إخلاء المكان المؤجر إذا استعمله المستأجر بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة وتضر بمصلحة المؤجر - يدل على أن مناط حق المؤجر في إنهاء عقد الإيجار في هذه الحالة هو إخلال المستأجر بالتزامه العقدي في استعمال العين المؤجرة، بما يخرج به عن الشروط المعقولة للإيجار ويضر بمصلحة يكفلها العقد والقانون للمؤجر، هذا ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير مدى ما تنطوي عليه طريقة استعمال المستأجر للعين المؤجرة من إساءة تضر بالمؤجر، هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير تعقيب عليها من محكمة النقض، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها لذلك مستمداً من واقع صحيح يؤدى إليه في منطق سائغ، ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه، أنه استند في قضائه بإنهاء العلاقة الإيجارية بين الطاعن والمطعون عليها بشأن الدكانين مثار النزاع، إلى ما يخطره عقد إيجارهما على المستأجر من إحداث أي بناء بغير تصريح من المالكة وإلى ما هو ثابت من تقرير الخبير من إقامة الطاعن عمودين في الممر الكائن بالعقار الواقع به الدكانان مما يعتبر تعدياً على ملكية المطعون عليها لهذا الممر يشكل بذاته ضرراً بها، وإلى عدم تقديم الطاعن ما يثبت تصريح المطعون عليها له بإقامة هذا البناء، مما رتب عليه الحكم أن الطاعن قد خالف شروط عقد الإيجار بما يبرر الحكم بإخلائه، وكان مؤدى ذلك أن الحكم قد اتخذ من تعدي الطاعن على ملكية المطعون عليها للعقار الواقعة به العين المؤجرة - بإقامة عمودين في أرض الممر الخارجة عن نطاق تلك العين - سنداً لاعتباره مخالفاً لشروط عقد الإيجار، دون أن يبين الحكم وجه اتصال هذا التعدي على الملكية - المجاوز للعين المؤجرة - بإخلال الطاعن بالتزامه العقدي، في استعمال العين المؤجرة، ولا وجه لاعتبار أن مجرد الإضرار بالملكية ينطوي بذاته على إضرار بالعين أو بالمؤجر يبرر إنهاء العلاقة الإيجارية في حكم المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969، مع انتفاء التلازم الحتمي بين الإخلال بالالتزام القانوني المفروض عن الكافة بعدم التعدي على ملكية الغير، وبين إخلال المستأجر بالتزامه العقدي بعدم إساءة استعمال العين المؤجرة، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة للنظر فيما جاوز ذلك من أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق