جلسة 7 من يناير سنة 1957
برياسة السيد مصطفى فاضل
وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد
مجاهد، وأحمد زكى كامل المستشارين.
---------------
(1)
القضية رقم 1323 سنة 26
القضائية
تلبس. مواد مخدرة.
تقديم المتهم المخدر إلى
الكونستابل بمحض اختياره بعد تظاهره بالشراء. تلبس.
-------------
تظاهر الكونستابل والمخبر
للمتهم برغبتهما في شراء قطعة الحشيش ليس فيه ما يفيد التحريض على ارتكاب الجريمة
ما دام المتهم قدم المخدر إليهما بمحض إرادته واختياره.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وطلبت
إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7 و33 ج و35
و41 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1953 والجدول رقم 1 الملحق به، فأجابتها إلى
ذلك، ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة
وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وغلق مقهى المتهم على
مصاريفه، وذلك تطبيقا للمواد 1 و2 و7 و33 ج و35 و38 من المرسوم بقانون رقم 351
لسنة 1952 لأنه أحرز المخدر بقصد الاتجار.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
... وحيث إن حاصل أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه
إذ دان الطاعن بجريمة إحراز المخدر. أسس قضاءه على وقائع لا سند لها في الأوراق،
وأخطأ الاستدلال، فقد أثبت الحكم أن الطاعن لم يكن يعرف الكونستابل، مع أن المعرفة
مسألة ذاتية لا يصح الجدل فيها بعد إقرار الطاعن بها، يضاف إلى ذلك الحكم إذ دان
الطاعن تأسيسا على أن مبارحته مقهاه ونداءه على من يدعى (محمد) ثم عودته بعد ذلك بالمخدر
كان لدرء الشبهة، هو تعليل لا سند له في الأوراق، ولو صحت رواية الكونستابل، فإنه
هو الذى يكون قد قام بتحريض الطاعن على ارتكاب الجريمة، ولم يكن بوسع الطاعن أن
يدفع عن نفسه معقبات امتناعه عن إجابة طلب الكونستابل، كما أنه لو كانت الواقعة
صحيحة لتعين أن يضبط مع الطاعن مبلغ الخمسة والعشرين قرشا التى قيل إنه قبضها ثمنا
للمخدر، مع أن متحصلات التفتيش الذى جرى عقب ضبطه مباشرة لم تزد على عشرة قروش،
أما وجه الفساد في الاستدلال، فهو أن المحكمة عللت وجود التمزق يجيب الطاعن بأنه
هو الذى أحدثه، مع أن أحدا لم ينسب إلى الطاعن أنه غير المعطف بعد ضبطه، الأمر
الذى لا يصح معه الاستدلال بأنه كان يضع صندوقا به مخدرات في جيبه. هذا إلى أن
الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون حين اعتبر الجريمة المسندة إلى الطاعن في حالة
تلبس، إذ أن الكونستابل هو الذى خلق تلك الحالة، وحرض الطاعن على ارتكابها، وما
دامت الجريمة لم تكن في حالة تلبس فإن الإجراءات تكون باطلة هي وما ترتب عليها.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى في قوله " إنها تتحصل في أنه بينما كان الكونستابل
الممتاز عبد الحليم سيد أحمد غنيم وكيل مكتب مكافحة المخدرات بالمنصورة عائدا من
مأمورية رسمية سرية في يوم 2 مايو سنة 1953 مع المخبرين محمود الجوهري وعطية
سليمان وهم متخفون في ملابس مدنية، بدا له الجلوس في مقهى المتهم لتناول القهوة
بها والتحري عن أمره، فدخل تلك القهوة مع زميله محمود الجوهري وجلس بها، ونظرا لما
يعلمانه مع أن صاحب المقهى المذكور يتجر في الجواهر المخدرة طلب منه محمود الجوهري
قطعة من الحشيش بعشرين قرشاً، فطلب منه المتهم خمسة قروش أخرى ليحضر له قطعة من
حجم معين،
فدفع له من جيبه ثلاثة
قروش وأعطاه زميله عبد الحليم غنيم قرشين، وتجمع للمتهم من ذلك مبلغ خمسة وعشرون
قرشا أخذها وخرج من القهوة ثم عاد ومعه لفافة من ورق السلوفان الأبيض وقدمها
للكونستابل فأخذها منه وفتحها، فتبين أن داخلها قطعة من الحشيش، وعند ذلك بادر إلى
القبض على ذلك المتهم وفتشه، فوجد معه علبة سجاير داخلها خمس لفافات أخرى بها
حشيش، فأجرى ضبطه واقتاده إلى مركز البوليس " ثم أورد الحكم الأدلة السائغة
على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن، وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها،
وتعرض لدفاعه وفنده بما يبرر اطراحه. لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم ردا على
دفاع الطاعن يدل على أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية لم مطمئن إلى قوله بأنه
كان يعرف رجال مكتب المخدرات من قبل، فاطرحت هذا القول وعولت على أقوال شهود
الإثبات، فكل مناقشة يثيرها الطاعن في هذا الخصوص، وفيما يثيره بصدد تمزيق جيب
معطفه، وما قالته المحكمة من جواز افتعاله عقب الضبط مباشرة، تعد مجادلة منه في الدليل
الذى اعتمدت عليه المحكمة، وهو أمر لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، وكان قول
الطاعن إن الحكم أثبت واقعة لا أصل لها في الأوراق بذكره أن مبارحته لمقهاه ونداءه
على من يدعى (محمد) ثم عودته بالمخدر بعد ذلك كان لدرء الشبهة، هو قول لا أصل له
في مدونات الحكم، وكان تظاهر الكونستابل والمخبر للمتهم برغبتهما في شراء قطعة
الحشيش ليس فيه ما يفيد التحريض على ارتكاب الجريمة أو خلقها، ما دام الثابت من
الحكم أن الطاعن قدم المخدر إليهما بمحض إرادته واختياره - لما كان ذلك، وكان
الثابت أن الكونستابل وهو من رجال الضبط القضائي قد قبض على الطاعن بعد أن تبين له
أن القطعة التي باعها إياه هي حشيش، فيكون القبض عليه وتفتيشه صحيحين في القانون
على أساس أنه متلبس بجريمة إحراز المخدر، وللمحكمة أن تعتمد على الدليل المستمد من
هذا التفتيش - لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق