جلسة 6 من يناير سنة 2015
(3)
الطعن رقم 32919 لسنة 83 القضائية
(1) قتل عمد . جريمة " أركانها ". قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
قصد القتل . أمر خفي لا يدرك
بالحس الظاهر . إدراكه بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها
الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل .
(2) أسباب الإباحة وموانع
العقاب " أسباب الإباحة . الدفاع الشرعي " . دفوع " الدفع بقيام
حالة الدفاع الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
انتفاء حالة الدفاع الشرعي . متى أثبت
الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجني عليه .
تقدير الوقائع
التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ لرفض الدفع بتوافر حالة الدفاع
الشرعي.
(3) إثبات
" بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير الدليل ".
الأدلة في المواد الجنائية
إقناعية . للمحكمة الالتفات عن
دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(4) إثبات " بوجه عام " " شهود "
. محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" . حكم " تسبيبه . تسبيب غير
معيب " . نقض " أسباب الطعن
. ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي
. مادام سائغاً .
وزن
أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ
محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشهود واختلاف روايتهم في بعض تفاصيلها.
لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .
اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وتحصيلها بغير
تناقض . لا عيب .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة
النقض . غير جائز .
(5) إجراءات " إجراءات
التحقيق" . نيابة عامة . حكم " تسبيبه
. تسبيب غير معيب "
. دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
اطراح المحكمة دفع الطاعن باستبدال وكيل النيابة
المحقق لكاتب التحقيق بآخر دون الإفصاح عن اسمه وصفته أو تحليفه اليمين القانونية استناداً
لاطمئنانها لصحة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة
المختص وتحريرها بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما . صحيح . أساس وعلة ذلك ؟
تعييب الإجراءات
السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما
كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة
بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه
واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته
التقديرية وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : " .... وكان
الثابت من ظروف وملابسات الدعوى وأدلة الثبوت فيها والتي اطمأنت إليها المحكمة
والأداة المستخدمة في الجريمة أن نية القتل متوافرة وآية ذلك عدد الضربات التي ضربها المتهم باستخدام السكين والذى أعده قبل
قدومه للمجنى عليه والإسراع في طعنه
بمجرد رؤيته ودون أي حوار وبعد أن شل حركته وكانت بعض تلك الضربات في أماكن
قاتلة من جسد المجنى عليه " وإذا كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف
الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكافٍ في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى
الطاعن فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الخصوص .
2- لما كان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة
الدفاع الشرعي واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع بأن المتهم كان في حالة
دفاع شرعي عن زوجته وشقيقته ووالدتهما ودليل ذلك إصابته في يده وأن المجنى عليه هو
الذى كان يحمل سكيناً فإنه لكى يكون هناك حق للدفاع الشرعي يجب 1ــــ أن يكون هناك
اعتداء أو خطر اعتداء 2ــــ وأن يكون استعمال القوة لازماً وضرورياً لرده لأنه
ليست هناك وسيلة أخرى لرده ودفعه ويشترط في الاعتداء أو خطره المنشئ حق الدفاع أن
يكون أ ــــ اعتداء يعد جريمة على النفس أو المال ب ـــــ وأن يكون حينذاك
الاعتداء حالاً أو على وشك الوقوع ج ــــ وأن
يكون هذا الاعتداء حقيقياً أو تصورياً مبنياً على أسباب معقولة ، ولما كان ما تقدم
، وكان البيِّن من التحقيق أن ما بدر من المجنى عليه هو نهر بالكلام لزوجته
وابنتيه وهذا الفعل لا يعد جريمة يجوز الدفاع ضدها كما وأن البيِّن من التحقيقات
وأقوال الشهود أيضاً أن المتهم حضر بعد إبعاد المجنى عليه ووجوده على درج المنزل
ومن ثم فإن النهر بالكلام قد انتهى فعلاً وأما بشأن حمل المجنى عليه لسكين فهو أمر
نفاه شهود الإثبات والذين اطمأنت المحكمة إلى شهادتهم كما أن إصابة المتهم بيده
وإن كانت موجودة فعلاً إلَّا أنه لا يمكن إرجاع سببها إلى حمل المجنى عليه لسكين إذ إن تقرير الطب
الشرعي والذى تطمئن إليه المحكمة قد انتهى إلى أنه لا يمكن تصور حدوث إصابات
المجنى عليه على نحو مثل التصوير الذى قرره المتهم بالتحقيقات والتي فحواها أن
المجنى عليه كان يحاول ضربه بسكين فكانت الضربات تأتى منه وأنه أصابه في يده ،
ولما كان ما تقدم جميعاً فإن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي يكون على غير سند من
القانون والواقع وترفضه المحكمة . " وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدي إلى ما
انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى
أثبت الحكم أن المتهم هو الذى اعتدى على المجنى عليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير
الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع
الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب
متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها – كما هو الحال في الدعوى
المطروحة – فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .
3- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن
دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع
الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة
القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من
أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على
أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة
الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت
بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشهود واختلاف
روايتهم في بعض تفاصيلها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً
سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وإذ كانت المحكمة قد
اطمأنت إلى أقوال الشهود – التي حصلتها بغير تناقض – وصحة تصويرهم للواقعة فإن
كافة ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو
ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام
محكمة النقض .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن استبدال وكيل
النيابة المحقق لكاتب التحقيق دون أن يفصح عن اسمه وصفته أو يحلفه اليمين
القانونية واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع باستبدال أميناً للسر بآخر
في تحقيقات النيابة العامة دون إثبات اسمه وتحليفه اليمين القانونية فهو في غير
محله إذ أن البيِّن من التحقيقات أن من استكمل التحقيق هو أمين للسر آخر من بين
أمناء السر المحددين قانوناً في النيابة المختصة بالتحقيق ومن ثم فإن عدم إثبات
اسمه لا يبطل التحقيق وهو سهو وتحليفه عند كل تحقيق ليس بلازم إذ إنه حلف اليمين
في بداية استلامه العمل كما وأن الدفاع لم ينازع في أن التحقيق تم بمعرفة النيابة
العامة وأن عضو النيابة المختصة استصحب معه كاتباً قام بتدوين التحقيق عملاً
بالمادتين 199 ، 173 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن المحكمة تعتبر كل ما
تم في التحقيق من إجراءات هي إجراءات قانونية " وكان ما ردت به المحكمة على دفاع الطاعن في هذا الصدد كافياً وسائغاً لرفض دفاعه ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة
وسلامة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها بمعرفة
أمين السر والتوقيع عليها منهما – وهو ما لا ينازع الطاعن فيه – فإن ما ينعاه
الطاعن يكون قد جـانبه الصواب ، فضلاً عن أنه لا يعـدو أن يكون تعـييباً
للإجراءات السـابقة عـلى المحاكمة بما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في
الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامة كلاً من 1- .... (طاعن) ،
2- .... بأنهما المتهم الأول :ـ1ـــ قتل المجنى عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم
على ذلك وأعد لذلك الغرض سلاحاً أبيض " سكين " وتوجه إلى مكان تواجده وما
أن ظفر به حتى انهال عليه طعناً في صدره ورأسه باستخدام السلاح سالف الذكر فأحدث
به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياته قاصداً من
ذلك قتله .
2-
أحرز سلاحاً أبيض " سكين " مما تستخدم
في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحمله أو إحرازه مسوغ قانوني .
المتهم الثاني :ــ وضع النار عمداً في مسكن
المجنى عليها .... الكائن .... وذلك بأن أوصل مصدراً حرارياً سريع ذا لهب مباشر
بمنطقتي بداية الحريق بالمسكن فامتدت النيران إلى محتوياته وأحرقتها.
وأحالتهما إلى محكمة
جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكـــورة قضت
حضورياً عمـلاً بالمـــــــادتين 234/1 ، 252/1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً /1 من القانون رقم
394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند رقم (6)
من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة
2007 وأعمل في حق المتهم الأول المادة 32 من قانون العقوبات أولاً : بمعاقبة .... بالسجن
المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليه وبإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية
عن نفسها وبصفتها مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ، بعد
استبعاد ظرف سبق إصرار . ثانياً : غيابياً
بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق
النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانه بجريمتي القتل العمد وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ قد شابه القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً
كافياً على توافر نية القتل في حقه وأن ما ساقه في هذا الخصوص مجرد أفعال مادية لا
يستقى منها أن الطاعن ابتغى إزهاق روح المجنى عليه واطرح ما دفع به الطاعن من أنه
كان في حالة دفاع شرعي بما لا يسوغ ملتفتاً عما قدمه من مستندات تأييداً لدفعه
وعول على أقوال شهود الإثبات معتنقاً تصويرهم للواقعة رغم تناقض أقوالهم بشأن
تفصيلات الحادث ، وأخيراً فقد استعان وكيل النيابة المحقق بكاتب للتحقيق دون أن
يفصح عن اسمه وصفته أو أن يحلفه اليمين القانونية ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجـب
نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه
أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان قصد
القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات
والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد
من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم
المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : " .... وكان الثابت من ظروف
وملابسات الدعوى وأدلة الثبوت فيها والتي اطمأنت إليها المحكمة والأداة المستخدمة
في الجريمة أن نية القتل متوافرة وآية ذلك عدد الضربات التي ضربها المتهم باستخدام
السكين والذى أعده قبل قدومه للمجنى عليه والإسراع في طعنه بمجرد رؤيته ودون أي
حوار وبعد أن شل حركته وكانت بعض تلك الضربات في أماكن قاتلة من جسد المجنى عليه
" وإذا كان هذا الذى استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص
سائغ وكافٍ في التدليل على ثبوت توافر نية
القتل لدى الطاعن فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الخصوص . لما كان ذلك ،
وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي واطرحه بقوله : " وحيث إنه
عن الدفع بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن
زوجته وشقيقته ووالدتهما ودليل ذلك إصابته في يده وأن المجنى عليه هو الذى
كان يحمل سكيناً فإنه لكى يكون هناك حق للدفاع الشرعي يجب 1ــــ أن يكون هناك
اعتداء أو خطر اعتداء 2ــــ وأن يكون استعمال
القوة لازماً وضرورياً لرده لأنه ليست
هناك وسيلة أخرى لرده ودفعه ويشـترط في الاعـتداء أو خـطره المنشئ حق الدفاع أن
يكون : أ ــــ اعـتداء يعد جـريمة عـلى
النفـس أو المال ب ـــــ وأن يكون حينذاك الاعتداء حالاً أو على وشك الوقوع
ج ــــ وأن يكون هذا الاعتداء حقيقياً أو تصورياً مبنياً على أسباب معقولة ، ولما
كان ما تقدم ، وكان البيِّن من التحقيق أن ما بدر من المجنى عليه هو نهر بالكلام
لزوجته وابنتيه وهذا الفعل لا يعد جريمة يجوز الدفاع ضدها كما وأن البيِّن من
التحقيقات وأقوال الشهود أيضاً أن المتهم حضر بعد إبعاد المجنى عليه ووجوده على
درج المنزل ومن ثم فإن النهر بالكلام قد انتهى فعلاً وأما بشأن حمل المجنى عليه
لسكين فهو أمر نفاه شهود الإثبات والذين اطمأنت المحكمة إلى شهادتهم كما أن إصابة
المتهم بيده وإن كانت موجودة فعلاً إلَّا أنه لا يمكن إرجاع سببها إلى حمل المجنى عليه لسكين إذ إن تقرير الطب
الشرعي والذى تطمئن إليه المحكمة قد انتهى إلى أنه لا يمكن تصور حدوث إصابات
المجنى عليه على نحو مثل التصوير الذى قرره المتهم بالتحقيقات والتي فحواها أن
المجنى عليه كان يحاول ضربه بسكين فكانت الضربات تأتى منه وأنه أصابه في يده ،
ولما كان ما تقدم جميعاً فإن الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي يكون على غير سند من
القانون والواقع وترفضه المحكمة . " وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما
انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى
أثبت الحكم أن المتهم هو الذى اعتدى على المجنى عليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير
الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع
الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة
التي رتبه عليها – كما هو الحال في الدعوى
المطروحة – فإن منعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت
عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع
الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن
تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير
الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها
من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى
محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحـت جميع الاعـتبارات التي
سـاقها الدفـاع لحملها على عـدم الأخذ
بها ، كما أن تناقض الشهود واختلاف روايتهم في بعض تفاصيلها - بفرض حصوله - لا
يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً
سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - وإذ كانت المحكمة قد
اطمأنت إلى أقوال الشهود – التي حصلتها بغير تناقض – وصحة تصويرهم للواقعة فإن
كافة ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو
ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام
محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن
استبدال وكيل النيابة المحقق لكاتب التحقيق دون أن يفصح عن اسمه وصفته أو يحلفه
اليمين القانونية واطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع باستبدال أمين للسر
بآخر في تحقيقات النيابة العامة دون إثبات اسمه وتحليفه اليمين القانونية فهو في
غير محله إذ إن البيِّن من التحقيقات أن من استكمل التحقيق هو أمين للسر آخر من
بين أمناء السر المحددين قانوناً في النيابة المختصة بالتحقيق ومن ثم فإن عدم
إثبات اسمه لا يبطل التحقيق وهو سهو وتحليفه عند كل تحقيق ليس بلازم إذ إنه حلف
اليمين في بداية استلامه العمل كما وأن الدفاع لم ينازع في أن التحقيق تم بمعرفة
النيابة العامة وأن عضو النيابة المختصة استصحب معه كاتباً قام بتدوين التحقيق
عملاً بالمادتين 199 ، 173 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإن المحكمة تعتبر
كل ما تم في التحقيق من إجراءات هي إجراءات قانونية " وكان ما ردت به المحكمة
على دفاع الطاعن في هذا الصدد كافياً وسائغاً لرفض دفاعه ، ولما كانت المحكمة قد
اطمأنت إلى صحة وسلامة التحقيقات ومباشرتها بمعرفة وكيل النيابة المختص وتحريرها
بمعرفة أمين السر والتوقيع عليها منهما – وهو ما لا ينازع الطاعن فيه – فإن ما
ينعاه الطاعن يكون قد جانبه الصواب ، فضلاً عن أنه لا يعدو أن يكون تعييباً
للإجراءات السابقة على المحاكمة بما لا يصلح سبباً للطعن على الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي
تحصل أمام المحكمة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق