الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 أغسطس 2020

الطعن 89 لسنة 2 ق جلسة 9 / 2 / 1933 مج عمر المدنية ج 1 ق 102 ص 184

جلسة 9 فبراير سنة 1933

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا المستشارين.

----------

(102)
القضية رقم 89 سنة 2 القضائية

أرض الحكومة بالزمالك.

عقود بيعها. القيود والشرائط الواردة فيها. مقرّرة لحقوق الارتفاق. إنشاء دكاكين بها. إخلال بالشروط. ربط عوائد على هذه الدكاكين لا يعتبر تنازلا من الحكومة عن حقوقها المشروطة بعقد البيع.

(المادتان 30 و180 من القانون المدني(

-------------------
اشترى شخص قطعة أرض من أملاك الحكومة بجهة الزمالك بالشروط المعروفة التي وضعتها هي لذلك، ثم باع هذا الشخص القطعة إلى شخص آخر بموجب عقد تعهد فيه باحترام الاشتراطات المدوّنة بعقد البيع الأصلي الصادر من الحكومة مقرّا بمعرفتها تمام المعرفة، ووصفت هذه الشروط في عقد البيع الصادر له بأنها حقوق ارتفاق وقيود. ثم أقام على هذه القطعة دكاكين. فرفعت مصلحة الأملاك دعوى عليه طلبت فيها الحكم بإلزامه بإقفال تلك الدكاكين، لما في هذا البناء من مخالفة لشروط البيع الصادر منها إلى المشترى الأوّل، فقضى برفض هذه الدعوى على اعتبار أن الالتزام الوارد في عقد البيع بالامتناع عن عمل دكاكين على العين المبيعة إنما هو التزام شخصي صادر لمصلحة الحكومة من المشترى الأوّل فلا يربط غيره ممن آلت إليه ملكية هذه القطعة، وأنه حتى مع التسليم بأن هذا العقد ينص على تقرير ارتفاق فان الحكومة تنازلت عنه بتقريرها عوائد مبان على الدكاكين وتحصيلها فعلا.
ومحكمة النقض قالت إن القيود والشرائط الواردة بعقد البيع الأصلي - وقد وصفت في عقد الشراء الثاني بأنها حقوق ارتفاق وقيود - كان لا بد من اعتبارها مقرّرة لتكاليف مستمرّة ينطبق عليها نص المادة 30 من القانون المدني. فتجاهل الحكم هذا الذى تدوّن بالعقد وإغفاله الأخذ به، مع وجوبه لعدم المنازعة في معناه، فيه مخالفة للاتفاق ولنص المادة 30 المذكورة. أما عدّه ربط العوائد على الدكاكين المطلوب إغلاقها تنازلا من الحكومة عن حقوقها المشروطة فخطأ كذلك، إذ التنازل لا يكون صحيحا إلا إذا صدر ممن يملكه، وفقا لنص المادة 180 مدنى، ومصلحة الأموال المقرّرة المنوط بها ربط العوائد وتحصيلها ليس من وظيفتها التعرّض لعقود تمليك المموّلين، ولا شأن لها بما اتفق عليه العاقدون.


الوقائع

رفعت مصلحة الأملاك الأميرية الدعوى رقم 774 سنة 1930 ضدّ المدّعى عليه أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية بعريضة معلنة بتاريخ 19 مارس سنة 1930 طلبت فيها الحكم بإلزامه بإقفال الدكاكين التي أقامها بقطعة الأرض المبينة بالعريضة لما في هذا البناء من مخالفة شروط البيع الصادر منها إلى روجرس باشا بتاريخ 10 أبريل سنة 1905 المسجل في 8 مايو سنة 1905 رقم 963 وقالت إن المدّعى عليه قد آلت إليه ملكية قطعة مما بيع فأصبح ملزما بتنفيذ شروط البيع. قضت محكمة مصر بتاريخ 23 نوفمبر سنة 1930 برفض دعوى الطاعنة فاستأنفت الحكم بتاريخ 8 أكتوبر سنة 1931 أمام محكمة استئناف مصر الأهلية بالاستئناف رقم 1188 سنة 48 قضائية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها السابقة. وقضت محكمة استئناف مصر بتاريخ 24 مايو سنة 1932 بتأييد الحكم المستأنف.
وقد أعلن هذا الحكم لمصلحة الأملاك في 6 أغسطس سنة 1932 فطعنت فيه بطريق النقض والإبرام في 4 سبتمبر سنة 1932 وأعلن تقرير الطعن في 4 و10 منه، وقدّم طرفا الخصومة المذكرات الكتابية في المواعيد، وقدّمت النيابة مذكرتها في 19 ديسمبر سنة 1932.
وبجلسة 19 يناير سنة 1933 المحدّدة لنظر هذه القضية صمم كل من الحاضرين عن طرفي الخصومة على طلباته وأصرت النيابة على مذكرتها ثم أجل الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الوجهين الأوّل والثالث من أوجه الطعن هو: (أوّلا) أن الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفا للقانون إذ هو وصف الالتزام الوارد في عقد البيع بالامتناع عن عمل دكاكين على العين المبيعة بأنه التزام شخصي صادر لمصلحة الحكومة من المشترى الأوّل فلا يربط غيره ممن تؤول إليهم ملكية هذه الأرض مع أنه تكليف مقرّر لحق عيني لمصلحة العقارات الواقعة بحي الزمالك الذى أرادت الحكومة إنشاءه مع توفير أسباب الراحة والصحة فيه. (ثانيا) أن هذا الحكم أخطأ كذلك في تطبيق القانون، إذ هو قرّر أنه مع التسليم بأن العقد ينص على تقرير حق ارتفاق فان الحكومة تنازلت عنه بتقريرها عوائد مباني على الدكاكين وتحصيلها فعلا.
وحيث إنه بالرجوع إلى عقد البيع الصادر من الحكومة إلى روجرس باشا يبين من نصوصه أن الطاعنة اشترطت على المشترى فيما باعته إليه من قطع بجهة الزمالك أن لا يبنى سوى منزل واحد للسكنى وأن لا يقيم شيئا يتنافى مع هذا الغرض نحو دكاكين أو أمكنة أخرى لأغراض تجارية من أي نوع كانت، وشدّدت في الحظر عليه حتى أنها ذكرت في البند العاشر أن الشروط التي اشتمل عليها العقد ضرورية ولولاها لا تقبل الحكومة بيع الأراضي المذكورة، وللحكومة الحق في أي وقت كان في إجبار المشترى أو من يقوم مقامه باتباع تلك الشروط بوجه الدقة وإلا يصير هدم ما بناه في الحال وإلزامه بالتعويضات. ثم جاء البند الحادي عشر مشترطا ما يتبع نحو النفقات والتعويضات التي يقتضيها هدم ما يقام من أبنية مخالفة لما تدوّن بالشروط. ولما اشترى المدّعى عليه قطعته بموجب العقد الرسمي المحرّر في أوّل يونيه سنة 1925 والمسجل في 4 مارس سنة 1926 رقم 1031 تعهد في البند الثاني منه باحترام الاشتراطات المدوّنة بالبيع الأصلي الصادر إلى روجرس باشا مقرّا بمعرفتها تمام المعرفة. كما أن هذه الاشتراطات وصفت في البند العاشر من العقد ذاته بأنها حقوق ارتفاق وقيود (Servitudes et restrictions).
وحيث إن هذه القيود والشرائط - الموصوفة وصفها الحقيقي في عقد شراء المدّعى عليه - مقرّرة لتكاليف مستمرّة ينطبق عليها نص المادة 30 من القانون المدني، إذ كل قطعة تصبح بموجبها مرتفقا بها لمنفعة مجموع القطع تحقيقا للغرض المنشود وهو تشييد دور ذات نظام خاص تتوافر فيها أسباب الراحة والهدوء ويتكوّن منها حي ممتاز يطيب المقام فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تجاهل ما تدوّن بعقد شراء المدّعى عليه في المادتين الثانية والعاشرة الصريحتين فيما تضمنتاه من أن الالتزامات المدوّنة بعقد البيع الأصلي هي تكاليف عقارية ارتفاقية فإغفال الحكم الأخذ بذلك، مع وجوبه لعدم المنازعة في معناه، فيه مخالفة للاتفاق وهو قانون المتعاقدين وكذا لنص المادة 30 مدنى التي سبقت الإشارة إليها.
وحيث إن الحكم قد أخطأ كذلك في عدّة ربط العوائد على المباني المطلوب إغلاقها بمثابة تنازل من الحكومة عن حقوقها المشروطة، إذ التنازل لا يكون صحيحا إلا إذا صدر ممن يملكه وفقا للمادة 180 مدنى، ومصلحة الأموال المقرّرة المنوط بها ربط العوائد وتحصيلها ليس من وظيفتها التعرّض لعقود تمليك المموّلين، ولا شأن لها بما اتفق عليه العاقدون في تلك العقود حتى تستطيع التنازل عنه. على أن تحصيل العوائد في حدّ ذاته لا يعدّ تنازلا عما تضمنته العقود من الشرائط لمصلحة الحكومة بأي حال.
وحيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه متعين النقض دون حاجة للكلام على باقي الأوجه.
وحيث إن القضية غير صالحة للحكم في الموضوع لأن الطلبات الموضوعية ذات شقين: (أوّلهما) إقفال الدكاكين والمخازن، والثاني جعل الأبنية الباقية بحالة جيدة حسب أصول الفن، وهذا الشق الأخير لا يمكن لهذه المحكمة البت فيه لعدم توفر العناصر اللازمة لأجل ذلك. ولذا يتعين إحالة القضية إلى محكمة الموضوع للبحث فيما تكون عليه حالة الأبنية بعد إغلاق ما يجب إغلاقه وفقا لشروط التعاقد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق