الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 أغسطس 2020

القانون 11 لسنة 2018 أعاد تنظيم مسألة تحديد صاحب الحق في طلب عدم نفاذ تصرفات المدين المفلس

الدعوى رقم 234 لسنة 30 ق "دستورية" جلسة 4 / 7 / 2020

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يوليه سنة 2020، الموافق الثالث عشر من ذى القعدة سنة 1441 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو       رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار

والدكتور طارق عبد الجواد شبل          نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع      أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 234 لسنة 30 قضائية "دستورية".


المقامة من

شركة المنصور للتجارة والاستيراد والتصدير والتوريدات العامة


ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الوزراء

3- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)

4- وزير العدل

5- فاطمة سيد سعد عبدالخالق، بصفتها وصية على نجلها القاصر: محمد سعيد عبدالمجيد

6- أحمد السيد محمد برعي، بصفته أمين التفليسة رقم 263 لسنة 2002 إفلاس كلى شمال القاهرة


الإجراءات

بتاريخ الرابع عشر من سبتمبر سنة 2008، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (551، 554، 558، 561، 564، 566، 567، 569، 571، 580، 586، 587، 588، 589، 594، 603، 604، 633، 636، 652، 653، 655، 656، 688، 689، 769) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، وبعدم دستورية جميع مواد هذا القانون لعدم عرضه على مجلس الشورى طبقًا لنص المادة (195) من الدستور الصادر سنة 1971.

 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أنه بجلسة 28/2/2005، قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 263 لسنة 2002 إفلاس، بإشهار إفلاس شركة السوق التجاري المصري، والشريكين المتضامنين فيها رمضان السيد رمضان وخالد السيد رمضان، واعتبار يوم 31/1/2003، تاريخًا مؤقتًا للتوقف عن الدفع، وتعيين عضو يمين الدائرة، قاضيًا للتفليسة، والمدعى عليه السادس أمينًا للتفليسة، ووضع الأختام على مقر الشركة. وبتاريخ 31/10/2005، أقام سعيد عبد المجيد محمد، بصفته وليًّا على نجله القاصر محمد، الدعوى رقم 270 لسنة 2005 إفلاس كلى شمال القاهرة، ضد المدعى عليه السادس وآخر، بطلب الحكم بأحقيته للعقار رقم (2) عطفة شيحة كلوت بك، باب البحر، قسم الأزبكية بالقاهرة، واستبعاده من أعيان التفليسة، ورفع الأختام الموضوعة عليه، وما يترتب على ذلك من آثار. وذلك على سند من ملكيته لهذا العقار بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 8/8/2002، المحرر له من رمضان السيد رمضان، أحد الشركاء المتضامنين في الشركة المشهر إفلاسها، الذي تم شهر إفلاسه كذلك بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 263 لسنة 2002 إفلاس شمال القاهرة. وبجلسة 20/2/2006، تدخلت الشركة المدعية في الدعوى منضمة للمدعى عليه السادس بصفته أمينًا للتفليسة، بطلب الحكم بعدم قبول الدعوى، وعدم نفاذ عقد البيع المشار إليه في حق جماعة الدائنين، لعدم تسجيل العقد سند الدعوى قبل صدور حكم شهر الإفلاس. وبجلسة 12/6/2006، قدم أمين التفليسة طلبًا عارضًا في الدعوى، ضمنه ذات طلبات الشركة المتدخلة السالفة الذكر. وبجلسة 28/2/2007، قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعى فيها بصفته، وتم تصحيح شكل الدعوى باختصام المدعى عليها الخامسة بصفتها وصية على نجلها القاصر محمد سعيد عبدالمجيد، وأثناء نظر الدعوى، دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية نصوص المواد (551، 554، 558، 561، 564، 566، 567، 569، 571، 580، 586، 587، 588، 589، 594، 603، 604، 633، 636، 652، 653، 655، 656، 688، 689، 769) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، وبعدم دستورية قانون التجارة في جملته، لعدم عرضه على مجلس الشورى طبقًا لنص المادة (195) من الدستور الصادر سنة 1971، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت دعواها المعروضة.



      وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة الشركة المدعية في رفعها، على سند من أن الشركة ليس لها صفة في الدعوى الموضوعية، وأن صاحب الصفة الوحيد في حمل لواء الخصومة بالطعن في دستورية المواد المنظمة لدعوى إقصاء أحد الأموال الخاصة أو رفعها من أموال التفليسة، هو أمين التفليسة، فذلك مردود: بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها، فلا تختلطان ببعضهما ولا تتحدان في شرائط قبولهما، بل تستقل كل منهما عن الأخرى في موضوعها، وكذلك في مضمون الشروط التي يتطلبها القانون لجواز رفعها،    فالدعوى الدستورية تتوخى الفصل في التعارض المدعى به بين نص تشريعي وقاعدة في الدستور، في حين تطرح الدعوى الموضوعية - في صورها الأكثر شيوعًا - الحقوق المدعى بها في نزاع يدور حول إثباتها أو نفيها عند وقوع عدوان عليها. ومن المقرر كذلك أن الدعوى الدستورية ينبغي أن تؤكد - بماهية الخصومة التي تتناولها - التعارض بين المصالح المثارة فيها، بما يعكس حدة التناقض بينها، ويبلور من خلال تصادمها ومجابهتها لبعض، حقيقة المسألة الدستورية التي تدعى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها. فكان لزاما بالتالي أن يكون للخصم الذى أقامها مصلحة واضحة في استخلاص الفائدة التي يتوقعها منها، باعتبارها الترضية القضائية التي يُرد بها عن الحقوق التي يدعيها مضار فعلية أصابتها أو تهددها من جراء إعمال النص التشريعي المطعون عليه، وترتيبه لآثار قانونية بالنسبة إليه، ومرد ذلك أن الحقوق الدستورية ليس لها قيمة مجردة في ذاتها، ولا يتصور أن تعمل في فراغ، وإنه أيًا كان دورها أو وزنها أو أهميتها في بناء النظام القانوني للدولة ودعم حرياته المنظمة، فإن تقريرها تغيا دومًا توفير الحماية التي تقتضيها مواجهة الأضرار الناشئة عن الإخلال بها، يستوى في ذلك أن تكون هذه الحقوق من طبيعة موضوعية أو إجرائية. ومن ثم كان شرط المصلحة - وتندمج فيه الصفة - من الشروط الجوهرية التي لا تُقبل الدعوى الدستورية في غيبتها، وتستقل عن شرائط قبول الدعوى الموضوعية، التي ينعقد الاختصاص ببحثها، والفصل فيها لمحكمة الموضوع دون غيرها، ولا تشاركها في ذلك المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى يغدو معه الدفع المشار إليه في غير محله، وغير قائم على أساس سليم حقيقًا بالالتفات عنه.

 

وحيث إنه في خصوص طلب الشركة المدعية عدم دستورية قانون التجارة المشار إليه برمته، لعدم عرضه على مجلس الشورى طبقًا لنص المادة (195) من الدستور الصادر سنة 1971، فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية المتصلة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن الفصل في ما يُدعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعى وقاعدة موضوعية في الدستور سواء بتقرير المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يُعد قضاء في موضوعها، منطويًّا لزومًا على استيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور، ومانعًا من العودة إلى بحثها، ذلك أن العيوب الشكلية وبالنظر إلى طبيعتها لا يتصور أن يكون بحثها تاليًّا للخوض في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها. متى كان ذلك، وكان قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، قد صدر في ظل العمل بالدستور الصادر سنة 1971، فإن المادة (195) من هذا الدستور، المضافة في 22/5/1980، وقبل تعديلها في 26/3/2007، تكون هي الحاكمة للأوضاع الشكلية المتعلقة بالمسألة المعروضة، وإذ سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة الدستورية بشأن عدد من نصوص هذا القانون، ومنها نصا المادتين (567/ب) و(580/1) من ذلك القانون، التي قضت المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 6/5/2012، في الدعوى رقم 273 لسنة 25 قضائية "دستورية" برفض الدعوى المقامة طعنًا على هذين النصين، ونُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (20) مكرر (أ) بتاريخ 20/5/2012. كما قضت المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 7/11/2015، في الدعوى رقم 63 لسنة 26 قضائية "دستورية" برفض الدعوى المقامة طعنًا على نص المادة (580/3) من قانون التجارة المشار إليه، ونُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 46 مكرر (د) بتاريخ 18/11/2015، بما مؤداه تحققها من استيفاء هذا القانون لأوضاعه الشكلية التي تطلبها الدستور، وانطواء قضاء المحكمة لزومًا على استيفاء هذا القانون لهذه الأوضاع، ومن ثم لا يجوز العودة إلى بحثها أو إعادة طرحها عليها من جديد.


وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة المعتبرة شرطًا لقبول الدعوى الدستورية، لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مجرد مخالفة النص التشريعي المطعون عليه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد أخل بأحد الحقوق الدستورية على نحو ألحق به ضررًا مباشرًا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ولا يجوز بالتالي قبول الطعن على النص التشريعي إلا بعد توافر شرطين أولين، أولهما : أن يقيم المدعى - في حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا اقتصاديًّا أو غيره قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً أو منتحلاً، بما مؤداه: أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة برافعها. وثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه: قيام علاقة سببية بينها، وتحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا من هذا النص مترتبًا عليه، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون عليه قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن قوام المصلحة في الدعوى الدستورية أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية.



      وحيث إن جوهر النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، يدور حول طلب المدعى عليها الخامسة بصفتها، القضاء بأحقيتها في العقار محل عقد البيع المؤرخ 8/8/2002، واستبعاده من أعيان التفليسة، وتدخل الشركة المدعية في الدعوى الموضوعية انضماميًّا لأمين التفليسة، باعتبارها أحد دائني المدين المفلس، وطلبها المبدى بجلسة 20/2/2006، بعدم قبول الدعوى، وعدم نفاذ هذا العقد في حق جماعة الدائنين. وكانت المادة (551) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 تتناول الأحكام الخاصة بشهر إفلاس التاجر بعد وفاته أو اعتزاله التجارة، في حالة توقفه عن الدفع، وميعاد تقديم طلب شهر الإفلاس. وحددت المادة (554) من هذا القانون من لهم الحق في طلب الحكم بشهر الإفلاس، وإجراءات ذلك. وعرضت المادة (558) من ذلك القانون للصلاحيات المقررة للمحكمة المختصة بنظر دعوى الإفلاس، والتدابير التي يجوز لها اتخاذها للمحافظة على أموال المدين وإدارتها. وأوجبت المادة (561) من القانون على المحكمة أن تحدد في حكم شهر الإفلاس تاريخًا مؤقتًا للتوقف عن الدفع، وتُعين أمينًا للتفليسة، واختيار أحد قضاتها ليكون قاضيًّا للتفليسة، وتأمر بوضع الأختام على محل تجارة المدين، وأجاز لها أن تأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على شخص المدين، مع إخطار النيابة العامة بملخص حكم شهر الإفلاس فور صدوره. وأوجبت المادة (564) من القانون على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت حكم شهر الإفلاس إخطار أمين التفليسة فور صدور الحكم بكتاب مسجل بعلم الوصول بمباشرة أعمال التفليسة، وحددت واجبات أمين التفليسة بالنسبة لشهر الحكم، ونشر ملخصه في صحيفة يومية، وقيده باسم جماعة الدائنين في الشهر العقاري. وتكون الأحكام الصادرة في دعاوى الإفلاس، طبقًا لنص المادة (566) من القانون واجبة النفاذ المعجل بلا كفالة ما لم ينص على غير ذلك. وحددت المادة (567) من هذا القانون، الأحكام والقرارات والأوامر التي لا يجوز الطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن. وبينت المادة (569) من القانون القواعد الخاصة بتحمل مصاريف شهر حكم الإفلاس ونشره، ووضع الأختام على أموال المفلس أو رفعها، والتحفظ على شخص المدين المفلس. وتناولت المادة (571) من القانون الأحكام الخاصة بتعيين أمين التفليسة. وعرضت المادة (580) من القانون للأحكام الخاصة بالطعن على القرارات التي يصدرها قاضى التفليسة، والفصل فيها. وتناولت المادة (586) من القانون تحديد الآثار التي تترتب على الإفلاس بالنسبة للمدين، فأجازت للمحكمة بناء على طلب قاضى التفليسة أو النيابة العامة أو أمين التفليسة أو المراقب، الأمر عند الاقتضاء بالتحفظ على شخص المفلس أو منعه من مغادرة البلاد لمدة محددة قابلة للتجديد، وأجازت للمفلس التظلم من هذا الأمر، دون أن يترتب على ذلك وقف تنفيذه، وأجازت للمحكمة في كل وقت إلغاء الأمر. وحظرت المادة (587) من القانون على المفلس التغيب عن موطنه دون إخطار أمين التفليسة كتابة بمحل وجوده، ولم تجز له تغيير موطنه إلا بإذن قاضى التفليسة. وحددت المادة (588) من القانون الحقوق السياسية التي يحرم المشهر إفلاسه من مباشرتها، والوظائف والأعمال التي يحظر عليه توليها أو مزاولتها، ما لم يُرد إليه اعتباره. ورتبت المادة (589) من القانون على صدور حكم شهر الإفلاس غل يد المدين المفلس عن إدارة أمواله والتصرف فيها، واعتبرت التصرفات التي يجريها المفلس في يوم صدور حكم شهر الإفلاس حاصلة بعد صدوره، وحددت الضوابط الحاكمة للاحتجاج بالتصرف في حق جماعة الدائنين، وبمقتضاها لا تسري في حقهم التصرفات التي يشترط للاحتجاج بها على الغير قيدها أو تسجيلها أو غير ذلك من الإجراءات، إلا إذا تم الإجراء المتطلب قانونًا قبل صدور حكم شهر الإفلاس، ولم يحظر هذا النص على المفلس القيام بالإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوقه. ولم تجز المادة (594) من القانون بعد صدور حكم شهر الإفلاس رفع دعوى من المفلس أو عليه أو السير فيها، إلا في الحالات الاستثنائية التي عينها هذا النص، وأجاز للمحكمة أن تأذن بإدخال المفلس في الدعاوى المتعلقة بالتفليسة، والإذن بإدخال الدائن في هذه الدعاوى، إذا كانت له مصلحة خاصة فيها، كما أوجبت إدخال أمين التفليسة في الدعاوى الجنائية التي ترفع على المفلس، أو الدعاوى المتعلقة بشخصه أو بأحواله الشخصية، متى اشتملت تلك الدعاوى على طلبات مالية. وحددت المادة (633) من القانون القواعد الخاصة بجرد أموال المفلس، ووضع الأختام على محال المفلس ومكاتبه وخزائنه ودفاتره وأوراقه ومنقولاته. وتضمنت المادة (636) من هذا القانون الأحكام الخاصة برفع الأختام، للبدء في جرد أموال المفلس، وتناولت المواد (652، 653، 655، 656) من القانون الأحكام الخاصة بتحقيق ديون المفلس، وتحديد القائمة النهائية بالديون غير المتنازع فيها، والطعن على قرار قاضى التفليسة بقبول الدين أو رفضه، والفصل فيه. وبينت المادتان (688، 689) من القانون الصلاحيات المقررة لأمين اتحاد الدائنين في شأن بيع منقولات المفلس ومتجره، واستيفاء ماله من حقوق، وما يُتبع في شأن بيع عقاراته، والأحكام الخاصة بإجراءات البيع، والطعن على قرار قاضى التفليسة بشأن تعيين كيفية بيع منقولات المفلس أو الإذن ببيع أمواله دفعة واحدة مقابل مبلغ إجمالي. وحددت المادة (769) من القانون جرائم الصلح الواقي من الإفلاس وعقوباتها. والواضح من استعراض النصوص المتقدمة أن القضاء في دستوريتها لن يكون ذا أثر أو انعكاس على الطلبات الموضوعية التي تطرحها الشركة المدعية أمام محكمة الموضوع، وقضاء تلك المحكمة فيها، لتضحى مصلحتها بالنسبة لها منتفية، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في خصوص هذا الشق منها.



وحيث إن المادة (603) من قانون التجارة المشار إليه تنص على أنه "يجوز لأمين التفليسة وحده أن يطلب عدم نفاذ تصرفات المدين في حق جماعة الدائنين إذا وقع التصرف قبل صدور حكم شهر الإفلاس وذلك وفقًا لأحكام القانون المدني. ويسري الحكم الصادر بعدم نفاذ التصرف في حق جميع الدائنين سواء نشأت حقوقهم قبل حصول التصرف أو بعد حصوله"، وتنص المادة (604) من هذا القانون على أن "تسقط الدعاوى الناشئة عن تطبيق الأحكام المنصوص عليها في المواد من (598) إلى (601) والمادة (603) من هذا القانون بمضي سنتين من تاريخ صدور الحكم بشهر الإفلاس".

 

وحيث إن صدر المادة (603) من قانون التجارة قد قصر الحق في طلب عدم نفاذ تصرفات المدين في حق جماعة الدائنين، إذا وقع التصرف قبل صدور حكم شهر الإفلاس، على أمين التفليسة وحده، وحرم جماعة الدائنين، ومن بينهم الشركة المدعية، من حق اللجوء مباشرة إلى القضاء في مثل هذه الحالة. كما حددت المادة (604) ميعاد سقوط الدعاوى الناشئة عن تطبيق حكم المادة (603) من القانون، بمضي سنتين من تاريخ صدور الحكم بشهر الإفلاس، وهي الأحكام التي تتضرر منها الشركة المدعية، وتتوجه إليها حقيقة طلباتها، وغايتها من اختصام هذين النصين، ومن ثم فإن نطاق الدعوى المعروضة يتحدد بهذين النصين في حدود إطارهما المتقدم، دون غيرها من الأحكام التي تضمنها كل من النصين المشار إليهما. ولا يغير من ذلك إلغاء نصي المادتين (603، 604) المار ذكرهما بموجب نص المادة الخامسة من القانون رقم 11 لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم إعادة الهيكلة والصلح الواقي والإفلاس، التي تنص على أن "يلغى الباب الخامس من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999، كما يلغى كل حكم يخالف أحكام القانون المرافق". وقد تضمن هذا القانون إعادة تنظيم المسألة المتعلقة بتحديد صاحب الحق في طلب عدم نفاذ تصرفات المدين المفلس التي تقع قبل صدور حكم شهر الإفلاس في حق جماعة الدائنين، فقصر نص المادة (125) منه هذا الحق على أمين التفليسة وحده أو بناء على طلب قاضى التفليسة. وأوجبت المادة (127) من القانون رفع الدعاوى الناشئة عن تطبيق هذا النص خلال سنتين من تاريخ صدور حكم شهر الإفلاس، وإلا سقط الحق في رفعها. وإذ جرى قضاء هذه المحكمة على أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتب بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليهم، ذلك أن الأصل في القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تتم في ظلها حتى إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة، وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويوقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من هاتين القاعدتين، فما نشأ مكتملاً في ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية وجرت آثاره خلال فترة نفاذها، يظل خاضعًا لحكمها وحدها. متى كان ذلك، وكان شهر إفلاس شركة السوق التجاري المصري والشريكين المتضامنين فيها، التي تدخل الشركة المدعية ضمن جماعة الدائنين لهم، قد تم بمقتضى الحكم الصادر بجلسة 28/2/2005، في الدعوى رقم 263 لسنة 2002 إفلاس شمال القاهرة، وأقامت المدعى عليها الخامسة دعواها رقم 270 لسنة 2005 إفلاس كلي شمال القاهرة بتاريخ 31/10/2005، للمطالبة بأحقيتها في العقار محل عقد البيع الابتدائي المؤرخ 8/8/2002 ، واستبعاده من أعيان التفليسة، الذي تطلب الشركة المدعية عدم نفاذ هذا العقد في حق جماعة الدائنين، ومن ثم تكون المادتان (603، 604) من قانون التجارة المشار إليهما قبل إلغائهما هما الحاكمتين لهذه المسألة، التي تبقى خاضعة لأحكامهما، ليتحدد بهما في الإطار المشار إليه نطاق الدعوى المعروضة.



وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة المتعلقة بدستورية النصين المشار إليهما في حدود نطاقهما المتقدم، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 167 لسنة 27 قضائية "دستورية"، القاضي برفض الدعوى، ونُشر الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 16 (تابع) بتاريخ 19/4/2007. وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.

 

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق