الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

الطعن 1257 لسنة 27 ق جلسة 10 / 12/ 1957 مكتب فني 8 ج 3 ق 269 ص 983

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، وعثمان رمزي، وابراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

-----------------

(269)
طعن رقم 1257 سنة 27 ق

قتل عمد. اشتراك. حكم. " تسبيب معيب".

عدم بيان الحكم قصد الاشتراك لدى الشريك وتوافر نية القتل لديه. قصور.

---------------
متى كان الحكم قد استند في إدانة المتهم بالاشتراك في جريمة القتل العمد إلى اتفاقه مع الفاعل على اقتراف الجريمة ومساعدته على ارتكابها بمصاحبته له إلى مسرح الجريمة لشد أزره وبقصد تحقيق وقوعها ثم هربه معه عقب ارتكاب الحادث، فإنه يكون معيبا، ذلك أن ما قاله لا يؤدى وحده إلى ثبوت قصد الاشتراك وتوافر نية القتل لدى هذا الشريك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما المتهم الأول – قتل محمد عبد ربه عبد الباري عمدا مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله وأعد لذلك بندقية معمرة وتوجه بها إلى المجني عليه وسار بجواره في الطريق الموصل إلى البلدة حتى إذا ما تهيأت له الفرصة السانحة أطلق عليه عيارين ناريين قاصدا من ذلك قتله فأصابه أحدهما في ظهره وأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. والمتهم الثاني – اشترك مع الأول في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معه على ارتكابها ورافقه إلى محل الحادث لشد أزره وقد وقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. والمتهم الأول أيضا – أحرز بغير ترخيص " فرد خرطوش" غير مششخن حالة كونه قد سبق الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة سرقة في الجنحة رقم 1990 سنة 1953 استئناف شبين الكوم. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للمواد 40/ 2 – 3 و41 و230 و231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1 و7/ ج و26/ 1 – 3 و30 من القانون رقم 394 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 12 الملحق به، فقررت الغرفة بذلك بتاريخ 4 يناير سنة 1956 وادعى بحق مدني كل من: 1 – سميره موسى فرج بصفتها الشخصية. و2 – السيدة أحمد ناجى وطلبتا القضاء إليهما قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه تعويضا مؤقتا. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و231 من قانون العقوبات والمواد 1 و26/ 1 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم أ الملحق به والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمواد 40/ 2 – 3 و41 و230 و231 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الثاني مع تطبيق المادة 17 منه للمتهمين أولا بمعاقبة لبيب حسنين عبد الدايم بالأشغال الشاقة المؤبدة. وثانيا – بمعاقبة مغاوري حسنين عبد الدايم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبإلزام المتهمين متضامنين بأن يدفعا للمدعيتين بالحق المدني مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحقه في الدفاع وشابه قصور في أسبابه كما جاء قاصر البيان في التدليل على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار وفى بيان ذلك يقول هذا الطاعن إن المحكمة لم تحقق دفاعه بأن إصابة المجنى عليه وموضعها من الجسم لا تمكنه من أن يتكلم وإن تمكن من ذلك فلا يمكن أن يتكلم بتعقل وكان على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع باستدعاء الطبيب لسؤاله عن ذلك ولكنها أخذت بأقوال الشهود الذين قرروا أن المجنى عليه تحدث إليهم وأخبرهم بأن الطاعن أطلق النار عليه في صحبة أخيه المتهم الثاني مع أن هذه المسألة فنية لا يجوز الاستناد فيها إلى أقوال الشهود – وأن الحكم قد استند في إدانة هذا الطاعن إلى أقوال المجنى عليه دون إن يبين ما إذا كانت أقواله مبنية على أنه رأى الطاعن يطلق النار عليه أم أنه اتهمه بطريق الظن والاشتباه وكان على المحكمة أن تبين ذلك في حكمها وخصوصا أنه ثبت من تقرير الصفة التشريحية أن العيار أطلق عليه من الخلف كما ثبت من التحقيق أن أحدا لم يشاهد الطاعن وهو يطلق النار وأن الحكم قال إن نية القتل ثابتة في حق هذا الطاعن من استعمال أداه قاتلة بطبيعتها وهى بندقية وتصويبها إلى المجنى عليه في مقتل ووجود ضغينة سابقة بين الطرفين وهو قول لا يكفى لثبوت نية القتل إذ يجب أن يثبت أن قصد الطاعن كان إزهاق روح المجنى عليه كما قال إن ظرف سبق الإصرار متوافر من إعداد الطاعن لسلاح ناري وحمله إياه وتعقبه المجنى عليه في طريق عودته بعد أن بارح حقله ومن سيره إلى جواره حتى ظفر به وتهيأت له الفرصة السانحة وأطلق عليه النار مع أن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان في حقله مع اخوته وانصرف منه وقت الغروب وهو وقت الانصراف الطبيعي وسار مع المجنى عليه مسافة مائتي متر يتحدثان سويا ولم تبين المحكمة كنه هذا الحديث وهل كان سببا مفاجئا لحصول الحادث لخلاف في الرأي أو في وجهة النظر التي تناولها الحديث وبذا تكون الأسباب التي بنت عليها المحكمة توافر ركن سبق الإصرار غير سائغة لتحصيل هذه النتيجة.
وحيث ان واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تخلص في " أنه بينما كان المجنى عليه يسير في الطريق العام ممتطيا دابته وعائدا من حقله قاصدا مسكنه ويتقدمه خادمه عبد المجيد محمد حواس يقود ماشيته إذا بالطاعنين يقبلان من حقلهما ويسيران إلى جانب المجنى عليه – ويتجاذبان معه الحديث وبعد أن اجتازوا جميعا بعض الطريق أطلق الطاعن الأول عيارين ناريين من بندقية " فرد" كان يخفيها تحت طيات ملابسه عند قدومه إلى مكان الحادث على المجنى عليه فأصابه أحدها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته" وقد استند الحكم في إدانة هذا الطاعن إلى أقوال عبد المجيد محمد حواس والخفيرين شبل دياب وابراهيم محمد مقلد والعمدة غانم دياب وعبد العزيز محمد الجنزوري ومأمور المركز ومعاون البوليس وإلى استعراف الكلب البوليسي عليه بعد أن شم الفرد المضبوط بمكان الحادث وإلى تقرير الصفة التشريحية ورد على دفاعه من أن إصابة المجنى عليه تمنعه من الكلام في قوله " وحيث ان الدفاع قال إن الشهود ليسوا موضعا للثقة وأن إصابة المجنى عليه تمنعه من الكلام عقب إصابته وأن الأدلة في الدعوى لعبت بها يد التلفيق وهو دفاع لا يؤبه له وذلك لعدم وجود مطعن أو مأخذ على أقوال الشهود له قيمته هذا فضلا على أن الإجماع فيما بينهم أن المجنى عليه تحدث إليهم ومنهم الخفير والعمدة ومعاون البوليس والمأمور فأعلن إلى كل منهم كل في دوره أن المتهم الأول (هذا الطاعن) أطلق عليه النار مما يقطع بصدق الاتهام وصدق الشهود". وتحدث الحكم عن نية القتل بقوله " وحيث إن نية القتل ثابتة من استعمال المتهم الأول (هذا الطاعن) لأداة قاتلة بطبيعتها وهى بندقية وتصويبها بإحكام إلى المجنى عليه في مقتل ومن وجود الضغينة السابقة وهى التنازع على الأرض المؤجرة" كما تحدث عن ظرف سبق الإصرار بقوله " وحيث ان ركن سبق الإصرار متوافر من إعداد المتهم الأول لسلاح ناري وحمله إياه وتعقبه المجنى عليه في طريق عودته بعد أن بارح حقله المجاور وسيره إلى جواره حتى ظفر به وأمن إليه وتهيأت له الفرصة السانحة فأطلق عليه النار مما يشير إلى أن الجريمة قد وقعت نتيجة تدبير وروية وتبصر" – لما كان ذلك وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة تتبعها والرد عليها استقلالا وكان الدفاع عن هذا الطاعن قد اقتصر في محضر الجلسة على مجرد التساؤل عن مدى إمكان الأخذ بأقوال من كان في مثل حال المجنى عليه دون أن يطلب من المحكمة طلبا جازما باستدعاء الطبيب الشرعي فليس له من بعد أن ينعى عليها أنها لم ترد على دفاعه في هذا الخصوص إذ أنها لم تستدع الطبيب الشرعي – لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم عن نية القتل سائغا في استخلاص هذه النية لدى الطاعن الأول وهو الفاعل الأصلي في الجريمة وصحيحا في القانون كما أن ما قاله عن سبق الإصرار يتحقق به قيام هذا الظرف كما هو معرف به في القانون – فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
وحيث ان مما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في بيان نية القتل إذ لم يتحدث مطلقا عن ثبوت هذه النية لدى هذا الطاعن مع أن هذه النية عنصر أساسي في جريمة القتل ويجب أن تدلل المحكمة على ثبوتها لدى المتهم سواء كان فاعلا أصليا أو شريكا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين تحدث عن المتهم الثاني قال " وحيث إن التهمة المسندة إلى المتهم الثاني وهى تهمة الاشتراك ثابتة في حقه من اتفاقه مع أخيه المتهم الأول على اقتراف الجريمة ومساعدته على ارتكابها بمصاحبته له إلى مسرح الجريمة لشد أزره وبقصد تحقيق وقوعها يؤيد ذلك ما ثبت من أقوال الشاهد الأول من أن المتهم الثاني حضر مع أخيه إلى مكان الحادث ووقف بجانبه أثناء اقترافه لها وهرب معه عقب ارتكاب الحادث" ولما كان ما قاله الحكم من ذلك لا يؤدى وحده إلى ثبوت قصد الاشتراك وتوافر نية القتل لدى هذا الشريك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالنسبة للطاعن الثاني بما يستوجب نقضه وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق