جلسة 11 من نوفمبر سنة 2015
(116)
الطعن رقم 32891 لسنة 83 القضائية
(1) حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحُكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمتين اللَّتين دان الطاعنة بهما وإيراده على ثبوتهما في
حقها أدلة سائغة وإشارته لنصوص القانون التي عاقبها بمقتضاها . لا قصور .
(2)
خطف . طفل . جريمة "أركانها" . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب
غير معيب ".
جريمة خطف الأطفال . مناط تحققها ؟
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بانتفاء أركان
جريمة خطف الأطفال .
(3) إثبات "
بوجه عام " " شهود " . طفل . استدلالات . احتجاز بدون أمر أحد
الحكام . خطف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها
في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة
أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه . طالما له مأخذه الصحيح من
الأوراق .
استخلاص الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغًا .
وزن أقوال الشهود
وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بأقوال
شاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحُكم . حد ذلك ؟
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد ولو كانت سماعية . علة ذلك ؟
وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة
لثبوت جريمتي الخطف والاحتجاز والحكم على مرتكبها . غير لازم . للمحكمة أن تكون
اعتقادها من ظروف الدعوى وأدلتها . نعي الطاعنة على الحكم في هذا الشأن . جدل
موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة بجريمتي خطف طفل لم يبلغ سنه اثنتي عشرة سنة من غير تحيل ولا إكراه واحتجازه
بعيدًا عن ذويه بدون وجه حق .
(4) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجوب أن يكون وجه الطعن واضحًا مبيناً ما
يُرمى به إليه .
نعي الطاعنة بتناقض أقوال الشهود دون الكشف عن
أوجهه . غير مقبول .
(5) قانون " تطبيقه " . عقوبة "
تطبيقها " . طفل . ظروف مشددة .
إدانة
الحكم الطاعنة بجريمتي خطف طفل واحتجازه . مضاعفة الحد الأدنى للعقوبة بمقدار
المثل إعمالاً للمادة 116 مكرراً من قانون الطفل المشار إليها ضمن مواد الاتهام .
صحيح .
(6) إجراءات " إجراءات
المحاكمة " . حكم " وصفه ". دعوى جنائية " نظرها والحكم فيها ".
محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
تمام
المرافعة . العبرة فيه بواقع حالها وما انتهت إليه أعلن ذلك في صورة قرار أم لا .
حد ذلك ؟
حضور الطاعنة بالجلسة
المنظورة فيها الدعوى واستيفاء الدفاع عنها مُرافعته . مُؤداه : الحُكم حضوريًا
بالنسبة لها ولو تخلفت عن الجلسة التي أُجلت إليها الدعوى في مواجهتها . علة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تَتَوافر به كَافة
العناصر القانونية للجريمتين اللَّتين دان الطاعنة بهما ، وأورد على ثبوتهما في
حقها أدلة استقاها من أقوال شاهد
الإثبات وتحريات الشرطة - أورد الحُكم مُؤداها في بيانٍ وافٍ - وهما دليلان سائغان
من شأنهما أن يُؤديا إلى ما رَتَّبه الحُكم
عليهما ، وأشار إلى نصوص القانون التي عَاقب الطاعنة بمُقتضاها ، وكَان
مجموع ما أورده الحُكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كَافياً في تَفهُّم
الواقعة بظروفها ، - حسبما استخلصتها المحكمة - ، ومُبيناً لفحوى أدلتها ، ولنصوص
القانون التي حكم بمُوجبها ، فإن ذلك يكون مُحققاً لحُكم القانون ، ويضحى منعى
الطاعنة عليه بالقصور والبُطلان في هذا المنحى - بشقيه - في غير محله .
2- من المُقرَّر أنه يَكفي لقيام واقعة الخطف التي تَتَحقق بها هذه الجريمة
انتزاع الطفل من بيئته ، وقطع صلته بأهله ، وأن القصد الجنائي في جريمة خطف
الأطفال يَتحقق بتعمُد الجاني انتزاع المخطوف من يد ذويه الذين لهم حق رعايته ،
وقطع صلته بهم ، مهما كَان غرضه من ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد عرض لدفع
الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة في حقها ، واطرحه في قوله : " أن الثابت من
أقوال شاهد الإثبات الأول ، والتي تطمئن إليها المحكمة ، وقد أيَّدها ما ورد
بتحريات الشاهد الثاني والتي جاءت صريحة وواضحة من قيام المتهمة بخطف الطفل حال
تواجده بالطريق العام ، وهو ما يتوافر معه أركان الجريمة في حق المتهمة ، ويضحى
الدفع على غير سند متعينًا الرفض " ، وهو من الحُكم رد كَافٍ وسائغ لاطراح
هذا الدفع ، فإن النعي عليه بالقصور في هذا الشأن ، يكون - بدوره كسابقه - على غير
أساس .
3- من المُقرَّر أن لمحكمة الموضوع أن تَستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي
دليل تَطمئن إليه ، طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق ، ومن حقها أن
تَستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البــــحث
الصـــورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يُؤدي
إليه اقتناعها ، وأن تَزن أقوال الشهود ، وتُقدِّرها التقدير الذي تَطمئن إليه
، بغير مُعقِب ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ،
وكَان تنَاقُض الشاهد ، أو تضَارُبه في أقواله لا يعيب الحُكم ، ما دامت
المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصًا سائغًا لا تنَاقُض فيه ،
ولها أن تأخُذ بأقوال الشاهد ولو كَانت سماعية ، ذلك أن الأصل في الشهادة هو تقرير
الشخص لِمَا يكون قد رآه أو سمعه بنفسه ، أو أدركه على وجه العموم بحواسه ، وكَانت
الطاعنة لا تُماري في طعنها أن والد المجني عليه يَتمتَّع بسائر الحواس الطبيعية ،
فلا على الحُكم إن هو أخذ بشهادته ، وكَان لا
يُشتَرط لثبوت جريمتي الخطف من غير تحيل ولا إكراه لطفل لم يَبلُغ سنه اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة ، واحتجازه بعيدًا عن
ذويه بدون وجه حق ، والحُكم على مُرتكبها ، وجود شهود رؤية ، أو قيام أدلة
مُعيَّنة ، بل للمحكمة أن تُكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمتين من كُل ما
تَطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، وأنه لا تثريب عليها إن هي أخذت بتحريات
الشرطة ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لِمَا هو مُقرَّر من أن لها أن تُعول في
تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة ،
التي لا يقدح في جدية ما تَضمَّنته عدم الإفصاح عن مصدرها ، وإذ كَانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات - والد المجني عليه - وتحريات
الشرطة وصحة تصويرهما للواقعة - على النحو الذي حَصَّله حُكمها - فإن كُل ما تثيره
الطاعنة من مُنَازعة في صورة الواقعة ، وأقوال شاهد الإثبات والد المجني عليه ،
وتحريات الشرطة ، وقولها بعدم وجود شاهد رؤية للواقعة - على نحو ما ذهبت إليه
بأسباب طعنها - ينحل - جميعه - إلى جدل موضوعي في استخلاص صورة الواقعة ، وتقدير
أدلتها ، وهو ما تَستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مُجَادلتها فيه ، أو مُصَادرة
عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
4- من المُقرَّر أنه يَتعيَّن لقبول
وجه الطعن أن يكون واضحاً مُبيّناً ما يرمي إليه مُقدِّمه ، حتى يتضح مدى
أهميته في الدعوى المطروحة ، وكونه مُنتجاً مما تَلتزم محكمة الموضوع بالتَصدي له
إيراداً ورداً ، وكَانت الطاعنة لم تَكشف بأسباب طعنها عن أوجه التنَاقُض في أقوال
شاهد الإثبات ، بل ساقت قولاً مرسلاً ، فإن منعاها في هذا الشأن يكون مُجهَّلاً ،
ومن ثم غير مقبول .
5- لمَّا كَان الحُكم المطعون فيه قد ضَمَّنَ مواد الاتهام التي عَاقب
الطاعنة بمُوجبها نص المادة 116 مُكرراً من قانون الطفل ، لنصــها على زيــادة
الحد الأدنى للعقوبة المُقرَّرة لأى جريمة ، إذا وقعت من بالغ على طفل ، بمقدار
المثل - وهو الحال في الدعوى - والذي انتهى إليه الحُكم – صائباً - عند مُعَاقبته
للطاعنة بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات ، فإن منعاها على الحُكم في هذا الصَدد
يكون غير مُقتَرِن بالصواب .
6- لمَّا كَان الثابت من مُطَالعة محاضر جلسات المُحَاكمة أن الطاعنة مثلت
بها ، وبعد إتمام مُرَافعتها واستيفاء كَامل
دفاعها ، حَدَّدت المحكمة جلسة .... في حضورها للنُطق بالحُكم ، وفي هذه
الجلسة الأخيرة أصدرت حُكمها المطعون فيه ، فإن هذا الحُكم يكون حضوريًا بالنسبة للطاعنة ، ذلك أن من البداهة ذاتها ،
أن حضور الخصم أمام المحكمة أمر واقع ، وغيابه كذلك ، واعتبار الحُكم
حضوريًا ، أو غيابيًا فرع من هذا الأصل ، ويُعتَبر الحُكم من محكمة الجنايات في
جناية حضوريًا بالنسبة إلى الخصم الذي يَمثُل في جلسة المُحَاكمة ، وتُسمَع
البيِّنة في حضرته ، ويتم دفاعه ، أو يسعه أن يتمه ، وأن العبرة في تمام
المُرَافعة هي بواقع حالها ، وما انتهت إليه ، أُعلن هذا الواقع في صورة قرار ، أو
لم يُعلَن ، ما دامت المحكمة لم تَحتفظ له في إبداء دفاع جديد ، ولم تَأمُر بإعادة
الدعوى إلى المُرَافعة لسماعه ، وإذ كَان الواقع في الدعوى الراهنة قد سُمِعَت
بياناتها بحضور الطاعنة ، واستوفى الدفاع عنها مُرَافعته ، فإن الإجراء بالنسبة إليها يكون حضوريًا ، ولا يزال هذا الوصف إن تَخلَّفت
الطاعنة في الجلسة التالية التي أُجلت إليها الدعوى في مُواجهتها للحُكم
فيها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصَدد يكون على غير أساس .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهـمت
النيابـة العامـة الطاعنة بأنها :
1–
اختطفت
الطفل / .... والذي لم يَبلُغ من العمر اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة من غير تحيل
ولا إكراه ، بأن عَثرت عليه حال تواجده بالطريق العام واصطحبته برفقتها ، على
النحو المُبيَّن بالتحقيقات .
2–
احتجزت المجني عليه الطفل سالف الذكر بعيداً عن ذويه ودون أمر من أحد الحكام
المُختَصين بذلك وفي غير الأحوال التي تُصرح بها القوانين واللَّوائح بذلك ، على
النحو المُبيَّن بالتحقيقات .
وأحالتها
إلى محكمة جنايات .... لمُحَاكمتها وفقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة
المذكورة قَضت حضورياً عملاً بالمادتين 280 ، 289/1 من قانون العقوبات المُعدَّل
بالمرسوم بقانون 11 لسنــة 2011 ، والمادة 116 مكرراً من القــــانون رقم 12 لسنة
1996 المُعـــــدَّل بشأن قانون الطفل ، بعد تطبيق نص المادة 32 من قانون العقوبات
، بمُعَاقبتها بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات عمَّا أُسند إليها .
فطعـنت المحكوم عليها
في هذا الحُكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن الطاعنة تنعي على الحُكم المطعون فيه إنه إذ دانها بجريمتي خطف
طفل لم يبلغ سنه اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة من غير تحيل ولا إكراه ، واحتجازه
بعيداً عن ذويه بدون وجه حق قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ،
وران عليه البُطلان ، وانطــــوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يُورد بياناً
كَافياً لواقعة الدعوى ، وأركانها ، وأدلة ثبوتها ، ولم يشر لنص القانون الذي حَكم
بمُوجبه ، ورَدَّ بما لا يَصلُح على دفعها بانتفاء أركان الجريمة في حقها ، وتساند في إدانتها إلى أقوال شاهد الإثبات الأول -
السماعية - مع تنَاقُضها ، وعدم معقولية تصويره للواقعة ، أو وجود شاهد
رؤية ، وإلى تحريات الشرطة - الغير جدية - بعدم إفصاح مُجريها عن مصدرها ، هذا إلى
أن الحُكم دانها بموجب المادة 116 مُكرراً من قانون الطفل ، دون بيان التُهمَة
والعقوبة الواجب إنزالها عليها بمُقتضى هذه المادة ، وأخيراً ، فقد صدر الحُكم
المطعون فيه حضورياً ، رغم عدم مثول الطاعنة بجلسة النُطق بالحُكم . وكُل ذلك يعيب
الحُكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحُكم المطعون
فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تَتَوافر به كَافة العناصر القانونية للجريمتين
اللَّتين دان الطاعنة بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة استقاها من أقوال
شاهد الإثبات وتحريات الشرطة - أورد الحُكم مُؤداها في بيانٍ وافٍ - وهما دليلان
سائغان من شأنهما أن يُؤديا إلى ما رَتَّبه
الحُكم عليهما ، وأشار إلى نصوص القانون التي عَاقب الطاعنة بمُقتضاها ،
وكَان مجموع ما أورده الحُكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -كَافياً في
تَفهُّم الواقعة بظروفها ، - حسبما استخلصتها المحكمة - ، ومُبيناً لفحوى أدلتها ،
ولنصوص القانون التي حكم بمُوجبها ، فإن ذلك يكون مُحققاً لحُكم القانون ، ويضحى منعى الطاعنة عليه بالقصور والبُطلان في هذا
المنحى - بشقيه - في غير محله . لمَّا كَان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أنه يَكفي
لقيام واقعة الخطف التي تَتَحقق بها هذه الجريمة انتزاع الطفل من بيئته ، وقطع صلته بأهله ، وأن القصد الجنائي في جريمة خـــطف
الأطفال يَتحقق بتعمُد الجاني
انتزاع المخطوف من يد ذويه الذين لهم حق رعايته ، وقطع صلته بهم ، مهما كَان غرضه
من ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنة بانتفاء أركان الجريمة في
حقها ، واطرحه في قوله : " أن الثابت من أقوال شاهد الإثبات الأول ، والتي
تطمئن إليها المحكمة ، وقد أيَّدها ما ورد بتحريات الشاهد الثاني والتي جاءت
صريحة وواضحة من قيام المتهمة بخطف الطفل حال تواجده بالطريق العام ، وهو
ما يتوافر معه أركان الجريمة في حق المتهمة، ويضحى الدفع على غير سند متعيناً
الرفض " ، وهو من الحُكم رد كَافٍ وسائغ لاطراح هذا الدفع ، فإن النعي عليه
بالقصور في هذا الشأن ، يكون - بدوره كسابقه - على غير أساس . لمَّا كَان ذلك ،
وكَان من المُقرَّر أن لمحكمة الموضوع أن تَستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي
دليل تَطمئن إليه ، طالما أن لهذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق ، ومن حقها أن
تَستخلص من أقوال الشهود ، وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يُؤدي إليه اقتناعها ، وأن تَزن أقوال الشهود ،
وتُقدِّرها التقدير الذي تَطمئن إليه ، بغير مُعقِب ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن
ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ،
وكَان تنَاقُض الشاهد ، أو تضَارُبه في أقواله لا يعيب الحُكم ، ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً
لا تنَاقُض فيه ، ولها أن تأخُذ بأقوال الشاهد ولو كَانت سماعية ، ذلك أن
الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لِمَا يكون قد رآه أو سمعه بنفسه ، أو أدركه على
وجه العموم بحواسه ، وكَانت الطاعنة لا تُماري في طعنها أن والد المجني عليه
يَتمتَّع بسائر الحواس الطبيعية ، فلا على الحُكم إن هو أخذ بشهادته ، وكَان لا
يُشتَرط لثبوت جريمتي الخطف من غير تحيل ولا إكراه لطفل لم يَبلُغ سنه اثنتي عشرة
سنة ميلادية كاملة ، واحتجازه بعيداً عن ذويه
بدون وجه حق ، والحُكم على مُرتكبها ، وجود شهود رؤية ، أو قيام أدلة مُعيَّنة ،
بل للمحكمة أن تُكوِّن اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمتين من كُل ما تَطمئن إليه
من ظروف الدعوى وقرائنها ، وأنه لا تثريب عليها إن هي أخذت بتحريات الشرطة ضمن
الأدلة التي استندت إليها ، لِمَا هو مُقرَّر من أن لها أن تُعول في تكوين عقيدتها
على ما جاء بتحريات الشرطة ، التي لا يقدح في
جدية ما تَضمَّنته عدم الإفصاح عن مصدرها ، وإذ كَانت المحكمة قد اطمأنت
إلى أقوال شاهد الإثبات - والد المجني عليــــــــه - وتحريات الشرطة ، وصحة
تصويرهما للواقعة - على النحــــو الذي حَصَّــله حُكمها - فإن كُل ما تثيره الطاعنة من مُنَازعة في صورة
الواقعة ، وأقوال شاهد الإثبات - والد المجني عليه - ، وتحريات الشرطة ، وقولها
بعدم وجود شاهد رؤية للواقعة - على نحو ما ذهبت إليه بأسباب طعنها - ينحل - جميعه
- إلى جدل موضوعي في استخلاص صورة الواقعة ، وتقدير أدلتها ، وهو ما تَستقل به
محكمة الموضوع ، ولا تجوز مُجَادلتها فيه ، أو مُصَادرة عقيدتها في شأنه أمام
محكمة النقض ، فضلاً عن أنه من المُقرَّر أنه يَتعيَّن لقبول وجه الطعن أن يكون
واضحاً مُبيّناً ما يرمي إليه مُقدِّمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة
، وكونه مُنتجاً مما تَلتزم محكمة الموضوع بالتَصدي له إيراداً ورداً ، وكَانت
الطاعنة لم تَكشف بأسباب طعنها عن أوجه التنَاقُض في أقوال شاهد الإثبات ، بل ساقت
قولاً مرسلاً ، فإن منعاها في هذا الشأن يكون مُجهَّلاً ، ومن ثم غير مقبول . لمَّا
كَان ذلك ، وكَان الحُكم المطعون فيه قد ضَمَّنَ مواد الاتهام التي عَاقب الطاعنة
بمُوجبها نص المادة 116 مُكرراً من قانون الطفل ، لنصها على زيادة الحد الأدنى
للعقوبة المُقرَّرة لأى جريمة ، إذا وقعت من بالغ على طفل ، بمقدار المثل - وهو
الحال في الدعوى - والذي انتهى إليه الحُكم - صائباً - عند مُعَاقبته للطاعنة
بالسجن المُشدَّد لمُدة عشر سنوات ، فإن منعاها على الحُكم في هذا الصَدد يكون غير
مُقتَرِن بالصواب . لمَّا كَان ذلك ، وكَان الثابت من مُطَالعة محاضر جلسات المُحَاكمة أن الطاعنة مثلت بها ، وبعد إتمام مُرَافعتها
واستيفاء كَامل
دفاعها ، حَدَّدت المحكمة جلسة .... في حضورها للنُطق
بالحُكم ، وفي هذه الجلسة الأخيرة أصدرت
حُكمها المطعون فيه ، فإن هذا الحُكم يكون حضورياً بالنسبة للطاعنة ، ذلك أن من البداهة ذاتها ، أن حضور الخصم أمام المحكمة أمر واقع ،
وغيابه كذلك ، واعتبار الحُكم حضورياً ، أو غيابياً فرع من هذا الأصل ، ويُعتَبر
الحُكم من محكمة الجنايات في جناية حضورياً بالنسبة إلى الخصم الذي يَمثُل في جلسة
المُحَاكمة ، وتُسمَع البيِّنة في حضرته ، ويتم دفاعه ، أو يسعه أن يتمه ، وأن
العبرة في تمام المُرَافعة هي بواقع حالها ، وما انتهت إليه ، أُعلن هذا الواقع في
صورة قرار ، أو لم يُعلَن ، ما دامت المحكمة لم تَحتفظ له في إبداء دفاع جديد ،
ولم تَأمُر بإعادة الدعوى إلى المُرَافعة لسماعه ، وإذ كَان الواقع في الدعوى
الراهنة قد سُمِعَت بياناتها بحضور الطاعنة ، واستوفى الدفاع عنها مُرَافعته ، فإن
الإجراء بالنسبة إليها يكون حضورياً ، ولا يزال هذا الوصف إن تَخلَّفت الطاعنة في
الجلسة التالية التي أُجلت إليها الدعوى في مُواجــــــهتها للحُكم فيها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصَدد
يكون على غير أساس . لمَّا كَان ما تَقدَّم ، فإن الطعن برمته يكون على غير
أساس ، مُتعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق